جنازتا البابا بولس وبندكت.. كيف ودّع الفاتيكان أحباره في السنوات الأخيرة؟

آخر تحديث: الأربعاء 23 أبريل 2025 - 10:36 ص بتوقيت القاهرة

محمد حسين

أعلن الفاتيكان أن جنازة البابا فرنسيس ستقام السبت المقبل، في الساعة العاشرة صباحا بتوقيت روما، وسط استعدادات رسمية وشعبية حاشدة لتوديع الحبر الأعظم الذي ترك أثرا عميقا وبصمة بارزة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية.

وفي بيان صادر عن مجمع الكرادلة، أوضح أن مراسم وداع البابا الراحل ستبدأ صباح يوم الأربعاء، حيث يسجى جثمانه في كاتدرائية القديس بطرس في روما، ليتاح للمصلين إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه.

وشهد الفاتيكان خلال العقدين الأخيرين مشهدين جنازيين استثنائيين، حملا رمزية كبيرة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، الأول كان في وداع البابا يوحنا بولس الثاني عام 2005، أحد أكثر الباباوات تأثيرًا في العصر الحديث، والثاني في 2023 مع جنازة البابا بنديكت السادس عشر أول بابا يستقيل منذ نحو 6 قرون، ومع اختلاف السياق والمراسم، ظل الفاتيكان يحرص على الجمع بين الطقوس الثابتة ورمزية اللحظة التي تلامس الإيمان والتقاليد.

- وداع يوحنا بولس الثاني.. النهاية المؤثرة لعصر طويل

وتوفي البابا يوحنا بولس الثاني مساء 2 أبريل 2005، في قصره الرسولي، بعد معاناة مرضية طويلة، وكان من الشخصيات التي لعبت دورًا بارزًا في الساحة الدولية، حيث تبوأ السدة الباباوية لمدة جازوت الربع قرن.

وبمجرد إعلان وفاته تدفقت الجموع إلى ساحة القديس بطرس وأقيمت الجنازة بعد 6 أيام، وشارك فيها أكثر من 200 وفد رسمي من دول العالم، منهم رؤساء مثل جورج بوش، جاك شيراك، وخوان كارلوس ملك إسبانيا، كما شارك ممثلون عن الديانات الأخرى، بمن فيهم حاخامات ومفتين وبطاركة أرثوذكس، في مشهد جسّد الانفتاح الذي كرسه يوحنا بولس الثاني خلال زياراته لأكثر من 120 دولة، بحسب بي بي سي.

اختار البابا يوحنا بولس الثاني أن يُدفن داخل الفاتيكان، بعيدًا عن موطنه الأصلي بولندا، لكنه لم يكن بعيدًا عن قلوب أبناء مدينته، قرر سكان مدينة فادوفيتشي، مسقط رأس البابا، أن يجلبوا بولندا إليه، فسافروا إلى روما في رحلة طويلة استغرقت 20 ساعة، حاملين معهم ترابًا من 11 موقعًا مختلفًا من مدينتهم الصغيرة، جمعوا التراب من أماكن ترتبط بذكريات البابا، مثل منزل عائلة فويتيلا، وكنيسة السيدة العذراء، ومواقع اعتاد زيارتها خلال طفولته وشبابه.

وأعرب القادمون عن رغبتهم في نثر هذا التراب قرب مرقد البابا في مغارة الفاتيكان، حيث يُدفن الأحبار، استوحوا المبادرة من تقليد بولندي عريق يرمز إلى الارتباط الروحي بالأرض الأم، لكنهم لم يتلقوا حتى ذلك الحين موافقة رسمية من الكرسي الرسولي على تنفيذها، بحسب ما نشرت وقتها فرانس برس .

في المقابل، استعدت إيطاليا لهذه الجنازة الاستثنائية بإجراءات أمنية غير مسبوقة، ونشرت السلطات أكثر من 40 ألف عنصر أمن، وأغلقت كل الطرق المؤدية إلى الفاتيكان، كما قررت إغلاق المدارس والدوائر الحكومية والمتاجر الكبرى في روما لتسهيل حركة الزائرين، وأرسلت البحرية الإيطالية سفينة حربية إلى الساحل، ونُصبت منظومات صواريخ مضادة للطائرات في مواقع استراتيجية حول العاصمة.

أما حلف الناتو، فقد أرسل طائرة استطلاع من طراز أواكس للمشاركة في تأمين المجال الجوي أثناء مراسم الجنازة.

- بابا يودع سلفه.. مشهد غير مسبوق في جنازة بنديكت

وفي صباح 5 يناير 2023، ودّع الفاتيكان البابا بنديكت السادس عشر، في جنازة حملت طابعًا غير مسبوق في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، فقد كانت هذه أول مرة منذ ما يقرب من 6 قرون تُشيّع فيها جنازة بابا فخري، أي بابا مستقيل لا يزال خليفته على قيد الحياة ويتولى المسئولية.

واستقال من منصبه في فبراير 2013، بسبب تقدمه في السن وتراجع حالته الصحية، ليصبح أول بابا يقدم على هذه الخطوة منذ استقالة جريجوريوس الثاني عشر عام 1415، نُقلت الجنازة في ساحة القديس بطرس وسط حضور قرابة 50 ألف شخص، بينهم رؤساء دول وممثلو حكومات، إلى جانب وفود دينية من شتى أنحاء العالم، وترأس البابا فرنسيس بنفسه المراسم، وهو ما أضفى على اللحظة رمزية استثنائية، إذ لم يحدث من قبل أن يرأس بابا حالي جنازة سلفه المباشر، ورغم بساطة المراسم مقارنة بجنازة البابا يوحنا بولس الثاني، حافظت الجنازة على طابعها الكنسي المهيب، ووُضع جثمان بنديكت في نعش من خشب السرو، ودُفن في مغارة الفاتيكان، وتحديدًا في القبر ذاته الذي شُيّع فيه يوحنا بولس الثاني قبل نقله لاحقًا إلى موقع بارز في الكاتدرائية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved