كيف أصبح الإمام الشافعي رمزا حاضنا لرفات المسلمين؟

آخر تحديث: الخميس 24 أكتوبر 2024 - 1:40 م بتوقيت القاهرة

بسنت الشرقاوي

دائما ما تمثل أعمال هدم بعض المعالم الأثرية وشواهد القبور في مقابر الإمام الشافعي مصدر جدل يثير حفيظ المصريين.

وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي صورا منسوبة لمقابر الإمام الشافعي في القاهرة القديمة، والتي أظهرت أحد القباب التاريخية مهدومة بشكل عشوائي، فيما رصدت بعض الصور وجود "حفار" بجانب القبة فيما يبدو يقوم بهدمها، حيث اعتاد أهالي المنطقة تواجده عدة مرات لتنفيذ أوامر الهدم.

وتفاعل النشطاء مع الصور على نحو غاضب، معتبرين أن القبة أثرية توثق لحقبة هامة من تاريخ مصر وهي الحقبة الإسلامية.

وفي السطور التالية نستعرض باختصار من هو الإمام الشافعي الذي تحولت المنطقة المحيطة بمقبرته إلى مقابر لشخصيات مصرية ملكية وتاريخية وفنية، وشعبية أيضا..

- أين تقع منطقة الإمام الشافعي وما أهمية المقابر الموجودة فيها؟

تقع منطقة الإمام الشافعي بالقرب من قلعة السلطان صلاح الدين الأيوبي في القاهرة العتيقة، وتضم أكثر من 150 مقبرة يعود تاريخها لأكثر من قرن ونصف.

وتضم مقابر الإمام الشافعي رفات عشرات الشخصيات التاريخية، مثل الملكة فريدة وعائلة الفنان صلاح ذو الفقار، بالإضافة لـ15 مدفنا لأسرة محمد علي والي مصر.

 


-ما أصله ونسبه؟

هو محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو عبدالله القرشي الشافعي المكي، نسيب الرسول صلى الله عليه وسلم وابن عمه.

-متى ولد وكيف نشأ؟

اتفق المؤرخون على أن الإمام الشافعي ولد عام 150هـ، وهو العام الذي توفي فيه الإمام أبو حنيفة رحمه الله، وبدأ تلقى العلم في مكة.

وبحسبما جمعه المؤرخون واظب الإمام الشافعي على طلب العلم، فحفظ القرآن، وهو ابن 7 سنوات، وحفظ الموطأ وهو ابن عشرة، ويقال انه افتى وهو ابن 15 عاما.

وارتحل الشافعي إلى المدينة المنورة وهو في العشرين من عمره، وقد كان في ذلك الحين مُفتيًا مُؤهلاً للإمامة، حافظا لموطيء الإمام مالك، وضبط قواعد السنة.

وطوال حياته كان الشافعي طالبا للعلم الذي تلقاه على يد شيوخ كثر متفرقين في بلاد مختلفة، حيث ارتحل إلى اليمن وبغداد مرتين وأسّس مذهبه، ثم ارتحل لمصر، وتوفي فيها

- كيف دخل مصر؟

يقول المؤرخون أن الشافعي ظل يتوق إلى مصر وكان لا يدري حقيقة هذه الرغبة، لكنه استسلم أخيرا، وخرج من العراق ذاهبا إليها سنة 199 هجرية.

وعندما دخل الشافعي مصر ذهب إلى جامع عمرو بن العاص، وتحدث به لأول مرة، فأحبه الناس، وتعلقوا به.

وأكد هارون بن سعيد الأيلي، "قدم رجل من قريش، فجئناه وهو يصلي، فما رأينا أحسن صلاة منه، ولا أحسن وجها منه، فلما تكلم ما رأينا أحسن كلاما منه، فافتنا به".

وبرز للناس في مصر علم الشافعي وسعة اطلاعه واستفاد هو من رحلاته، وعمد إلى كتبه التي كتبها من قبل يراجعها ويصحح ما أخطأ فيه، ورجع عن كثير من أقواله، وأظهر مذهبه الجديد، وأعاد تأليف كتبه ولازمه كثير من العلماء الذين أثر فيهم علم الشافعي ومنهجه، وحرصه على متابعة السنة.

- من مصر.. التأسيس لمذهب جديد

 

بعد أن أقام في بغداد مدةً طويلة درس فيها كتب محمد بن الحسن الشيباني، ودرس آراء الإمام مالك الفقهية، وناظر أهل الرأي وجادلهم، بقي الشافعي في مصر عدة سنوات، لتنصج آراؤه وتزداد خبرته، فاختبر العمل بمذهبه، وعاين عادات وأعراف في مصر لم يكن يعرفها؛ ما أدى لتكوين آراء جديدة لديه ورجوعه عن بعض آرائه الفقهية القديمة.

وأراد الشافعي أن يخرج للناس بمذهب يجمع فقه أهل العراق وأهل المدينة، وقد دوّن مذهبه في 3 بلدان على 3 مراحل هي مكة ثم بغداد ثم مصر، فأسس مذهبًا خاصًا عُرف بالمذهب الشافعي.

ثم تتلمذ على يديه عدد من التلاميذ الذين لازموه لأخذ العلم منه، ومنهم: الإمام أحمد بن حنبل، أبو بكر الحميدي، وأبو بكر محمد بن إدريس، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد العباسي، وأبو الوليد موسى بن أبي الجارود، والحسن الصباح الزعفراني.

وبذلك يُعتبر الشافعي مؤسس علم أصل الفقه، حيث كان أول من ألّف في علم أصول الفقه ليعد أحد أئمة المذاهب الفقهية الأربعة.


-كيف أضحى "الإمام الشافعي" رمزا حاضنا لرفات المسلمين؟

 

 

عاش الشافعي في مصر مدة خمس سنوات، ثم مرض واشتد عليه المرض وتوفي على إثرهذ وعمره 54 سنة ودفن في مصر سنة 204هـ.

تعاقبت السنوات وأنشأه الأمير عبدالرحمن متخذا مسجد الإمام الشافعي سنة 1176هـ الموافق 1762ميلاديا، ليقع بجوار ضريح الشافعي في مصر.

وظل المسجد على تخطيطه إلى أن جدده الخديوي توفيق، ولكنه لم يكتمل ليتمه من بعده الخديوي عباس حلمي الثاني.

ومنذ ذلك الحين تحولت المنطقة المحيطة بجامع ومقام الشافعي تدريجيا إلى مدافن لشخصيات مصرية ملكية وتاريخية وعامة أيضا.

حيث شرى الوالي محمد علي أرض حوش إبراهيم باشا عام 1220هـ/ 1805م، ليبني عليه مدفناً من قبتين له ولأسرته، وعند وفاة ابنه طوسون عام 1231هـ/ 1816م قام بعمل تركيبة فخمة لقبره وأحاطها بمقصورة برونزية، صم بعد ذلك توسعت المقابر لتسمل 15 من رفات العائلة.

وجرت العادة في مصر أن يتم إنشاء مقابر تجاور اضرحة الأولياء الصالحين والأئمة واضرحة أهل البيت المدفونين في مصر، فيوجد كذلك مقابر السيدة نفسية والسيدة زينب في نفس المنطقة الواقع فيها مسجديهما.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved