أهالي أرض الفيروز يبحثون عن الأمن المفقود: «نعاني مطرقة الحملات الأمنية والعمليات الإرهاربية»
آخر تحديث: الإثنين 22 ديسمبر 2014 - 2:52 م بتوقيت القاهرة
تحقيق: هبة القصاص
• شيوخ سيناء يطالبون بتعديل اتفاقية الملحق الأمني في اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل
• شيوخ القبائل: سيناء تحتاج إلى «شجر وبشر وحجر» أي زراعة وتعمير وصناعة
• مواطنون سيناوين: نعاني من الاتهامات المتكررة بالعمالة والخيانة
يعانى أكثر من نصف مليون مواطن مصري بمحافظة شمال سيناء، «أرض الفيروز»، من العمليات الإرهابية التى يشنها جماعات جهادية، بينما يؤكد الأهالي أنهم يعانون الأمرين، سواء من العمليات الإرهابية أن من الحملات الأمنية، بالإضافة إلى ما وصفوه بـ«الاعتقالات العشوائية واتهامهم بعدم الانتماء الوطني، والتهجير القسري»، بحسب وصفهم.
• معاناة.. والفاعل مجهول:
نحن لا نعرف عن الإرهاب شيئًا.. نسمع كما يسمع الآخرون.. ولكن كل ما نراه بأعيننا هو قطع أشجار محصيلنا وإغلاق محلاتنا التجارية مصدر رزقنا، كلما حدثت عملية هنا أو هناك.." بهذه الكلمات بدأ أهالى مدينة العريش فى سرد معاناتهم التى قالوا عنها إنها "حرب تستنزفنا والضحية أولادنا ونساؤنا وبيوتنا وأشجارنا بل وحياتنا كلها، نتيجة استمرار العمليات الإرهاربية ضد الأكمنة والمواقع العسكرية، ونحن فقط مَن ندفع الثمن، أقلها المداهمات الأمنية والتي قد تصل الأمر إلى اعتقال أولادنا أو هدم منازلنا".
وقالت أحلام عيسى، أحد سكان مدينة العريش، إننا "محل اتهام دائم من الأجهزة الأمنية، بأننا نتعاون مع الإرهابيين، ونأويهم ونتستر عليهم ونوفر الحماية لهم".
وأضاف أحمد العوضي، أحد شيوخ القبائل بشمال سيناء، أننا "مواطنين شرفاء لا نطلب من الجهات الأمنية، سوى العدل والشعور بإننا من نسيج هذا الوطن، أما التهم التي تلفق لنا دائمًا حول خيانة الوطن، بعيدة عن عاداتنا وتقليدنا وأعرافنا".
وأشار «العوضي» إلى أننا "لا نملك حق الدفاع عن أنفسنا ضد الإرهابيين المسلحين بسبب منعنا من حمل السلاح أو تخزينه للدفاع عن أنفسنا"، مؤكدًا أن "الجماعات الإرهاربية كثيرًا ما تقتحم منازلنا تحت تهديد السلاح، وتتخذ أسطح بعضها نقاطًا لإطلاق النيران على قوات الأمن والجنود وضباط الأكمنة والمواقع العسكرية، ويهربون ويتروكننا عرضة للهجمات الأمنية وقصف الطائرات الحربية، فيما يتم القبض على أولادنا بتهم الإرهاب والاعتداء على قوات الجيش والشرطة".
• أزمات يومية:
أكد كريم أبوزيد أحد أهالي مدينة العريش، أنه في عام عام 2012 وما قبلها، لا نأخذ سوى نصف ساعة لتفقد مدينة العريش كلها دون أن يقابلنا كمين ولا قاطع طريق، ولكن اختلف الأمر اليوم؛ حيث يمكننا الوقوف لساعات أمام أحد الأكمنة، ولكن رغم كل هذه الإجراءات لم نكن نعاني من انفلات أمنى، الأمر الذي يضع علامات التعجب والاستفهام معًا".
• أبرياء متهمون ومهددون بالقتل:
قال عبد الجواد عبدالحميد أحد مواطني شمال سيناء، إنه "يملك مزرعة زيتون، قامت الأجهزة الأمنية بتدميرها بالكامل بجرافات رغم أن الثمار كاد أن ينضج بعد اكتشافهم عبوة ناسفة على الطريق العام بالقرب من مزرعته".
بدروه، يقول المواطن على صالح عبد الخالق إن "هناك أكثر من 30 شخصًا من الوجهاء والأهالى المتعاونين مع القوات الأمنية، قتلوا بعد إبلاغهم للجيش بوجود جماعات مسلحة فى سيناء، ولم يعرف من القاتل إلى الآن"، مؤكدًأ أن "الوضع فى سيناء مختلف، فنحن نرى الملثمين المسلحين لفترات وحينما يركب الرجل منا سيارة ويذهب ليبلغ يكون كل شيء انتهى، وهذا ما أكدناه للقوات الأمنية التى وعدت بحل مشكلة شبكات الأتصالات المتوقفة تماما، ولكنها لم تفعل إلى الآن".
أما هناء السيد، فأكدت أن "القوات الأمنية فى بداية الحملات قتلت أبرياء بشمال سيناء دون التدقيق بتورطهم فى الهجمات على القوات الأمنية، مما أسفر عن حدوث عمليات ثأر بين المواطنين والقوات الأمنية استغلتها الجماعات المسلحة لصالحها، وهناك حالة أخرى وهى أن الذين خرجوا من المعتقلات فى أحداث طابا وشرم الشيخ، خوفهم من الملاحقات الأمنية جعل معظمهم يقاتل إلى جانب الجماعات المسلحة".
وتسائل أحمد البنا، ماذا تنتظر من مواطن ترك لمصيره لأكثر من 30 عامًا دون بناء مستشفى أو إيصال كوب ماء نظيف له؟"، واستطرد قائلاً، إن "الوضع المأساوى فى سيناء تحول من ناس جياع لا يجدون ما يقتاتون منه إلى بشر تبحث عن الكرامة والعزة خارج منظومة الحكومات المتعاقبة التى بانت نيتها الحقيقية فى أنها غير جادة فى تنمية سيناء، وأن التنمية فى المنطقة الحدودية وبوابة مصر الشرقية عليه فيتو أمريكى إسرائيلى"، علي حد قوله".
وتابع البنا أن الحكومة المصرية تضيع الوقت بخروجها كل يوم فى الإعلام تتكلم عن التنمية والزراعة وغير ذلك وهى تمنع حفر آبار جوفية لمزارع تجتاج للرى واقتلع معظمها علي يد الأجهزة الأمنية مؤخرًا.
• الاتصالات.. خارج نطاق الخدمة:
أكد الأهالي أن تعطل شبكات الاتصال أسفرت عن تعطل الخدمة بالبنوك ومكاتب البريد والأحوال المدنية التى تعتمد على الشبكات، فإن أحوال الناس الخاصة والعامة تتعطل بشكل يومى لدواعٍ أمنية، ولا توجد حلول حقيقية لمشكلة الشبكات رغم الوعود الكثيرة والمتكررة من المسئولين، ولذا فإذا قررنا الذهاب إلى العريش لمبنى الأحوال المدنية لاستخراج بطاقة الرقم القومى أو شهادة ميلاد أو عقد زواج، نجد زحامًا بالمكاتب، والشبكات تأتي فى أى لحظة وغالبًا تظل منقطعة.
• تتعديل اتفاقية كامب ديفيد:
طالب شيوخ القبائل بضرورة تعديل اتفاقية كامب ديفيد والملحق الأمني المرفق بها بحيث تسمح بزيادة عدد القوات الموجودة بالمنطقة ودخول المعدات الثقيلة لتأمين مناطق الحدود والقضاء على بؤر الإرهاب وتطهير المنطقة من الإرهابيين والتكفيريين، وتوفير سبل الحياة الكريمة مثل الاهتمام بتنمية سيناء وتوفير الماء والكهرباء والانترانت وكافة المرافق والخدمات لسكان هذه المناطق النائية الذين يعانون منذ سنين من التهميش والتجاهل من قبل المسئولين في كافة المجالات الصحية والتعليمية والثقافية والاقتصادية.
كما طالبوا بضرورة زيادة القوى البشرية القادرة على التعمير والبناء، وتحويل أرض سيناء إلى جنة خضراء، بالإضافة إلى سرعة استكمال المرحلة الثانية من ترعة السلام، لاستغلال الموارد المائية في الزراعة والتعمير وإقامة المشاريع الانتاجية ومعالجة الخلل الناتج ترك مساحات شاسعة من الأراضي دون تعمير أو بناء، وخلق نوع من التوزان بين الأرض والسكان، وأوجز الشيوخ مطالبهم بالقول سيناء تحتاج إلى «شجر وبشر وحجر»، وهو ما يعني زراعة وتعمير وصناعة.
• المسئولية الاجتماعية:
من جانبه، أكد أحمد علي، رئيس مجلس الأمناء بمؤسسة «إنسان» للتنمية، أن "أبناء محافظة شمال سيناء صورتهم مشوهة أمام العالم، ويوصفون بأنهم «أبناء الإرهاب»، لذا قامت المؤسسة بعمل حملة اعرف سيناء تحت شعار «اسمع منى.. متسمعش عنى.. سيناوى يتحدث».
وأضاف علي، أنه "للأسف الصورة التى يرسمها غالبية باقي المجتمع المصرى عن السيناويين أنهم أبناء بادية فقط، وليس بها أى مجتمع مدنى متكامل، وهم لا يعلم الكثيرين منهم عن جمال طبيعتنا الخلابة، ولا يعلموا ما الفرق بين شمال سيناء وجنوبها، ولا ما هو سر وجود الإرهاب وأين يتواجد وأين ينحصر أداءه وما هى أسباب وجوده بوضوح، و كل هذا حَمَّلنا علي عاتقنا لنعكس الصورة الصحيحة ونطبق فعلًا حملة «اعرف سيناء».
وأشار رئيس مجلس الأمناء بمؤسسة «إنسان» للتنمية إلى أن "مؤسسته قامت بإختيار مكان يعتبر مركز لتلاقي المثقفين في القاهرة وهو «ساقية الصاوى» لكي يكون لنا ميدانًا لتطبيق حملتنا، قسمنا أنفسنا لمجموعات حوارية تناقش الناس مباشرة وانتشرنا في أرجاء الساقية، كان استعدادنا بالتحضير لكافة الموضوعات مثار التساؤل من أى مصرى خارج سيناء مثل :
لماذا يوجد الإهارب؟ والإجابة كانت انه نتيجة للتهميش والفقر والجهل علي مدار سنوات واستغلال الجماعات المتطرفة للبؤر الغنية بالفقر والجهل والتطرف ليكون لها مركزًا للتجمع وممارسة أغراضها، وتسائل هل سيناء كلها صحراء، يركبون الجمال وتلبسون ثياب البادية وتقطنوا بالخيام، وكان اجابتنا أولها مظهرنا وطريقة حوارنا التى أثبتت وجود المجتمع المدنى والمتحضر حتى من أبناء البادية أنفسهم.
وأوضح، أن هذه الحملة مدعمة بكتيبات وصور لتوضيح جمال طبيعتنا الخلابة في البحر والشاطيء النظيف وأهم ما يميز أرضنا المباركة من ثمار ذكرها الله تعالى كالتين والزيتون وغيرها من الخيرات كالأسماك والكالامنتينا والسمان والبلح والتمر والأعشاب الطبيعية".
كما حملنا هدايانا لكل الأشخاص التقيناهم وأجرينا معهم الحوار، وكانت عبارة عن مشغولات يدوية سيناوية هى أيسر الهدايا وأرقاها لنمنحها إياهم تذكارًا للقاءنا معهم وبسمتنا المرسومة علي الوجوه وعلى الأوراق خير دليل على صدق أقوالنا ونيتنا، فأذبنا الجليد بيننا وبين كل من قابلناهم وأحبونا وأحببناهم وأخيرًا قد عرفوا سيناء".