أكد وكيل الأزهر الدكتور محمد الضويني، ضرورة زيادة الوعي تجاه التغير التكنولوجي المتسارع، الذي أثر على جوانب الحياة كلها، والحرص من خلال بحوث جادة رصينة على بيان أوجه الفائدة من التكنولوجيا، وكيفية استثمارها في المجالات العلمية والشرعية والقانونية.

وقال الضويني - في كلمته، اليوم الثلاثاء، خلال مؤتمر كلية الشريعة والقانون العلمي الدولي الثاني بقرية (تفهنا الأشراف) والذي جاء بعنوان (التكنولوجيا الحديثة وأثرها في الدراسات الشرعية والقانونية) - إن الناس حول العالم أصبحوا أكثر اعتمادًا على التكنولوجيا وتطبيقاتها بالتواصل، أو في إنجاز الأعمال أو نقل الخبرات، أو حتى في الترفيه لدرجة أن توقف أو عرقلة عمل تلك التطبيقات قد يؤثر على أنظمة اقتصادية واجتماعية في عديد من الدول.

وأضاف أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين وأنها قادرة على الإسهام بنجاح في معالجة آلام الأمة، وتحقيق آمالها، وتأكيد هويتها، وتأصيل قيم المواطنة فيها، وتحقيق الأمن والسلم المجتمعي في ربوعها.

وأوضح أنه في الوقت نفسه يمكن أن تكون أحد المهددات التي تؤصل لخطاب متطرف يحمل مخاطر كبيرة على المجتمع والإنسانية، مؤكدًا ضرورة إيجاد رقابة مؤسسية - فضلا عن الرقابة الذاتية - مسؤولة لتكون حصنا حصينا ضد هذه الفوضى التي يمكن أن تحدثها التكنولوجيا.

وأكد أن واقعنا يشهد أن التعليم الجيد مؤشر صادق وأداة فاعلة في طريق تقدم الدول والمجتمعات، بل يكاد يكون اللبنة الأولى التي تعتمد عليها الدول في تقدمها، وكلما تطور التعليم وتطورت وسائله كان سبيلا لإخراج جيل واع يسهم بفاعلية في مسيرة بلاده.

وأشار إلى أن الفيصل بين إيجابيات التكنولوجيا وسلبياتها يتوقف على وعي الأفراد ومسئولية المؤسسات فإذا استخدمت التكنولوجيا فيما يستثمر الوقت والفكر والأدوات، مع التأكد من مصادر المعلومات والبيانات وصحتها، فإن هذا بلا شك يحقق نتائج نافعة بخلاف ما لو كان استخدام التكنولوجيا بلا ضوابط أخلاقية أو قيود قيمية.

ولفت إلى أن الأزهر يستطيع - بما له من رصيد كبير من الثقة لدى المسلمين وغير المسلمين - وبما فيه من أدوات أن يطوع تلك الوسائل التكنولوجية بما يخدم ديننا وتراثنا وأوطاننا، وأن المؤسسات التعليمية التي لا تستطيع تحديد مكانها اليوم بعالم التحول الرقمي ستترك طلابها فقراء في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية المستقبلية.

وتابع أنه كان على المؤسسات التعليمية أن تعمل على إعداد الطلاب بما يتماشى مع هذا التغير المتسارع، والذي لا يتوقف في ناحية واحدة من نواحي الحياة، بل يشملها كلها اقتصادا، واجتماعا، وثقافة وسياسة، وحتى في المهن والأعمال والوظائف التي تغيرت أو استحدثت أو أدخل فيها من التقنيات ما لم يكن بها من قبل.

وشدد الضويني على ضرورة التعامل مع التكنولوجيا بمرونة وانسجام دون رفض أو انغلاق، مؤكدًا أن استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة بطريقة إيجابية يخدم في جوهرة التنمية المستدامة، ويساعد على تحقيق أهدافها، ويعين على توفير حياة أفضل للناس، وتعامل رشيد مع موارد المجتمع وثرواته.