يوم المياه يطلق نداء للتعاون من أجل السلام في عالم يزداد عطشا

آخر تحديث: الجمعة 22 مارس 2024 - 1:12 م بتوقيت القاهرة

محمد علاء:

• سد النهضة يثير تساؤلات حول مستقبل مياه مصر الشحيحة
• أكثر من 3 مليارات شخص يعتمدون على مياه تعبر الحدود الوطنية
• ثلثا الأنهار العابرة للحدود في العالم ليس لديها إطار إدارة تعاونية
• الطلب العالمي على المياه يتجاوز المعروض منها بنسبة 40% بحلول عام 2030
• نصف سكان العالم يعانون من «ندرة شديدة» في المياه لفترة من العام
• انخفاض مياه النيل مليار متر مكعب واحد يهدد بفقدان 290 ألف شخص لمصادر دخولهم و130 هكتارا من الأراضي الزراعية

"قد ترسي السلام أو تشعل فتيل النزاع"، هكذا تحذّر الأمم المتحدة من مخاطر ندرة المياه وتأثيرها على استقرار العالم، بالتزامن مع اليوم العالمي للمياه، الذي يوافق 22 مارس من كل عام.

واختارت الأمم المتحدة شعار "المياه من أجل السلام" عنوانا لاحتفال هذا العام، موضحة، في تقرير على بوابتها المعنية بالمياه، أنه عندما تكون المياه شحيحة أو ملوثة، أو عندما يفتقر الناس إلى الفرص المتكافئة للحصول على المياه أو تنعدم فرص حصولهم عليها، فإن التوترات قد تتصاعد بين المجتمعات والبلدان.

ونوّهت بأن أكثر من 3 مليارات شخص في جميع أنحاء العالم يعتمدون على مياه تعبر الحدود الوطنية، وفيما تتقاسم 153 بلدا حول العالم الموارد المائية لم يبلغ سوى 24 بلدا بإبرام اتفاقات تعاون بشأن كل موارده المائية المشتركة.

كما يشير معهد ستوكهولم الدولي للمياه، في هذا الصدد، إلى أن حوالي ثلثي الأنهار العابرة للحدود في العالم ليس لديها إطار إدارة تعاونية.

* واقع مقلق

ولا يزال حوالي ملياري شخص في جميع أنحاء العالم يعيشون دون خدمات مياه الشرب المدارة بأمان، ومن بين هؤلاء، لا يحصل 771 مليون شخص على خدمات مياه الشرب الأساسية، وفق تقرير للبنك الدولي.

ويعني تزايد عدد السكان أن هناك حاجة إلى مزيد من المياه لإنتاج الغذاء والطاقة، وسط توقعات بأن يتجاوز الطلب العالمي على المياه العذبة المعروض منها بنسبة 40% بحلول عام 2030.

وفي الوقت الحالي، يعيش 4 مليارات شخص في مناطق تعاني من ندرة المياه، بينما تعاني مدينة واحدة من كل أربع مدن من انعدام الأمن المائي.

ويعاني ما يقرب من نصف سكان العالم من «ندرة شديدة» في المياه لفترة من العام، بحسب لجنة الأمم المتحدة المعنية بالموارد المائية.

* ندرة المياه العربية

وفي المنطقة العربية، يفتقر ما يقرب من 50 مليون شخص إلى مياه الشرب الأساسية، ويعيش 390 مليون شخص في المنطقة (أي ما يقرب من 90% من إجمالي عدد السكان) في بلدان تعاني من ندرة المياه، بحسب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا).

كما تعد المنطقة العربية الأكثر ندرة في المياه بين جميع مناطق العالم، حيث تقع 19 من بين 22 دولة عربية في نطاق شح المياه، وتحصل 21 من 22 دولة عربية على مواردها المائية الأساسية من مياه عابرة للحدود، وفق جامعة الدول العربية.

* شح المياه في مصر

وفي مصر، تراجع نصيب الفرد من المياه لما دون 560 مترا مكعبا سنويا، وهو ما يقل عن حد الفقر المائي، الذي حددته الأمم المتحدة بألف متر مكعب في العام، وفق الدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس العربي للمياه، في تصريحات سابقة لـ«الشروق» منتصف يناير.

وكرر وزير الموارد المائية والري، الدكتور هاني سويلم، في مناسبات عدة، التحذير من اقتراب مصر من خط الشح المائي، الذي يقدر بنحو 500 متر مكعب للفرد سنويا.

وفي مواجهة الفجوة بين الموارد المائية المتاحة، التي تقدَّر بنحو 60 مليار متر مكعب، والطلب على المياه، البالغ 115 مليار متر مكعب؛ تلجأ مصر لاستيراد ما يفوق 34 مليار متر مكعب من المياه الافتراضية في صورة منتجات غذائية سنويا، بينما تعيد استخدام 21 مليار متر مكعب سنويا، وفق سويلم.

وتقع مصر على رأس قائمة الدول القاحلة والأقل من حيث معدل الأمطار، بكمية لا تتجاوز 1.3 مليار متر مكعب سنويا، فيما تعتمد بشكل شبه مطلق على نهر النيل، بنسبة 97 - 98%، والذي يأتي من خارج الحدود، بحسب وزير الري.

* سد النهضة مصدر للتوتر

ووسط هذه التحديات، وغيرها، برز «سد النهضة»، الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق المورد الأكبر لنهر النيل، مصدرا للتوتر بين مصر والسودان من جانب وإثيوبيا من جانب آخر، في السنوات الأخيرة.

وتحذّر «مصر» من أن انخفاض مياه النيل مليار متر مكعب واحد يهدد بفقدان 290 ألف شخص في قطاع الزراعة لمصادر دخولهم، وخسارة 130 هكتار من الأراضي الزراعية (الهكتار يساوي حوالي 2.4 فدان)، وزيادة 150 مليون دولار في فاتورة الورادات الغذائية، وخسارة قدرها 430 مليون دولار في الإنتاج الزراعي.

التقديرات السابقة وردت في خطاب مصر إلى مجلس الأمن في مايو 2020، قبل الملء الأول لخزان سد النهضة، فيما أعلنت إثيوبيا مؤخرا انتهاء 95% من أعمال البناء بينما تستعد للملء الخامس بحلول موسم الأمطار في فصل الصيف.

وجاء في الخطاب، الممهور بتوقيع وزير الخارجية سامح شكري، أن ملء هذا السد، من جانب واحد، قبل الاتفاق مع دولتي المصب على القواعد المنظمة لملئه وتشغيله، يمكن أن يشكل "تهديدا خطيرا للسلم والأمن في جميع أنحاء المنطقة".

وأضاف أن السد الإثيوبي "يمكن أن يعرض للخطر الأمن المائي والغذائي، بل ووجود أكثر من 100 مليون مواطن يعتمدون اعتمادا كليا على نهر النيل لكسب رزقهم".

ولم تفلح المفاوضات لأكثر من 12 عاما في التوصل لاتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا حول ملء سد النهضة وتشغيله.

وفي ديسمبر الماضي، أعلنت مصر انتهاء "المسارات التفاوضية" بشأن سد النهضة بعد سنوات من استغلال الغطاء التفاوضي "لتكريس الأمر الواقع على الأرض"، بينما تزعم أديس أبابا، في مناسبات عدة، استعدادها للتفاوض رغم استمرار البناء والملء.

وتراقب مصر "عن كثب" عملية ملء وتشغيل سد النهضة، بينما تحتفظ بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية للدفاع عن أمنها المائي والقومي في حالة تعرضه للضرر، وفق بيان لوزارة الري.

* التوازن بين احتياجات الجميع

وإزاء هذه التحديات، تؤكد الأمم المتحدة أنه من خلال التعاون "يمكننا تحقيق التوازن بين احتياجات الجميع من المياه والمساعدة في تحقيق الاستقرار في العالم".

كما يؤكد الأمين العام للأمم المتحدة، في رسالة بمناسبة اليوم العالمي للمياه، أهمية تكثيف الجهود تيسيرا للتعاون عبر الحدود، فيما حثَّ جميع البلدان على الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة للمياه وعلى تنفيذها، لكونها تشجّع إدارة الموارد المائية المشتركة على نحو مستدام.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved