الإعلامي الصيني نور يانج يكتب: مصر والصين والتواصل بين الحضارات

آخر تحديث: السبت 27 مايو 2023 - 5:39 م بتوقيت القاهرة

يكشف تاريخ تطور الحضارة الإنسانية عن قانون: لا يمكن فصل إنشاء وتشكيل وتطور وازدهار الحضارة الإنسانية عن التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات المختلفة. تتمتع كل من الصين ومصر بأقدم حضارتين في العالم، حيث شكّلتا ثقافتهما الوطنية الفريدة، فخلال آلاف السنين، كان البلدان يتقدمان جنبًا إلى جنب، وقد حافظا دائمًا على علاقة ثقافية ودية وصداقة تقليدية قوية.

شهد المركز الثقافي الصيني بالقاهرة الذي أنشئ في عام 2002، جهود وإنجازات الحكومتين وشعبي البلدين في التعلم المتبادل الثقافي والتعاوني منذ مطلع القرن الجديد، حيث نظّم أكثر من 100 فعالية في كل سنة خلال أكثر من 20 عامًا، منها عروض ثقافية ومعارض فنية وغيرها، وجلب العناصر الثقافية الصينية إلى مصر بأشكال فنية متنوعة، وابتكرت علامة تجارية ثقافية عالية الجودة مثل محاضرات "الصين في عيون المصريين" ومسابقة "كأس حورس" للفنون القتالية ممّا جذب المشاركة المتحمسة للسكان المحليين، ولقى استجابة إيجابية في مختلف الأوساط من البلدين.

ظلت الصين ومصر تعملان على تحقيق التنمية الاقتصادية والنهضة الوطنية، وتقومان بتعاون وتبادل فعّالين في بناء مشترك عالي الجودة لـ "الحزام والطريق" وبناء مجتمع المصير المشترك للبشرية، فشهدت العلاقات بينهما أكثر ترابطا في هذه العملية، كما أشار الرئيس الصيني "شي جين بينغ" إلى "أننا بحاجة إلى تشجيع مختلف الحضارات على احترام بعضها بعضا والعيش معا في وئام، مع تعزيز التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات المختلفة كجسر من الصداقة بين الشعوب، وقوة دافعة وراء المجتمع الإنساني، ورابطة قوية للسلام العالمي." إن الصين ومصر تمارسان مفهوم التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات بالأفعال العملية.

تعد مصر أقدم دولة قامت بتدريس اللغة الصينية في الشرق الأوسط والبلدان الأفريقية، حيث تم إنشاء معهدَي "كونفوشيوس" وثلاثة فصول "كونفوشيوس" في مصر في الوقت الحاضر، كما تقدم 16 جامعة مصرية مقررات صينية، وتم تضمين تدريس اللغة الصينية في المناهج التعليمية في المدارس الابتدائية والثانوية المصرية في عام 2020، الأمر الذي يعكس مرة أخرى عمق العلاقات الثنائية الودية ورغبات قوية في تعزيز التعاون الثقافي والتعاون لتدريب المواهب بين الجانبين.

بالإضافة إلى ذلك، واصل البلدان تعميق التعاون في مجال التعليم المهني. ففي عام 2023م، تم تضمين مشروع "ورشة لوبان 2+3" الذي أنشأته الصين ومصر بشكل مشترك في نظام التعليم الوطني المصري رسميًا، مما مكّن المزيد من الشباب المصريين من إتقان المعارف المهنية المتقدمة والمهارات العملية، من حيث إصلاح السيارات وتكنولوجيا التحكم الرقمي وغيرها، من أجل تقديم خدمة أفضل في بناء بلدهم، كما وفّر احتياطيات مواهب عالية الجودة لتحقيق التصنيع في مصر.

في أبريل الماضي، وصل فريق إنتاج من قناة CGTN التابعة لمجموعة الصين للإعلام إلى القاهرة وبدأ في عملية تصوير وإنتاج الفيلم الوثائقي "أقنعة وكنوز" في مصر، وهو يعدّ أول فيلم وثائقي لتاريخ الإنسان الذي أنتجته قناة CGTN من منظور عالمي لتفسير مواقع الحضارات الرئيسية في مصر والصين، حيث يأخذ الفيلم موقع "سان شينغ دوي" الصيني والأهرام المصرية كنقطة انطلاق لاستكشاف دلالات التبادلات الحضارية الإنسانية والتعلم المتبادل وراء الأنقاض الغامضة.

تعد الثقافة روح الأمة، كما تمثّل جسرا ورابطة للتواصل بين الأمم المختلفة وشعوب البلدان المختلفة. إن دفع التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات المختلفة يشكّل محتوى رئيسيا لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية والحفاظ على القيم المشتركة للبشرية. ظلت الصين ومصر رائدين في مماسة مفهوم التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات المختلفة، واللتان تلتزمان ببناء مجتمع المصير المشترك الصيني المصري، بينما تعززان أيضًا الحكم العالمي للتطور في اتجاه أكثر عدالة وعقلانية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved