حيثيات بطلان خصخصة (المراجل البخارية) و(طنطا للكتان) و(غزل شبين): القضاء يحمى المستثمر الجاد من فساد الإدارة ولا حماية للفاسد
آخر تحديث: الأحد 25 سبتمبر 2011 - 10:30 ص بتوقيت القاهرة
محمد بصل وأحمد عدلى
حصلت «الشروق» على حيثيات الأحكام الثلاثة التى أصدرتها دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار حمدى ياسين عكاشة والتى قضت ببطلان عقود بيع شركة مصر شبين الكوم للغزل والنسيج وشركة طنطا للكتان، وشركة النصر للمراجل البخارية وأوعية الضغط، وتنشر «الشروق» المبادئ المشتركة بين الأحكام الثلاثة على أن تنشر غدا حيثيات كل حكم بمفرده.
قالت المحكمة فى حيثياتها العامة إن الخصخصة فى ذاتها ليست شرا مستطيرا، ولا خيرا مطلقا لكن الشر كله فى الفساد الذى شاب بعض عمليات الخصخصة سواء من القائمين عليها أو من بعض المستثمرين المتلاعبين والمستثمر الجاد غير المتورط فى عمليات فساد الخصخصة يحميه القضاء من غبن فساد الإدارة لكن لا حماية لعقود الخصخصة المتحصل عليها بطريق الفساد.
وأكدت الحيثيات أن الشر المستطير الذى يصاحب الخصخصة المدمرة لاقتصاد الوطن هو الخصخصة القائمة على الإذعان لبيع القطاع العام بشروط المؤسسات الدولية لإعطاء القروض والتسهيلات الجديدة والسماح بإعادة الجدولة لبعض الديون الخارجية، سعيا نحو تصفية القطاع العام، وهى الخصخصة التى بدأتها الحكومة عام 1991 بإعلان جمهورى فى خطاب رئيس الجمهورية السابق بمناسبة الاحتفال بعيد العمال بأن الحكومة سوف تتبنى الخصخصة كسياسة رسمية بهدف خلق اقتصاد أكثر حرية، وعلى إثر ذلك تم إنشاء مكتب قطاع الأعمال العام فى 1992 بموجب اتفاقية بين برنامج التنمية للأمم المتحدة UNDP والحكومة المصرية للإشراف على برنامج الخصخصة ومتابعة تنفيذه، مؤكدة اتضاح الإرادة الأجنبية فى إخضاع السيادة المصرية لسياسات الخصخصة فى تقرير أصدرته السفارة الأمريكية بالقاهرة عام 1991 دعت فيه مباشرة إلى التخلى عن الملكية العامة حيث ورد بالتقرير نصا: «إن انتشار نظام ملكية الدولة فى القطاع الصناعى، وقد وضع عبئا ثقيلا على الاقتصاد القومى وعلى ميزانية الدولة، بما خلقه من مشروعات عديدة تتسم بقلة الكفاءة، وتضخم العمالة بلا مبرر، ومن نظام الدعم والتحكم فى تفاصيل النشاط الاقتصادى، بهدف حماية القطاع العام من المنافسة، الأمر الذى شجع على تبديد الموارد وشوه مسارها، وخنق الحافز على زيادة الإنتاج». وأوضحت أن القواعد التى أقرتها اللجنة الوزارية للخصخصة لم تدرج ضمن اللائحة التنفيذية لقانون قطاع الأعمال العام على الرغم من تنبيه رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات عضو اللجنة الوزارية الذى نبه فى تعليقه على تلك الضوابط والقواعد بحق إلى وجوب صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء بتعديل اللائحة التنفيذية للقانون رقم 203 لسنة 1991 يتضمن المعنى الآتى: «يتبع فى شأن تقييم الشركات الخاسرة وقليلة الربحية بقصد بيعها أو تأجيرها الضوابط التى يعتمدها مجلس الوزراء بناء على اقتراح اللجنة الوزارية للخصخصة» مشيرة إلى أن ما جاء بخطة الدكتور وزير قطاع الأعمال العام يمثل استثناء مع الطرق السبع المتعارف عليها لتقييم الشركات ليطبق على الشركات الخاسرة وقليلة الربحية.
وعن أسباب بطلان قواعد التقييم قالت المحكمة أن مظاهر التفريط فى تقييم المال العام للتخلص منه وانعدام تلك القواعد التى تمت على أساسها عملية البيع المالية المعتمدة من الجهاز المركزى للمحاسبات مضروبة فى مضاعف ثمانية.
وأكدت المحكمة أن قواعد التقييم شابها «تفريط جد خطير»، بتخويل الجمعيات العامة لشركات قطاع الأعمال العام برئاسة وزير الاستثمار حق الموافقة على ثمن لبيع الشركات (يقل عن القيمة الدفترية)
وأهابت المحكمة فى حيثياتها بحكومة ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 أن تضع الآثار والنتائج الاقتصادية للخصخصة المشوبة بالفساد ووجوب تقييم سياساتها محل الدراسة والاهتمام نحو مجتمع العدالة الاجتماعية وحماية المال العام.
وعن مسئولية الدولة عن تنفيذ الأحكام القضائية قالت المحكمة إنها مسئولية تقوم على مبادئ الشرعية وخضوع الحاكم والمحكوم للقانون، ولحين التنفيذ الكامل للحكم فإن واجبا مهما يقع على كاهل (الجهة الإدارية) لحماية مقار وأماكن الشركة محل تنفيذ الحكم القضائى من أى عبث بمستنداتها ووثائقها الرسمية أو عقود خصخصتها.
واعتبرت المحكمة الحكم القضائى بلاغا لكل جهات التحقيق بالدولة حيث إن المحكمة وهى تؤدى رسالتها القضائية قد تكشف لها ما تقدم من إهدار جسيم للمال العام وتجريف لأصول الاقتصاد المصرى تم تحت قيادة العديد من الوزارات لأكبر عمليات تخريب للاقتصاد المصرى وهى جرائم جنائية، ثبتت بعد تحقيقها فضلا عن كونها تمثل فسادا إداريا يستوجب المساءلة.