بعد تعرضها للقصف الإسرائيلي.. ما تاريخ وأهمية مدينة صور اللبنانية؟

آخر تحديث: الخميس 24 أكتوبر 2024 - 1:20 م بتوقيت القاهرة

شنت إسرائيل، يوم الأربعاء، غارات على مدينة صور الساحلية اللبنانية، ودفع هذا الهجوم العديد من المدنيين إلى مغادرة المدينة بعدما دعا جيش الاحتلال، السكان إلى إخلاء أجزاء واسعة منها، حيث تضم المدينة آلاف النازحين.

ووفقًا لما أفادت به الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، فإن "4 غارات استهدفت مدينة صور بعد تهديدات من العدو بقصفها". كما أشارت الوكالة في تقرير سابق إلى أن "طائرة مسيرة معادية استهدفت شارع صوت الفرح في المدينة".

أهمية صور

تعد مدينة صور اللبنانية واحدة من أقدم المدن الساحلية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، وتمتد جذورها إلى عصور ما قبل التاريخ. بفضل موقعها الجغرافي المتميز على ساحل البحر المتوسط الجنوبي الغربي.

وكانت صور منذ آلاف السنين مركزًا حضاريًا وتجاريًا مهمًا. اشتهرت بإرثها الفينيقي القديم ودورها البارز في التجارة البحرية، فضلا عن كونها نقطة انطلاق للعديد من المغامرات البحرية عبر العصور.

تأسست صور حوالي عام 2750 قبل الميلاد من قبل الفينيقيين، وهم شعب سامي عاش في مناطق سواحل لبنان الحالية. أظهرت التنقيبات الأثرية في المدينة دلائل على حضارة مزدهرة، حيث كانت صور مركزًا تجاريًا بحريًا مهمًا بالنسبة للفينيقيين الذين تميزوا ببراعة بناء السفن والملاحة البحرية.

في أوج ازدهارها، كانت صور تسيطر على تجارة البحر المتوسط بأسره. تعتبر واحدة من أقدم المدن التي أسست مستعمرات بحرية في مناطق متعددة مثل قرطاج في شمال إفريقيا، التي أصبحت لاحقًا إمبراطورية عظيمة بحد ذاتها. كانت صور محورًا تجاريًا استراتيجيًا بين الشرق والغرب، حيث صدرت العديد من السلع مثل الأرجوان، الذي صنع من الأصداف البحرية وكان رمزًا للثروة والسلطة.

الأهمية التاريخية في العصور المختلفة

شهدت صور العديد من الحقب التاريخية التي أثرت على مجمل مسارها. في العصر الآشوري، تعرضت المدينة للحصار والغزو، لكن رغم ذلك، استطاعت الحفاظ على استقلاليتها في فترات متعددة. لاحقًا، في القرن الرابع قبل الميلاد، تعرضت صور لحصار طويل على يد الإسكندر الأكبر خلال حملته في الشرق. وبعد مقاومة شديدة دامت لعدة أشهر، تمكن الإسكندر من احتلال المدينة، ما أدى إلى تغييرات سياسية واقتصادية كبيرة فيها.

العصر الروماني والبيزنطي

في العهد الروماني، ازدهرت صور وأصبحت إحدى أهم المدن في منطقة فينيقيا. شيد فيها العديد من المعالم الأثرية، مثل المدرج الروماني الشهير الذي لا يزال حتى يومنا هذا شاهدًا على عظمة المدينة في تلك الحقبة. تحولت صور في العهد البيزنطي إلى مركز ديني وثقافي مهم، وكانت لها مكانة بارزة في انتشار المسيحية في المنطقة. شُيدت العديد من الكنائس في المدينة، ما يعكس التغيير الذي طرأ على طبيعتها الثقافية والدينية.

صور في العصور الإسلامية

مع قدوم الفتوحات الإسلامية في القرن السابع الميلادي، دخلت صور تحت الحكم الإسلامي وأصبحت جزءًا من الدولة الأموية ومن ثم العباسية. ورغم التغييرات التي طرأت على المدينة، حافظت على بعض من أهميتها التجارية والثقافية، ولكن بمرور الوقت بدأت تخسر مكانتها أمام المدن الساحلية الأخرى.

خلال الحملات الصليبية، كانت صور هدفًا استراتيجيًا هامًا، وشهدت معارك متكررة بين القوى الإسلامية والصليبيين. احتلها الصليبيون عام 1124 م، واستمر وجودهم فيها لعدة عقود حتى استعادها المسلمون في نهاية المطاف.

صور في العصر الحديث

في العصر العثماني، كانت صور مدينة ساحلية متواضعة، وبدأت تفقد الكثير من دورها التجاري. ومع ذلك، ظلت المدينة مأهولة وتحتفظ بطابعها التاريخي. في القرن العشرين، بدأت صور تستعيد بعضًا من أهميتها، لاسيما بعد استقلال لبنان عام 1943.

اليوم، تعتبر صور واحدة من أبرز الوجهات السياحية في لبنان، حيث يقصدها الزوار من مختلف أنحاء العالم للتعرف على آثارها الفينيقية والرومانية والبيزنطية. تتميز المدينة بشواطئها الجميلة وأسواقها التقليدية، وتعتبر مركزًا ثقافيًا مهمًا يعكس تنوع الحضارات التي مرت بها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved