بعد تمرد بريجوجين.. كيف يبدو مستقبل فاجنر في أفريقيا؟

آخر تحديث: الثلاثاء 27 يونيو 2023 - 9:55 م بتوقيت القاهرة

هدير عادل

ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن التمرد الذي قاده زعيم مجموعة فاجنر الروسية الخاصة يفجيني بريجوجين أثار تساؤلات حول وجودهم في أفريقيا.

ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن خبراء في المنطقة ومسئولين غربيين ومحللين، أن التمرد الذي تم إجهاضه في روسيا تسبب في حالة عدم ارتياح في أجزاء شاسعة من أفريقيا، حيث يواجه الآن القادة، الذين لجأوا إلى مجموعة فاجنر لتعزيز سيطرتهم، احتمال إضعاف المجموعة شبه العسكرية الخاصة أو حتى تفكيكها.

ورأت الصحيفة، أن حملة قمعية للكرملين على فاجنر سيكون لها أيضًا عواقب بعيدة المدى في إفريقيا والشرق الأوسط.

وفي جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، حيث تتمتع فاجنر بأكبر وجود لها في القارة، قال السكان إن الدردشات الجماعية على تطبيق "واتسآب" ومحادثات نهاية الأسبوع في البلدين الأفريقيين، سيطرت عليها التكهنات حول التداعيات في بلدانهم.

وقال محلل سياسي في باماكو، عاصمة مالي، طلب عدم كشف هويته: "الجميع خائفون"، لافتا إلى أن "الجميع يعلمون أن ما حدث في روسيا سيؤثر علينا".

وأضاف مسئولون وخبراء أنه من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت فاجنر ستتراجع من أفريقيا، أو ما إذا كان سيسمح لبريجوجين مواصلة إدارة عملياتها خارج روسيا.

وبالوقت الراهن، لايزال يمكن رؤية عناصر المجموعة بنقاط التفتيش وغيرها من المواقع الأمنية في أفريقيا، بحسب شهود عيان وتقارير إعلامية.

ولم يرد وزير الاتصال والإعلام في أفريقيا الوسطى سيرج دجوري على طلبات إجراء حوار مع الصحيفة، لكنه أرسل بيانا يلقي فيه باللوم على وسائل الإعلام الغربية في التسبب في "توتر غير ضروري"، قائلا: "جمهورية أفريقيا الوسطى بحاجة إلى السلام، لا شيء سوى السلام".

كما لم ترد حكومة مالي على طلبات الصحيفة للتعليق.

ويتشكك عدة مسئولين غربيين وسلطات إقليمية في أن الهدنة غير المباشرة التي تم التوصل إليها بين بريجوجين والكرملين يمكنها الصمود لفترة ممتدة، الأمر الذي قد يهدد مصالح روسيا في أفريقيا وكذلك استقرار حلفائها.

وقال بيتر فام، الزميل بالمجلس الأطلسي (مركز بحثى مقره واشنطن): "يجب مراجعة تحليل تهديد فاجنر في أفريقيا، قد يكون الأمر بمثابة خفض لتقييم التهديد على المدى الطويل"، متابعا: "رغم أن الأمور قد تسوء على المدى القصير، لكن هذا التغيير قادم وواضح إلى حد ما".

وكانت ملفات مخابراتية أمريكية مسربة، قد دقت نواقيس الخطر بشأن خطط فاجنر في القارة حيث أبرمت المجموعة صفقات توفر القدرات شبه العسكرية مقابل الحصول على امتيازات مربحة تمنحها السيطرة على أصول تتراوح من مناجم الماس إلى آبار النفط.

وقال مسئولون ومحللون غربيون إن الانقسامات الداخلية في روسيا قد توفر فرصة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن والقوى الغربية الأخرى لاستعادة النفوذ في البلدان التي تنشط فيها فاجنر، ومنع المجموعة من اكتساب موطئ قدم جديد.

وفي مالي – حيث انضوت السلطات أكثر في فلك روسيا هذا الشهر عندما طلبوا سحب قوات حفظ السلام الأممية، الأمر الذي يترك فاجنر بصفته الشريك العسكري الدولي الرئيسي لهم – لم يدل المسئولون بأي تعليق علني منذ تمرد بريجوجين.

وقال المحلل السياسي في باماكو إن القادة لا يريدون أن ينظر إليهم على أنهم ينحازون إلى أحد الأطراف (بوتين أو فاجنر)، إذ يعلمون أنهم بحاجة للدعم الروسي في مكافحة عنف المتطرفين المتصاعد.

وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن أحد الأسئلة المتعددة التي لا إجابة لها ما إذا كان بوتين سمح لزعيم فاجنر بالاحتفاظ بالسيطرة على عملياته بالخارج.

وحتى إذا وعد بريجوجين بأنه يمكنه إدارة مواقع فاجنر، أعرب مسئولون عن تشككهم في التزام الكرملين في نهاية الأمر بهذه الصفقة، ويرجع ذلك جزئيا إلى الأهمية الاقتصادية والجيوسياسية لأفريقيا بالنسبة إلى موسكو.

ورأى محللون أن أحد المزايا التي وفرتها فاجنر لموسكو أنها مكنت روسيا من العمل في أفريقيا "بشكل رسمي وغير رسمي".

وبالنسبة إلى واشنطن، التي كانت تكثف جهودها للتصدي لفاجنر في أفريقيا العام الماضي، يمكن أن تكون هذه اللحظة بمثابة فرصة، وربما تتسبب في إعادة تقييم للسياست، بحسب مسئولين سابقين ومحللين.

وبحسب مسئول حكومي أمريكي حالي وآخر سابق، أوقفت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن العقوبات التي خطط للكشف عنها خلال الأيام المقبلة والمرتبطة بأعمال فاجنر المتعلقة بالذهب في جمهورية أفريقيا الوسطى، مشيرين إلى أن المسئولين الأمريكيين أرادوا تجنب مظهر الانحياز لفاجنر أو الكرملين.

ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر تأكيد تأجيل تلك العقوبات، لكنه قال إن الولايات المتحدة دائما ما تزامن عقوباتها من أجل تحقيق أقصى تأثير، وتعهد بأن تواصل الولايات المتحدة تحميل المجموعة "المسئولية".

وبحسب "واشنطن بوست"، تضمنت جهود إدارة بايدن لتحصين البلدان الأفريقية المتعثرة من مبادرات بريجوجين وكبار مساعديه، جولة في الخريف الماضي لمسئولين من البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع "البنتاجون" إلى موريتانيا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو خلال الخريف الماضي.

وتدرس الإدارة الأمريكية تقديم مساعدات أمنية للحكومات في تلك المنطقة، والتي تأمل أن تتمكن من جذبها بعيدا عن فلك فاجنر أو منعها من الانضمام في المقام الأول، لكن تعقدت هذه المساعي جراء الانقلابات الأخيرة في بعض دول الساحل، بما في ذلك بوركينا فاسو، التي قال مسئول بارز بوزارة الخارجية الأمريكية إن فاجنر يوفر بعض العتاد لها.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved