أوبرا العتبة تفتح أبواب مسرح الطليعة على الشارع

آخر تحديث: الخميس 22 أغسطس 2024 - 1:25 م بتوقيت القاهرة

حاتم جمال الدين

يقدم المخرج هاني عفيفي على مسرح الطليعة، تجربة مسرحية مختلفة وذلك من خلال العرض المسرحي "أوبرا العتبة"، والذي يفتح من خلاله أبوب المسرح على ميدان العتبة الشهير، والذي أصبح مكتظا بباعة افترشوا أرصفته وزحفوا على نهر الطريق، وحوله إلى أكبر سوق عشوائي في قلب القاهرة.

وعرض "أوبرا العتبة"، تأليف وإخراج الفنان هاني عفيفي، وصمم له الديكور عمر غايات، والأزياء مي كمال، وإعداد موسيقي حازم الكفراوي.

وشارك في التمثيل كل من محمد عبدالفتاح، ودعاء حمزة، بالاشتراك مع رنا عاصم، وبكر محمد، وأحمد سعد، وهاجر عوض، وأمينة صلاح الدين، وإياد رامي، وغناء أوبرالي لروجينا صبحي، ومحمود ايهاب.

واستلهم هاني عفيفي فكرة عرضه من الواقع الذي تعيشه مجموعة مسارح "القومي" و"الطليعة" و"العرائس"، والتي أصبحت تمثل جزيرة وسط بحر من الصخب والعشوائية في قلب الميدان العريق الذي كان موقعا لأول دار أوبرا في الشرق، حيث بات هذا المثلث الثقافي الآن يعيش داخل أكبر بؤرة للتلوث السمعي والبصري، وسوق كبير يباع فيه كل شيء وأي شيء.
وتنطلق أحداث العرض لتطرح تساؤلاته حول ماذا يحدث لو اقتحم الباعة أبواب المسرح؟.
وفي السياق، تستعرض "أوبرا العتبة" واقع المثقف التقليدي، والذي أصبح محاصرا بقيم وأفكار لم تعد صالحة لهذا الزمن الذي تسيطر عليه المادية وحسابات المكسب والخسارة.
وفي المقابل يلقي الضوء على الجانب الإنساني في حياة هؤلاء الباعة، وضغوط الحياة المادية والاجتماعية التي ألقت بهم في عرض الشارع، والذي يبحثون فيه عن حلول لمشاكلهم، ومن هنا تخرج دراما اجتماعية تجسد آلام وأحلام هؤلاء البسطاء الذين لا يراهم المجتمع إلا من زاوية واحدة، وهي أنهم يشكلون أزمة في الميدان.
وتبدأ المسرحية بعرض غنائي أوبرالي في الشارع أمام مسرح الطليعة مدته 10 دقائق تقريبا، ويقدم خلاله الفنانان محمود إيهاب وروجينا صبحي جزءًا من أغنية بعنوان O Sole Mio، وهي أغنية نابولية شهيرة تعود لعام 1898، كتبها جيوفاني كابورو ووضع لها الألحان إدواردو، وتغنى بها أشهر الفنانين حول العالم.
فيما يبدأ العرض داخل قاعة زكي طليمات بأداء مسرحي للمثلين يحاكون فيه ما يدور في الخارج من صخب وهرج ومرج لباعة يروجون لبضائعهم المختلفة، بينما تحاصر الشدات الخشبية ديكور المسرح، ليبدو كما لو كانت مبانٍ آيلة للسقوط، وتقسم خشية المسرح لأجزاء منعزلة، يظهر في أحدها المثقف ـ الذي يجسده محمد عبد الفتاح ـ بين كتبه ولوحاته يرسم ويلعب على الكمان ويلقي الأشعار.
وفي المقابل جزء آخر لربة منزل تلعب دورها دعاء حمزة وهي سيدة غارقة في عالمها الاستهلاكي بكل مفردته المادية والحسية، ويقتصر اتصالها بالعالم خارج منزلها على التليفون المحمول فقط.
وعن العرض يقول مخرجه هاني عفيفي: "أوبرا العتبة" ليست مسرحية تقليدية أو قصة واحدة، إنما هي اسكتشات وقصاصات ترسم في مجملها صورة كاملة، فالعرض يشمل غناء وكوميديا، وإلقاء، واداء تمثيلي كلاسيكى، وتعمدت أن يكون العمل متعدد المستويات حتى يستوعبه الجمهور من مختلف الطبقات.
وأضاف: يتناول العرض العزلة التي تحيط بالفنون الراقية وانحسار جمهورها على فئات معينة من المجتمع، وفقدان التواصل بين عالم السوق، مثل ميدان العتبة، وعالم الثقافة والفنون الراقية.
وعن كيفية استقبال الباعة الجائلون لمشهد مغني ومغنية الأوبرا في الشارع، قال عفيفي: "كنت متخوف في البداية من ردور أفعال الناس في الشارع، ولكن وجدت استقبال جيد وأجواء إيجابية، وأسعدني توقف الباعة والمارة من المواطنون للاستماع للغناء الأوبرالي خارج المسرح، وخاصة وأن كثيرا من هؤلاء الناس تكون هذه هي المرة الأولى التي يرون فيها غناء أوبرالي لايف، ومن هنا كانت ملامح الدهشة ترتسم على الوجوه".
وأوضح عفيفي، أن المشروع بدأ بمبادرة من مدير الطليعة المخرج عادل حسان، والذي كلفه بإخراج عرض من إنتاج مسرح الطليعة، استنادا لتجاربه المسرحية السابقة، وكان في مخيلته أنذاك أنه سيقدم نصا عالميا أوتراثيا بروح عصرية، ولكنه فاجأه بأنه يريد تقديم عرضا تجريبيا يتناول من خلاله وضع المثلث الحضاري لمسارح العتبة جغرافيا وثقافيا واجتماعيا، ورحب مدير الطليعة بالفكرة، والتي تحولت إلى نص، قام بتطوبره مع فريق العمل إلى أن وصل للشكل الذي شاهده الجمهور على المسرح، مشيرا إلى اختياره لصديقة مصمم الديكور عمر غابات والذي تحمس للعرض وجاء من سويسرا عدة مرات خصيصًا لتصميم الديكور.
وعن التحديات التي واجهته، قال هاني عفيفي، أنه يسعى دائما لأن يكون عرضه خارج حدود المسرح التقليدي، وأغلب أعماله يكون بها تجريبة لأشياء جديدة، وفي هذا الأطار أبحث عن تقديم عرض يحمل قدرا من الجمال السمعي والبصري، إلى جانب تقديم أفكارا تحترم عقل المشاهد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved