بلومبرج: الكرملين أساء فهم تصميم المعارض الروسي نافالني على النضال

آخر تحديث: السبت 23 يناير 2021 - 10:40 ص بتوقيت القاهرة

د ب ا

كان المسؤولون الروس على يقين بأن زعيم المعارضة أليكسي نافالني، لن يعود إلى البلاد بعدما تم نقله إلى ألمانيا للعلاج من تسميمه.

فقد حذروا من أنه سوف يتم إيداعه السجن لدى وصوله، وصعدوا بشكل مطرد التهديدات بإجراء تحقيقات جديدة، وسط مزاعم تتراوح ما بين سرقة تبرعات المؤيدين له والعمل لصالح المخابرات الأمريكية.

حتى زملاؤه المنتقدون للكرملين، أخبروا الناشط أن العودة من برلين، حيث كان يتعافى من هجوم بغاز الأعصاب اعتبر هو والعواصم الغربية الرئيس فلاديمير بوتين مسؤولا عنه، تشكل خطورة كبيرة عليه.

لكن نافالني، الذي لديه قناعة بأنه لن يكون بمقدوره أن يظل بمثابة قوة سياسية إلا من داخل البلاد، تجاهل نصائحهم.

وذكر تقرير نشرته وكالة "بلومبرج" للأنباء، أن عودته المثيرة دفعت الكرملين إلى اتخاذ موقف الدفاع، وأن التوتر شيء غير مرغوب فيه في عام من المفترض أن يكون بمثابة إحكام للسيطرة في انتخابات تجرى هذا الخريف، بينما تعافت روسيا من جائحة فيروس كورونا بعد أن وضع بوتين الأساس لتمديد حكمه حتى عام 2036.

وقال فيودور كراشينينيكوف، وهو مستشار سياسي مقرب من نافالني: "خطة نافالني بسيطة للغاية وتتمثل في أن يصبح المصدر الأول للازعاج للرئيس بوتين وأن يكون من خلال شجاعته مصدر إلهام لحراك من شأنه أن يؤدي إلى احداث تغيير سياسي ".

وأضاف: "لو كان نافالني قد قرر عدم العودة، لكان ذلك بمثابة انتصار لبوتين".

ويقول المؤيدون، إن هذه استراتيجية يمكن أن تؤتي ثمارها حتى لو تم سجن نافالني لسنوات، وهو الأمر الذي يتوقعونه.

ويراهن الخصم الرئيسي للزعيم الروسي، على أن بإمكانه دفع عدد كافٍ من المؤيدين إلى الشوارع هذا العام ليظهروا أنه لن يتم ترهيبهم.

وفي ذات الوقت، فإنه يعتمد على الغرب الذي تلقى دعما مؤخرا من خلال تنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ لتكثيف الضغط على الكرملين من الخارج، وهذه مؤامرة محفوفة بالمخاطر.

ووفقا لمصدرين مقربين من القيادة الروسية، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما؛ لمناقشة أمور ليست عامة، الكرملين الآن عاقد العزم على إبقاء نافالني في السجن لعدة سنوات أو أكثر، خروجا عن ممارساته المألوفة السابقة المتمثلة في إصدار أحكام بالسجن عليه لا تزيد عن بضعة أسابيع في كل مرة.

وأضافت" بلومبرج"، أنه قد يصدر حكم بحق نافالني بالسجن لفترة تتراوح ما بين ثلاث إلى خمس سنوات في جلسة استماع مقرر عقدها في الثاني من فبراير المقبل، وهناك قضية أخرى قيد الإعداد يمكن أن تضيف 10 سنوات أخرى.

وأضاف المصدران، أن الموقف الأكثر تشددا نابع من وجهة نظر الكرملين بأن نافالني يعمل نيابة عن الحكومات الغربية، وهذا اتهام ينفيه.

وتأمل السلطات، في أن تفقد الحركة المتمحورة بشكل كبير حول شخصية نافالني اتجاهها وتتشتت بمجرد دخوله السجن.

وحتى الآن، لم يحدث ذلك.

وجذب مقطع فيديو جديد نشره نافالني وفريقه على موقع يوتيوب يوم الثلاثاء الماضي، يعرض قصرا فخما يطل على البحر الأسود زعموا أنه يخص بوتين، أكثر من 55 مليون مشاهدة، وهو رقم قياسي بالنسبة لمجموعته.

ومن جانبه، وصف الكرملين ادعاءات مقطع الفيديو بأنها غير صحيحة.

ويحدو الأمل الناشط وحلفاؤه، في أن تزيد قضيته من الاستياء العام الذي يستعر وسط انخفاض الدخل الحقيقي بنسبة 4 ٪، وإغلاق بسبب فيروس كورونا، الأمر الذي أدى إلى تدني معدلات شعبية بوتين إلى مستويات قياسية في العام الماضي.

وهم يستهدفون الانتخابات البرلمانية التي سوف تجرى في شهر سبتمبر بوصفها فرصة لإرسال إشارة تنم عن اتساع نطاق السخط الشعبي.

وأظهر استطلاع للرأي، أجراه مركز ليفادا في الخريف الماضي أن 20٪ من الروس قالوا إنهم يوافقون على ما يقوم بعمله نافالني، على الرغم من التغطية السلبية بوتيرة منتظمة له في وسائل الإعلام الحكومية. فيما أعرب نصف من شاركوا في الاستطلاع عن رفضهم لما يقوم به نافالني.

وبالطبع، تنبأ منتقدو الكرملين منذ سنوات بانهيار يلوح في الأفق لدعم بوتين، ولكنهم اصيبوا بخيبة الأمل؛ نظرا لأن استطلاعات الرأي تظهر أن التأييد له لا يزال قويا.

ويشهد اليوم السبت، اختبارا مبكرا لمعارضي الكرملين في التجمعات الجماهيرية المقرر تنظيمها اليوم، وعلاوة على ايداع منظمي هذه التجمعات في السجون وتهديد المشاركين بالملاحقة القضائية، مارست السلطات ضغوطا على شركات التواصل الاجتماعي لإزالة المنشورات التي تم مشاركتها على نطاق واسع من قبل الطلاب والمشاهير لدعم الاحتجاجات.

وبينما تنطوي المواجهة مع نافالني، على مخاطر تأجيج الغضب الشعبي إزاء استمرار حكم بوتين، فإنها تحمل أيضا الجائزة المحتملة لتحطيم حركة المعارضة الاكثر استمرارية للكرملين.

وكان التحدي الكبير الأخير، الذي أدى إلى قيام بوتين في عام 2003 بسجن الملياردير ميخائيل خودوركوفسكي، رغم الاحتجاجات الغربية ،يشير إلى رفضه لأي تحد لسلطته.

وتعد حالة خودوركوفسكي بمثابة تحذير، فهو أيضا عاد من الخارج وهو يعلم أنه سوف يتم سجنه لكنه قلل من أهمية تصميم الكرملين.

وقال: "اعتقدت أنني سأحصل على 3-4 سنوات على الأكثر، لكن اتضح أن السجن أصبح لمدة 10سنوات".

ويمضي رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، قدما لزيارة موسكو الشهر المقبل، والتي تعد الأولى من نوعها منذ أربع سنوات، على الرغم من دعوات من بعض العواصم لتعليقها.

وناشد ميشيل، بإطلاق سراح نافالني في اتصال هاتفي مع بوتين، أمس الجمعة. في إشارة إلى أن القضية لا تزال تحتل صدارة جدول الأعمال في العديد من العواصم الغربية.

وقال أنتوني بلينكين، مرشح بايدن لمنصب وزير الخارجية، لأعضاء مجلس الشيوخ هذا الأسبوع: "إن خوف فلاديمير بوتين من رجل واحد أمر غير عادي".

وأضاف: "أعتقد أن هذا يعبر عن الكثير، والسيد نافالني هو صوت، على ما أعتقد، لملايين وملايين من الروس الذين يتعين أن يتم سماع صوتهم".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved