المحلل السياسي أندرياس كلوث: روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية محور جديد يهدد أمريكا وحلفاءها

آخر تحديث: الأربعاء 26 يونيو 2024 - 10:47 ص بتوقيت القاهرة

د ب ا

إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون قد واجهوا المحور الأول في الحرب العالمية الأولى والمحور الثاني في الحرب العالمية الثانية، فإنه يبدو أن الولايات المتحدة تنتظر الآن مواجهة مع محور جديد يتشكل هذه الأيام، لآنه يبدو كمحور ويتصرف كمحور ويتسلح كمحور ويكره الغرب كمحور بحسب المحلل السياسي أندرياس كلوث في التحليل الذي نشرته وكالة بلومبرج للأنباء.

فمنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الولايات المتحدة وحلفاءها يواجهون مجددا تكتلا معاديا من القوى يمكنه أن يحول أي صراع إقليمي تنخرط فيه إحدى هذه القوى ،سواء عن قصد أو بدون قصد، إلى حرب عالمية ثالثة.

ويتكون المحور الجديد من الصين وروسيا وكوريا الشمالية وإيران. وفي الأسبوع الماضي تم توثيق جزء جديد من هذا المحور.

وأشار كلوث إلى "اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة" التي وقعها في الأسبوع الماضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الكوري الشمالي كيم يونج أون، والتي تستند إلى تحالف فترة الحرب الباردة بين موسكو وبيونج يانج، فهي تحدد الخطوط العريضة للتعاون العسكري والاقتصادي في جميع المجالات.

وستواصل كوريا الشمالية إرسال الأسلحة والذخائر إلى روسيا للمشاركة في حربها العدوانية على أوكرانيا.

في حين ستواصل روسيا إمداد كوريا الشمالية بالنفط الرخيص والتكنولوجيا المتقدمة التي تتيح لكيم يونج أون تعزيز ترسانته النووية وتوجيهها ضد كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة.

كما أن هذه الاتفاقية الجديدة تقترب من المادة الخامسة لاتفاقية حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي تقول إن "أي هجوم على دولة من دول الحلف هو هجوم على كل دوله"، حيث تعهدت روسيا وكوريا الشمالية بأنه "في حالة تعرض أي دولة من الدولتين (روسيا وكوريا الشمالية) لغزو مسلح من دولة واحدة أو أكثر، فإن الدولة الأخرى ستقدم كل القوات والمساعدات الأخرى بكل الوسائل التي تمتلكها دون تأخير".

هذا الاتفاق بين بوتين وكيم يضاف إلى "المحور المشئوم" الذي يتشكل. فإيران ترسل الطائرات المسيرة وغيرها من الأسلحة إلى روسيا التي تصدر نفطها إلى الصين للالتفاف على العقوبات الغربية.

كما تدعم الصين كوريا الشمالية، وأعلنت عن "صداقة بلا حدود" مع روسيا. في الوقت نفسه فإن كل ما سبق لا يعني تطابق مصالح حكومات الدول الأربع. فالزعيم الصيني شي جين بينج على سبيل المسال لا يثق في بوتين ولا كيم بحسب كلوث.

كما أنه بريد أن تكون الصين هي الشريك الأكبر في هذا التحالف الناشئ، وينظر بارتياب إلى أي تفاهم ثنائي بين الدول الثلاث الأخرى باعتباره تقليل من نفوذه لدى أي من هذه الدول.

كما أنه يفضل استمرار الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية لكي يركز على أي مواجهة مع الولايات المتحدة في مضيق تايوان. في المقابل يعيش الملالي الذين يحكمون في طهران في عالم عقلي لا يمكن أن يفهمه الشيوعيون في بكين وبيونج يانج.

من ناحيته يرى الدبلوماسي الأمريكي السابق والباحث الحالي في معهد هوفر بجامعة ستانفورد الأمريكية فيليب زيليكوف أن هذه التحالفات الجديدة لا تتشكل لآن القوى المكونة لها تمتلك نفس الرؤى أو الأفكار الأساسية وإنما يجمع بينها الشعور بالظلم من الغرب والنظام العالمي الذي يمثله والذي يصفونه بالامبريالية الجديدة والاستعمار أو الهيمنة الجديدة، وبالتي تتفق تلك الدول على ضرورة التصدي للنظام الدولي القائم الذي يدار من المكتب البيضاوي في البيت الأبيض بواشنطن.

كما أن اللغة التي استخدمها بوتين وكيم في الأسبوع الماضي وصفت الولايات المتحدة بأنها "ديكتاتورية استعمارية عالمية جديدة" وروجت بدلا من ذلك لنظام عالمي "متعدد الأقطاب" وهي تعني أن الولايات المتحدة هي الهدف الذي يوجه إليه الجميع طلقاتهم.

في الوقت نفسه ترجم ينس ستولتنبرج أمين عام حلف الناتو موقف هذا المحور بأنهم "يريدون رؤية أمريكا تنهار، ويريدون رؤية الناتو ينهار".

ويرى زيليكوف أن كيفية تطور هذا المحور وما إذا كان يمكن أن يسبب حربا، تعتمد على إعادة الحسابات أو سوء التقدير من جانب قادته في التعامل مع الأحداث.

ويقول كلوث إن النقاط الساخنة في العالم حاليا تختلف عن تلك التي كانت موجودة قبيل الحربين العالمية الأولى والثانية، لكن في كل نقطة الآن تدعم الولايات المتحدة دولة موجودة على خط المواجهة مع المحور الجديد. فهي تدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا وإسرائيل في مواجهة إيران وتايوان والفلبين في مواجهة الصين، وكوريا الجنوبية واليابان في مواجهة كوريا الشمالية.

لكن ما يجعل الموقف الأمريكي شديد الخطورة هذه المرة كما كان الحال في الماضي هو أن هذه الصراعات ترتبط بعقلية من يتخذ القرارات.

وحتى الآن وقبل شهور من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتصرف الولايات المتحدة بالطريقة الصحيحة. فهي تعزز تحالفاتها في آسيا وتقوى حلف الناتو في قمته المقبلة بواشنطن.

كما تؤكد لشركائها على الارتباط بين التهديدات التي تواجهها دول الأطلسي ودول المحيط الهادئ.

وعلى سبيل المثال قالت كوريا الجنوبية إنها قد ترسل أسلحة إلى أوكرانيا، في حين يعتزم حلف الناتو القيام بدور أنشط في آسيا ردا على اتفاق بوتين وكيم الأخير.

وينهي كلوث تحليله بالقول إن قراءة وقائع التاريخ والاسترشاد بها تشير إلى أن قادة دول المحور الجديد ربما يشعرون بأن العالم ملك لهم سواء بشكل منفرد أو بالتعاون فيما بينهم.

وفي هذه الحالة سوف تضطر الولايات المتحدة المحاطة بالكثير من الحلفاء إلى أن تثبت مرة أخرى لهؤلاء القادة خطأ حساباتهم، لكن التكلفة البشرية ستكون باهظة كما كانت في الحربين العالميتين الأولى والثانية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved