فتح الله جولن.. ماذا نعرف عن الداعية الإسلامي التركي الذي وُصف بعدو أردوغان اللدود؟‬

آخر تحديث: الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 - 5:09 م بتوقيت القاهرة

منال الوراقي

بعد سنوات من الملاحقات ومحاولات الاعتقال التي مارستها السلطات التركية ضده، توفي رجل الدين التركي فتح الله جولن، عن عمر ناهز الـ83 عاما، في مقر إقامته في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويعتبر جولن، العدود اللدود للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حيث اتهمته الحكومة التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت عام 2016، وأنه العقل المدبر لها، رغم أنه رفض كل الاتهامات وأصر حينها على أنه لا علاقة له، وفق ما نقلت شبكة "الحرة" الأمريكية.

ولكن، ماذا نعرف عن الداعية الإسلامي فتح الله جول الذي وصف بالعدو اللدود لأردوغان؟

يُعرف فتح الله جولن نفسه، وفقا لسيرته الذاتية على موقعه الرسمي، بأنه أحد أشهر علماء الإسلام المصلحين ودعاته المعاصرين على مستوى العالم، فقد احتل المرتبة الأولى في قائمة أهم مائة عالم في الاستطلاع الذي أجرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية ومجلة "بروسبيكت" البريطانية، في عام 2008.

وقد أنشأت له عدة جامعات في الولايات المتحدة، وإندونيسيا، وأستراليا، أقسامًا خاصة باسمه، ومراكز علمية متخصصة، وانعقدت مؤتمرات وندوات دولية عديدة في جامعات عالمية لدراسة أطروحاته ونظرياته الدعوية والفلسفية والإصلاحية والتربوية.

مولده بهضبة الأناضول التركية

وُلد فتح الله جولن، في 11 نوفمبر 1938م، لأسرة معروفة بالتدين في قرية "كورجوك" بمحافظة "أرضروم" شمال شرق هضبة الأناضول التركية.

وتلقّى جولن دروسه الأولى في حفظ القرآن الكريم على يد والدته "رفيعة هانم"، التي عُرفت بمساعدة نساء قريتها وأطفالهن في حفظ القرآن، فيما كان بيت والده محط رحال العلماء والصالحين المعروفين في أرضروم، ما أتاح له مجالسة الكبار والاستماع إلى أحاديثهم، فاتسعت مداركه، وتعمقت معارفه في وقت مبكر من حياته.

وبعدها حفظ القرآن الكريم وتعلّم العربية والفارسية على يد والده رامز أفندي في سنّ مبكرة، وتلقى عن علماء المنطقة التي نشأ فيها علوم الفقه والتفسير والحديث والنحو والبلاغة والأصول ومقارنة الأديان، وقرأ في مختلف مجالات العلم والمعرفة فيما بعد، ودرس أعلام الفكر الإسلامي المعاصر، وأمعن في قراءة منظّري الإصلاح في القرون الأخيرة، وتابع التيارات الإصلاحية التي ظهرت في شتى البلدان الإسلامية، واستوعب النظريات الغربية الفلسفية والاجتماعية والعلمية والسياسية والأدبية الحديثة.

جاب تركيا من شرقها لغربها

بدأ فتح الله جولن نشاطه الدعوي في عدة مدن بغرب تركيا بداية الستّينيات من القرن الماضي، حينما عمل إماما، وهو في العشرين من عمره، في مسجد بمدينة أدرنة، حيث قضى فيها مدّة سنتين ونصف، وبعدها انتقل للعمل في مدرسة تحفيظ القرآن في مدينة إزمير غربي تركيا، ثم عمل واعظا متجولا، فطاف في جميع أنحاء تركيا من شرقها إلى غربها.

وجاب جميع أراضي تركيا، متنقلا بين مدنها وقراها، وألقى آلاف المحاضرات العلمية والدينية والاجتماعية والفلسفية والفكرية في المنتديات العامة، وعقد آلافا من اللقاءات وحلقات الدرس الخاصة التي أجاب فيها على الأسئلة الحائرة التي كانت تجول في أذهان الناس، وتؤرق الشباب خاصة.

وأسس فتح الله حركة "جولن"، التي تنتمي إليها منظمات غير حكومية، بما في ذلك مئات المدارس المختلطة ومراكز الدروس المجانية ومستشفيات ووكالات إغاثة في تركيا، كما أنشأ وحركته شبكة عالمية من المدارس والجامعات التي تعمل في أكثر من 100 دولة حول العالم، وفق "سي إن إن" الأمريكية .

صدى إيجابي واسع في تركيا وخارجها

وعُرف فتح الله في تركيا وفي العالم بـ"داعية الحوار والتسامح والتوافق"، ولقيت دعوته صدى إيجابيًا واسعا في تركيا وخارجها، ووصلت إلى ذروتها في الاجتماع الذي تم عقده في الفاتيكان مع البابا.

ولفتح الله ما يقرب من سبعين كتابا تناول فيها القضايا الكبرى في الفكر الإسلامي ومشكلات العصر، وبعض كتبه مترجم من التركية إلى 40 لغة أخرى تقريبا، منها: العربية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والإسبانية وغيرها من اللغات الحية، وله آلاف الخطب والمحاضرات والمواعظ المسجّلة، إضافة إلى مئات المقالات المنشورة في المجلات والصحف داخل تركيا وخارجها، وله ديوان شعر بعنوان "المضرب المكسور".

خلافاته مع الرئيس التركي أوردوغان

وفقا لما نقلته شبكة "بي بي سي" البريطانية، فقد كان جولن حليفا مقربا من رجب طيب إردوغان في السابق، لكن الرجلين اختلفا منذ بدأ إردوغان يستشعر الخطر من حركة جولن، واتهمها بأنها تسعى لتأسيس كيان مواز للدولة التركية داخل البلاد.

دعم جولن إردوغان في سنوات حكمه الأولى منذ 2003، قبل أن يختلف معه فيما بعد، حيث ظهرت الخلافات علنا بينهما منذ أواخر 2013، بعد أن كشف قضاة قيل إنهم من أنصار جولن فضيحة فساد داخل أجهزة الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان.

وبحلول عام 2016، اتهمت الحكومة التركية جولن بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا حينها، وبأنه العقل المدبر لها، وجردته من الجنسية، في عام 2017، لكنه رفض هذه الاتهامات وقال إنه لا علاقة له بالانقلاب.

ووفقا للصحيفة البريطانية، منذ نهاية 2013، قادت الحكومة التركية حملة توقيف طالت عددا من قادة الجيش، وطرد عدد آخر من رجال الشرطة والقضاء، وأغلقت عددا من المدارس التابعة لحركة جولن، فيما أغلقت الحكومة عددا من الصحف التركية أو طردت رؤساء تحريرها بتهمة الانتماء للحركة، أو دعمها تحريريا.

وانتقل جولن، إلى الولايات المتحدة، حيث يقيم في منطقة جبال بوكونو في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، ليعيش في منفاه الاختياري بعيدا عن الأضواء، وكان من النادر أن يدلي بتصريحات أو يجري مقابلات لوسائل الإعلام، بالرغم من أن حركته استقطبت قطاعات كثيرة من المجتمع التركي، وفي الخارج، كما تدير استثمارات بمليارات الدولارات.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved