رئيس «المركزى للإحصاء» فى ندوة «الشروق»: لا نخفى أى معلومات.. وبيانات الأفراد سرية

آخر تحديث: الخميس 26 يناير 2017 - 10:08 ص بتوقيت القاهرة

أعدها للنشر: صفية منير

قاعدة البيانات الموسعة عن المواطنين ستنتهى فى يونيو القادم
جهات رقابية طالبتنا بالإفصاح عن بعض المعلومات وطلبنا تفهم حساسية الوضع
كل إحصاءاتنا منشورة على الموقع الإلكترونى للجهاز
ارتفاع معدلات الفقر فى مصر بعد عامين «أمر مؤكد»
مارسنا عملنا باستقلال فى ظل 5 أنظمة حاكمة
بعض الجهات الحكومية لديها بيانات تخشى إمدادنا بها لعدم الثقة فى صحتها
الجهاز كان يضم موظفين من خريجى التربية الرياضية والآثار قبل تحملى المسئولية.. وحددت 5 تخصصات فقط لقبول الموظفين الجدد
حصر المبانى فى التعداد القادم لا يستهدف أى مصلحة أخرى بخلاف الإحصاء.. وليس لنا علاقة بالضرائب على العقارات أو كون بعضها مخالفًا
لا نخفى أى معلومات.. وكل إحصاءاتنا منشورة على الموقع الإلكترونى للجهاز
الجهاز كان يضم موظفين من خريجى التربية الرياضية والآثار قبل تحملى المسئولية.. وحددت 5
تخصصات فقط لقبول الموظفين الجدد
التعبئة العسكرية مرتبطة بالجهاز منذ إنشائه عام 19
أكسر كل القواعد حتى تتمكن «بصيرة» من عملها

شارك فى الندوة: عماد الدين حسين - خالد أبو بكر - أشرف البربرى - عمرو عز

مرت مصر بظروف اقتصادية تكاد تكون الأسوأ منذ سنين طويلة، وهو ما صعب من مهام الأجهزة الإحصائية والرقابية المستقلة، التى عادة ما تكون مسئولة عن إظهار أكثر الأرقام الحساسة فى ظروف كهذه، مثل معدلات ارتفاع الأسعار والفقر أو الفساد.
الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، هو أحد أبرز الجهات المسئولة عن الإحصائيات الاقتصادية فى مصر، فتقاريره بجانب ما يصدر عن وزارتى المالية والتخطيط والبنك المركزى، هى الأكثر إظهارا لحقيقة الأوضاع فى البلاد.
(الشروق) استضافت اللواء أبوبكر الجندى، رئيس الجهاز، للتعرف على أكثر الإحصائيات صعوبة من وجهة نظره، ورأيه فى ظروف العمل فى الفترة الحالية وتأثيرها على استقلالية الجهاز والمؤشرات الصادرة عنه، إلى جانب ملفات أخرى عديدة.

إحصائيات حساسة
الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء مسئول عن عشرات المؤشرات والأرقام والتقارير التى تصدر عنه بصفة شهرية أو ربع ونصف سنوية أو أكثر من ذلك، فهو المسئول عن أرقام السياحة والأسعار والصادرات والواردات ومعدلات الفقر وتعداد السكان والناتج الصناعى، وغيرها من المؤشرات شديدة الأهمية، فأيها أكثر حساسية من وجهة نظر رئيس الجهاز؟

التضخم
يقول اللواء أبوبكر الجندى، إن معدل التضخم يعد واحدا من الأرقام المهمة التى يقوم الجهاز على إصدارها، ويعتبر من الأرقام الحساسة، «لأنه ينذر بوجود مشكلة يعانى منها المجتمع تتمثل فى زيادة معدل الأسعار».
وتابع : «فى شهر نوفمبر الماضى، سجل التضخم الشهرى ارتفاعا بنسبة 5%، وهو رقم كبير جدا إذا ما قورن بالمعدلات السابقة التى كانت تتراوح بين 0.2 و0.3%، لذلك فضلت الاستعانة بجهة أخرى رغبة فى التأكد من دقة الرقم.. طلبت الاستعانة بوحدة التضخم الأساسى، «الكور انفليشن»، والتى توجد فى البنك المركزى، للتأكد من عدم وجود أى خطأ، وبالفعل قام أعضاء من هذه الوحدة بمراجعة البيانات لمدة يوم كامل، ولم يجدوا أى خطأ، أو يضيفوا أى ملاحظة».

تأخر إعلان تضخم نوفمبر «الهائل»
وحول ما إذا كانت مراجعة الرقم هى السبب وراء إعلان التضخم فى نوفمبر، قال الجندى: «وقتها كنت بصحبة الرئيس فى الاحتفال بذكرى المولد النبوى، وقام موظفو الجهاز بوضع التقرير صباح يوم الخميس الموافق 8 نوفمبر رغبة فى نشر التقرير مبكرا، ونحن معتادون على نشره فى اليوم العاشر من كل شهر».
وأضاف : «بعدها طلبت مراجعة التقرير مرة أخرى، لأن معدل التضخم الشهرى سجل 5% وهو رقم كبير جدا، لذا تم سحبه من الموقع لمراجعته، ثم أعدنا نشره بعد نحو 60 دقيقة».

يوسف بطرس غالى ومنهجية إعداد معدل التضخم
ويحكى الجندى أنه تلقى اتصالات ذات مرة فى عهد يوسف بطرس غالى، وزير المالية الأسبق، عند إعلان رقم التضخم لشهر أغسطس فى 2008، والذى سجل فيه معدل التضخم السنوى زيادة بلغت 25%.
وأوضح: «وقتها كانت الحكومة قد أعلنت أن معدل النمو بلغ 7% بالتزامن مع رفع سعر الفائدة 8 مرات خلال 2008، واعترضت المالية طبعا على هذا الرفع نظرا لأن الدولة أكبر مقترض محلى من البنوك، وفائدة الدين تتحملها وزارة المالية».
وأضاف أن الجهاز استعان بعدها ببعثة من صندوق النقد الدولى، وقامت بمراجعة طريقة العمل التى يتبعها الجهاز عند إعداد معدل التضخم، وخرج وقتها التقرير بهذه الجملة: «الطريقة التى تعد بها مصر مؤشر التضخم تلتزم فيها بكل الأسس الفنية المتبعة فى إعداد هذا المؤشر».

معدل البطالة.. ثانى الأرقام الحساسة
أما ثانى الأرقام التى يعتبرها الجندى «حساسة» فهى معدل البطالة، الذى يعلن كل ثلاثة أشهر.

تعداد الأقباط
ويقول اللواء أبو بكر إن مرجعية عمل الجهاز فيما يتعلق بتعداد المواطنين الأقباط فى مصر، هى اللجنة الإحصائية للأمم المتحدة.
«تلك اللجنة أصدرت توصيات فى التسعينيات بالسمو فى قيمة البشر، وطالبت بأن يكون سؤال الديانة اختياريا، وبعدها أعد الجهاز أول إحصائية بهذا الخصوص فى 1996، وعند إعداده ذكرنا فى البحث أن خانة الديانة غير اجبارية، وأكيد فى ناس استخدمت حقها فى عدم ذكر الديانة، وبالتالى فإن أى رقم سيكون غير دقيق».

معدلات الفقر
بحث الدخل والإنفاق من ضمن التقارير المهمة التى يعدها الجهاز، وفقا للجندى، وهو بحث يتم إعداده كل عامين، ويظهر أحد أهم المؤشرات فى مصر، وهو مؤشر الفقر.
ويصف رئيس الجهاز البحث بأنه مكلف، ويستغرق إعداده وقتا طويلا، إذ يظل الباحثين العاملين عليه «فى الميدان» لمدة عام كامل.
وتشير تقارير الجهاز إلى زيادة نسبة الفقراء من 16.7% فى العام المالى 99ــ2000 إلى 27.8% فى 2015، «لكن هذا الرقم أكبر بكثير فى الصعيد إذ يصل لنحو 50% فى المتوسط، الفقر فى أسيوط نسبته 66%، وفى سوهاج 64%، وتقل هذه النسبة فى المحافظات الحضرية التى لا يوجد فيها ريف».
ويوضح الجندى أن محافظة الإسكندرية كانت نسبة الفقراء فيها أقل، قبل ضم منطقة العامرية إليها والتى تضم فى نطاقها نحو 12 قرية. وكشف بحث الدخل والإنفاق أن ريف الوجه القبلى به كل الخصائص السلبية، مثل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مرجعا زيادة نسبة الفقراء فى هذا الإقليم إلى أن 75% من النشاط الاقتصادى منحصر فى القاهرة والجيزة والاسكندرية.
يضيف أبو بكر أن «كل أبناء الصعيد يرحلون إلى القاهرة والجيزة ويُنشئون مناطق عشوائية للعيش بها، لذلك يحمد للدولة أنها تبذل جهدا فى بناء مدن صناعية ومشروعات صغيرة ومتوسطة فى أقاليم الصعيد لمواجهة الفقر».
ويلفت رئيس الجهاز إلى أن بحث الدخل والإنفاق له العديد من النتائج أهمها الأوزان النسبية للسلع (حجم المنفق على هذه السلع)، وهذا المؤشر دقيق جدا ويتم قياسه من خلال معايشة الباحث من جهاز الاحصاء مع الأسرة. وكل باحث تكون مهمته جمع بيانات الانفاق من أسرتين فقط خلال الشهر، ويقوم بتكرار جمع البيانات لمدة 8 أيام مع زيارتهم فى كل موسم، وتتمثل مهمة الباحث فى معرفة أوجه إنفاق كل مليم من دخل الأسرة.
ويشمل البحث 12 بندا، منها الطعام والشراب، والمسكن، والتعليم، والصحة، والمواصلات، والاتصالات، والملابس، والمطاعم والفنادق، وكل بند له أكثر من فرع، مثل الطعام والشراب ينبثق عنه فئة اللحوم، والبقوليات، والخضراوات، والفاكهة، وغيرها، ولكل فئة أكثر من فرع لنصل فى النهاية لأكثر من ألف سلعة وخدمة.
ويوضح اللواء أبو بكر إنه بعد الانتهاء من جمع البيانات، يتم تحليلها لإظهار حجم المنفق على كل بند من اجمالى دخل الأسرة، وفى البحث الأخير وجد أن نحو 34% من إنفاق الأسرة، ينفق على الطعام، وهو رقم «سيئ جدا«، على حد وصفه.
ويوضح : «تعنى زيادة نسبة إنفاق الأسرة من دخلها على الطعام والشراب أن هذا البند، والذى يعد بندا أساسيا يلتهم أغلب الدخل، وبالتالى فإن الأسرة تكون غير قادرة على الوفاء بباقى الالتزامات، من تعليم، وصحة، ومسكن، وملبس وخلافه».وهذه النسبة كانت تصل إلى 47% منذ 10 سنوات، وهذا يعنى أن هناك تحسنا فى مستويات المعيشة.
ويقسم بحث الدخل والإنفاق مستويات الإنفاق للأسر إلى 10 مستويات. وأحدث البحوث أوضح أن 15.8% من الأسر الغنية لديها بطاقات تموينية.
وعرف البحث الفقير بأنه الشخص الذى يصل انفاقه إلى أقل ٤٨٢ جنيها فى الشهر، وتصل نسبة الأسر الفقيرة فى المجتمع إلى 4.3٪ وهى الأسر التى يقل انفاقها عن الفين جنيه فى الشهر. أما الأسر التى تعانى من الفقر المدقع، فهى التى تنفق أقل من 322 جنيه شهريا للحصول على احتياجاتها الأساسية من الطعام والشراب، وتصل نسبة هذه الأسر إلى 5.3%.
ويقول الجندى إنه من الصعب التنبؤ بمعدل الفقر فى بحث الدخل والانفاق القادم، والذى سيصدر بعد عامين، «لكن من المؤكد أن المبلغ المحدد لتعريف الفقر سيزيد، وبالتالى سترتفع نسبة الفقراء فى مصر».

استقلالية الجهاز
لكن وعلى الرغم من حساسية تلك الأرقام، يؤكد اللواء أبو بكر أن الجهاز يمارس عمله بمنتهى الاستقلالية، غير عابئ بضخامة بعض الأرقام أو تزامن توقيت إعلانها مع أحداث مهمة كاقتراب مواعيد الانتخابات مثلا.
«لم تدخل أى جهة فى عملنا طوال الفترة التى توليت فيها منصبى، أنا فى الجهاز منذ 11 سنة ولم يحدث أن اتصل بى أى مسئول للإعراب عن انزعاجه من أى رقم.. نحن حتى لا نبذل مجهودا يذكر للحفاظ على هذا الاستقلال.. وهو شىء يحسب لخمسة أنظمة مختلفة عملنا فى عهدها».

سرية البيانات
يقول الجندى: «تتمتع البيانات التى يتم الحصول عليها من الأفراد خلال الاستطلاعات التى يجريها الجهاز بالسرية التامة، ولا يمكن لأى فرد أن يطلع عليها. كما أن الجهاز لديه بيانات خام عن الأفراد والأسر الذين يتم استطلاع آراؤهم فى البحوث التى يجريها.
ويتابع: «البيانات الفردية سرية ولا يمكن نشرها أو الإفصاح عنها، وحدوث ذلك يعرض المسئول فى الجهاز للحبس مدة تصل إلى 6 أشهر. يضيف: «أذكر أن إحدى الجهات الرقابية طلبت منا الإفصاح عن بعض البيانات المتعلقة بأعداد المعاقين والبناء على الأراضى الزراعية، ومخالفات البناء، لكننى طلبت مقابلة مسئولين من هذه الجهة، وعند اللقاء طلبت تفهم حساسية وضع الجهاز فيما يتعلق ببيانات الأفراد». أما عن الهاجس الأمنى المتعلق بقدرة آخرين على الوصول للبيانات دون معرفة الجهاز، فيقول الجندى إنه أبلغ الرئيس بأن البيانات يُمكن الحفاظ على سريتها وفقا لما هو متبع فى جميع أنحاء العالم، كالنظام المتبع فى البنوك مثلا، فلكل شخص على مستوى العالم من الأفراد الذين يتعاملون بالحسابات البنكية رقم سرى خاص به يمكن للفرد من التعامل من خلاله بدون اختراقه.

سر ارتباط «التعبئة» باسم الجهاز
ويقول أبو بكر، إن ارتباط التعبئة باسم (الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء»، يعود إلى العام 1952 وهو العام الذى شهد تأسيس إدارة مستقلة للتعبئة يتولى شئونها ضباط، وفى سنة 1964 تم ضم مصلحة الاحصاء لإدارة التعبئة وتولى إدارتها الفريق جمال عسكر، وكانت مهمتها تسهيل مهام القوات المسلحة عند الطلب، لأنه لا يمكن للقوات المسلحة أن تحتفظ بكل قواتها سلما وحربا، ومن الجانب المدنى كان للإدارة ثلاث مهمات تتعلق بتخصصات معينة كالطب والميكانيكا وتوفير المعدات، مثل الأوناش، وماكينات المياه، وعربات النقل، وكذلك منشآت كالمستشفيات وغيرها.
كانت مهمة الإدارة تتمثل فى جمع البيانات عن كل ما يمكن أن تحتاج إليه القوات المسلحة فى حالة الحرب، وكان يتم تحديث البيانات كل عام.
وتابع : «مع حدوث زلزال فى 1992كلف الرئيس الاسبق مبارك الجهاز بنفس الغرض، وتم تعديل قانون التعبئة وقتها لتصبح مهمة الجهاز ليس التعبئة فقط فى حالة الحرب، لكن أيضا فى حالة مواجهة الأزمات».
ويحكى اللواء أبو بكر أن آخر مرة قام فيها الجهاز بالتعبئة كان فى ثورة 25 يناير، إذ فوجئت فى فبراير 2011 باتصال من المشير حسين طنطاوى يطلب فيه تجهيز 700( سيارة نقل)، و20 طن قلاب، لنقل القمح من الموانئ للصوامع حيث كانت أغلب أوجه النشاط الاقتصادى متوقفة، وبعد 48 ساعة فقط كان كل ما طلبه المشير موجودا».
وبسبب نجاحنا فى تأدية كل المهمات فإن رئيس الجمهورية، يفوض وزير الدفاع سنويا فى سلطاته فى التعبئة.

الجهاز ينجو من عشوائية التوظيف الحكومى
يقول أبوبكر إنه عندما تولى مهامه رئيسا للجهاز، كان 18% فقط من العاملين فى الجهاز لهم علاقة بالمهام المطلوبة «كان لدى موظفين من خريجى كلية التربية الرياضية، والخدمة الاجتماعية والآثار.. قليل منهم كانوا مهندسى حاسبات، أو خريجى كلية الاقتصاد والعلوم السياسة». ولذلك «اتخذت قرارا بعدم قبول موظفين جدد إلا من خريجى 5 تخصصات فقط، هى الإحصاء بكليات التجارة، وهندسة الحاسبات، وقسم الرياضيات بكليات العلوم، والحاسبات والمعلومات، وخريجى قسم الإحصاء فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية.. مع اشتراط إجادة كل هؤلاء للغة الانجليزية بقدر معقول». وأصبحت النسبة الغالبة من العاملين فى الجهاز الآن من خريجى هذه التخصصات.
ويوضح رئيس الجهاز أنه شكل نواة جيدة من المؤهلين بدأت بـ34 فردا، وتم زيادة أعدادهم مع قرار تعيين أوائل الخريجين، «قمت بمراسلة الجامعات على مستوى الجمهورية التى لديها التخصصات المطلوبة بحيث تمدنى بأسماء الأوائل وتم تعيينهم فى مكاتب الجهاز بالمحافظات، لذلك تم تطوير المكاتب لدينا بشكل كبير، وتم تعيينهم بعقود شاملة، وزودنا البنود المخصصة لهذه الرواتب، ووفرنا وسائل تدريب جيدة لهم». وتم انشاء وحدة للعلاقات الدولية، مسئولة عن المنظمات الدولية، وتم ميكنة إدارة التعبئة بالكامل بعد تزويدها بأحدث الخريجين من الشباب. ويبلغ عدد العاملين بالجهاز الآن نحو 4700 موظف، منهم 1500 فى مكاتب المحافظات، مهمتهم جمع البيانات.
أما على مستوى الدولة ككل، فيقول الجندى إن الأفضل أن يتم تقليص عدد العاملين بالجهاز الإدارى إلى نحو ثلث الموجودين حاليا.

إتاحة المعلومات
وعن إتاحة المعلومات التى يتوصل إليها الجهاز، خصوصا إذا ما طلبها مثلا أحد المرشحين للرئاسة، قال الجندى إن كل المعلومات والاحصائيات متاحة على الموقع الإلكترونى الخاص بالجهاز. ولا توجد معلومة سرية فى مصر إلا بيانات الأفراد».

تعداد السكان والمنشآت.. التحدى القادم
يجرى الجهاز فى الوقت الراهن بحث تعداد السكان تحت شعار «تعدادنا مستقبلنا»، ويقول اللواء أبو بكر إن هناك عددا من المؤشرات المستحدثة بالتعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت لعام 2017، وهى التأمينات الاجتماعية، والتأمين الصحى، والرقم القومى والرقم التأمينى للمنشأة. كما سيتضمن التعداد إمكانية ملء البيانات ذاتيا من المواطنين عبر الموقع الِإلكترونى. «أهم حاجة فى التعداد استجابة الناس.. يجب ألا تقل عن 95%.. هامش الخطأ فى بحث التعداد لا يمكن أن يزيد عن 5%، ولو زاد سيكون غير دقيق».
وللوصول إلى استجابة جيدة من الناس، يقول الجندى إنه تمت إضافة فقرات فى مناهج اللغة العربية والرياضيات الموجهة لنحو 20 مليون تلميذ توضح أهمية الإحصاء، فضلا عن عقد ندوات للمدرسين توضح كيفية تنمية الوعى لدى التلاميذ بأهمية التعداد، حتى ينقل التلاميذ تلك الصورة إلى أولياء أمورهم.«عملنا للمدرسين دليل يوضح كيف يدرس المادة، وكيف يعمل أنشطة مناسبة فى أسبوع ما قبل التعداد».
أما فى حالة كذب المبحوث، فيقول اللواء أبو بكر إن الجهاز لا يمكنه اكتشاف ذلك، موضحا أن طبيعة التعداد هى التى تفرض ذلك، بعكس بحث الدخل والانفاق مثلا الذى يستلزم اتساقا معينا فى البيانات، «كل ما يمكن التأكد منه أن مندوب التعداد قام بزيارة الأسرة.. لدينا وحدة تدعى (كوول باك)، ولكل استمارة رقم تليفون، نعيد الاتصال بالأسرة التى زارها المندوب، للتأكد من صحة البيانات».
ويقول رئيس الجهاز إن التعداد سيبدأ فى شهر يناير الحالى، بحصر مبانى الجمهورية، وعمل رقم قومى للمنشآت، «سيحدد الرقم خصائص كل مبنى أيا كان من يسكن فيها»، مشيرا إلى أن مسح المنشآت كان يتم التجهيز له منذ نوفمبر 2013، عبر إعداد خرائط جهزها ألف باحث من خريجى الآداب قسم جغرافيا، «حتى نتمكن من الذهاب لكل مكان فى الجمهورية».
ويوضح الجندى أن إحصاء المبانى لا يستهدف ربط العقارات بمن يملكها «دى شغلة الضرائب العقارية»، مضيفا أن الحصر لن يفرق حتى بين المبانى المخالفة وغير المخالفة «علاقتنا بالأمر لا تتعدى أكثر من الحصر.. الإحصاء المجرد من أى مصلحة يسهل مهمتنا ولقد أبلغت الرئيس بهذا خلال مؤتمر كايرو آى سى تى وبينت أن ربط التعداد بمصالح المواطن سيجعله أكثر دقة». كما أن الجهاز راسل الجهات الحكومية المختلفة للاستفسار عن أى معلومات إضافية يحتاجونها عند التعداد، ولكن بعض الجهات طلبت ما يصعب الوفاء به بدقة مثلا«شركة المياه طلبت حصر مواتير المياه فى كل منزل، بينما طلبت الكهرباء عدد اللمبات فى الشقق ونوعها.. وأبلغناها بانه من الصعب أن يوفرها التعداد». وتابع: «جمعنا مطالب الجهات وما تمكنا من عمله قمنا به».

