أليكسي ليخاتشوف مدير عام شركة روساتوم: حدث رئيسي في الصناعة العالمية سيكشف عن مستقبل الطاقة النووية

آخر تحديث: الأحد 24 مارس 2024 - 11:46 ص بتوقيت القاهرة

يعتبر المنتدى الدولي "آتوم إكسبو-2024" حدثاً مفصلياً في الصناعة النووية العالمية، وهو أكبر معرض ومنصة أعمال حيث تتم خلاله مناقشة الوضع الراهن للصناعة النووية وصياغة اتجاهات تطويرها على مستوى المستقبل المنظور. وبالفعل يتابع العالم أجمع عملية تطور الطاقة النووية، وبالتالي حان الوقت للنظر في مستقبل الصناعة النووية وأهم الابتكارات ودورها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

يذكر أن المنتدى الدولي "آتوم إكسبو"، وهو أحد المؤتمرات والمعارض الرئيسية للصناعة النووية العالمية، سيعقد هذا العام في مدينة سوتشي في الفترة من 25 إلى 26 مارس الجارى وسيجمع المنتدى مدراء المؤسسات الحكومية والجهات الموردة الرئيسية والشركات العاملة في الصناعة النووية العالمية والمنظمات العامة والخبراء الدوليين، حيث تم تحديد الموضوع الرئيسي للمنتدى في عام 2024 بعنوان: "الطاقة النظيفة: معًا نبني المستقبل".

ومن المقرر مناقشة دور الطاقة النووية في تنفيذ الاستراتيجيات الوطنية لمكافحة تغير المناخ. وفي إطار المنتدى، سيتم تنظيم معرض لموردي الصناعة النووية، ولكن الحدث الرئيسي في المنتدى هو برنامج الأعمال، حيث ستتم مناقشة القضايا المستقبلية ذات الصلة بالصناعة النووية العالمية.

وفي هذا الصدد، أشار أليكسي ليخاتشوف مدير عام شركة روساتوم الحكومية قائلاً: "اليوم نقف على عتبة خلق طاقة المستقبل النووية، والتي سوف تساهم في التصدي للتحديات الرئيسية التي تواجه البشرية".

وفي محاولة لإيجاد حلول مستدامة للطاقة، يتجه العالم نحو تطوير الصناعة النووية، التي توفر فرصة غير مسبوقة لتحقيق التقدم والابتكار.

وفي هذا الإطار أصبح انطلاق المبادرة "تعهد صافي الانبعاث الصفري" (Net Zero Nuclear Industry Pledge) أحد الأحداث المهمة في مؤتمر المناخ COP28 الذي انعقد في العام الماضي، والذي يهدف إلى مضاعفة استطاعة المحطات النووية العالمية ثلاث مرات بحلول عام 2050.

وأضاف بهذا الشأن قائلاً: "بالطبع، لم تقف روساتوم مكتوفة الأيدي وانضمت إلى هذه المبادرة. حيث عبر المشاركون عن تأكيدهم بأن الطاقة النووية تشكل أداة حاسمة لتحقيق أهداف صافي انبعاث الكربون الصفري، وعن التزامهم بدعم الاستثمار في مشاريع الطاقة النووية، بما في ذلك من خلال آليات التمويل المبتكرة. وتهدف المبادرة إلى تعظيم مساهمة محطات الطاقة النووية الحالية في مكافحة تغير المناخ وتسريع وتيرة تطوير التقنيات النووية الجديدة. وهذه المبادرة تتوافق مع رؤيتنا لمستقبل الطاقة المستدامة.

وبحسب المعلومات الواردة من وكالة رويترز، تمتلك الصين أكبر حجم من تطوير المفاعلات الجديدة (22 جيجاوات)، تليها الهند (6 جيجاوات)، وتركيا (4.46 جيجاوات)، وكوريا الجنوبية (4.02 جيجاوات)، ومصر (3.3 جيجاوات). بعبارة أخرى فإن اتجاه تطوير الطاقة النووية هذا يشير إلى أن الغالبية العظمى من نمو القطاع سوف يستمر خارج مراكز الصناعة النووية التقليدية في أوروبا وأمريكا الشمالية.

وتابعت وكالة رويترز تشير إلى إنه في حال أوفت الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة ودول أخرى في المنطقة بالتزاماتها حيال زيادة انتاج الطاقة النووية، فإنه سيكون بإمكان قطاع الطاقة النووية أن يستعيد مكانته في سوق الطاقة العالمية ويلعب دورًا مهمًا في الجهود العالمية لتنفيذ مهمة تحول الطاقة.

هنا لابد من التنويه إلى حقيقة أن شركة روساتوم الحكومية لا تؤكد فقط التزامها بتطوير الطاقة النووية، بل إنها واحدة من الشركات القليلة التي تقوم حالياً بتنفيذ مشاريع لبناء محطات الطاقة النووية، بما في ذلك في خارج الأراضي الروسية. وفي هذا السياق تابع السيد أليكسي ليخاتشوف قائلاً: "اليوم، يتم بناء 25 مجموعة طاقة نووية للتصدير في العالم، 22 منها تقوم شركة روساتوم ببناءها، وهذا الحجم يماثل 88% من الانتاج في السوق الدولية. وبالتالي، فإن محفظتنا من الطلبات الأجنبية أكبر من جميع المنافسين مجتمعين. نحن نعمل بنشاط على تطوير الطاقة النووية في روسيا، التي توجد حاليًا فيها ثلاث مجموعات طاقة في المرحلة النشطة من البناء: اثنتان في محطة كورسك النووية وواحدة في محطة لينينغراد النووية".

إن أحد الاتجاهات التي تشكل الخطوط العريضة المستقبلية للطاقة النووية هي تقنيات دورة الوقود النووي المغلقة، والتي تم تصميمها لحل مشكلة الوقود النووي المستهلك. وبالفعل فقد حققت الشركة تقدماً في هذا الاتجاه، مما أثبت التزامها باستخدام التقنيات المتطورة لتحقيق الاستخدام الأمثل للموارد النووية.

فعلى سبيل المثال، في بداية شهر نوفمبر 2023، احتفلت محطة بيلويارسك النووية في في روسيا بالذكرى الأولى للانتقال إلى وقود-موكس في مفاعل النيوترونات السريع BN-800. ويمثل هذا المعلم الهام خطوة كبيرة نحو دورة وقود نووي مغلقة ومستدامة. يكمن ابتكار وقود-موكس في حقيقة أنه أثناء إنتاجه يتم استخدام عناصر من المواد الخام الثانوية المعزولة من الوقود النووي المستهلك. والخطوة التالية هي استخدام وقود-موكس في المفاعلات الأكثر انتشارًا من نوع VVER.

"يتم بالفعل إجراء الاختبارات ذات الصلة من قبل الخبراء في روساتوم. وبالنظر إلى أن الطاقة النووية الحديثة تعتمد على مفاعلات الماء الخفيف الحرارية، فإن استخدام الوقود المعتمد على الوقود النووي المستهلك المعاد معالجته سيؤدي إلى توسيع قاعدة موارد الطاقة النووية بشكل كبير ويقلل بشكل ملحوظ من حجم تشكل النفايات النووية. وهذه مهمة أساسية في إطار العمل على إغلاق دورة الوقود النووي".

بالنسبة للمفاعلات من نوع VVER (مفاعلات نيوترونية حرارية تعمل بالماء الخفيف، نظيرتها الغربية - PWR)، فقد قام علماء شركة روساتوم أيضًا بتصميم وقود اليورانيوم والبلوتونيوم REMIX، الذي اجتاز بنجاح دورة التشغيل الكاملة في مفاعلات VVER-1000، ويتم تشغيله الآن كجزء من مجمعات متطورة مشعة للحرارة.

بالإضافة إلى ذلك، أصبحت روساتوم أول دولة في العالم تبدأ التنفيذ العملي للجيل الرابع الجديد في مجال الطاقة النووية، الذي يتمتع بنهج جديد حيال مسائل الأمن والسلامة. يصبح وقوع حادث نووي - خارج نطاق الحوادث التي تم أخذها بعين الاعتبار أثناء التصميم - أمراً مستحيلًا بسبب ميزات التصميم في المنطقة النشطة.

كما أن هذه التقنية تجعل قاعدة الموارد غير محدودة بسبب استخدام نظير اليورانيوم 238 في دورة الوقود، وتقضي على مشكلة تراكم الوقود النووي المستهلك والتي تشكل معضلة للعالم أجمع، وذلك بسبب إمكانية احتراق النظائر طويلة العمر وإغلاق دورة الوقود. هنا لابد من التأكيد إلى أنه يتم حالياً بناء مجمع الطاقة التجريبي-التدريبي في مدينة سيفيرسك، التابعة لمحافظة تومسك وسيتم وضع هذه التقنية موضع التنفيذ. حيث سيبدأ المكون الأول منه تشغيله هذا العام، والحديث يدور عن وحدة لتصنيع وإعادة تصنيع وقود خليط فريد من نوعه من نيتريد اليورانيوم والبلوتونيوم. علماً أنه سينتج مفاعل النيوترونات السريعة، المزود بناقل حرارة من الرصاص، أول كيلوواط/ساعة في عام 2027. وفي العقد المقبل، تخطط روساتوم لبناء مجموعات كبيرة باستخدام هذه التكنولوجيا داخل روسيا وترويج هذه التكنولوجيا في بلدان أخرى.

في الآونة الأخيرة، شهدت تكنولوجيا المفاعلات الصغيرة والمتوسطة (أو المفاعلات منخفضة الاستطاعة) والمفاعلات الدقيقة تطورًا سريعًا وملحوظاً. حيث سيتيح نجاح هذه الأنظمة المبتكرة إلى إحداث تغييرات ثورية من حيث توفر الطاقة النووية ومرونتها لتلبية احتياجات كل منطقة على حدة، وخاصة في البلدان النامية والمناطق النائية. بعبارة أخرى يمكن تنفيذ مشاريع المفاعلات المعيارية الصغيرة لمحطات الطاقة النووية منخفضة الاستطاعة حيثما توجد أنظمة طاقة معزولة، وفي المناطق النائية حيث توجد حاجة إلى مصدر ثابت للطاقة النظيفة التي لا تعتمد على إمدادات ثابتة من كميات كبيرة من الوقود.

إن ضمان تمتع البلدان بفرص متساوية للحصول على الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة هو أحد أهم المهام لضمان تنميتها المستدامة. وبالتالي فإن تطبيق عملية نشر محطات الطاقة النووية الصغيرة على نطاق واسع، سوف يؤدي إلى توسيع إمكانيات استخدام الطاقة النووية في العالم بشكل كبير وتحقيق مساواة بين الدول الكبيرة والصغيرة في هذا الحق. وأضاف مدير الشركة النووية الحكومية الروسية قائلاً: "إن روساتوم هي اليوم الشركة النووية الوحيدة في العالم التي قامت بإنشاء وتنفيذ مشروع محطة طاقة نووية حديثة منخفضة الاستطاعة. خاصة وإننا نقوم منذ نهاية عام 2019، بتشغيل أول محطة طاقة نووية عائمة في العالم. وبناء على هذه التجربة، يجري العمل على تكنولوجيا جيل جديد من مجموعات الطاقة العائمة المعتمدة على مفاعلات RITM-200، والتي ستوفر الطاقة لتطوير منطقة خام بايمسك في تشوكوتكا.

بالإضافة إلى ذلك، نقوم ببناء محطة أرضية للطاقة النووية في ياقوتيا، وتقوم روساتوم أيضًا بتنفيذ مشروع المفاعل الصغير Shelf-M باستطاعة تصل إلى 10 ميغاواط. ونخطط لإطلاق أول محطة تعتمد على هذه التقنية بحلول عام 2030. أنا واثق من أن الخبرة التي نكتسبها في السنوات المقبلة ستسمح لنا أن نقدم لشركائنا حول العالم أفضل الحلول في مجال محطات الطاقة النووية".

يرتبط تطوير الطاقة النووية ارتباطًا مباشرًا بتحقيق إمكانات وتجسيد قدرات الذرة السلمية لاستخدامها في المجالات التطبيقية البحتة. وأحد الأمثلة على ذلك هو توفير الخدمات اللوجستية على طريق بحر الشمال، الذي يعتبر أقصر طريق شحن بين الجزء الغربي من أوراسيا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ. يعد تطوير البنية التحتية وملاحة كاسحات الجليد على طول طريق بحر الشمال أحد الأنشطة الرئيسية لشركة روساتوم الحكومية، مما يؤكد رغبة الشركة في استخدام التكنولوجيا النووية لصالح البشرية.

تدير روساتوم أسطول كاسحات الجليد النووية الوحيد في العالم، والذي تم تصميمه لحل مسائل ضمان الملاحة عبر مياه طريق بحر الشمال، بناءً على استخدام الإنجازات النووية المتقدمة، وذلك بفضل مرافقة كاسحات الجليد للسفن ودعم بعثات البحث العلمي إلى القطب الشمالي.

تُظهر الشركات الدولية اهتمامًا بإمكانيات العبور في طريق بحر الشمال، وترى الشركات أن عبور الحاويات عبر طريق بحر الشمال هو مسار إضافي مستدام ومستقر بيئيًا. وبالفعل قامت ، شركة روساتوم الحكومية في عام 2021 بالتوقيع مع شركة موانئ دبي العالمية (دبي، الإمارات العربية المتحدة)، التي تعتبر إحدى الشركات الرائدة في مجال تكامل سلسلة التوريد في العالم، على اتفاقية بشأن التعاون الاستراتيجي في تطوير الخدمات اللوجستية الأورآسيوية ونقل الحاويات على طول طريق بحر الشمال.

أحد مجالات هذا التعاون بات في إنشاء مؤسسة مشتركة في عام 2023 لتطوير مشروع عبور الحاويات الأوروآسيوية، والذي يمر عبر مياه طريق بحر الشمال، والذي يتميز بعدد من الخصائص من بينها انخفاض التأثير البشري على البيئة بسبب قصر طوله، وسلامة نقل البضائع، وعدم وجود اختناقات أو طوابير على طول الطريق، وانخفاض فواتير الانبعاث (بموجب نظام تجارة حصص الانبعاث في الاتحاد الأوروبي) في المنطقة الخاضعة للضريبة بسبب المسافات القصيرة.

واختتم مدير شركة روساتوم الحكومية حديثه قائلاً: "يتعين علينا أن نتحرك اليوم بهدف ضمان حياة كريمة للأجيال القادمة. وأنا متأكد من أنه بدون الطاقة النووية سيكون من المستحيل تحقيق هذا الهدف. ولا يتعلق الأمر بضمان الوصول إلى الطاقة النظيفة فحسب، بل يتعلق أيضاً بتهيئة الظروف للتنمية المستدامة. وهنا لابد أن نذكر أنه في العام المقبل، سوف تحتفل الصناعة النووية الروسية بالذكرى الثمانين لتأسيسها. وعلى مدى هذه العقود، تراكمت لدينا خبرة هائلة، والتي تتيح لنا اليوم تحسين حياة الناس. ونحن على استعداد مشاطرتها لمساعدة البلدان الأخرى للاستفادة من الابتكارات وتقديم المساعدة في تعزيز سيادتها في مجال التكنولوجيات المتطورة".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved