آخر التطورات الليبية.. دعوات عربية ودولية للتهدئة.. وخبراء: الجمود يوسع الصراع

آخر تحديث: الأحد 28 أغسطس 2022 - 3:19 م بتوقيت القاهرة

مروة محمد

-هدوء حذر فى العاصمة طرابلس.. ميليشيات موالية لباشاغا تنسحب وسط أنباء عن تفاوض محتمل مع الدبيبة.. وحصيلة ضحايا الأحداث ترتفع إلى 32 قتيلًا
دعت دول عربية وغربية، الأحد، الأطراف الليبية إلى ضبط النفس ووقف الاشتباكات التى تشهدها العاصمة طرابلس منذ فجر السبت. فيما ساد هدوء حذر طرابلس صباح الأحد مع انسحاب ميليشيات موالية للحكومة المكلفة من البرلمان برئاسة فتحى باشاغا وسط أنباء عن تفاوض محتمل مع حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، فيما ارتفعت حصيلة ضحايا الأحداث إلى 32 قتيلا.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، إلى «الوقف الفورى للعنف» فى طرابلس، وحث الأطراف الليبية على الدخول فى حوار حقيقى لمعالجة المأزق السياسى المستمر، وعدم استخدام القوة لحل الخلافات، وفقا لقناة «الشرق» السعودية.

وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فى بيان صحفى، إن الأمم المتحدة «لا تزال مستعدة لبذل المساعى من أجل الوساطة لمساعدة الأطراف الليبية على رسم مخرج من المأزق السياسى الذى يهدد بشكل متزايد استقرار ليبيا».

ودعا البيان الطرفين إلى «حماية المدنيين، والامتناع عن اتخاذ أى إجراءات يمكن أن تؤدى إلى تصعيد التوترات وتعميق الانقسامات».

وأشار دوجاريك إلى أن الأمين العام يتابع «بقلق بالغ» التقارير التى تفيد بوقوع اشتباكات عنيفة فى طرابلس أسفرت عن وقوع إصابات بين المدنيين وتدمير البنية التحتية فى المدينة.

من جهتها، أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا، عن قلقها العميق إزاء الاشتباكات المسلحة المستمرة بمناطق مدنية فى طرابلس، داعية إلى «وقفها وامتناع كل الأطراف عن استخدام أى شكل من أشكال خطاب الكراهية والتحريض على العنف».

كما دعت الولايات المتحدة الفرقاء الليبيين إلى محادثات تسيرها واشنطن، معربة عن إدانتها لتصاعد العنف الذى تشهده طرابلس. وقال السفير الأمريكى، مبعوث واشنطن الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، فى بيان: «ينبغى إنشاء ممرات إنسانية لإجلاء الضحايا والمدنيين المحاصرين فى تقاطع النيران.. لقد استمر الجمود السياسى لفترة طويلة جدا».

كما دعا المبعوث الإيطالى إلى ليبيا نيكولا أورلاندو إلى حماية المدنيين. وقال أورلاندو، على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»، إنه فيما يتعلق بالاشتباكات المستمرة فى طرابلس، تنضم إيطاليا إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا وتدعو إلى الوقف الفورى للتصعيد وإلى حماية المدنيين.

عربيا، حثت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامى، الأطراف الليبية كافة على «وقف العنف، وحماية المدنيين وتجنب التصعيد»، داعية إلى «التهدئة واللجوء إلى الحوار لحل الخلافات».

ودعت مصر، أمس، جميع الأطراف والقوى الوطنية والمكونات الاجتماعية الليبية إلى وقف التصعيد وتغليب لغة الحوار وتجنب العنف وضبط النفس حقنا للدماء.

وأكد المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، السفير أحمد حافظ، فى بيان، على ضرورة حماية المدنيين وتحقيق التهدئة بما يحفظ للشعب الليبى أمنه واستقراره ومقدراته ويعلى المصلحة العليا للبلاد.

من جهته، دعا البرلمان العربى، فى بيان، الأحد، جميع الأطراف والمكونات الليبية إلى وقف العنف وموجات التصعيد وضبط النفس حقنا للدماء والعودة للحوار والحفاظ على مقدرات الشعب الليبى، والتوصل إلى حل ليبى ليبى يحقق الاستقرار فى البلاد.

إلى ذلك، أدانت الإمارات أعمال العنف المسلحة فى ليبيا، ودعت الأطراف كافة إلى وقف العمليات العسكرية بشكل فورى، والحفاظ على سلامة المدنيين والمقرات الحكومية والممتلكات، وأن يمارس الجميع أقصى درجات ضبط النفس.

وبدورها، دعت وزارة الخارجية الجزائرية، فى بيان، جميع الأطراف الليبية إلى «السعى الفورى لإيقاف العنف والاحتكام إلى لغة الحوار». كما دعت وزارة الخارجية التونسية، إلى التهدئة وضبط النفس والوقف الفورى للعمليات المسلحة فى ليبيا.

ميدانيا، ساد الهدوء العاصمة الليبية فى ساعة مبكرة من صباح، الأحد، بعد يوم من أسوأ قتال هناك منذ عامين أسفر عن مقتل 32 شخصا وإصابة 159 آخرين فيما أخفقت القوات المتحالفة مع حكومة باشاغا فى طرد حكومة الدبيبة التى تتخذ من طرابلس مقرا لها.

وازدحمت الطرق فى المدينة بالسيارات، وفتحت المتاجر أبوابها وقام الناس بإزالة الزجاج المحطم وأنقاض أخرى خلفتها أعمال العنف التى وقعت أمس، فيما تناثرت سيارات محترقة فى بعض الشوارع فى وسط طرابلس، وفقا لوكالة «رويترز».

وفى وقت سابق، شهدت أحياء شارع الزاوية وباب بن غشير والصريم، منذ فجر السبت، مواجهات مسلحة بين مجموعات تتبع لجهاز «دعم وحفظ الاستقرار» التابع للمجلس الرئاسى ويرأسه غنيوة الككلى، و«اللواء 777» التابع لرئاسة الأركان ويقوده هيثم التاجورى.

وذكرت شركات طيران فى ساعة مبكرة من صباح الأحد أن الرحلات تعمل بشكل طبيعى فى مطار معيتيقة بطرابلس، فى مؤشر على استقرار الوضع الأمنى فى الوقت الحالى.

إلى ذلك، انسحبت قوات مسلحة تابعة لباشاغا من معسكر 7 أبريل ومنطقة بوابة جبس، جنوب طرابلس. فيما سيطرت قوات داعمة للدبيبة على المعسكر والمنطقة المذكورين، وفقا لما أفاد التلفزيون الرسمى الليبى، وأتى هذا التحرك بعد انسحاب القائد العسكرى أسامة الجويلى، الموالى لباشاغا، إلى منطقة العزيزية.

فى حين ألمح رئيس الهيئة العليا لقوى التحالف الوطنية توفيق الشهيبى، إلى احتمال بدء تفاوض غير مباشر محتمل بين باشاغا والدبيبة.

واعتبر أن الوضع فى البلاد قد يتجه خلال اليومين القادمين إلى مسار التفاوض غير المباشر بين رئيسى الحكومة المتنافسين، بحسب قناة «العربية».

وكان مصدر مقرب من الدبيبة، قال إن الأخير «يرفض عقد أى مفاوضات أو لقاءات مع باشاغا أو حكومته، بعد إصرارهم على دخول طرابلس بقوة السلاح»، وفقا لتعبيره.

ونقلت قناة «ليبيا الأحرار» أمس، عن متحدث باسم حكومة باشاغا، القول إن حكومة الوحدة هى من تتحمل مسئولية اشتباكات طرابلس وما سينتج عنها.

وأضاف المتحدث عثمان عبدالجليل أن ما وصفها بالمجموعات المسلحة التابعة لحكومة الوحدة «المنتهية الولاية» هى من بدأت الاشتباكات.

وكان الدبيبة أصدر تعليمات إلى وزير الداخلية والمدعى العام العسكرى والأجهزة الأمنية ذات العلاقة لاتخاذ إجراءات فورية للقبض على جميع الأشخاص المشاركين الأحداث الأخيرة. كما أعلن المكتب الإعلامى للدبيبة تشكيل غرفة عمليات عسكرية للدفاع عن طرابلس.

وقال المكتب الإعلامي للدبيبة، الأحد، إن الأخير كلَّف لجنتين بحصر الأضرار في بلديتي طرابلس المركز وأبوسليم. وأضاف أن الدبيبة أمر جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية بصيانة المقار الإدارية التي تعرضت للأضرار.

الخبير الإيطالي البارز بموقع "ديكود 39" الإيطالي، دانييلي روفينيتي، اعتبر أن الجمود السياسي يؤدي إلى تصدع متزايد في ليبيا.

وقال روفينيتي، في تصريحات خاصة لـ"الشروق": لسوء الحظ اندلعت اشتباكات في طرابلس بين اللواء "777 قتال" بقيادة هيثم التاجوري والميليشيات المرتبطة بأسامة الجويلي (قريبين من حكومة فتحي باشاغا) من جهة والميليشيات المرتبطة بجهاز دعم الاستقرار بقيادة، عبد الغني الككلي، وقوة من الأمن العام بقيادة عماد الطرابلسي وميليشيا الردع المقربة من حكومة عبدالحميد الدبيبة من جهة أخرى.

ولم يستبعد روفينيتي امتداد الصراع ليشمل الميليشيات الأخرى، مضيفاً: من الواضح أن هذه الاشتباكات نتاج طبيعي للتوتر المتزايد بين حكومة الدبيبة التي لا تريد تسليم السلطة في طرابلس، وحكومة باشاغا المكلفه من مجلس النواب الليبي.

واعتبر الخبير الإيطالي أن هذا الجمود السياسي يؤدي إلى تصدع متزايد وتعميق الانقسام بين شرق وغرب ليبيا.

وقال روفينيتي إن باشاغا لن يتمكن من دخول طرابلس بالقوة أيضًا لأن ميليشيات مصراتة القوية سئمت القتال ويبدو أن معظمهم لا يريدون الوقوف إلى جانب أي من المتنافستين، مشيراً إلى أن الميليشيات المرتبطة بباشاغا حاولت التوجه إلى طرابلس لكن قوات الدبيبة صدتها.

وشدد روفينيتي على ضروة تدخل المجتمع الدولي والأمم المتحدة من أجل وقف الاشتباكات ومن ثم إيجاد حل سياسي "تعمل عليه بالفعل بعض الدول مثل مصر والإمارات وتركيا"، على حد قوله.

وتوقع الخبير الإيطالي تشكيل حكومة جديدة "محدودة" تكون مكلفة ببناء المسار الانتخابي وإعادة التوازن والتواصل بين الجماعات الليبية الداخلية مع وجود شخصيات جديدة تمثل شرق وغرب وجنوب البلاد.

من جهته، اعتبر جلال حرشاوي، الخبير المتخصص في الشأن الليبي والباحث في "المعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن"، أن اشتباكات طرابلس ليست منفصلة عن التنافس السياسي بين الدبيبة وباشاغا.

وأضاف حرشاوي، في تصريحات لـ"الشروق"، أن الاشتباكات انعكاس مباشر للأزمة السياسية، مرجحا أن يزداد الوضع الأمني ​​سوءًا لأن الأحداث الأخيرة لم تكن سوى بداية مواجهة أكبر.

وأشار الخبير الفرنسي إلى أنه مع تبادل إطلاق النار عبر عدة جبهات في منطقة طرابلس الكبرى، أصبح احتمال معاناة العاصمة الليبية لأشهر الآن ملموسًا، على حد قوله.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved