البابا تواضروس: مصر والمنطقة العربية تعاني من الفكر المتطرف الناتج عن الفهم الخاطئ للدين

آخر تحديث: الثلاثاء 28 فبراير 2017 - 12:25 م بتوقيت القاهرة

مارينا نبيل

رحب قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بكل الوفود المشاركة في مؤتمر التعايش المشترك «الحرية والمواطنة.. التنوع والتكامل»، قائلًا: «أرحب بكم في هذا الوطن الذي يقدم الصورة الجميلة التي تحتضن كل الأديان في محبة إخاء».

وأضاف «تواضروس»، في كلمته بالمؤتمر، اليوم الثلاثاء، أن «ما أحوج العالم إلى المحبة العالمية والسلام الحقيقي، فمصر والمنطقة العربية تعاني من الفكر المتطرف الناتج عن الفهم الخاطئ للدين؛ ما أدى إلى تنامي العنف والإجرام والإرهاب، الذي يمثل أخطر تحديات العيش المشترك»، موضحًا أن الإرهاب يتمثل في 3 محاور، هي «الإرهاب الديني البدني» الذي يتثمل في التفجيرات الإرهابية، و«الإرهاب الفكري» المتمثل في فرض الفكر والرأي بالقوة والهجوم على مقدسات الآخرين وتكفيرهم، وأخيرًا «الإرهاب المعنوي» الذي يعني إلغاء الآخر.

وأكد أن أسباب العنف والتطرف ترجع إلى التربية الآحادية القائمة على الرأي الواحد، وعليه فإن أي رأي آخر هو مخالف، ذلك بجانب الذات الطائفية وغياب ثقافة احترام الآخر، والتي تشبه من ينظر في مرآة لا يرى غير نفسه، ولا يحترم الآخر في عقيدته أو حريته أو ثقافته، لافتًا إلى خلق العقلية المتطرفة لأعداء من صنع الخيال.

وتابع: «يمكن أن يكون حل تلك المشكلات من خلال 3 أبعاد، على رأسها تقديم القيم الدينية بصورة مستنيرة وعصرية، فالفكر المتطرف يعالج بالفكر المستنير فلا يمكن قتل وجهة نظر أو سجنها، فلا بد من إرسال خطاب ديني بنائي مستنير وليس خطاب إنشائي، فالدين حل للمشكلة وليس جزءً منها، والجهل بالتعاليم الدينية هو السبب في تبني الآراء المتطرفة».

وأوضح أن جوهر الديانة المسيحية هو المحبة، فالله محبة، وشعارها هو السلام، وعلى المحبة يتم بناء كل الأفعال، مستطردًا: «في مصر عقب أحداث أغسطس 2013، رأينا الحب وصنعنا السلام، ووقف الشباب وسط الكنائس المحترقة وكتبوا (نحن نحبكم ونغفر لكم) أي للذين اعتدوا على الكنائس، وقبلنا هدم الكنائس في مقابل أن يعيش الإنسان ويحيا الوطن».

وأضاف أن التنوع غنى الإنسانية، فإن غاب التنوع عن الإنسان صار فقيرًا، فيمكن الاختلاف في الهوية الدينية، لكن ليس في الهوية الوطنية، مطالبًا بترجيح مبدأ التنوع الذي ينشيء حوار وليس صراع، فالحوار يدور في دائرة التعارف والتسامح والعيش المشترك، وهذا ما تنشده كل شعوب الأرض؛ لأن الاختلاف الذي ينشيء صراع يؤدي إلى الانقسام.

وشدد على ضرورة بناء القيم الإنسانية النبيلة، التي تؤكد على قيمة الاختلاف والتنوع واحترام الآخر وقبول التعددية الدينية، التي هي أساسًا أمرًا شخصيًا يخص الإنسان في قلبه ويقابل به ربه، مردفًا: «نؤكد على نشر ثقافة التسامح والعيش المشترك وحب الحياة والخير والجمال، وحق القبول وتشجيع الحوار بصور حضارية، ونحتاج أن يكون العقل منفتحًا ويقبل الحوار مقابل القتل، وأن نشجع ملكات التفكير مقابل الحفظ».

وأشار إلى أهمية استخدام وسائل التواصل الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي في ترسيخ القيم والمفاهيم السلمية الصحيحة، لمواجهة التطرف، مؤكدًا على أهمية دور المرأة في التوعية خاصة في مجال الأسرة والطفل، فيجب الاهتمام بالأسرة، باعتبارها الأساس والركيزة التي تبدأ العمل مع الإنسان في صغره، فالإنسان الذي يكون ممتلئ بالحب يتمكن من مواجهة أفكار التطرف.

واختتم حديثه قائلًا: «نؤكد أننا في تعايش أبناء الوطن الواحد في إطار القيم الإنسانية المشتركة وأسس الاحترام المتبادل، يؤدي ذلك إلى الاستقرار والتقدم وتحقيق أفضل السبل لمستقبل أوطاننا».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved