في حياة المصري القديم (3).. شَعر آدمي في مقابر الفراعنة
آخر تحديث: السبت 25 مارس 2023 - 1:46 م بتوقيت القاهرة
الشيماء أحمد فاروق
الراوي والحكايات جزء أصيل من ثقافتنا، حيث كان الناس يجلسون أمام القهاوي يستمعون لحكايات أبوزيد الهلالي والزير سالم، وكان الأطفال يجتمعون لكي يسمعوا قصص الجدة في الدار، وفي رمضان تجتمع الأسر حول الحكايات الدرامية وأمام الفوازير، الحكاية تجذب الكثيرين، لذلك نقدم في سلسلة مكتوبة خلال شهر رمضان الكريم مجموعة من الحكايات التي تتعلق بالحضارة المصرية القديمة وتحديداً عن تفاصيل الحياة اليومية.
نستكمل حديثنا اليوم عن يوميات المصري القديم وتحديداً فيما يتعلق بالصناعات وأدواته التي تعينه على حياته اليومية والمعيشة، ونستمر مع الفصل الثاني من كتاب "المواد والصناعات عند قدماء المصريين" تأليف ألفريد لوكاس، وترجمة دكتور زكي إسكندرية، وترجمة الهيئة العامة للكتاب.
تحدثنا في الحلقة الأولى عن توظيف شمع العسل كلاصق في العصور القديمة ضمن مواد طبيعية أخرى، ونذكره في حلقة اليوم أيضاً إذ أنه يرتبط بزينة النساء قديماً، حيث كان يستخدم كلاصق لخصلات الشعر المستعارة، والشعر هو موضوع حلقة اليوم.
ويقول لوكاس: "لما كان جوهر الطبيعة البشرية واحد في كل زمان وفي كل مكان فليس غريب أن نرى نساء مصر القديمة حتى في زمن قديم يرجع إلى عهد الأسرى الأولى على الأقل، يستعملن خصلات الشعر الآدمي في تكميل شعورهن عندما يتناقص بسبب الشيخوخة أو يستخدمنها كزينة للتجميل، ولا يوجد أدلة كثيرة على استخدام شعر الخيل أو الصوف لهذا الغرض، رغم ما ورد في بعض المؤلفات، ولكن الأكثر تأكيداً أنه كان شعراً آدمياً".
وقد أجرى لوكاس من أجل إثبات نظريته فحصاً دقيقاً ميكروسكوبياً لآلياف جميع الشعور المستعارة الموجودة بالمتحف المصري لكي يتأكد من أصلهم، ووجد وفق الفحص أن أغلبها من شعور آدمية إلا قليل منها من ألياف نباتية ومنها ألياف النخل أو عشباً، ووجد أن شمع العسل موجود بلا استثناء على جميع الشعور المستعارة المصنوعة من الشعر الآدمي، وعلى أحد الشعور المصنوعة من الألياف، وقال: "لما كان شمع العسل من أعظم المواد صلاحية لضمان ثبات الخصلات والجدائل فليس هناك شك أنه استخدم لهذا الغرض، ولا يمكن اعتباره استخدم كنوع من الزيوت لتسريح الشعر لأن ذلك لا يكون إلا بزيت سائل أو شحم أسيل بالحرارة قبل الاستعمال".
وذكر لوكاس أن خصلات الشعر المجدولة الصغيرة تكثر في مصر القديمة، وقد وجد خصلة من هذا النوع في مقبرة توت عنخ آمون، تخص الملكة تيبي التي كانت جدة لزوجته، كما عُثر سابقاً على 3 كرات مستديرة من الشعر الآدمي في مقابر من عصر ما قبل الأسرات وكميتين منه في مقابر من الفترة ما بين عهدي الأسرة السابعة والثامنة.
وكان الشعر يستخدم أحياناً في نظم الخرز، ولذلك أمثلة معروفة في أساور من عصر ما قبل الأسرات وعهد الأسرة الأولى، وهناك سوار من عهد الأسرة الأولى بعضه مؤلف من شعر -يرجح أنه من ذيول الثيران- وتوجد من الفترة ما بين عصري الأسرة الرابعة والعاشرة أساور من ألياف وشعر وجدت في القبور، ولم يكتشف نوع الشعر في هذه الحالة، وهناك أشياء شتى كانت تصنع من الشعر مثل الأدوات الأربع التي وجدت في مقبرة توت عنخ آمون وسماها المستكشف مذبات، وتتألف من شعر طويل مثبتة في أيد من خشب مذهب على صورة رؤوس حيوانات ومدلاة على جوانب مركبات الحيوانات، ومن المرجح أن يكون شعر حصان أو حمار، كما عثر على حصيرة من الشعر من العصر الروماني أو القبطي، وقماش مصنوع من شعر الماعز.
اقرا أيضا: في حياة المصري القديم (2).. مم صُنعت الأقواس والسهام كأدوات للصيد؟