في ظل الغضب الذي تشهده أرمينيا بسبب ناجورنو كاراباخ.. هل ستسقط حكومة باشينيان قريبا؟

آخر تحديث: الخميس 28 سبتمبر 2023 - 11:56 ص بتوقيت القاهرة

د ب أ

بعد أيام من هزيمة أذربيجان للسلطات الأرمينية العرقية، التي طالما حكمت منطقة ناجورنو كاراباخ الانفصالية، ظهرت تكهنات بشأن إمكانية سقوط حكومة أخرى، وهي حكومة أرمينيا نفسها.

وذكرت صحيفة لوس انجليس تايمز، أنه في ظل فرار عشرات الآلاف من المواطنين في ناجورنو كاراباخ، حيث تركوا منازلهم في ظل الخوف من حكم أذربيجان، تأجج الغضب في شوارع يريفان، عاصمة أرمينيا. ويحتشد الآلاف من المتظاهرين في ميدان الجمهورية كل يوم، حيث هاجموا المباني، واشتبكوا مع قوات مكافحة الشغب، وتركز غضبهم على رئيس الوزراء  نيكول باشينيان، وما يصفونه بتقاعسه عن التصرف أمام احتمالية حدوث إبادة جماعية في ناجورنو كاراباخ، التي يطلق الأرمن عليها اسم آرتساخ.  

وقال هوفانس اشكانيان، صانع الأفلام الوثائقية المقيم في يريفان: "المواطنون يريدون معاقبة من سيقدمون آرتساخ لدولة أجنبية".

وأضاف: "هناك غضب عارم ضد باشينيان، وهكذا ما يبغي أن يكون عليه الأمر".

وتواصل الغضب في أرمينيا مؤخرا، في ظل ازدياد عدد اللاجئين الذين فروا من ناجورنو كاراباخ، وعبروا الحدود إلى أرمينيا خلال الأيام القليلة الماضية إلى أكثر من 28 ألف شخص، وفقا للحكومة الأرمينية. وتشير التقديرات إلى أن تعداد سكان الأرمن في ناجورنو كاراباخ يبلغ 120 ألف شخص، في حين يصر مسئولون في أذربيجان على أن العدد الحقيقي أقل من ذلك.

وقد وصل اللاجئون مكدسين في أي مركبة استطاعوا العثور عليها، ومعظمهم لا يمتلك أكثر من بعض الملابس. ويظهر خلفهم عشرات الآلاف الآخرون الذين يتكدسون على طريق سريع جبلي. ويستغرق الطريق من عاصمة المنطقة ستيباناكيرت، التي تطلق عليها أذربيجان خانكندي إلى الحدود الأرمينية، 20 ساعة بالسيارة.

وكتب مراد فانيان، الصحفي الذي وصل أرمينيا يوم الاثنين الماضي بعدما غادر ستيباناكيرت عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا): "نهر من السيارات. لقد تحركنا مترين، وانتظرنا ساعتين". وفي هذه الليلة، وقع انفجار في محطة وقود خارج العاصمة، ما أسفر عن مقتل 68 شخصا وإصابة العشرات الذي ينتظرون للتزود بالوقود.

وفاقمت الفوضى على الحدود وفي يريفان من الغضب ضد الحكومة الأرمينية، خاصة باشينيان، الذي اتهمه منتقدوه بالاستسلام لأذربيجان بعدما لم يرسل جنودا إلى ناجورنو كاراباخ لحماية الأرمن. وفي يريفان، أغلق المتظاهرون الطرق، في حين ألقت السلطات القبض على الطلاب المتظاهرين في الجامعة الأمريكية في أرمينيا.

واكتظ ميدان الجمهورية بالمتظاهرين المطالبين باتهام باشينيان بالتقصير، وهو نفس الميدان الذي وجه فيه باشينيان خطابا لأنصاره خلال ثورة 2018، الذي أدى لتوليه منصبه، لينتهي بذلك حكم، اعتبره الكثيرون حكم طبقة سياسية فاسدة بصورة كبيرة.

ولم يتضح ما إذا كان باشينيان سيتنحى عن منصبه أو يمكن عزله بدون انتخابات. ويعتبر المواطنون الكثير من المرشحين البديلين، المرتبطين بالحكومات التي سبقت 2018، أقل كياسة.

وقال توماس دي وال، الخبير في مؤسسة كارنيجي أوروبا إن خطورة سقوط حكومة باشينيان حقيقية للغاية.

وأضاف: "هناك عشرات الآلاف من المواطنين في ناجورنو كاراباخ الذين فروا إلى أرمينيا يشعرون أن باشينيان خانهم، بالإضافة إلى أجزاء كبيرة من المؤسسة الأرمينية، التي تعتبر كاراباخ قضية مقدسة".

وبالنسبة للمتواجدين في الشوارع المطالبين باستقالة باشينيان أو عزله، تعتبر نجاة بلادهم على المحك، بحسب ما قاله بينيامين ماتيفوسيان، المحلل في معهد الأبحاث السياسية الاقتصادية، ومقره يريفان. فهم يخشون من إمكانية أن تقوم أذربيجان بهاجمة أرمينيا نفسها، في ظل ما حققته من انتصار في ناجورنو كاراباخ .

وقال: "المسألة ليست ما إذا كانت هناك فرصة لسقوط حكومة باشينيان، ولكن هل هناك فرصة لإنقاذ أرمينيا؟". وأضاف: "من أجل الحفاظ على الدولة الأرمينية بالتحديد، يخرج المواطنون للتظاهر".

وطوقت أذربيجان في هجومها الأخير مدينة ستيباناكيرت. ولم تفلح تطمينات رئيس أذربيجان إلهام علييف وحكومته بأنه سيتم معامله السكان الأرمن في ناجورنو كاراباخ بصورة عادلة في وقف تدفق المهاجرين.

وعلى الرغم من أن أرمينيا مشاركة في اتفاق أمني جمعي مع روسيا، فإن موسكو لم تتدخل ولا باشينيان.

ويقول البعض أن باشينيان قبل ببساطة أن جيش أذربيجان أكبر وأفضل تسلحا، كما أنه في ظل عدم اعتراف معظم دول العالم بجمهورية آرتساخ، فإن لديه مساحة ضئيلة للمناورة. ويقول أنصاره إن التخلي عن ناجورنو كاراباخ سيتيح لأرمينيا إقامة علاقات مع الدول المجاورة، كما أنه سيؤدي لتدفق الاستثمارات التي تحتاجها البلاد بشدة.

وأشار بعض المنتقدين إلى تصريحات علييف الأخبرة بشأن منطقة سيونيك بجنوب أرمينيا، التي تطلق عليها أذربيجان زانجيزور، التي يسعى إلى أن يقيم فيها ممرا بريا يربط أذربيجان بجيب جمهورية ناخيتشيفان ذاتي الحكم في أذربيجان، الذي يقع بين أرمينيا وإيران وتركيا. ووفقا لاتفاق وقف إطلاق النار خلال عام 2020، فإنه يتعين على أذربيجان وأرمينيا استعادة روابط النقل، ولكن تخشى أرمينيا من أن ذلك قد يؤدي لقطعها عن حدودها الجنوبية مع إيران.

وقد أرسلت أمريكا يوري كيم مساعد وزير الخارجية وسامانثا باور مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى يريفان للقاء باشينيان، والتأكيد على رؤية واشنطن بشأن أهمية استمرار وقف إطلاق النار.  

وقالت باور إنها تريد أن تظهر "دعما واضحا" من الكثير من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة "لسيادة أرمينيا ووحدة أراضيها والديمقراطية".

ويأتي دعم واشنطن، بعدما اتهم باشينيان حليفته روسيا بالإخفاق في منع خسارة ناجورنو كاراباخ. وفي ظل تركيز موسكو على الحرب في أوكرانيا، شكك باشينيان في أهمية الاتفاق الأمني الجمعي، وأشار إلى رغبة في التقارب مع أمريكا.

وفي المقابل، اتهمت وزارة الخارجية الروسية باشينيان بتحويل المسئولية عن إخفاقاته وسوء تعامله في الصراع في ناجورنو كاراباخ منذ 2020. كما أشارت إلى أن مناورات الغرب في أرمينيا تعد جزءا من استراتيجية أوسع لتحويل الحكومات الإقليمية ضد روسيا، وحذرت حكومة باشينيان من الاضرار بالعلاقات بين أرمينيا وروسيا من أجل أن تصبح "رهينة للألعاب الجيو سياسية الغربية".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved