الجدل حول هدم المقابر الإسلامية.. كتب تأخذك لجولة في تاريخها

آخر تحديث: الجمعة 25 أكتوبر 2024 - 4:14 م بتوقيت القاهرة

محمود عماد

تصدرت مقابر وجبانات الإمام الشافعي بالقاهرة الإسلامية التاريخية المشهد مؤخرًا، حيث تعود للواجهة الإعلامية من حين لآخر وتثير الجدل العام، خاصة مع تزايد عمليات الهدم التي طالت بعض جباناتها، والتي تسببت في انتشار واسع للنقاشات والاعتراضات.

مؤخراً، ازدادت الأصوات المعترضة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد تداول صور وفيديوهات منسوبة لمقابر الإمام الشافعي، تُظهر قبة تاريخية مهدمة بشكل عشوائي، فيما يظهر حفار يقوم بهدم القبة، مما أثار تفاعلاً واسعاً.

الصور والفيديو انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، مما دفع وزارة الآثار للتعليق، كما جاءت ردود من نقابة المهندسين، وتحركات من بعض النواب بالبرلمان لبحث الموضوع.

يرجع تفاعل الجميع إلى الأهمية التاريخية والمعنوية الكبيرة لمقابر الإمام الشافعي، وأهمية المنطقة عمومًا التي تمثل جزءًا من صحراء المماليك أو "مدينة الموتى". هنا، نقدم لمحة عن بعض الكتب التي تناولت تاريخ وأهمية هذه المقابر ومنطقة قرافة الإمام الشافعي ضمن سياقها التاريخي والثقافي.

"كنوز مقابر مصر.. عجائب الأمور في شواهد القبور"

كتاب "كنوز مقابر مصر.. عجائب الأمور في شواهد القبور" للدكتور مصطفى محمد الصادق، أستاذ الطب المتفرغ بجامعة قصر العيني والمهتم بتراث جبانات القاهرة القديمة، هو من الكتب التي تناولت الموضوع بعمق. يعتمد الصادق في كتابه على مرجع تاريخي قلما التفات إليه باحث أو مؤرخ، كاشفاً عن كنوز خفية في شواهد القبور لم يوثقها أحد من قبل.

يأخذ الصادق القارئ في جولات بين مقابر القاهرة، موثقاً بعض القادة السياسيين والمحاربين، وأفراد الأسرة العلوية من خلال شواهد قبورهم. يرى الصادق أن شواهد القبور تحمل كنوزًا فنية وتاريخية؛ من خلال زخارفها وتفاصيلها المبهرة، حيث تميز شواهد النساء بوجود تاج في الأعلى، بينما يكون أعلى شاهد الرجل على هيئة العمامة.

كما يوضح الصادق أن الشواهد لم تكتفِ بتوثيق اسم المتوفي وتاريخ وفاته؛ بل تضمنت سيرًا ذاتية مقتضبة، بوظائف المتوفين ودرجاتهم العلمية، وحتى تفاصيل دراستهم في الخارج، وأحيانًا تكون تفاصيل الوفاة مدونة بالساعات والدقائق، مع توضيح السبب كالأزمات الصحية.

يشير الكتاب إلى أن شواهد القبور قد تكون أحيانًا أصدق من المعلومات الواردة في الكتب، فمثلاً في زيارة الكاتب لقبر والد إسماعيل باشا صدقي، يتباين تاريخ الوفاة المدون عليه مع التاريخ المدون في مذكرات إسماعيل صدقي نفسه، ويعزو الكاتب ذلك إلى احتمال تأثير الذاكرة بسبب تقدم صدقي في العمر. ويضيف الكتاب بعض التفاصيل العائلية التي تتيح فهمًا أوضح لبعض الوقائع في تاريخ مصر الحديث.

"صحراء المماليك.. بوابة السماء الشرقية"

كتاب "صحراء المماليك.. بوابة السماء الشرقية" للكاتب والمؤرخ هاني حمزة يتناول جبانات المماليك بشكل أوسع، حيث يغطي المنطقة كاملة التي تضم أيضًا مقابر الإمام الشافعي، وتقع بين سور القاهرة الشرقي وجبل المقطم أمام حديقة الأزهر.

يستعرض الكتاب نشأة وتطور صحراء المماليك عبر العصور، حيث لم تنشئ الدولة المملوكية عاصمة جديدة، بل اكتفت بتعمير عواصم مصر القديمة، إلا أن صحراء المماليك تمثل استثناءً باعتبارها مدينة للموتى.

تاريخ صحراء المماليك يعكس تاريخ الدولة نفسها، إذ كانت تستخدم في البداية للتدريبات العسكرية وتفتيش جنود الجيش المملوكي، مما يعكس الروح العسكرية للدولة التي واجهت الغزو الصليبي والمغولي. وعندما توقفت الأنشطة العسكرية بعد انتهاء تلك التحديات، تحولت المنطقة إلى ساحة للاحتفالات والولائم والترفيه.

نظرًا لأن دفن السلاطين والأمراء لم يكن مسموحًا داخل قلعة القاهرة، فقد جذبت الصحراء أنظار الصفوة المملوكية الباحثة عن بناء قبور تخلد ذكراهم، فأنشأوا فيها تربًا وأحواشًا للدفن، ملحقًا بها قباب ومنشآت دينية وخيرية، لتصبح بذلك صحراء المماليك جزءًا مهمًا من التراث المعماري والديني.

تقدم هذه الكتب لمحات مؤثرة عن تاريخ المقابر والجبانات بالقاهرة الإسلامية، ودور المقابر في حفظ تاريخ البلاد وإسهامها الثقافي، ما يعزز من أهمية الحفاظ على هذا التراث من الاندثار.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved