إسرائيل تنشر لأول مرة محاضر جلسات «لجنة أجرانات» حول هزيمة حرب أكتوبر
آخر تحديث: الجمعة 21 سبتمبر 2012 - 11:35 ص بتوقيت القاهرة
محمد حامد
نشر أرشيف الجيش الإسرائيلي، يوم أمس الخميس، ولأول مرة، محاضر الجلسات السرية التي عقدتها «لجنة أجرانات» التي شُكلت للبحث في أسباب الانهيار خلال حرب أكتوبر، وذلك بمناسبة حلول عيد الغفران اليهودي، يوم 25 من سبتمبر الجاري، وذكرى حرب أكتوبر.
ومن بين الشهادات الجديدة التي تم الكشف عنها، شهادة وزير الخارجية في ذلك الوقت «أبا إيفين»، وشهادة ضباط الأركان العامة، ومنهم الجنرال «شموئيل جونين»، الذي كان يقود المنطقة الجنوبية على الحدود مع مصر، والجنرال «يتسحاق حوفي»، الذي كان يقود المنطقة الشمالية، كما تم الكشف عن شهادة السكرتير العسكري «لجولدا مائير» رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك.
وتوضح تلك الشهادات «المعلومات الذهبية»، التي نقلها عميل الموساد، وفقًا لتلك الشهادات، أشرف مروان، والملقب بـ«بابل» إلى مشغليه في المخابرات الإسرائيلية.
حيث قام أشرف مروان، بتزويد رجال الموساد، بتحذيرات محددة وقاطعة وحاسمة، تتعلق بالحرب المقبلة، كما عاد وأكد أكثر من مرة على المعلومات التي قدمها، بعد أن طلب منه الموساد توضيحات بشأنها، وتكشف الإفادات التي تم الكشف عنها، أن المعلومات التي نقلها العميل الموثوق «مروان»، لم تنقل على الفور إلى مكتب «جولدا مائير».
ورغم الكشف عن تلك الشهادات، فقد تم إخفاء الاسم الحقيقي للعميل الخاص «بابل»، بعد أن قام رجال أمن المعلومات والرقابة العسكرية بفحص تلك الشهادات، وقاموا بحجب القطع وثيقة الصلة المتعلقة بذلك العميل.
تذكر تلك الشهادات، أنه: "في الأول من شهر أكتوبر، نقل عميل الموساد الذي وصف بأنه «أحد المصادر المهمة» معلومة تفيد بأن المصريين بعد أسبوع من الغد سيبدؤون الحرب بإجراء مناورة عسكرية، وهو الأمر الذي كان يخالف تقديرات رجال الاستخبارات الذين زعموا أن احتمالات الحرب ضعيفة.
وعلى ذلك، أرسل رجال الموساد لـ«أشرف مروان»، سؤالا آخر هل تتحدث عن حرب أم عن مناورة؟، ويشير التقرير إلى أن العميل لم يخش من ذكر تفاصيل معلوماته، وقال في إجابته: "أتحدث عن حرب لا عن مناورة، ولكن الحرب ستنشب بالفعل تحت غطاء مناورة عسكرية"، وأعيد السؤال مرة أخرى على العميل المهم الذي رد بأن "الغرض هو الهجوم العسكري".
وتشير محاضر جلسات لجنة أجرانات إلى، أن يسرائيل ليئور، السكرتير العسكري لرئيسة الحكومة، قال في إفادته للجنة في ديسمبر 1973: "إن الموساد قرر عدم نقل هذه المعلومة الاستخباراتية المهمة مباشرة إلى رئيس الحكومة، وذلك لأن شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، هي المسؤولة عن توزيع المعلومات الاستخباراتية في الخلاصة اليومية التي تقدم لرئيسة الحكومة". وقال السكرتير العسكري: "لو كانت هذه المعلومة وصلت إلى يدي لأخذت طائرة على الفور وطرت إلى نائب رئيس الحكومة، وأخبرته بالأمر، لكن ما ظهر في الخلاصة الاستخباراتية اليومية كان مختلفًا؛ إذ بدا الأمر أن هذا جزء من مناورة عسكرية".
وبعد يومين من آخر إجابة لأشرف مروان، قرر عميل الموساد أن يحذر إسرائيل بشكل واضح من هجوم عسكري مرتقب، وطلب مقابلة رئيس الموساد «تسفي زامير» في الخامس من أكتوبر، وفي الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل، أرسل برقية من لندن تحمل عنوان «عاجل»، والتي وصلت إلى مكتب الموساد بعد ساعة ونصف، فأسرعت الضابطة المسؤولة عن الدوام بقراءتها على مساعد رئيس الموساد «ألفريد عيني»، الذي قال في شهادته: "بدا لي أن هذا تحذير من نشوب الحرب، فلم يحدث من قبل أن وصلتنا برقية من هذا النوع، «أي أن المصدر الذي حذفت الرقابة العسكرية اسمه»، يؤكد بشكل خاص على حضور رئيس الموساد شخصيًّا لمقابلته، ويذكر أن لديه أمورًا مهمة للغاية تتعلق بالتحذير من الحرب، وأن المسألة عاجلة".
وسرعان ما بدأت التجهيزات لسفر رئيس الموساد إلى لندن لمقابلة العميل المهم، ويقول «ألفريد عيني» في شهادته: "في ذلك الوقت حكى لي «تسيفي زامير»، رئيس الموساد، أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، اتصل به وأخبره عن استعداد السوفييت لترك سوريا، وأن «عيني» رد على رئيس الموساد بأن هذا يتطابق بشدة مع كلام العميل أشرف مروان، ولكن اتضح لي أن رئيس الموساد لم يفهم كلامي بما فيه الكفاية، فقد كان نصف نائم، ولم يفهم أنني أحدثه عن التحذير من الحرب".
وفي الخامس من أكتوبر، وقبل سفره إلى لندن لمقابلة أشرف مروان، أقر رئيس الموساد لمساعده، أنه: "لم ينتبه لحديثه عن احتمال نشوب الحرب، وأنه أمره بأن يطلع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية «أمان» إيلي زعيرا، على آخر المعلومات المتعلقة بالتحذير من الحرب أثناء سفره إلى لندن لمقابلة أشرف مروان".
وتذكر محاضر جلسات «لجنة أجرانات» تفاصيل المقابلة بين رئيس الموساد وأشرف مروان في لندن، في الساعة العاشرة والنصف من مساء يوم الخامس من أكتوبر، وأن مروان أخبره مباشرة بموعد الحرب وتفاصيل دقيقة عن استعدادات مصر.
وفي الساعة الثانية والنصف صباح السادس من أكتوبر، اتصل رئيس الموساد بمساعده، وأخبره بالتفاصيل التي ذكرها مروان، ونقلت المعلومات إلى رئيس الاستخبارات العسكرية، وللسكرتير العسكري لوزير الدفاع.
وفي الساعة الخامسة من صباح السادس من أكتوبر اتصل وزير الدفاع «موشيه ديان» شخصيًّا بمساعد رئيس الموساد، وطلب سماع المعلومات الموجودة لدى الموساد مرة ثانية، ويقول «ألفريد عيني» مساعد رئيس الموساد، كان هناك جدل حول صيغة البرقية التفصيلية الواردة من لندن، ولكن في الساعة الثانية ظهرًا نشبت الحرب".