الدعاية.. رحلة الوصول إلى (صوت) الناخب

آخر تحديث: الأحد 22 أبريل 2012 - 10:50 ص بتوقيت القاهرة
نيفين كامل

بدأت جولة الترشيحات لانتخابات الرئاسة المصرية لعام 2012، والتى تعد ثانى انتخابات رئاسية تعددية فى تاريخ مصر وأول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير، واندلعت معها أشكال متعددة من حملات الدعاية والإعلان، رغم حظر الدعاية، حتى 30 أبريل، أى قبل بدء الجولة الأولى من الانتخابات، والمنتظر لها 23 و24 مايو، بثلاثة أسابيع فقط.

 

إعلانات شوارع للفريق أحمد شفيق، متناثرة فى محافظات القاهرة تحمل اسم «الرئيس»، ملصقات ومطبوعات للشيخ حازم أبوإسماعيل، تحمل شعار سنحيا كراما، تغرق الشوارع والحوائط فى كل أنحاء الجمهورية، أفراد وجماعات توزع منشورات للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح تحمل عنوان «قالوا عن أبوالفتوح، ولماذا أبوالفتوح»، متضمنة بطريقة غير مباشرة برنامجه الرئاسى. لافتات معلقة فى وسط جامعة الدول العربية تحث الجمهور على اختيار عمرو موسى.. حوارات صحفية وتليفزيونية لجميع المرشحين دون استثناء، وعدد من المؤتمرات لمخاطبة أهل القرى والنجوع.

 

اليوم نحن أمام حدث لم نعهده من قبل بكل مراحله: 13 مرشحا، يدشن كل منهم حملة دعاية انتخابية وفقا لقدراته المالية، مما جعل سوق الدعاية الإعلانية ينتعش بعض الشىء خلال النصف الثانى من 2011، حيث انتخابات مجلس الشعب، لتصل هذه الانتعاشة إلى ذروتها فى شهر نوفمبر، مدفوعة بحملات الدعاية الانتخابية، ليصل إجمالى الموازنة التى صرفتها الأحزاب فى السوق المصرية إلى 25 مليون جنيه، بحسب أرقام إحدى كبريات شركات الدعاية والإعلان فى السوق المصرية. فـ«ماذا عن الانتخابات الرئاسية الأولى من نوعها فى مصر؟»، يتساءل المصدر متوقعا مصاريف دعائية لمختلف الحملات تتعدى على الأقل، إذا احترمنا السقف المحدد لكل حملة وهو 10 ملايين جنيه، ما يقرب من 200 مليون جنيه على الأقل.

 

«إلا أن البوادر الأولى تبشر بتعدى حاجز المليار جنيه بسهولة»، بحسب قوله، تتنوع وسائل الدعاية الإعلانية، وتختلف من مرشح إلى آخر وفقا لطبيعة كل مرشح، والطبقات التى يستهدفها، والأهم من ذلك وفقا لإمكانياته المادية، بحسب محمود بركة، رئيس مجلس إدارة بركة ميديا للإنتاج، والمسئول عن حملة الفريق أحمد شفيق، وإن كان حرص على عدم الإشارة فى حديثه عن الحملة الدعائية الخاصة بالفريق.

 

«حملة الدعاية الناجحة يجب أن تحتوى خليطا من جميع الوسائل الإعلانية لتحقيق التكامل من حيث الاستهداف، فمنها من يحقق الانتشار، ومنها من يستهدف التواصل مع الشرائح الأقل من المجتمع، بينما منها ما يستهدف الإبهار وجذب الانتباه»، بحسب قول بركة، مشيرا إلى أن قصر فترة الدعاية الإعلانية، يدفع المرشحين إلى استهداف جميع الوسائل لتحقيق الهدف من الدعاية فى أسرع وقت ممكن. وإن كان، وفقا له، القدرات المالية، والحد المسموح به سيدفع بعض المرشحين إلى تحديد نوع من الأولويات.

 

وتستهدف أى حملة دعائية ناجحة، بحسب محمد منصور، صاحب رئيس شركة ميديا ماركيه للدعاية والإعلان، التعريف بالمرشح، وبرنامجه، وخلق نوع من التحاور مع مختلف طبقات الشعب، وفى النهاية مقياس مدى تأثير صاحب الحملة فى الجمهور المتلقى، ومن «هنا اهمية جميع المراحل الإعلانية»، بحسب قوله.

 

ووفقا لدراسة أعدتها شركته، فالتليفزيون هو وسيلة الإعلان الاكثر تأثيرا فى الناس، ويتنازع معه الإعلان الإلكترونى، ومن بعدهما إعلانات الشوارع والملصقات، وفى النهاية تأتى المؤتمرات لخلق نوع من الحوار المباشر مع بعض فئات المجتمع، وقياس مدى اقتناع الجمهور بهذا المرشح.

 

وفى النهاية، يضيف منصور، تأتى الصحف والتى من المتوقع تراجع حصتها فى الدعاية خاصة مع «انطلاق ما يسمى بظاهرة برامج التوك شو» بعد ثورة 25 يناير، ونجاحها فى الحد من مدى الاعتماد على الصحافة للوصول إلى الخبر.

عامل التكلفة وطبيعة الجمهور اللذان يراهن عليهما المرشح، بحسب رئيس مجلس إدارة بركة ميديا للإنتاج، عاملان أساسيان فى اختيار المرشح للوسائل الدعائية. فـ«كل يغنى على ليلاه»، بحسب قوله.

 

وهذا ما يفسر لنا اختيار الفريق احمد شفيق لإعلانات الآوت دور، لما يعكسه من إبهار ولنجاحه فى لفت الانتباه، بينما اقتصرت حملة الشيخ حازم أبوإسماعيل حتى الآن على «ماسورة» الملصقات، بحسب قول أحد العاملين فى شركة بروموميديا للإعلان. فأبوإسماعيل يراهن على الطبقات الأقل فى المجتمع المصرى، بينما يخاطب أحمد شفيق، وعمرو موسى، الطبقات الأعلى، وفقا له.

 

 

التليفزيون.. تأثير أكثر وسعر أعلى

 

التليفزيون هو الوسيلة الإعلانية الأولى، حيث تعد نسبة المشاهدة به هى الاعلى، وتخاطب شريحة يومية قد تتجاوز العشرين مليونا على الأقل.

 

ويعد الإعلان التليفزيونى الأعلى سعرا ضمن الوسائل الإعلانية المختلفة، فيتراوح سعر الشوت الإعلانى، والذى تبلغ مدته 30 ثانية كحد أقصى، ما بين 5000 جنيه إلى 12.5 ألف جنيه، وتصل إلى 15 ألف جنيه فى القنوات الاكثر مشاهدة، وحسب توقيت بثه. وبينما يكون سعر الإعلان فى وقت أى من البرامج مرتفعا إلا أنه يقل بكثير إذا أذيع خارج محتوى البرنامج، بحسب خالد حشيش، المدير التنفيذى لشركة ميديولوجى، إحدى شركات الدعاية والإعلان التى تشترى المساحات الإعلانية وتبيعها للمعلنين.

 

«شهدت الدعاية الإعلانية توجها جديدا بعد الثورة، وهو التوجه إلى برامج التوك شو، وذلك نتيجة لمعدلات المشاهدة التليفزيونية المرتفعة التى تسجلها هذه القنوات. فالشريحة الكبرى من المجتمع المصرى باتت مهتمة بتطورات الشارع، ومن ثم انصرفت عن متابعة المسلسلات والأفلام والبرامج الترفيهية»، يقول عمرو الفقى، صاحب شركة بام للإعلام.

 

ومن المتوقع أن تستحوذ برامج التوك شو، بصفة خاصة فى القنوات الفضائية، وعلى رأسها سى بى سى، وأون تى فى، ودريم، والحياة، على النسبة الأكبر من الإعلانات، بينما سيكون نصيب القنوات المشفرة أقل، وفقا لبركة.

 

 

الصحف... بديل أخير مع «النت»

 

لم يعد للإعلان فى الصحف، خاصة بعد ثورة 25 يناير، وما صاحبها من تواصل إلكترونى كبير، كما يوضح بركة، نفس التأثير، فقد استبدلت شريحة كبيرة من المجتمع قراءة الصحف، بالمواقع الالكترونية، مما يجعل الاستغناء عن هذه الوسيلة الإعلانية واردا فى ظل الرغبة فى توفير النفقات، وتوجيه الحملة إلى الوسائل الأكثر تأثيرا.

 

ولكن هذا لا يعنى استغناء جميع المرشحين عن الصحف للإعلان عن أنفسهم، وعرض برامجهم، خاصة فى ظل العلاقات الكثيرة لمعظم مرشحى الرئاسة، بحسب بركة.

 

ويوضح بركة، فى هذا الإطار ، بعض المقاييس التى يأخذها المرشح فى الاعتبار عند الإعلان فى الصحف، وهى نسبة التوزيع، فـ«المرشح يستهدف الجرائد، سواء كانت حكومية أو خاصة، الاكثر توزيعا، والأكثر انتشارا فى المحافظات»، بحسب قوله.

 

بالإضافة إلى ذلك، فإن «هناك أياما يكون الإقبال على الجرائد أعلى منه فى أيام أخرى». وتختلف قيمة الإعلانات فى الصحف من حيث الحجم والمكان، والصفحة نفسها، لتتراوح ما بين 20 ألف جنيه، و100 ألف جنيه، بينما «تجرى جميع الصحف فى الوقت الحالى تخفيضات من أجل النجاح فى جذب الإعلانات ومجاملة للمرشحين».

 

وقد سجلت أسعار الإعلانات زيادة تصل إلى 20% منذ نهاية عام 2011، وإن كانت العروض تعددت فى محاولة لتشجيع المعلنين، بحسب ما جاء على لسان حشيش. 

 

 

إعلانات الشوارع.. الإبهار من أول نظرة

 

تتنوع إعلانات الشوارع بين الفوانيس، وهى الإعلانات المعلقة على أعمدة الإنارة، والسوست، وهو الإعلان الموجود فى الجزيرة الوسطى من الشوارع، واليونيبول، وهى الإعلانات الموجودة على الطرق السريعة، والروف توب، وهى الشاسيهات القائمة على أسطح العمارات. ويتعمد هذا النوع من الإعلانات، الإبهار وجذب انتباه المواطن، لتعريفه بأن هناك مرشحا اسمه فلان، بحسب ما يوضح حشيش.

 

يتراوح سعر هذا النوع من الإعلانات ما بين 4 آلاف إلى 12 ألف جنيه فى السنة للفوانيس والسوست، ليصل إلى 500 ألف جنيه فى السنة لليونيبول. ويتحكم فى تحديد سعر هذه الوسيلة الإعلانية الشارع والمكان والمحافظة الموجود بها هذه الإعلانات، فبينما يبلغ إيجار اليونيبول 30 ألف جنيه فى السنة فى الأرياف والمحافظات النائية، فهو يصل إلى 500 ألف جنيه على المحور وكوبرى 6 أكتوبر. ويشير بركة إلى أن ارتفاع سعر إعلانات الشوارع فى قلب القاهرة، يتم تعويضه من خلال رخصها، فى الأماكن النائية، ومن ثم فهى وسيلة مهمة، خاصة أن البديل المتاح لها هى الملصقات، وهى تتسبب فى تلوث بيئى صريح، وفقا له.

 

 

الملصقات والمطبوعات.. انتشار أوسع وتكلفة أقل

 

هى عبارة عن مطبوعات ورقية تحمل صورة المرشح، والتعريف به، وبشعاره وببرنامجه، يتم توزيعها فى جميع أنحاء الجمهورية. وتعد من ضمن الوسائل التى تحقق سرعة فى الانتشار بالإضافة إلى إنها تصل إلى جميع طبقات الشعب. فـ«هى من ضمن الأدوات الجيدة والموفرة والهامة، نستطيع من خلالها مخاطبة الناس، وتوصيل الرسالة إليهم بسهولة، خاصة وإن تم صياغتها بطريقة سهلة ومنظمة»، بحسب هانى حافظ.

 

ويستطرد حافظ: «تكلفة إعلان واحد من إعلانات الآوت دور توازى الملايين من المطبوعات، ومن هنا يتسع عدد الشرائح التى نستهدفها، فنحن لا نريد الإبهار، بل خلق نوع من التواصل».

 

وتعد المطبوعات والملصقات من الوسائل الإعلانية الاقل سعرا، فكلما زاد عدد المطبوعات، كانت التكلفة أقل، ولا تتجاوز قيمة المطبوعات مهما كان عددها، ومحتواها، من بين 100 إلى 150 ألف جنيه.

 

ويرى حافظ أن المطبوعات من الممكن استخدامها فى جميع المراحل الدعائية، حيث انها تبدأ بتعريف الجمهور بأن هناك مرشحا فى بادئ الأمر، من خلال ملصقة عليها الاسم والشعار فقط.

 

فى حين لا يتفق بركة مع هذا النوع من الدعاية، «الذى تتسبب فى نوع من التلوث البيئى»، ويستطيع تعويضه ببديل آخر. 

 

 

المؤتمرات.. قوة التأثير فى الفئات الأقل فقرًا

 

هذا النوع من الدعاية الإعلانية يكتسب أهمية خاصة فى ظل أول انتخابات رئاسية تعددية بشكل حقيقى فى مصر، حيث إنها تخلق نوعا من الحوار والتواصل بين المرشح من جهة والجمهور من جهة أخرى، وهذا ما افتقده الشعب خلال الثلاثين سنة الاخيرة، بحسب المشرف على حملة أبوإسماعيل. بالإضافة إلى ذلك، فهى تنجح فى اجتذاب شريحة الفلاحين، والأقل دخلا فى المجتمع، لشعورهم بمدى اهتمام المرشح بهم، فهو يتوجه إليهم بشخصه للحديث معهم والتعريف ببرنامجه.

 

وتعد المؤتمرات، بحسب حافظ، مقياسا مهما لكل مرشح لتحديد مدى نجاح حملته ومدى اقتناع الجمهور به، «أن ينزل الناخب ويذهب إلى الندوة فهذا دليل واضح على اهتمامه بهذا المرشح، ورغبته فى التعرف عليه».

 

ولعل هذا يفسر، لجوء كل المرشحين، بدون استثناء لهذا النوع من الدعاية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved