الحرب تعيد غزة للخمسينيات.. فكيف كانت؟

آخر تحديث: الأربعاء 23 أكتوبر 2024 - 10:39 ص بتوقيت القاهرة

بسنت الشرقاوي

بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي في إطباق الحصار على منطقة مشروع بيت لاهيا في شمال غزة، والمكتظة بعشرات آلاف النازحين الذين وصلوا إليها من مخيم جباليا ومحيطه خلال الأيام الماضية.

ونتيجة منشورات الإخلاء التي ألقتها طائرات الاحتلال على بيت لاهيا مع القصف المكثف المتواصل على المنطقة منذ 18 يوما والحصار المطبق وعدم تمكن الطواقم الطبية من الوصول لأماكن الاستهداف بسبب صعوبة الأوضاع الأمنية، وقطع الطرق بنيران جيش الاحتلال، اضطر النازحون لدفن جثامين ضحاياهم في الطرقات العامة دون تكفين، بعد نفاد الأكفان.

يأتي ذلك مع استهدافات عنيفة شنتها الطائرات الحربية والمدفعية الإسرائيلية، كما أطلق الجيش عشرات الطائرات المُسيّرة من نوع "كواد كابتر" لاستهداف النازحين ما أدى لاستشهاد وإصابة عشرات.

-غزة تعود لخمسينيات القرن الماضي

وقال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أمس الثلاثاء، إن الحرب في غزة دمرت الاقتصاد الفلسطيني بعد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي إلى 35% منذ بداية الحرب قبل عام.

وأشار البرنامج إلى أن مستويات التنمية في قطاع غزة انهارت لتعود لما كانت عليه في الخمسينيات من القرن الماضي.

ووفقًا لممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة، فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني 35% منذ بداية الحرب.

وقالت المسئولة بالبرنامج تشيتوسي نوغوتشي، خلال إطلاق دراسة جديدة حول الآثار الاجتماعية والاقتصادية للحرب، إنه استنادا إلى بعض المعايير اقترب مستوى الفقر في قطاع غزة الآن من 100%؛ نتيجة للاضطرابات، في حين بلغ معدل البطالة 80%، مشيرة إلى أن ثلاثة أرباع السكان تحت خط الفقر.

وأضافت نوغوتشي، متحدثة بصوت متقطع من دير البلح، "تشهد دولة فلسطين مستويات لم يسبق لها مثيل من النكسات.. بالنسبة لغزة تراجعت مستويات التنمية إلى ما كانت عليه قبل نحو 70 عاما في عام 1955".

وأوضح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في غزة أنه عند المستويات الحالية للمساعدات، ومع الوصول بشكل كامل إلى غزة، يمكن أن يتعافى الاقتصاد الفلسطيني إلى مستويات ما قبل الحرب في 10 سنوات.


-نكبة 48.. غزة في قبضة إسرائيل

كان قطاع غزة قبل عام 1948 يسمى "لواء غزة" ويشتمل 3 مدن، غزة والمجدل وخان يونس، و54 قرية، اغتصب الصهاينة مدينة المجدل ودمروا 45 قرية أخرى بالكامل مع إزالة معالمها العربية والإسلامية.

أمنيا وجغرافيا كان قطاع غزة الشريط الساحلي المتبقى من فلسطين الذي خضع للإدارة المصرية بعد الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948 "النكبة"، حتى وقع العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 "فرنسا، وإنجلترا، وإسرائيل"، فقامت إسرائيل باحتلال غزة والسيطرة على شبه جزيرة سيناء المصرية، لكن الضغط العالمي على إسرائيل اضطرها للانسحاب.

وفي عام 1967، الذي وصف بعام النكسة، خرج قطاع غزة من الإدارة المصرية ليبدأ رحلة جديدة مع الاحتلال الإسرائيلي.


- لاجئون في غزة منذ 76 عام

بالنسبة للوضع السكاني، كان لواء غزة يشكل أحد الألوية الخمسة في فلسطين الانتدابية قبل النكبة، وكان يشمل قضائي غزة وبئر السبع.

وبسبب العمليات الحربية وقتها سيطرت إسرائيل على قضاء بئر السبع بأكمله، وعلى الجزء الأكبر من "لواء غزة" وما تبقى منه أضحى تحت الإدارة العسكرية المصرية وعُرف لاحقاً بقطاع غزة، بمساحة بلغت 361 كم2، بما يقارب 1.33% من مساحة فلسطين.

ومنذ ذلك الحين أصبح قطاع غزة أصغر مساحة تضم أكبر كتلة سكنية في العالم، حيث يقطن بها حاليا مليوني و300 ألف فلسطيني يعانون من حرب إبادة طيلة عام كامل، ومن قبلها حصار مطبق عن بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة لسنوات طويلة.

وعلى مشارف خمسينيات القرن الماضي رافق احتلال القسم الأعظم من القطاع تدمير 49 قرية وتهجير سكانها، فبلغ عدد الذين لجأوا إلى بقية قطاع غزة أكثر من 200 ألف نسمة، في حين أن عدد الذين كانوا يسكنون أصلاً في القطاع لم يتجاوز آنذاك 80 ألف نسمة.

وقتها دخل اللاجئون في المساجد والمدارس والبيوت وبعض الثكنات والأرض العراء، وهو ما يشبه وضع الغزاوزة حاليا بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية التي دمرت البنى التحتية والأبنية مما أعاد القطاع لطوره الأول في الخمسينيات بعد أن كان عامرا.

وجرّاء اتفاق مع الأمم المتحدة آنذاك، أنشأت "لجنة خدمة الأصدقاء الأميركيين" التابعة لجمعية "الكويكرز" الأمريكية، 8 مخيمات على أراضٍ حكومية خصصتها الإدارة المصرية.

وأشرفت الجمعية على هذه المخيمات حتى تشكيل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا" عام 1949.

وفي عام 1950 باشرت الوكالة عملها في المخيمات التي بقت شاهداً على ما ألم بسكانها من اقتلاع وتشريد، وظلت رمزاً للمعاناة المستمرة، التي ظلت تجسد معاناة تجمع أكبر عدد من الناس في مساحة محدودة في المكان والإمكانات، وتستحوذ على مكانة مميزة في مجرى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

-الأونروا.. انهيار شريان الاقتصاد لقطاع غزة

حاليا وبعد مرور عام على حرب الإبادة الإسرائيلية بحق سكان غزة عقب عملية طوفان الأقصى في أكتوبر 2023، تسارع سلطات الاحتلال الإسرائيلي الزمن لإنهاء عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بالأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط، تجد إسرائيل في الهجوم المباغت وغير المسبوق الذي شنته حركة "حماس" على المستوطنات الإسرائيلية بقطاع غزة، "فرصة ذهبية" لنزع شرعية "الأونروا" وتجريم أنشطتها باعتبارها شريان الحياة الغزيين وحجر الأساس للحفاظ على قضية اللاجئين الفلسطينيين بغزة "حاضرة" حتى عودتهم لمدنهم وقراهم التي هجروا منها عقب نكبة فلسطين عام 1948.

ومنذ سنوات، تستهدف إسرائيل الوكالة بذريعة أنها تعمل على "إدامة" قضية اللاجئين الفلسطينيين، حيث أعلنت بشكل قاطع أنها لا ترغب في أن تؤدي الوكالة أي دور في غزة بعد الحرب، رغم أنها أنشئت باعتبارها منظمة مؤقتة لتنفيذ "برامج الإغاثة والتشغيل المباشرة" للاجئين الفلسطينيين ولم تفوض بحل قضيتهم.

ويعاني موظفوا الأونروا من صعوبة بالغة في العمل في ظل القصف المستمر منذ عام على القطاع، مما أدخل الشمال في موجات من المجاعة الضارية، ومعاناة بقية القطاع من سوء التغذية الذي ذادت حدته بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال عبر المعابر المحيطة بغزة وخاصة تدميرها معبر رفح على الحدود مع مصر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved