استثمارات الجهات الحكومية فى أدوات الدين لن تتأثر بإلغاء الإعفاءات الضريبية

آخر تحديث: الأربعاء 26 أغسطس 2020 - 1:38 م بتوقيت القاهرة

كتب ــ جمال علام:

رئيس «الخطة والموازنة» بالبرلمان: استثناء «التأمينات» من إلغاء الإعفاءات لاتصافها بـ«طابع خاص»
يرى عدد من الخبراء، أن حجم استثمارات الجهات الحكومية بالسندات وأذون الخزانة، التى شهدت تطبيق إلغاء الإعفاءات الضريبية على عائد هذه الاستثمارات، لن يتأثر بمشروع القانون الذى أقره مجلس النواب الأسبوع الماضى، مبررين استثناء الهيئة القومية للتأمينات بنسبة 65% من القرار نظرا للطبيعة الخاصة للهيئة.
قال حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن استثناء الهيئة القومية للتأمينات من إلغاء الإعفاءات الضريبية على عائد السندات وأذون الخزانة بنسبة 65%، جاء لدعم وضعها الاقتصادى، خاصة أن نسبة كبيرة من استثمارات أموال التأمينات تتم فى أدوات الدين، حيث تضمن عائدا مستقرا ومستمرا.
وحصلت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى «صندوق تأمينات القطاع العام»، على تمييز واستثناء بإعفاء 65% من ضريبة الدخل على عوائد أذون الخزانة والسندات التى تستثمر فيها الهيئة أموالها، على خلاف باقى الجهات والمؤسسات التى خضعت لإلغاء الإعفاء بالكامل طبقا لقانون إلغاء الإعفاء الذى أقره مجلس النواب بشكل نهائى خلال جلسته الإثنين 17 أغسطس الجارى.
ووافق مجلس النواب على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إلغاء الإعفاء المقرر على عوائد أذون الخزانة والسندات والأرباح الرأسمالية الناتجة عن التعامل فى هذه الأذون والسندات من الضريبة على الدخل، خاصة أن الجهات التى كانت تستفيد من الإعفاء السابق كانت قوانينها تتيح لها ذلك كنوع من الدعم لدورها الاجتماعى، أو لتخفيض تكلفة خدماتها وتشجيعها على استثمار الفوائض المالية لديها بدلا من إيداعها فى البنوك دون عائد، فيما أقر المجلس إعفاء 65% من عوائد أذون الخزانة والسندات التى تستثمر فيها الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى أموالها بدلا من الإعفاء الكامل، على أن تتم المراجعة كل 3 سنوات.
وأضاف عيسى، فى تصريحات خاصة لـ«الشروق»، أن الاتجاه الأولى فى اجتماعات مجلس الوزراء كان إلغاء الإعفاء على جميع الجهات والمؤسسات التى تخضع للإعفاء، لكونها مؤسسات قوية مستقرة ولديها فوائض مالية تقوم باستثمارها فى أدوات الدين والمحافظ المالية لجنى الأرباح، وهذا العائد كمصدر دخل لابد أن يخضع للضريبة، «الإعفاء هو الاستثناء وليس العكس».
وتابع عيسى، أنه أثناء الدراسة والمناقشات جاءت التوصيات باستمرار دعم الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، لاتصافها بطابع خاص كونها هيئة مستقلة يتطلب دعم ومساندة اقتصاديات أعمالها وموقفها المالى قدر الإمكان، من أجل قيامها بمسئولياتها التأمينية على الوجه المرغوب «تأمين الرعاية الاجتماعية لأصحاب المعاشات، وتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة، وتأمين إصابات العمل، وتأمين المرض، وتأمين البطالة»، لذلك تم اقتراح إعفاء الهيئة من ضريبة الدخل على عوائد أذون الخزانة والسندات والأرباح الرأسمالية بنسبة 50%، ثم جاءت توصية لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب بزيادة الإعفاء إلى 65%، وبذلك تم اقرار القانون بفرض ضريبة دخل على عوائد أذون الخزانة والسندات والأرباح الرأسمالية على الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى بنسبة 35%، على أن تراجع كل 3 سنوات.
وكانت لجنة استثمارات أموال التأمينات خلال اجتماعها فى ٢٠١٨، اقترحت زيادة نسبة الاستثمار فى البورصة إلى 5% من أموال الهيئة بدلا من 2%، كما أوضحت اللائحة الاستثمارية كيفية استغلال الاستثمارات المباشرة لأموال التأمينات الاجتماعية، وتحديد النسب التى يتم توزيعها فى سندات وأذون الخزانة وأسهم الاحتفاظ وغيرها.
ووفقا لإحصائيات التأمينات بنهاية يونيو ٢٠١٨، بلغت الاستثمارات المباشرة للصناديق 196.9 مليار جنيه، منها سندات خزانة قابلة للتداول بقيمة 89.304 مليار جنيه بنسبة 45.3%، وأذون الخزانة بـ49.577 مليار جنيه، فيما قُدرت استثمارات المحافظ المالية 5.232 مليار جنيه، ووصلت قيمة الأوراق المالية، أسهم احتفاظ، 6.465 مليار جنيه بنسبة 3.3% من إجمالى الاستثمارات، وبنسبة 0.7% من أموال التأمينات.
فيما نص قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات، الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019، على إنشاء صندوق لاستثمار أموال التأمينات، لتدر عائدا يستفيد منه أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم، يتم بموجبه استثمار نسبة لا تقل عن 75% من احتياطيات الأموال فى أذون وسندات الخزانة العامة، ويجوز تخفيض هذه النسبة باقتراح من رئيس الهيئة باتفاق الوزير المختص بالتأمينات الاجتماعية ووزير المالية ووفقا للقواعد والإجراءات التى تحددها اللائحة التنفيذية للقانون.
وفيما يخص انعكاسات قانون إلغاء الإعفاء على الجهات والمؤسسات التى كانت تتمتع من قبل وأثره على استثمارات تلك المؤسسات، فى أدوات الدين وأسعارها واستثماراتها فى سوق الأوراق المالية، قال «عيسى» إن قرار إلغاء الإعفاء جاء بعد دراسة ومناقشة مستفيضة، «ولن يؤثر على الموقف التسويقى لأدوات الدين أو استثمارات تلك المؤسسات فى أدوات الدين ولن يدفع لارتفاع أسعار العوائد»، لأن الضرائب ليست المحدد الوحيد لتقييم عوائد الاستثمارات فى أدوات الدين، لكن هناك عوامل كثيرة أخرى لتقييم عوائد الاستثمارات، علاوة على أن معدلات العائد على أذون الخزانة والسندات المصرية مرتفع وجاذب للطلب.
فى سياق متصل قال أحمد حافظ، رئيس قسم البحوث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى بنك الاستثمار رينيسانس كابيتال، إن هناك جانبا من المراجعة تقوم بها الحكومة نتيجة لتداعيات الأزمة الصحية على الأوضاع الاقتصادية والموازنة العامة، لتعظيم إيراداتها، وإدراجها كجزء من موارد الموازنة العامة بصورة مباشرة، كالهيئات الحكومية التى كانت تتمتع بإعفاءات استثنائية، إضافة لمحاولة تقليل الفاقد الضريبى وتسرب الايرادات التى يمكن الاستفادة منها وتضمينها فى الموازنة العامة، والتى أيضًا من شأنها التعبير عن مصادر التمويل المتاحة والحقيقية للموازنة العامة للدولة.
وأوضح أنه من غير المتوقع أن يؤثر القرار على أسعار العوائد لأدوات الدين، لأن أسعار العائد تتحدد بناء على أعلى سعر مقدم ما دام هناك طلب على هذه الأدوات، كما أن سوق أدوات الدين فى مصر تتمتع بوفرة الطلب لارتفاع العائد.
ولا يتوقع حافظ أيضا، أن يؤثر القرار على حجم استثمارات تلك المؤسسات فى أدوات الدين لأنه إحدى أهم الأدوات الاستثمارية لتلك المؤسسات، لجاذبية وارتفاع عوائدها مقارنة بعوائد الفائدة على الودائع فى البنوك.
وطبقا لما جاء بالمذكرة الإيضاحية فإن إجمالى الفاقد الضريبى عن عوائد أذون وسندات الخزانة خلال العام المالى 2019/2020 بلغ نحو 33.8 مليار جنيه، حيث أجرت وزارة المالية دراسة للوقوف على حجم الفاقد الضريبى وتأثيره على حجم الدين العام وتكلفته، فتبين أن هناك بعض القوانين منها قانون صناديق التأمين الخاصة وقانون إنشاء بنك الاستثمار القومى، وقانون التأمينات الاجتماعية، تتضمن نصوصا للإعفاء من جميع أنواع الضرائب والرسوم التى من شأنها إعفاء عوائد أذون الخزانة والسندات والأرباح الرأسمالية الناتجة عن التعامل فيها من الضريبة على الدخل، ما من شأنه حرمان الخزانة العامة من هذه الإيرادات الضريبية، بالإضافة إلى حدوث خلل وأحيانا إساءة استخدام فى التعاملات فى سوق أذون الخزانة والسندات نتيجة ذلك.
وأوضحت المذكرة أنه تبين أيضا من هذه الدراسة أن إجمالى قيمة العوائد المسددة على أذون وسندات الخزانة خلال الفترة من 1 يوليو 2019 حتى 30 أغسطس 2020 بلغت 369.06 مليار جنيه، وأن الضريبة المحتسبة على تلك العوائد بسعر 20% بلغت 73.81 مليار جنيه، فى حين بلغ إجمالى الضريبة المحصلة فعليا حتى 30 أبريل 2020 نحو 34.15 مليار جنيه، والمتوقع تحصيلها حتى 30 يونيو 2020، نحو 5.9 مليار جنيه، ليكون إجمالى الضريبة عن كامل الفترة 40.05 مليار جنيه بواقع 54% من أصل الضريبة المستحقة واجبة السداد بفارق 88.3 مليار جنيه كفاقد ضريبى.
من جانبها قالت سارة سعادة محلل اقتصاد كلى فى سى آى كابيتال، إن إلغاء الإعفاء الضريبى على تلك المؤسسات لن يكون له تأثير يُذكر على استثماراتها فى أدوات الدين، كونه الاختيار الاستثمارى الأهم لها مع انخفاض درجة المخاطرة وارتفاع العائد عليه، إضافة لمحدودية أدوات الاستثمار أمام هذه المؤسسات فى مصر.
ووفقا لما صرح به وزير المالية، فإن تلك الخطوة لن تؤثر على أى إعفاءات أو معاملات خاصة واردة فى الاتفاقيات مع الدول الأجنبية أو المنظمات الدولية أو الإقليمية فيما يتعلق بعوائد أذون وسندات الخزانة والأرباح الرأسمالية الناتجة عنها من ضريبة الدخل، لكن القانون ينص على أن تكون جميع الجهات المقيمة فى مصر من الشركات أو الهيئات أو الجهات الحكومية خاضعة لضريبة الدخل على العوائد والأرباح الرأسمالية المحققة من السندات والأذون.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved