حرب العملات.. هل تنقذ الاقتصاد المصري من الدخول في النفق المظلم؟

آخر تحديث: السبت 25 مارس 2023 - 6:03 م بتوقيت القاهرة

محمود مقلد

• خبراء: بداية لفك هيمنة الدولار على حركة التجارة محليا وعالميا
• مستوردون: يتيح لنا حرية الاستيراد بدون انتظار تدابير دولارية
• صناع: التحرر من التعامل بالدولار يفتح آفاقا وأسواقا تصديرية جديدة
عبر خبراء اقتصاد وصناع ومستثمرون ومستوردون عن تفاؤلهم بشأن الحلول غير التقليدية والجهود التى تجريها الحكومة لكسر هيمنة الدولار ووضع حد لانهيار قيمة الجنيه محليا والانفلات غير المسبوق للأسعار، لاسيما فيما يتعلق بالتحرك بشكل رسمى من أجل اعتماد الجنيه كعملة رسمية بدلا من الدولار مع دول روسيا والصين والهند ومؤخرا تركيا والإمارات والسعودية وقطر وقريبا قائمة أخرى تضم دولا من جنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية كالبرازيل على سبيل المثال.

واعتبر البعض إدراج البنك المركزى الروسى بداية من 18 يناير الماضى الجنيه المصرى بخلاف 9 عملات أخرى، على قائمة عملاته الرئيسية، بمثابة بداية النهاية لفك هيمنة سيطرة الدولار على الاقتصاد المصرى كما يقول على عيسى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الذى ثمن تلك الجهود واعتبرها أفكارا خارج الصندوق كان يحتاجها الاقتصاد المصرى.

وأضاف عيسى أن إتاحة استيراد الكثير من السلع كالقمح بالجنيه المصرى، سيسهم فى تخفيف الضغط على الدولار، فضلا عن مساهمته فى سرعة الافراج عن البضائع بدلا من انتظار تدبير الدولار اللازم لعملية الاستيراد.

د. محمد خميس رئيس جمعية مستثمرى السادس من أكتوبر والنائب الأول لاتحاد المستثمرين قال إن تلك الخطوات ستسهم فى فتح المزيد من الأسواق أمام المنتجات المصرية، كما انها ستتيح للصناع سرعة وسهولة استيراد ما يلزمها من مواد خام والالات ومعدات دون انتظار توفير تكلفة الاستيراد بالعملة الصعبة.

وأضاف خميس أن تخفيف الضغط على الموازنة العامة وتنويع مصادر الاستيراد وضرب السوق السوداء فى مقتل من أهم الانعكاسات الإيجابية لتلك الجهود والمخططات التى تهدف الدولة إلى تحقيقها.

وعانت مصر بشدة فى الفترة الأخيرة بسبب خروج المليارات من الأموال الساخنة اكثر من 20 مليار دولار، إضافة إلى انخفاض معدلات السياحة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية ناهيك عن ارتفاع فاتورة الواردات بشكل كبير، وهو ما تسبب فى خسارة الجنيه نحو 50% من قيمته الأمر الذى انعكس بالسلب على الاقتصاد ومعدلات النمو التضخم التى حققت رقما غير مسبوق فى الفترة الأخيرة.

وقال دكتور عبدالمنعم سيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية ان تلك المفاوضات المتعددة ستسهم فى أشياء كثيرة اهمها زيادة التبادل التجارى بين مصر وتلك الدول، إضافة إلى زيادة حجم الاستثمارات وانعاش معدلات السياحة والتصدير.

وأضاف عبدالمنعم أن اعتماد هذه الاستراتيجية سيعطى قوة للعملة المحلية، وإدراج الجنيه ضمن العملات المقبولة فى روسيا والصين والهند وتركيا وقطر والإمارات والبرزايل وغيرها من تلك الدول سيكون له مفعول السحر فى تخفيف الكثير من المشاكل والضغوطات التى تواجه الاقتصاد فى المستقبل.

وقد صرحت نائبة رئيس الوزراء الروسى، فيكتوريا أبرامشينكو، لوكالة «ريا نوفوستى»،بأنَّ بلادها تعمل مع مصر على صفقة لدفع ثمن القمح بالروبل الروسى، وذلك بعد صفقة ناجحة مع تركيا.

وبموجب قرار المركزى الروسى، يستطيع أى مستورد مصرى من روسيا أن يدفع ثمن الصفقة بالجنيه المصرى أو الروبل الروسى، حسب السعر الذى وضعه البنك المركزى الروسى للجنيه والروبل.

عبدالغفار السلامونى، وكيل غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، قال إنَّ الوارادت المصرية من أكبر المستفيدين من تلك الجهود، مصر تستورد 50% من احتياجاتها من روسيا، ، واعتماد روسيا الجنيه المصرى، يعد خطوة جيدة وأفضل من التعامل بالدولار خصوصا فى الوقت الحالى.

كذلك الصين بلد مهم لمصر ومصدر رئيسى للعديد من الواردات ناهيك عن تركيا والبرازيل، اعتماد تلك العملات سيقضى على أزمة ندرة الدولار، كما أنه سيعيد التوازن لقيمة الجنيه، الشراء بالجنيه من جانب المستوردين والحكومة سيدعم توفير القمح بسعر جيد.

أحمد شيحة رئيس شعبة المستودرين قال ان هذه السياسة ستشجع الشركات والمستوردين والمصانع على الحرية فى الاستيراد والقدرة على التفاوض والسرعة فى التنفيذ.

وأضاف شيحة ان نجاح الحكومة فى اعتماد كل تلك العملات سيكون ضربة قاصمة للدولار وبداية حقيقية لوجود اقتصاد قوى متنوع.

ولفت إلى أن تلك الخطوات ستفسح المجال أمام المستوردين كما انها ستقلل من تكلفة الغرامات والتاخيرات والأرضيات، ناهيك عن تنوع المنتجات بالسوق.

عبدالحميد الدمرداش رئيس المجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، قال إنَّ ادراج المركزى الروسى الجنيه المصرى كعملة رسمية سيرفع حجم التبادل التجارى وزيادة الاستثمارات، مؤكدا أن كل الأطراف ستسفيد سواء مصر أو تلك الدول التى تعانى أيضا من همينة الدولار على التجارة العالمية.

خالد أبو المكارم قال إن اعتماد الجنيه كعملة رسمية فى العديد من الدول يعطى فرصا أكبر للصادرات كما أنه يخدم دولة مثل روسيا فى استيراد احتياجاتها من السوق المصرية دون التقييد بعقوبات وقرارات.

وأضاف أبو المكارم أن تلك الجهود ستعطى فرصا لقطاع الكيماويات والملابس والصناعات الغذائية والهندسية وغيرها من القطاعات.

وتستورد مصر من روسيا والصين وتركيا والبرازيل والهند الكثير من المنتجات المتنوعة أهمها القمح والدجاج واللحوم ومستلزمات الإنتاج والسيارات وحديد الصب والخشب إضافة إلى السياحة الوافدة حيث تعبر روسيا مصدر رئيسى للسياحة الأجنبية.

ويعتبر التخوف الوحيد من هذا التوجه حسب رأى البعض هو استمرار انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية وندرة مصادر العملة والدولار، خاصة أن معظم تلك الدول لها فائض تجارى مع مصر وبالتالى فإن زيادة معدلات الاستيراد مع تلك الدول سيرفع العجز ويدفع الحكومة لطباعة مزيد من النقود وهو ما سيضعف قيمة الجنيه مرة أخرى.

صبحى نصر رئيس جمعية الصناع المصريين قال إن استيراد القمح ومدخلات الإنتاج والذهب بالجنيه المصرى، وغيرها من السلع المهمة من الإيجابيات التى ستعود على مصر داعيا الشركات الاستفادة من تلك الخطوات والعمل على مضاعفة حجم الصادرات حتى يتحقق التوازن وينخفض العجز التجارى مع تلك الدول وبالتالى تنجح تلك الخطط فى اصلاح وضعية الاقتصاد المصرى.

وبحسب بيانات جهاز الإحصاء، يصدر البرتقال بقيمة 110.2 مليون دولار، والبطاطا 82.6 مليون دولار، يليه العنب 31.4 مليون دولار، إلى جانب الفراولة 24.1 مليون دولار، ثم تأتى صادرات اليوسفى 15.3 مليون دولار، والمانجو 11.7 مليون دولار، ثم الرومان 10.2 مليون دولار. علاوة على خضراوات بقيمة 8.3 مليون دولار، من اهم 10 سلع تصدرها مصر إلى روسيا، وهى سلع تصدرها مصر ايضا إلى للصين ودول الخليج.

وكانت الصين نجحت فى تسجيل اليوان ضمن سلة العملات منذ 2011 وبالفعل يوجد تبادلات تجارية فى مختلف دول العالم باليوان وله سعر صرف مستقر، ويعتبر تجمع البريكس الذى يضم روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب افريقيا من اهم التجمعات الاقتصادية التى اعتمدت نظام التجارة بالعملات المحلية فيما بين بعضها.

من جانبه، أكد الدكتور علاء عز، الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية، أن دخول الجنيه المصرى ضمن العملات المعتمدة فى البنك المركزى الروسى وغيرها من الدول التى تجرى الحكومة مفاوضات معها سيكون له أثر كبير فى تعاملات الجنيه العالمية.

وأضاف: «هذا القرار إيجابى للجنيه المصرى، وسيقلل الاحتياج للدولار وسيتيح حرية وسرعة استيراد ما تحتاجه مصر من سلع استراتيجية».

وتعد روسيا والصين وتركيا والبرازيل والهند والإمارات والسعودية من أهم الشركاء الاستراتيجين لمصر فى العديد من مجالات التعاون والمصالح الاقتصادية المتبادلةٌ، وهو ما يعول عليه البعض فى تحسن مؤشرات الاقتصاد المصرى خلال الفترة المقبلة خاصة بعد نفاذ تلك الخطوات بشكل رسمى.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved