«الشروق» تنقل.. روايات الناجين من «جحيم أبو زعبل»
آخر تحديث: الخميس 24 أكتوبر 2013 - 5:56 م بتوقيت القاهرة
كتب ــ محمد نابليون
حصلت «الشروق» على نص التحقيقات التى أجرتها النيابة العامة، ممثلة فى نيابة الخانكة والمكتب الفنى للنائب العام، فى قضية مصرع 37 من مؤيدى الرئيس المعزول محمد مرسى، خنقا بالغاز داخل سيارة ترحيلات بسجن أبوزعبل، فى شهر أغسطس الماضى.
وتنقسم التحقيقات إلى جزءين، أحدهما أجرته نيابة الخانكة فى الأيام التالية بشكل مباشر للواقعة، وجزء آخر أجراه المستشار محمد عبدالصادق، المحامى العام بالمكتب الفنى للنائب العام، عقب صدور قرار من النائب العام المستشار هشام بركات، بنقل التحقيق فى القضية إلى المكتب الفنى الواقع تحت ولايته المباشرة.
فى الحلقة الأولى تنشر «الشروق» التحقيقات الخاصة بأقوال السجناء الناجين من واقعة الاختناق، حيث كشفت التحقيقات التى أجرتها نيابة الخانكة، بإشراف المستشار حاتم الزيات المحامى العام لنيابات شمال القليوبية، عن أن عدد السجناء الناجين فى واقعة سيارة ترحيلات أبوزعبل بلغ 8 أشخاص، استمعت النيابة إلى أقوال 7 منهم، بينما تبين أن السجين الثامن أصيب بغيبوبة بعد الحادث نقل على إثرها إلى مستشفى الدمرداش العام.
كما كشفت التحقيقات أن السجن الذى شهد الواقعة لم يكن منطقة سجون أبوزعبل المخصص لحبس المتهمين الجنائيين، وإنما كان من المقرر إيداع السجناء بسجن أبوزعبل العسكرى، المخصص لمعاقبة أفراد ومجندى الشرطة الصادرة بحقهم أحكام بالعقوبة.
وجاءت أقوال الناجين المشار إليهم متفقة فى جوانب رئيسية ومختلفة فى جوانب أخرى، حيث اتفقوا جميعهم أن مأمورية الترحيلات تحركت بهم من قسم مصر الجديدة ما بين الساعة 6 و6.30 صباحا، بعدما تم تقييد حركتهم بشكل زوجى بحيث أصبح كل اثنين منهم يقيدهما «كلابش» واحد.
وأكدوا أن عددهم كان كبيرا جدا داخل سيارة الترحيلات، لدرجة أن أغلبهم لم يستطع الوقوف فى ظل تقييده مع آخر، وواجهوا صعوبات بالغة فى التحرك داخل السيارة، خاصة أنهم لم يكونوا على علم بالمكان الذى سيتم احتجازهم فيه، وأكدوا أن القلق وحده كان يسيطر على كافة السجناء داخل سيارة الترحيلات.
ولفت السجناء إلى أنهم وصلوا لسجن أبوزعبل العسكرى فى حوالى الساعة 7.30 صباحا، حيث إن أحدهم استطاع قراءة اللافتة الخاصة بالسجن، وأبلغهم أنهم داخل سجن أبوزعبل العسكرى.
وأشار السجناء الناجون إلى أنه عقب وصول سيارة الترحيلات بهم إلى داخل السجن، توقفت السيارة بهم لمدة ساعة، أحس عدد كبير منهم داخلها بالإعياء الشديد نتيجة العطش وصعوبة التنفس، وبدأوا فى التساقط واحدا تلو الآخر، وهنا علت استغاثاتهم وطلبوا انقاذ السجناء الذين فقدوا وعيهم، إلا أنهم لم يتلقوا أى استجابة من ضباط أو أفراد الشرطة المرافقين لمأمورية الترحيلات، ومن ثم بدأوا فى الطرق على الجوانب الحديدية الخاصة بالسيارة.
وأكد حسين عبدالعال (59 عاما)، أحد السجناء الناجين، أنه أثناء ذلك صرخ بصوت عال قائلا: «إحنا بنموت»، فرد عليه أحد ضباط المأمورية من الخارج بجملة: «إحنا عايزينكم تموتوا».
وأضاف أن تساقط السجناء داخل صندوق سيارة الترحيلات ظل متواصلا واستمرت معه الاستغاثات دون جدوى، وأشار إلى أن استغاثاتهم استمرت 7 ساعات متواصلة، اكتفى خلالها ضباط الشرطة والافراد المرافقون للمأمورية برش المياه عليهم، من النوافذ الخاصة بصندوق السيارة لمرة واحدة فقط ولم يكرروها.
إلى أن جاءت الساعة الثانية ظهرا حيث حاول الضباط والأفراد المرافقين للمأمورية فتح باب الصندوق المحتجزين بداخله بالسيارة، إلا أنهم وجدوا صعوبة فى ذلك لأنه كان بعض السجناء الذين سقطوا داخل السيارة سقطوا خلف الباب مباشرة فصَعَب ذلك من فتحه.
وأكد السجناء الناجون انهم سمعوا أثناء ذلك أصوات ضباط المأمورية من الخارج وهم يسبونهم بألفاظ نابية ويحاولون فتح الباب بالقوة، ظننا منهم أن السجناء هم من يقفون متعمدين خلف الباب حتى لا يتم فتحه، إلى أن تمكن أحد الضباط بعد فترة طويلة من فتح جزء صغير من الباب وتم انزال بعض الناجين من السيارة.
وقال محمد عبدالمعبود، أحد السجناء الناجين، إن الضابط الذى تمكن من الدخول للصندوق حاول إفاقة السجين الذى مقيدا معه، ولكنه فشل، ومن ثم طلب المساعدة من ضباط المأمورية المتواجدين خارج السيارة، وهنا أطلق غاز له رائحة نفاذة داخل صندوق السيارة.
واتفق عدد من الناجين على أنهم تعرضوا للضرب والصعق بالكهرباء من قبل ضباط المأمورية أثناء إنزالهم من سيارة الترحيلات، وأنكروا أثناء التحقيقات الواقعة التى ترددت عقب الحادث بشأن جذبهم لأحد الضابط داخل السيارة وخطفه.
كما اتفقت أقوال السجناء الناجين فى أن الغاز الذى تم إطلاقه داخل صندوق السيارة لم يكن له دخان مشابه للدخان الذى يتصاعد من قنابل الغاز المسيل للدموع التى تستخدمها الداخلية، إلا أنهم اختلفوا حول تصنيفه، حيث قال أحدهم إن رائحته كانت شبيهة بالغاز المسيل للدموع، وقال ثان إن رائحته سيئة جدا ولم يستطيعوا تحملها، وقال ناجٍ آخر إن الغاز كانت له رائحة أشبه برائحة مادة الكبريت، وفى المقابل أكد سجينان أنهما لم يستنشقا رائحة غاز.