استطلاعات بصيرة ومركز المعلومات
ويؤكد الجندى أنه ضد استطلاعات الرأى التى يعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، «الأصل فى الجهة التى تعد استطلاعات الرأى أن تكون مستقلة وخاصة».
ويقول أبوبكر إنه يرحب بإنشاء أكثر من مركز لاستطلاعات الرأى، ويؤيد عمل المركز المصرى لبحوث الرأى العام«بصيرة«.
«أنا أكسر كل القواعد حتى تتمكن بصيرة من إنجاز عملها بحيادية.. بمجرد الحصول على الموافقات قبل الاستطلاع نبذل كل جهدنا حتى نسهل لها العمل»، تابع الجندى.
والعينات التى تختارها بصير لإجراء الاستطلاعات تعتمد على أرقام التليفونات الأرضية فقط دون المحمول وبالتالى قد لا تكون ممثلة للمجتمع بالشكل الكافى، «وأنا أفضل العمل المباشر على الأرض.. لكن نتائج استطلاعات بصيرة قريبة من الواقع».

قاعدة البيانات
لقد كان إعداد قاعدة بيانات حديثة وسليمة وموسعة عن المواطنين هو التكليف الخامس على قائمة التكليفات التى عهد بها الرئيس عبدالفتاح السيسى لحكومة رئيس الوزراء شريف اسماعيل عند توليها مهامها فى سبتمبر 2015، وفقا لما أكده اللواء الجندى، موضحا أن الرئيس طلب الانتهاء من القاعدة خلال سنة من تاريخ التكليف.
لكن رئيس المركزى للإحصاء، والذى لا يشارك فى إعداد القاعدة، لم يوضح سبب تأخر إعداد قاعدة البيانات على الرغم من مرور أكثر من عام على التكليف، وأضاف: «رئيس الوزراء استعان بالدكتورة غادة لبيب، مساعدة إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق، وشكل لجنة لإعداد القاعدة.. هذه اللجنة بدأت عملها منذ ما يقرب من خمس شهور، كما سبق أن أوضح الدكتور ياسر القاضى، وزير الاتصالات فى حديثه مع الرئيس فى معرض كايرو آى سى تى للاتصالات». وأكد الجندى أنه بحلول فبراير القادم ستكون اللجنة قد انتهت من 70% من القاعدة، على أن يتم الانتهاء منها بالكامل فى يونيو.
ويرى الجندى أن أول نواة لقاعدة البيانات، أعدها أحمد درويش الرئيس الحالى لمنطقة قناة السويس الاقتصادية، عندما كان وزيرا للتنمية الإدارية «وقتها أعدوا قاعدة بيانات عن طريق البطاقات القومية التى حصلوا عليها لتنظيم اللجان الانتخابية».
ولفت إلى أن عددا من التحديات تواجه إعداد القاعدة حاليا، وطلب الرئيس قائمة بتلك التحديات للعمل على تخطيها.
«أول ما رصدناه هو ضعف العامل البشرى المكلف بإعداد القاعدة، فضلا عن تحديات أمنية، وعامل آخر يتمثل فى أن جهات حكومية لديها بيانات تخشى إمدادنا بها لعدم ثقة هذه الجهات من صحتها أو لأنها لم يتم تجديثها منذ فترة طويلة» تابع الجندى.
وتعود فكرة إعداد قاعدة بيانات إلى السبعينيات، وتحديدا منذ تولى الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، منصب نائب الرئيس، «كانت هذه الفترة أفضل الفترات التى عملت فيها الأجهزة لجمع المعلومات لإعداد قاعدة بيانات سليمة».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved