مخاوف من ضياع أكثر من 15000 مورد وراثي نباتي في بنك الجينات بمدينة ود مدني السودانية

آخر تحديث: الخميس 25 يناير 2024 - 9:20 م بتوقيت القاهرة

وكالة أنباء العالم العربي

يتخوّف متخصصون سودانيون من ضياع الكثير من الموارد الوراثيّة الموجودة في بنك الجينات للموارد الوراثية النباتية بمدينة ودّ مدني، عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان، عقب انتقال المعارك إليها الشهر الماضي.

ويضُمّ البنك، الذي تأسس أوائل ثمانينيّات القرن الماضي، أكثر من 15000 مدخل من الموارد الوراثية النباتية المتنوعة للأغذية والزراعة ضمن نطاق تنوّع المحاصيل المحورية، مثل الذرة الرفيعة والدخن اللؤلؤي (الثيوم الأغبر) والسمسم واللوبيا والبطيخ.

وبحسب محمد الصافي، الباحث الاقتصادي والمُحاضر في كلية الزراعة بجامعة القضارف في السودان، فإن الخدمات التي يقدمها بنك الجينات هذا لا تقتصر على السودان فقط، وإنما تمتد إلى النظام الزراعي العالمي "حيث يحتوي أصناف محاصيل لا تقدّر بثمن وضرورية لتطوير القدرة على الصمود في مواجهة تغيُّر المناخ والآفات والأمراض".

وحذّر الصافي عبر صفحته على فيسبوك من أن وصول الصراع المسلح إلى ود مدني في ديسمبر كانون الأول الماضي يُعرّض مستقبل هذا المستودع الحيوي للتنوع البيولوجي للخطر؛ قائلا إن ضررا لا يُمكن إصلاحه ينتظر هذا البنك، الذي يمثّل "حجر زاوية في الأمن الغذائي".

وسيطرت قوات الدعم السريع على ولاية الجزيرة الشهر الماضي في أعقاب انسحاب الجيش منها بعد معارك استمرت خمسة أيام.

وقال الصافي إن الحرب أدّت إلى انقطاع متكرر في التيار الكهربائي لفترات طويلة في أنحاء المدينة، معتبرا أن ما وصفها بمسألة السلامة أدت إلى تقييد الوصول للمعلومات أو تقييم الوضع الحالي لبنك الجينات.

وأوضح أن عدم توفير الطاقة اللازمة للتخزين البارد، أو إمكانية وصول الخبراء للحفاظ على صلاحية البذور، يثيران مخاوف بشأن احتمال فقد الأصناف الفريدة، أو ربما حتى المدخلات بأكملها، بشكل دائم وسط الصراع.

من جهته، قال الطاهر إبراهيم، المدير السابق لبنك الجينات للموارد الوراثية النباتية، في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن هذا البنك يُسهم بشكل أساسي في تحقيق الصيانة والاستخدام المستدام للأغذية الوراثية والزراعية وتعزيز استخدام الموارد الوراثية الزراعية.

وقال "إذا فُقدت هذه الموارد، ربما يُهدَّد (ذلك) إنتاج أصناف التحسين الوراثي، وتشمل ما يُسمى بالأقارب البرية للمحاصيل، مثل محصول الذرة الذي يعتقد أن موطنه الأصلي السودان".

وأوضح أن القلق من مخاطر فقد التنوع الحيوي دفع الكثير من الجهات في أنحاء العالم إلى تأسيس بنوك الجينات، بهدف جمع العيّنات وحفظها للمدى الطويل، حيث يتم العمل عليها وحِفظها لتبقى مئات السنين للأجيال للاستخدام مستقبلا.

وذكر أن السودان بدأ تأسيس بنك الجينات الوراثية النباتية عام 1982، في إطار الاهتمام بالموارد الوراثية لكل المحاصيل، مثل الحبوب والبقول وغيرها، وصولا إلى مركز صيانة الجينات للموارد الوراثية النباتية.

وقال إن أكثر من 15 ألف مدخل في بنك الجينات جُمعت، بينها الذرة والفول السوداني والبامية والبندورة (الطماطم) ونباتات المراعي الطبيعية، والتي تُخزّن في غرف مبرّدة عند درجات حرارة تصل إلى سالب 20 درجة مئوية.

* أخبار غير مبشرة

وأشار إبراهيم إلى عدم وجود معلومات مؤكدة عن وضع البنك؛ لكنه قال إن الأخبار التي ترد "غير مبشّرة، حيث ترددت أنباء عن اقتحام البنك ونهْب ثلاجات ومعدات، إلى جانب تضرر البذور وتناثر بعضها على الأرض".

ودعا إلى إنقاذ ما تبقّى من البذور، التي قال إن بعضها جُمع في ثمانينيات القرن الماضي؛ كما دعا إلى تقييم الوضع على الأرض، مشيرا إلى وجود قواعد بيانات يتخوف من فقدها.

وشدد على أن أي تأخير في التحرك لنقل البنك إلى مكان آمن بالتنسيق مع الجيش وقوات الدعم السريع "ليس في المصلحة".

من جهته، أعلن ابراهيم مخير، مستشار قائد قوات الدعم السريع، استعداد قوات الدعم لمساعدة الجهات المعنية في الداخل والخارج لإنقاذ البنك، الذي وصفه بالمهم؛ وقال إن لدى الدعم السريع تجربة مع جامعة الخرطوم في نقل عينات وملفّات من مناطق الاشتباكات في العاصمة إلى الولايات الآمنة.

ودعا مخير في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إدارة بنك الجينات الوراثية النباتية إلى الشروع فورا في حماية محتويات البنك، قائلا "نحن بدورنا سنوفّر لهم الحماية؛ ولهم الخيار في نقل البنك إلى أي مكان يرونه مناسبا أو إعادة تشغيله في مدينة ود مدني".

عز الدين علي، الباحث في هيئة البحوث الزراعية التابعة لوزارة الزراعة السودانية، أبدى هو الآخر تخوّفه من المصير المجهول للبنك، وحذّر من المساس به، لما يحويه من بذور وجينات وراثية قد يؤدي فقدها إلى "كارثة" تتمثل في فقد التنوع الحيوي النباتي، بحسب وصفه.

وأشار علي إلى أن البنك يضم موارد "تمثل أقدم قاعدة أفريقية يفوق عمرها 40عاما".

وقال إن "فكرة نقل البنك من مدينة ود مدني إلى مكان آخر مطروحة، لأن البذور والجينات تواجه صعوبات انقطاع الكهرباء، مما يؤثر عليها".

وناشد الجهات العالمية المعنية، مثل المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية، والوكالة السويدية للتعاون الإنمائي الدولي (سيدا)، ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، والصندوق العالمي لتنوع المحاصيل، بحشد الجهود لإنقاذ تراث البذور المعرض لخطر التدمير.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved