حسن هيكل يشرح مقترح إنشاء صندوق لأصول الدولة تابع للبنك المركزي
آخر تحديث: السبت 28 ديسمبر 2024 - 3:19 م بتوقيت القاهرة
• هيكل: البنك المركزي لم يكن مستقلا عما يحدث في الاقتصاد خلال عدة أزمات دولية
• هيكل: ربحية البنوك التجارية تضخمت في مصر في آخر 5 سنوات بشكل لافت.. ورفع سعر الفائدة لمحاربة التضخم مش بالضرورة صحيح
• هشام عز العرب: اتركوا البنوك في حالها لأنها شالت الوطن في 2008 و2011 ومازالت العمود الفقري للدولة
• النائب السابق محمد فؤاد: الفكرة نظرية جدا.. والشيطان يكمن في التفاصيل
قدم رجل الأعمال حسن هيكل، شرحًا للمقترح الذي قدمه خلال اللقاء الذي عقده الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مع عدد من المستثمرين بالقطاعات المختلفة للاستماع إلى رؤاهم، الأربعاء الماضي، والذي يتضمن نقل أصول الدولة إلى البنك المركزي وتصفير المديونيات بالجنيه تحت مسمى «المقايضة الكبرى».
وكتب في تدوينة عبر صفحته الرسمية بمنصة «إكس»: «نفترض إن حضرتك عندك شركة عليها دين تريليون جنيه تقريبا من ١٢ سنة، ومع مرور الزمن وبصرف النظر تصرفاتك الانفاقية صح ولا غط، تراكمت فوائد على هذا المدى الزمني لتصل لحوالي ١٠ تريليون. بمعنى إن الفائدة المدينة خلال هذه المدة ٩ تريليون. يعني الدين أصله فائدة تقريبا. ولو سعر الفائدة ٣٠٪ يعني بتدفع على كتلة الدين ٣ تريليون السنة الجاية، وحتى لو الفائدة نزلت لـ٢٠٪ فلا يمكن تحقيق أي توازي».
وأضاف: «غالبية إيراداتك السنوية بتروح على فائدة بتنزايد، فحضرتك بتقلل من مصاريفك في حاجات أساسية زي التعليم والصحة والأكل وخلافه. لكن لو قلت لحضرتك عندك أصول بـ١٠ تريليون. فالحل الطبيعي إنك تروح البنوك تشيل الفائدة خلال الفترة أو حتى المبلغ كله أمام التنازل عن استماراتك. فالبنوك بتاخد هذه الأصول للتصرف بها فيما بعد لإن عندها سيولة تسمح بذلك. في الجمل السابقة شيل كلمة الشركة وحط الدولة، شيل كلمة البنوك وحط البنك المركزي».
وأشار هيكل، إلى أن البنك المركزي خلال عدة أزمات دولية، لم يكن مستقلا عما يحدث في الاقتصاد، مستشهدًا بـ«أزمة السيولة في أمريكا عام ٢٠٠٨، وتدخل الفيدرالي الأمريكي بشراء شركات أمريكية على وشك الإفلاس بسبب أزمة السيولة».
وأكد وجوب تدخل البنك المركزي للصالح العام خلال أوقات الأزمات، معقبًا: «محدش بيقول النهاردة وبأثر رجعي فين استقلالية البنك المركزي في تلك الفترة، بل بالعكس بيحسب له تدخله لإنقاذ أمريكا!».
وذكر أن ربحية البنوك التجارية تضخمت في مصر في آخر ٥ سنوات بشكل لافت؛ لأن تلك المصارف محلية، كما أن غالبية ميزانيتها وسيولتها مستثمرة في أذون خزانة أو سندات حكومية أو لدى المركزي، متابعًا: «بمعنى إن نشاطها أصبح معظمه تجميع الودائع وتسليفها للدولة أو المركزي وتحقيق أرباح استثنائية على حساب الدولة، ده الوجه المقابل لما تدفعه الدولة من فائدة مرتفعة على ميزانيتها. بمعني إن حالة عجز الموازنة بسبب سعر الفائدة يقابلها انتفاخ في أرباح البنوك على حسابها».
واعتبر رجل الأعمال أن رفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم «ليس بالضرورة صحيح»، مستطردًا: «التضخم على أساس سنوي ٢٥٪ صحيح، بس ده مقارنة بنوفمبر الماضي وبعد تخفيض العملة في أول سنة ٢٠٢٤. في آخر شهور التضخم أصبح في متوسطه أقل من ١٠٪. التضخم الشهري نزل بقاله فترة وبالتالي رفع سعر الفائدة لمحاربة التضخم مش بالضرورة صحيح. تقديري إن أحد أهداف البنك المركزي الحقيقية هي رفع سعر الفائدة لجذب استثمارات أجنبية في أذون الخزانة، وليس فقط محاربة التضخم».
وتساءل: «لو حضرتك عليك ١٠ تريليون وبتدفع فائدة ٣٠٪ ومعندكش موارد إلا برفع الضرائب والرسوم، هل التقليل النسبي للإنفاق في برامج الدعم، الصحة، التعليم.. إلخ، صح؟ والسنة الجاية اللي الفائدة فيها حتبقى تقريبا بتساوي الإيرادات أو معظمها حتعمل إيه؟ هل ده قابل للبقاء كده؟ والسنة اللي بعدها؟ بلاش، حد عنده حل تاني؟».
واستعرض الحل – وفقًا لرأيه – وهو بيع جميع أصول الدولة للبنك المركزي (وليس البنوك التجارية)، لأنها الجهة التي تمتلك سيولة مقايل استثمارات الدولة، وتصفير الدين العام المحلي، ووضع الأصول في صندوق سيادي أو تحت مسمى آخر؛ مملوك للبنك، وبأهداف واضحة كتنمية بعض هذه الأصول، وبيع الآخر وبإدارة محترفة.
ولفت إلى أن «ميزانية الدولة المحررة من الفائدة المدينة على الدين المحلي يجب توجيها في برنامج تأمين طبي، وتعليم معقول وبطرق مختلفة عما هو متبع، وبحث علمي لمحاولة اللحاق بالثورة التكنولوجية، وحل كل مشاكل القطاعات الإنتاجية، وغيره».
واستطرد: «متفهم إن الأفكار الجديدة بتخلق تردد ومناقشة بس عاوز أقول إني بصيت على كل ما كتب بعد يومين من اجتماع رئيس الوزراء. محدش قال الفكرة سيئة ليه؟ غير قابلة للتنفيذ فنيا ليه؟ ما هي عيوبها؟ وده يبقى النقاش الحقيقي. أخيرا أنا لا أرد على ناس عاوزة تسطح الحديث عن قصد أو غير قصد. أضيف أنه سيترتب على ذلك تخفيض سعر الفائدة وربحية البنوك لمستويات طبيعية، فالهجوم على الاقتراح ممكن يكون شرس!».
• هشام عز العرب يدافع عن البنوك: أي محاولة لتشويهها سيؤدي إلى انهيار اقتصادي
ورد هشام عز العرب، رئيس مجلس الإدارة بالبنك التجاري الدولي CIB، على كلام هيكل، منوهًا أن «البنوك هي العمود الفقري للاقتصاد، وأي محاولة لتشويها أو تحميلها أخطاء اقتصادية سوف يؤدي إلى انهيار اقتصادي لن يتحمله أحد».
وأضاف: «البنوك عليها الاحتفاظ بـ٢٥% تقريبًا، غير الاحتياطي الإلزامي لدي المركزي بدون فائدة، من ودائع العملاء في أصول سائلة زي الأذون، وحاليًا البنوك لديها فقط ٤٠٪ أذون وسندات، أما معظم الأصول في قروض عملاء، وليس العكس، أما أرباح البنوك تزيد مع تضاعف الودائع وقروض العملاء ونمو حجم الخدمات المصرفية التجارية، أرجو تصحيح الملاحظة وتتركوا البنوك في حالها لأنها شالت الوطن في ٢٠٠٨ و٢٠١١ ومازالت العمود الفقري للدولة».
• هيكل يرد: رأيي لا يعني مهاجمة القطاع المصرفي لكننا نحتاج مراجعة سياسات كثيرة
من جهته، أبدى هيكل، تفهمه لرأي رئيس مجلس الإدارة بالبنك التجاري الدولي، خاصة فيما يتعلق بتوجيه غالبية الأصول والسيولة للدولة أو للمركزي، وتضخم ربحية البنوك، مضيفًا: «لا ألوم أي بنك تجاري بيعمل كده، ولو كنت مدير بنك كنت عملت نفس الحاجة. ولكن أتحدث عن خلل أنشأ الحالة دي، ولا ألوم البنك المركزي أنه يحاول بقدر ما في طاقته الحفاظ على الاستقرار في تعاملات مصر مع العالم الخارجي، بما في ذلك الاضطرار للاعتماد على تمويل قصير الأجل لإنه معندوش حل تاني، وهذا الوصف أو هذا الرأي لا يعني مهاجمة القطاع المصرفي، ولكن يعني إننا محتاجين نراجع كثير من السياسات لو عاوزين نبقى جد في الحلول».
• النائب السابق محمد فؤاد: الفكرة مقرمشة من برة بس طرية من جوة!
أما النائب السابق محمد فؤاد، فاعتبر أن المشكلة في طرح هيكل تكمن في التفاصيل الخاصة بالتنفيذ، معقبًا: «الفكرة لو جاز القول: (مقرمشة من برة بس طرية من جوة)!»، بحسب تعبيره.
وأكمل: «في حالة اليونان انتقال الأصول كان ضمن bailout خارجي من الـ ecb والترويكا. في مصر حضرتك عايز النظام المصرفي يقطع إيده بإيده، ثانيا: بافتراض حصل، يفرق إيه عن السيادي الموجود حاليا؟ ناهيك عن التفاصيل الفنية زي التقييم مثلا، ثالثا: بافتراض حصل، إيه ضمانة عدم وقوعنا في ذات الحفرة؟».
وواصل: «خليني أقول مبدئيا إني شايف الفكرة نظرية جدا، وغايب عنها التفاصيل الخاصة بنقاط التنفيذ الأساسية. ولذلك اعتذر لك مقدما إني حتى حينه بتعامل معاها كـ(ارتجاليات)، وربما ده يكون تسرع شديد مني في الحكم، وحضرتك يكون عندك تفاصيل أكثر، لأن الشيطان يكمن في التفاصيل دي».
• هيكل: كل بلد له حالته الخاصة ووقت الأزمات مفيش حاجة اسمها استقلال كامل للبنك المركزي
ودافع رجل الأعمال حسن هيكل عن فكرته، موضحًا أن كل دولة لها حالتها الخاصة، وتدخل البنك المركزي لحل المشكلات فيها شهد استخدام أدوات مختلفة.
وتابع: «ما يعنيني مش إني أعمل كوبي بيست للأدوات ولكن اعمل كوبي بيست لفكرة إنه في وقت الأزمات مفيش حاجة اسمها استقلال كامل للبنك المركزي. عبر عن نفسه في شكل تأميم صناعات في أمريكا، برنامج شراء أصول وتمويل في أوروبا، وممكن يعبر عن نفسه بطريقة مختلفة في مصر».
وأوضح أنه اقترح تشكيل لجنة تضم أحد مكاتب المحاسبة العالمية، مع الجهاز المركزي للمحاسبات وممثلين من وزارة المالية والبنك المركزي، مؤكدًا أن طرحه لا يؤثر على البنوك التجارية إلا بخلق مناخ أفضل بكثير؛ تنخفض فيه أسعار الفائدة، وتتجه البنوك لتمويل القطاع الإنتاجي بصورة أكبر.
وشدد على أن «طرحه يجب أن يتم في ظل إعادة التفاوض مع كل الجهات الأجنبية الممولة لتخفيض الدين الأجنبي وسعر الفائدة عليه ومد آجاله؛ لتخفيف الحمل على البنك المركزي».