خاص| حيثيات إعدام قاتل الطفلة جنى: المتهم خطط لسداد ديونه بالخطف والقتل وطلب الفدية

آخر تحديث: الثلاثاء 23 مايو 2023 - 6:10 م بتوقيت القاهرة

محمود عبد السلام

- المتهم اختار صديقة شقيقته لترددها على منزله ولعلمه ببيسر حال والداتها
- القاتل استعان بصديقه وفشل في الحصول على رقم محمول غير مسجل لاستخدامه في طلب الفدية
- التفكير والتدبير دليل على سبق الإصرار وانتظار المجني عليها دليل على الترصد

أودعت محكمة جنايات جنوب الجيزة، حيثيات حكمها الصادر مؤخرًا بالإعدام شنقًا للمتهم الرئيسي بخطف وقتل الطفلة جنى، والتخلص من جثتها داخل الصرف الصحي بمنطقة كرداسة، بهدف الحصول على فدية من أسرتها لسداد ديونه.

وعاقبت المحكمة المتهم "مصطفى. ف"، بالإعدام شنقا، والمتهم الثاني "محمد. ع"، بالسجن المشدد 10 سنوات، ومعاقبة المتهمين الثالث "محمود. ع" والرابع "عبدالعزيز. ف"، بالسجن سنة واحدة مع الشغل.

صدر الحكم برئاسة المستشار طارق خميس محمد، وعضوية المستشارين أحمد محمد البطران وهاني صبري أحمد، وأمانة سر خالد شعبان، في القضية رقم 1229 لسنة 2021 جنايات مركز كرداسة.

وسردت المحكمة الواقعة حسبما استقرت في يقينها واطمأن إليها وجدانها مستخلصة من سائر أوراقها وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة، مؤكدة أنه قد استقام الدليل على صحتها وثبوتها في حق المتهمين أخذا مما شهد به الشهود، ومما ثبت من تقريري الصفة التشريحية، والأدلة الجنائية، وما أقر به المتهمون.

وأوضحت المحكمة بأن الواقعة تتحصل في أنه نظراً لمرور المتهم الأول "مصطفي . ف" بضائقة مالية عقب وفاة والده فقد خطط وأعد العدة لخطف طفل أو طفلة والتخلص منه، ومساومة أهليته بسداد مقابل مادي لرده إليهم وذلك لسداد ما عليه من ديون.

وأضافت المحكمة أن المتهم الأول عرض الفكرة على صديقه المتهم الثاني "محمد . ع" والذي أيده في تفكيره، وقرر الاشتراك معه في التنفيذ، حتى اختارا المجني عليها الطفلة "جني. ع"، لكونها صديقة لشقيقة المتهم الأول واعتادت التردد على مسكنه للهو مع شقيقته، ولعلمه بيسر والدتها التي ترغب في شراء منزل بمبلغ 500 ألف جنيه، فاتفقا المتهمان الأول والثاني وعقدا العزم وبيتا النية على خطف المجني عليها وقتلها.

• استدراج الطفلة

وأوضحت المحكمة أن المتهمين الأول والثاني أعدا لذلك المخطط عدته من مكان التنفيذ وهو الشقة الكائنة بالدور الأرضي في بيت المتهم الأول، ووقت التنفيذ وهو حال نزول المجني عليها من شقة المتهم الأول بعد فراغها من اللهو مع شقيقته، وأداة التنفيذ (الحبل)، وفي يوم الواقعة تربصا المتهمين بالمجني عليها أسفل سكن المتهم الأول، وما أن لاحت لهما الفرصة بعد أن فرغت المجني عليها من اللهو مع شقيقة المتهم الأول فقاما باستدراجها إلى داخل الشقة سالفة الذكر بادعاء إعطائها زجاجات مياه لتلهو بها.

وأضافت المحكمة أن المتهم الثاني قام بمراقبة الطريق خارج الشقة للمتهم الأول لتنفيذ مخططهما فباغت المتهم الأول المجني عليها من خلفها، وهي تلهو بالزجاجات فخنقها عن طريق لف الحبل سالف الذكر حول عنقها فأعتصر عنقها به حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، والتي أودت بحياتها قاصداً من ذلك قتلها، ثم قام بلف جثة المجني عليها داخل سجادة قديمة ووضعها داخل جوال وحملها إلى أعلى سطح العقار سكنه، وقام بوضع الجثة داخل حفرة وقام بردمها وتغطيتها بالرمال والأسمنت.

• طلب الفدية والتخلص من الجثة

وأضافت الحيثيات أن المتهمين الأول والثاني حاولا إحضار خط هاتف غير مسجل بأحد شركات الاتصالات للاتصال بأهلية المجني عليها وطلب فدية منهم، إلا أنهما فشلا في ذلك، فقام المتهم الأول بإخبار ابن عمه المتهم الثالث "محمود. ع" بفعلته والذي قام بدوره بإخبار المتهم الرابع شقيق الأول "عبد العزبز. ف" بالواقعة فقاما المتهمين الثالث والرابع بمعاونة المتهم الأول في إخفاء جثة المجني عليها بإزالة الرمال والأسمنت من عليها وحملها في سيارة وتخلصوا منها في أحد غرف الطرد الخاص بالصرف الصحي، إلى أن عثر عليها أحد العاملين بالصرف الصحي.

• دفاع المتهمين

وأشارت المحكمة إلى أن المتهم الأول اعترف بارتكابه للواقعة فيما أنكر باقي المتهمين ما نسب إليهم، وشرح دفاع المتهم الأول ظروف وملابسات الدعوى وطلب براءته مما أسند إليه تأسيساً على بطلان إجراءات القبض لعدم وجود إذن من النيابة العامة، وانقطاع صلة المتهم بالواقعة، وبطلان الإقرار والاعتراف المنسوب صدورهما للمتهم، وبعدم جدية التحريات، والقصور في تقرير الطب الشرعي، وانتفاء نية القتل في حق المتهم، وانتفاء سبق الإصرار والترصد، وطلب استعمال الرأفة.

فيما شرح دفاع المتهم الثاني ظروف وملابسات الدعوى وطلب براءة المتهم الثاني مما أسند إليه تأسيساً علي انتفاء جريمة القتل بركنيها في حق المتهم الثاني، وبطلان الاعتراف المنسوب صدوره إليه، وبطلان الدليل المستمد من التحريات، وطلب استعمال الرأفة.

كما شرح دفاع المتهمين الثالث والرابع ظروف وملابسات الدعوى، وطلب البراءة مما أسند إليهما تأسيساً على انتفاء الجريمة بركنيهما المادي والمعنوي في حقهما.

• نية القتل وأركانها

وعن دفع المتهمين الأول والثاني بانتفاء نية القتل بركنيها، قالت المحكمة إن قوام جريمة القتل هو توافر الركنين المادي والمعنوي فضلاً عن توافر القصد الخاص وهو نية إزهاق الروح، ويتمثل الركن المادي في فعل الاعتداء الواقع على سلامة جسد المجني عليه للنيل منه وقتله وهو متوافر في الواقعة من خنق المتهم الأول للمجني عليها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة.

وأضافت المحكمة أن الركن المعنوي يتمثل في علم المتهم حال خنق المجني عليها أن هذا الفعل سيؤدي حتما إلى المساس بسلامة جسد المجني عليها وقتلها ورغم ذلك تتجه إرادته إلى إحداث ذلك وتحقيق تلك النتيجة الإجرامية التي أرادها، وهو ما يتوافر في الواقعة من أن المتهم كان عالماً حال خنقه المجني عليها أن هذا الفعل سيؤدي إلى المساس بسلامة جسدها وقتلها واتجهت إرادته إلى تحقيق ذلك.

أما القصد الخاص في جريمة القتل، فأشارت المحكمة إلى أنه يتمثل في نية إزهاق الروح، وهي أن ينتوي المتهم قتل المجني عليه وإزهاق روحه وهي أمر خفى لا يدرك بالحس الظاهر إنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وما يضمره في نفسه، وهي قد قامت في نفس المتهمين الأول والثاني وتوافرت في حقهما من حاصل ما طرحته المحكمة من ظروف المتمثلة في تلك الأداة المستخدمة في القتل والإعداد لتنفيذ تلك الجريمة علي نحو ما سبق سرده.

وأضافت أنه لذلك تنهض نية القتل متوافرة في حق المتهمين الأول والثاني، وهو ما تطمئن إليه المحكمة في حدود السلطة المخولة لها بتوافر جميع أركان الجريمة في حق المتهمين الأول والثاني، ومن ثم يكون ما تساند عيه الدفاع في هذا الشأن غير سديد تلتفت عنه المحكمة.

وأكدت المحكمة أن قصد القتل أمراً خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، موضحة أن استخلاص نية القتل من عناصر الدعوى وموكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.

• إخفاء أدلة الجريمة ومساعدة الجاني

وعن دفع المتهمين الثالث والرابع بانتفاء الجريمة المعاقب عليها بالمادة 145 من قانون العقوبات بركنيهما المادي والمعنوي في حقهما، أكدت المحكمة أنه متي ثبت في حق المتهم أنه أخفي دليلاً من أدلة الجريمة وكان يعلم بوقوعها قاصداً من ذلك إعانة الجاني علي الفرار من وجه القضاء فقد توافرت أركان الجريمة في حقه واستحق العقاب.

وأضافت أن المتهمين الثالث والرابع قد علما بارتكاب المتهمين الأول والثاني للواقعة، وقد أرادا إخفاء جثة المجني عليها ليمكنا المتهمين الأول والثاني من الفرار من القضاء، الأمر الذي تتوافر في حقهما أركان الجريمة ويكون معه هذا الدفع قد جاء علي غير سند صحيح من الواقع والقانون وتلتفت عنه المحكمة.

• سبق الإصرار

وعن الدفع بانتفاء ظرف سبق الأصرار، قالت المحكمة إن سبق الأصرار حاله ذهنية تقوم في نفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة، وإنما هي تستفاد من الوقائع والظروف الخارجية التي يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج، وليست العبرة في توافر ظرف سبق الأصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها ـ طال الزمن أو قصر – بل العبرة بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، ما دام الجاني انتهي بفكره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة.

وأوضحت المحكمة أن المتهمين ارتكبا جريمتهما وهما هادئا البال وبعد تفكير متأني وهادئ وتصميم محكم على تنفيذ ما خططا له، وهو ما يدل بيقين على توافر ظرف سبق الاصرار في حقهما، كما هو معرف قانوناً، ودلت عليه ظروف وملابسات الحادث وتصرفات المتهمين.

• الدليل على الترصد

وعن ظرف الترصد والدفع بانتفائه، أوضحت المحكمة أنه من المقرر أن ظرف الترصد جوهره هو التربص ومفاجأة المجنى عليه أو انتظار الجاني ضحيته مدة من الزمن طويلة أو قصيرة في مكان اعتقد ملاءمته لتنفيذ الجريمة تنفيذاً مفاجئاً وسواء في ذلك أن ينتظره متخفياً أو غير متخف، مشيرة إلى أن تربص المتهمين للمجني عليها، يدل بيقين على توافر ظرف الترصد في حق المتهمين، ويكون هذا الدفع كذلك قد جاء علي غير سند صحيح من الواقع والقانون خليق بالرفض.

• ثبوت الاتهام في عقيدة المحكمة

وانتهت المحكمة إلى أنها اطمأنت إلى إدلة الثبوت في الدعوى وتعرض عن إنكار المتهمين من الثاني للرابع ولا تعول عليه، والذي قصد به درء الاتهام عن أنفسهم بغير دليل یسانده، وتلتفت عما أثارة الدفاع من ضروب دفاع أخرى قوامها إثارة الشك في تلك الأقوال التي اطمأنت إليها.

وأضافت أنه لا يسع المحكمة أمام هذا الاطمئنان لأدلة الثبوت سوى إطراح تلك الدفوع وعدم التعويل عليها الأمر الذي بات معه الاتهام ثابتاً يقينياً في حق المتهمين ويكون قد وقر في عقيدة المحكمة وأطمأن وجدانها بما لا يدع مجالاً للشك على أن المتهمين الأول والثاني قتلو المجني عليها عمدا، وأن المتهمين الثالث والرابع أعانا المتهمين الأول والثاني من وجه القضاء بارتكاب الجريمة، وعدم إبلاغ الأجهزة الأمنية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved