تناقض قانون العقوبات مع الدستور يهدد الأدباء والمفكرين بتكرار أحكام الحبس

آخر تحديث: الإثنين 22 فبراير 2016 - 10:40 ص بتوقيت القاهرة

كتب ــ أحمد الجمل:

• فرغلى: لا حبس فى قضايا النشر الصحفى أو الإبداعى.. ويجب تعديل القانون فورا وتحديد الاتهامات الفضفاضة كـ«خدش الحياء العام»
• السيد: المادة 67 توجه البرلمان لتعديل القوانين.. لكنها تبقى سارية لحين تعديلها إلا إذا ألغتها «الدستورية»

تعددت على مدى الشهور الستة الماضية البلاغات ضد الإنتاج الأدبى والفكرى، والأحكام المتعلقة بقضايا حرية الرأى والتعبير، بدءا من حالة الباحث إسلام البحيرى الذى صدر حكم بحبسه عاما بتهمة ازدراء الدين الإسلامى، مرورا بحبس 3 سنوات للكاتبة فاطمة ناعوت لكتابتها منشورا على صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، وصولا لصدور حكم أمس الأول بالحبس عامين ضد الروائى أحمد ناجى لنشره فصلا من رواية له بجريدة «أخبار الأدب».

اسلام البحيرى تصوير ابراهيم عزت


وصدرت جميع هذه الأحكام فى ظل المادة 67 من الدستور المصرى والتى تنص على أن «حرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة، وتلتزم الدولة بالنهوض بالفنون والآداب، ورعاية المبدعين وحماية إبداعاتهم، وتوفير وسائل التشجيع اللازمة لذلك، ولا يجوز رفع أو تحريك الدعاوى لوقف أو مصادرة الأعمال الفنية والأدبية والفكرية أو ضد مبدعيها إلا عن طريق النيابة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الفنى أو الأدبى أو الفكرى...».
وارتباطا بحظر عقوبة سلب الحرية فى جرائم النشر الفكرى والأدبى، تطالب الأوساط الحقوقية والثقافية بتعديل المادة 178 من قانون العقوبات التى صدر على أساسها حكم إدانة أحمد ناجى، حيث تخالف هذه المادة السارية حتى الآن نص الدستور، وتعاقب «بالحبس مدة لا تزيد عن عامين، وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو الايجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صورا محفورة أو منقوشة أو رسومات يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة إذا كانت منافية للآداب العامة».
وتعليقا على هذا التناقض، قال المستشار عادل فرغلى رئيس محاكم القضاء الادارى الأسبق، إنه «لا بد من تعديل قانون العقوبات ليتوافق مع الدستور، وعدم توقيع عقوبة سالبة للحرية بموجب قانون به شبهة عدم دستورية، لأن ذلك يحد من حرية الرأى والتعبير وهما من الواجبات الأساسية للقاضى أن يحافظ عليهما ويحميهما بأحكامه».
وطالب فرغلى بإلغاء الحبس الاحتياطى فى جميع القضايا المتعلقة بالنشر والعلانية، معتبرا أن «النيابة حولت الحبس الاحتياطى إلى نوع من الاعتقال وهو ما يخالف الدستور، وأنه يجب أن يفرج عن المتهم حتى لا تستغل تلك الإجراءات من قبل قوات الأمن للزج بالمبدعين والكتاب خلف القضبان، حتى لو تمت تبرئتهم».
وأوضح أن «تطبيق بعض شباب القضاة المواد المتناقضة مع الدستور أو التى تنطوى على شبهة عدم دستورية، أمر يجب الانتباه إليه من شيوخ القضاة».
وأكد أنه «يجب مواجهة الفكر بالفكر لا بالحبس أو توقيع الغرامات المالية، مما يتطلب سرعة تعديل المواد التى تتيح الحبس فى قضايا النشر، مع إمكانية الاحتفاظ بتوقيع الغرامات».
ووصف فرغلى الاتهامات المدرجة فى قانون العقوبات مثل خدش الحياء العام، والتى صدر على أساسها حكم إدانة الروائى أحمد ناجى بأنها «تهم فضفاضة وواسعة وتوقيع عقوبات على أساسها خطأ يخالف الفلسفة العقابية التى يجب أن تحدد الجريمة بدقة متناهية».
وطالب فرغلى محكمة النقض بأن تضع تعريفات محددة ودقيقة لألفاظ مثل «ازدراء الأديان، خدش الحياء العام، تكدير السلم العام» مناشدا شباب القضاة «عدم الانجراف العاطفى وراء بعض المحامين فى رفع الدعاوى التى تلعب على وتر حماية الدين أو الأخلاق طلبا للشهرة».
فيما أوضح المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الجنايات الأسبق، أن المادة 67 من الدستور المصرى الجديد هى توجيه ضمنى للمشرع المصرى، ممثلا فى مجلس النواب، بأن يصدر القوانين المنظمة لذلك والتى تتفق مع أحكام تلك المادة والتى تمنع توقيع عقوبات سالبة للحرية فى قضايا النشر، وحتى الآن لم يصدر عن المشرع أى تعديلات على مواد قانون العقوبات التى تخالف تلك المادة، لاستثناء الجرائم التى تقع بطريق النشر والتى تعد تعبيرا عن رأى كاتبها وناشرها.
وأضاف السيد أن مواد قانون العقوبات التى تتيح الحبس فى قضايا النشر العلنى هى «مواد سارية ونافذة إلى حين تعديلها وفقا للدستور، وبالتالى يحكم على مرتكبى الجرائم الخاصة بها وغيرها التى تتم عن طريق النشر بالعقوبات الواردة بها والتى تتيح الحبس لمدة عامين والغرامة فيما لا يقل عن 5 آلاف جنيه».
واستطرد: «يمكن طلب إحالة تلك القوانين للمحكمة الدستورية لطلب البت فى مدى مطابقتها لنصوص الدستور من عدمه، لأن الحبس غير جائز طبقا لنص المادة 67 من دستور 2014، ويمكن للمحكمة حينها ايقاف سير الدعوى، ثم إحالة القانون للمحكمة الدستورية وإلغاؤه».
وأشار إلى أن «العلانية عن طريق النشر تتحقق بمجرد اتخاذ اجراءات النشر العام سواء أكان فى شكل مادة منشورة فى صحيفة أو تليفزيون أو رواية، وأن مجانية المحتوى أو بيعه بمقابل مادى لا تغير من الأمر شيئا، فركن العلانية يتحقق بمجرد النشر العام».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved