الهيمنة على القرن الأفريقي.. 9 أهداف استراتيجية تسعى إثيوبيا لتحقيقها من خلال ميناء بربرة

آخر تحديث: الثلاثاء 23 يناير 2024 - 9:40 ص بتوقيت القاهرة

منال الوراقي

أعلنت إثيوبيا، في مطلع العام الحالي، توقيع مذكرة تفاهم مع إقليم "أرض الصومال" الانفصالي تتيح لأديس أبابا حق استخدام واجهة بحرية بطول 20 كيلومترًا من الأراضي الصومالية، لمدة 50 عامًا، الأمر الذي أدانته الحكومة الصومالية، مشددة على أنها سوف تتصدى لهذه الاتفاقية بكل الوسائل القانونية، معتبرة إياها عدوانًا وانتهاكًا صارخًا لسيادتها.

ومن جانبه، عبر الرئيس عبدالفتاح السيسي عن رفضه للاتفاق الذي وقعته أرض الصومال مع إثيوبيا، لتملكها ميناء "بربرة"، مؤكدا الرفض المصري للتدخل في شئون الصومال أو المساس بوحدة أراضيها.

وقال الرئيس خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود، بالقاهرة: "فيما يتعلق بالاتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا، تحدثنا عن أننا فى مصر كان لنا موقف واضح تم تسجيله وصدر بيان عن وزارة الخارجية المصرية برفض هذا الاتفاق، ومن ثم نؤكد على رفض مصر التدخل فى شئون الصومال أو المساس بوحدة أراضيها".

ولكن، ما هي الأهداف الاستراتيجية التي تسعى إثيوبيا لتحقيقها من خلال ميناء بربرة؟

أظهرت دراسة سابقة أعدها مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، العام الماضي، الأهداف الاستراتيجية التي تسعى إثيوبيا، أكبر دولة حبيسة في العالم، لتحقيقها في إطار استراتيجية رئيسية يرتكز عليها آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، في مشروعه الإقليمي الذي يقوم على ضمان التقدم الاقتصادي لإثيوبيا والتغلب على كونها دولة حبيسة.

وتُحرك إثيوبيا العديد من الدوافع الاستراتيجية لامتلاك منفذ بحري دائم في البحر الأحمر، وتتمثل أبرزها:

1- تعزيز المكانة الإقليمية

يخطط آبي أحمد منذ صعوده للسلطة لاستعادة ما يسمى بـ"المجد الإمبراطوري القديم" لإثيوبيا، وهو ما يعززه تصريحه بأن بلاده تسعى إلى أن تصبح القوة الإقليمية الأقوى في أفريقيا، وهو الجوهر الأساسي للمشروع الإثيوبي الذي يقوم على تعزيز الهيمنة والسيطرة الإثيوبية على دول القرن الأفريقي، وقد يضمن لأديس أبابا استعادة ثقة الغرب لا سيما بعد تراجع العلاقات بينهما بسبب تداعيات الحرب الإثيوبية الأخيرة في إقليم تيجراي شمالي البلاد.

2- تنويع الخيارات الاستراتيجية

وتسعى إثيوبيا بشكل حثيث إلى إيجاد موطئ قدم في كل الموانئ البحرية بدول المنطقة، بما يعزز البدائل المتاحة أمامها، وتأمين ممرات استراتيجية في المنطقة تهدف إلى تدفق تجارتها الخارجية والتحول إلى مركز اقتصادي ومالي إقليمي، وفق الدراسة الموسعة.

وتهدف إثيوبيا أيضا إلى تقليل الاعتماد على ميناء جيبوتي الذي يستحوذ على 95% من تجارة إثيوبيا مع العالم الخارجي، تحسبًا لأي تحولات محتملة في العلاقات بين البلدين في المستقبل في ضوء تعقيد التفاعلات الإقليمية في القرن الأفريقي.

3- التغلب على الواقع الجغرافي

تدرك إثيوبيا منذ تحولها لدولة حبيسة في تسعينيات القرن الماضي بأنها افتقدت جزءًا من مقومات قوتها الإقليمية خاصة بعدما أعلنت تفكيك القوة البحرية الإثيوبية، وهو ما دفع أديس أبابا نحو تكثيف البحث عن منافذ بحرية دائمة تقلل من حدة المعضلة الجغرافية التي تعانيها البلاد، خاصة أن الحكومة الإثيوبية ترفض أن تُمارس عليها ضغوط إقليمية أو دولية لكونها دولة حبيسة.

4- البحث عن دور في أمن البحر الأحمر

وهناك أيضا مساعٍ إثيوبية للانخراط في أمن إقليم البحر الأحمر، رغبة منها في الدفاع عن مصالحها الاستراتيجية في المنطقة من خلال الحصول على موطئ قدم استراتيجي هناك.

إلى جانب حماية السفن الإثيوبية البالغ عددها إحدى عشر سفينة تتمركز في البحر الأحمر، ومع قربها الجغرافي منه بمسافة تبلغ حوالي 60 كيلومترا تقريبًا، علاوة على تقديم تسهيلات عسكرية ولوجستية للدول الحليفة لها، ما قد يسهم في تعزيز دورها الإقليمي.

5- حماية المصالح الاقتصادية الإثيوبية

وهو ما يبرر مساعي إثيوبيا لامتلاك حصص مختلفة في الموانئ البحرية على ساحل البحر الأحمر والمحيط الهندي بهدف تسهيل نقل تجارتها وتجاوز التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد خلال السنوات الأخيرة، إضافة إلى تنويع منافذها للمياه الدافئة وخفض رسوم الموانئ البحرية، فإثيوبيا تستهدف أن تصبح قوة إقليمية تحظى بموقع استراتيجي بالنسبة لطرق التجارة والشحن والنقل البحري في القرن الأفريقي.

6- القلق من التنافس الدولي والإقليمي على الموانئ البحرية

هناك قلق إثيوبي من سيطرة القوات الأجنبية في بعض دول المنطقة مثل جيبوتي، وتزاحم القواعد العسكرية بما قد يعزز التنافس الدولي هناك وما قد يترتب عليه عسكرة المنطقة وتداعياتها السلبية على الأمن الإقليمي.

وقد عبر رئيس الهيئة الإثيوبية لخدمات النقل والإمداد، روبا ميجرسا، سابقا عن المخاوف الإثيوبية في المستقبل من تنامي نفوذ القوى الدولية وسيطرتها على قرارات دول القرن الأفريقي لا سيما جيبوتي.

7- المخاوف الأمنية لدى إثيوبيا

تتمثل في التخوفات الإثيوبية من اندلاع بعض الصراعات والنزاعات المسلحة في بعض دول القرن الأفريقي الساحلية مثل جيبوتي والصومال والتي ربما يترتب عليها انقطاع التجارة الإثيوبية مع العالم الخارجي، وهو ما يدفعها نحو تعزيز إمكانياتها البحرية والأمنية من أجل الدفاع عن نفسها ومصالحها الاستراتيجية خارج حدودها.

8- ربط إثيوبيا بجوارها الإقليمي

تدرك أديس أبابا أن دول الجوار تمتلك منافذ بحرية وسواحل على البحر الأحمر، لكنها لا تستغلها بسبب افتقارها للقدرات المالية واللوجستية لاستخدامها، لذلك، شرعت إثيوبيا في التعاون مع دول الجوار الإقليمي من خلال بناء الممرات والطرق البرية التي تربط بينها مثل خط السكك الحديدية الواصل بين أديس أبابا وميناء جيبوتي بطول 750 كيلومترا بتمويل من الحكومة الصينية.

وتسعى إثيوبيا بالأساس إلى تعزيز حكم أديس أبابا على الأقاليم الإثيوبية، إذ إن ربط مناطق إثيوبيا بالموانئ البحرية الإقليمية من شأنه تعزيز حكم أديس أبابا على هذه الأقاليم، لا سيما شرق إثيوبيا التي يسكنها قوميتا الأورومو والصوماليين الإثيوبيين.

9- حماية الأمن القومي الإثيوبي

تسعى إثيوبيا إلى الحفاظ على أمنها القومي وامتلاك القدرة العسكرية على التدخل في مناطق أخرى، وتقديم نفسها طرفًا في المعادلة الإقليمية الخاصة بالأمن البحري في القرن الأفريقي، من خلال تأسيس قواعد عسكرية وبحرية بالقرب من إثيوبيا في بعض دول الجوار المطلة على البحر الأحمر مثل إريتريا وجيبوتي والصومال.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved