القمة الروسية الإفريقية.. الحرب في أوكرانيا والأمن الغذائي في صدارة محاورها

آخر تحديث: الأربعاء 26 يوليه 2023 - 2:35 م بتوقيت القاهرة

الدوحة- قنا

تحت شعار "من أجل عالم من الأمن والتنمية"، تنطلق غدا بمدينة سان بطرسبرج، أعمال القمة الروسية الإفريقية في ثاني قمة من نوعها بعد القمة الأولى التي عقدت عام 2019 في سوتشي.

وذكرت مصادر رسمية في موسكو أن القمة ستعقد بمشاركة 49 دولة إفريقية، وسيحضرها سبعة عشر رئيسا إفريقيا وخمسة نواب للرئيس وأربعة رؤساء حكومات، وقالت إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيلقي خطابا مطولا في الجلسة العامة للقمة، يقيم خلاله الوضع الحالي لنظام العلاقات الدولية، بما في ذلك تشكيل نظام عالمي جديد يقوم على مبدأ التعددية القطبية والمساواة بين جميع الدول المستقلة، كما يركز على آفاق تطوير العلاقات بين إفريقيا وروسيا، وضمان الوصول العادل إلى الغذاء والأسمدة والتقنيات الحديثة وموارد الطاقة.

ومن المنتظر أن تهيمن القضايا السياسية والأمنية على مداولات القمة، بالإضافة إلى بحث صفقة تصدير الحبوب المعروفة باسم "مبادرة البحر الأسود للحبوب" وأسباب تعطلها، وجهود موسكو لدعم أسواق الغذاء العالمية.

كما تبحث القمة تنويع مجالات التعاون الروسي الإفريقي، وتحديد سبل تطوير العلاقات بين الطرفين على المدى الطويل، ومن المقرر أن تشهد القمة عقد أكثر من 50 جلسة ومائدة مستديرة، لبحث سلسلة من المواضيع، من التعاون الاقتصادي إلى الغذاء مرورا بالطاقة والأمن، بالإضافة إلى التعليم والصحة، وسيتم التركيز على مشاكل بناء الطرق اللوجستية بين روسيا وإفريقيا، وتحقيق السيادة الغذائية لإفريقيا، خاصة أن القارة السمراء تعد واحدة من أكثر المناطق ضعفا في العالم من حيث الأمن الغذائي، على الرغم من إمكاناتها الزراعية الضخمة.

وأكد الكرملين أنه سيتم في ختام القمة اعتماد إعلان ختامي سيحدد مقاربات منسقة لتنمية التعاون الروسي الإفريقي.

وإلى جانب القمة تحتضن مدينة سان بطرسبورغ المنتدى الاقتصادي والإنساني الروسي الإفريقي الثاني، بهدف تنويع مجالات التعاون الروسي الإفريقي، وتحديد تطور هذه العلاقات على المدى الطويل، وفي كلمة ترحيبية بالمشاركين في المنتدى، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمسك بلاده بمواصلة تطوير العلاقات مع البلدان الإفريقية، وتحفيز التجارة والاستثمار معها، ومساعدتها في مكافحة الفقر.

وقال الرئيس بوتين إن التعاون مع إفريقيا بلغ في السنوات الأخيرة مستوى جديدا، وإن بلاده تعتزم تطويره لتحفيز التجارة والاستثمار والعمل معا، لحل عدد من القضايا مثل مكافحة الفقر، وضمان الأمن الغذائي، والتغير المناخي.

وعقد المنتدى الروسي الإفريقي الأول في مدينة سوتشي الروسية يومي 23 و24 أكتوبر 2019، وشارك فيه أكثر من 6000 شخصية من روسيا و104 دول وأقاليم، وتم خلاله توقيع 92 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تجاوزت تريليون روبل.

ويرى المراقبون أن الرئيس الروسي يسعى من خلال استضافته للقادة الأفارقة لإظهار التوافق بين بلاده والدول الإفريقية، على الرغم من الحرب في أوكرانيا وإنهاء العمل باتفاق تصدير الحبوب الذي يثير مخاوف القارة.

فقد أتاح الاتفاق خلال زهاء عام تصدير نحو 33 مليون طن من الحبوب من الموانئ الأوكرانية إلى مختلف بقاع الأرض بما فيها إفريقيا، ما ساهم في استقرار أسعار المواد الغذائية عالميا والحد من المخاوف من وقوع أزمة نقص في المواد الأساسية.

وتفاقمت المخاوف من ارتفاع أسعار الحبوب العالمية عقب الهجمات الروسية على الموانئ الأوكرانية، مما يهدد بنقص الحبوب المستوردة في مناطق من أفريقيا تعتمد عليها.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن ذلك مدمر جدا للبلدان الضعيفة التي تكافح من أجل إطعام شعوبها، وقام وفد ضم عددا من القادة الأفارقة في منتصف يونيو الماضي، بزيارة موسكو وكييف، ودعوا خلال لقائهم بشكل منفصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلى وقف الأعمال الحربية، من دون أن تحقق جهودهم أي نتيجة تذكر.

وتتمتع روسيا بعلاقات وطيدة مع الدول الإفريقية، في ظل حضور لافت للشركات الروسية الكبرى في السوق الإفريقية، وفي إشارة إلى اهتمام موسكو المتزايد بإفريقيا، زار سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي القارة مرتين منذ مطلع العام، ساعيا لتعزيز وتطوير العلاقات بين الجانبين.

وللتخفيف من تداعيات انهيار مبادرة البحر الأسود، اقترحت موسكو مساعدة إفريقيا بشحنات تجارية ومجانية من الحبوب الروسية.. وتعتبر روسيا من أكبر مصدري الحبوب في العالم، وقد زودت إفريقيا بـ11,5 مليون طن منها خلال العام 2022، بينما وصلت كمية الصادرات في الأشهر الستة الأولى من 2023 الى نحو عشرة ملايين طن.

وأشارت مصادر اقتصادية روسية إلى أن القمح وحبوبا مستخدمة كعلف، تشكل 25 بالمئة من الصادرات الروسية الى إفريقيا، ويشكل تصدير الأسلحة الى إفريقيا ما بين 30 الى 40 بالمئة من إجمالي صادرات السلاح الروسي سنويا، وقد طلبت الدول الإفريقية خلال عام 2019، أسلحة من روسيا بقيمة 14 مليار دولار.

ووفق المراقبين فإن القمة الروسية الإفريقية الثانية، تندرج في سياق التنافس بين القوى العظمى لتعزيز علاقاتها مع القارة السمراء، بسبب إمكاناتها الواعدة وثرواتها الهائلة، فمساحة القارة الإفريقية أكبر من مساحة الولايات المتحدة والصين والهند واليابان ومعظم أوروبا مجتمعة، ويقع أكثر من نصف الأراضي الصالحة للزراعة في العالم في القارة، إلى جانب الكثير من الموارد المعدنية غير المستغلة على كوكب الأرض، بما في ذلك المعادن الإستراتيجية والتي تعد مكونات أساسية للهواتف المحمولة وبطاريات السيارات الكهربائية، وبحلول عام 2100، قد يتضاعف عدد سكان إفريقيا مرة أخرى، وتتمتع القارة بصغر عمر سكانها، حيث إن واحدا وأربعين بالمائة منهم تحت سن 15 عاما.

وتعد الغابات الشاسعة في إفريقيا من بين أكبر مصفيات الكربون في العالم، وبرز قطاع التكنولوجيا المزدهر في بلدان مثل كينيا كمصدر للابتكار ومواهب البرمجيات الرخيصة، وستخلق اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية عند تنفيذها بالكامل سوقا مشتركة على مستوى القارة، يضم 1,3 مليار شخص و3,4 تريليون دولار، لتكون بذلك خامس أكبر اقتصاد في العالم.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved