حيثيات النقض بتأييد إعدام قاتل نيرة أشرف: قاضي الجنايات لم يتأثر بالرأي العام وحكم بالأدلة

آخر تحديث: السبت 29 أبريل 2023 - 6:33 م بتوقيت القاهرة

مصطفى المنشاوي

• القاضي يحكم مستقلا تماما سوى عن الأوراق والمداولة وخشية الله والبحث عن الحقيقة.. والأسباب تظل دائما تحمل مشروعية الحكم
• عقيدة القاضي مسألة داخلية في صدره.. والأدلة والقرائن فيصل الحكم بالإدانة أو البراءة
• محكمة الجنايات أوقعت عقوبة الإعدام بشكل صحيح وأوردت على ثبوتها أدلة سائغة من الأوراق
أودعت محكمة النقض برئاسة المستشار محمد عيد محجوب، حيثيات حكمها بتأييد إعدام المتهم محمد عادل قاتل طالبة جامعة المنصورة نيرة أشرف، في القضية التي تعود وقائعها لشهر يونيو 2022.

وردت النقض على أوجه الطعون المقدمة من الدفاع على حكم محكمة الجنايات الصادر برئاسة المستشار بهاء المري، وانتهت إلى أن محكمة الجنايات قد بينت الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استندت إليها في الإدانة ومحصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، مشيرة إلى أن الحكم لم يشوبه أي قصور أو فساد في الاستدلال.

وأضافت النقض أن الحكم الجنايات بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة، وأوقع على المتهم صحيحاً عقوبة الإعدام، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من الأوراق، ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، مؤكدة أن الحكم خلا من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة طبقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى.

• تأثر المحكمة بالرأي العام

وبشأن وجه الطعن بتعجل محكمة الجنايات بالفصل في الدعوى دون أن تحقق دفاع المتهم تأثراً بالرأي العام، قالت محكمة النقض إن للقاضي الحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته بغير تأثير خارجي أياً كان مصدره، ويتضح مما سطره الحكم في مدوناته أنه قد التزم هذا النظر.

وأضافت النقض إن ما يثيره الطاعن من تأثير الرأي العام لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في صورة الدعوى التي ارتسمت في وجدان المحكمة ومحاولة لتجريح الأدلة التي اقتنعت بها، مشيرة إلى أن الجنايات أقامت الإدانة على استخلاص من تلك الأدلة، فضلاً عن أن القاضي وهو يحكم في الدعوى يكون مستقلاً تماماً، سوى من أوراق الدعوى ومداولة الأعضاء في الدائرة وخشية المولى عز وجل والبحث عن الحقيقة.

وتابعت النقض: "القاضي فيه من صفات الله العدل، ومن صفات الأنقياء الحيدة والنزاهة والشفافية من خلال أسبابه التي تنطق بالحكم قبل أن ينطق به القاضي، فالأسباب كانت دائماً وسوف تظل تحمل مشروعية الحكم، ومن ثم فلا محل للقول بتأثير الرأي العام على القاضي في حكمه".

• إفصاح المحكمة عن عقيدتها

وعن وجه الطعن بإفصاح محكمة الجنايات عن رأيها بالإدانة قبل إرسال أوراق المتهم لمفتي الجمهورية لأخذ الرأي في حكم الإعدام.

قالت محكمة النقض إن عقيدة الإدانة هي مسألة وإن كانت داخلية في صدر القاضي، إلا أن الأوراق بما تحتويه من أدلة وقرائن هي من تقيم داخله رؤية الفصل في الدعوى بالإدانة أو البراءة، كما حددت المادة ٢٤٧ إجراءات جنائية للحالات التي يمتنع فيها على القاضي نظر الدعوى لما بينها وبين ولاية القضاء من تعارض.

وأضافت أن المتهم الطاعن أو دفاعه لم يسلك الطريق الذي رسمه القانون لرد القاضي، فإن لم يفعل فليس له أن يثير ذلك أمام محكمة النقض ومنعاه غير مقبول.

• نية القتل

قالت النقض إن الحكم المطعون فيه بين نية القتل لدى الجاني على نحو كاف وسائغ كما عرض لظرف سبق الإصرار وانتهى في منطق سائغ إلى توافره في حق الطاعن وعلى النحو المعرف به في القانون، ومنعى الطاعن في هذا الشأن ولا محل له، هذا فضلاً عن أن دفاعه بأن الواقعة مجرد ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون مجرد منازعة في صورة الدعوى التي اعتنقتها المحكمة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص الصورة التي اقتنعت بها وارتسمت في وجدانها مما تستقل به بغير معقب عليها.

وذكرت أن مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ وتقطع بأن المحكمة ألمت بوقائع الدعوى ومضمون ومؤدى الأدلة التي استندت إليها في الإدانة من واقع الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة - ودللت على توافر نية القتل بما ينتجها كما جاء حديثها عن سبق الإصرار من واقع الأوراق كافياً في استظهاره وردت المحكمة في حكمها على دفاع الطاعن فلا محل للحديث عن فساد الحكم في الاستدلال واختلال صورة الواقعة لديها لأن ذلك ينطوي على منازعة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع دون معقب عليها ومنعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.

• الباعث على الجريمة والاعتراف

أشارت محكمة النقض إلى أن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها فلا يقدح في سلامة الحكم عدم بيان الباعث أو الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة، ومن ثم فلا محل للحديث عن حالة الغضب التي انتابت الطاعن حال ارتكاب الجريمة.

وأضافت أن الحكم المطعون فيه قد عول في الإدانة على اعتراف الطاعن بتحقيقات النيابة العامة واعترافه أمام قاضي المعارضات والمعاينة التصويرية لكيفية ارتكاب الواقعة وإقراره بصحة الصور المسحوبة من الكاميرات لواقعتي الطعن والذبح وشهادة شهود الإثبات وتحريات الشرطة وأقوال مجريها، فلا محل لتعييب الحكم لأنه جاء قاصراً في إيراد اعتراف الطاعن أمام قاضي المعارضات على النحو الوارد بأسباب الطعن، لأنه حتى مع استبعاد الاعتراف أمام قاضي المعارضات يبقى الحكم سليماً وتظل الأدلة الأخرى كافية للإدانة.

• حالة المتهم العقلية أو النفسية

قالت النقض إن تقدير حالة المتهم العقلية أو النفسية من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه يتعين لسلامة الحكم إذ ما أثار المتهم هذا الدفاع أن تجري تحقيقاً من شأنه بلوغ غاية الأمر فيه فإذا لم تعين خبيراً للفصل في هذا الدفاع إثباتاً أو نفياً تعين عليها أن تتناول هذا الدفاع وترد عليه من واقع التحقيقات التي تمت في الدعوى وموقف المتهم منها سيما عند استجوابه أو مناقشة الأدلة في مواجهته ومن الظروف السابقة على الواقعة وترتيبه لارتكابها وتدبيره لاقترافها وكيفية ارتكابها وتوقيت ارتكابها والأداة المستخدمة وطريقة استخدامها وصولاً إلى النتيجة التي ابتغاها من النشاط الإجرامي الذي اقترفه.

وأضافت أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية ومن أوراق الدعوى تمتع الطاعن بالوعي والتمييز والقدرة على حسن الإدراك وسلامة التدبير العقلي وقت ارتكاب الجريمة وذلك من واقع مسلك الطاعن وأفعاله وأقواله سواء ما كان سابقاً على الطعن والذبح أو أثناء ارتكاب واقعة الطعن والذبح أو من بعد مقارفته للجريمة -من أقواله بالتحقيقات واعترافه بالجريمة وسلوكه أثناء المعاينة التصويرية واعترافه بقتل المجني عليها أثناء عرض ما تم تصويره من وقائع الطعن والذبح عن طريق الكاميرات الخاصة بالجامعة- ومن ثم فإن ما انتهى إليه الحكم رداً على هذا الدفاع من أن الطاعن كان محافظاً على شعوره وإدراكه ومستقراً نفسياً ولا يعاني من أي اضطراب نفسي وقت الحادث يكون كافياً وسائغاً ومنعاه ولا محل له.

وتابعت أن المرض العقلي والاضطراب النفسي الذي تنعدم به المسئولية الجنائية وعلى ما جرى به نص المادة ٦٢ من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي يعدم الشعور والإدراك سائر الأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية، فإن ما انتهى إليه الحكم من سلامة حالته العقلية والنفسية وصحة إدراكه بدرجة تتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه القانون.

وأشارت إلى أن محكمة الجنايات غير ملزمة بندب خبير في الدعوى تحديداً لمدى تأثير المرض النفسي على مسئوليته الجنائية بعد أن وضحت لها وقائع الدعوى وذلك أن الفصل في الحالة النفسية والعقلية للمتهم من الأمور الموضوعية الخاضعة لتقدير محكمة الموضوع ومنعاه ولا محل له.

• مرحلة الاستئناف

ردت محكمة النقض على وجه طعن الدفاع المتعلق بمرحلة الاستئناف على الحكم -قبل النقض- إعمالاً للمادة ٢٤٠ من الدستور الحالي.

وقالت إن ما نص عليه دستور ۲۰۱٤ في المادة ٢٤٠ من نظر الجنايات على مرحلتين، يستلزم لإعماله صدور القانون المنظم لاستئناف الجنايات، ومن ثم فلا محل للتحدي بإعمال النص الدستوري طالما أن المشرع لم يُفعل النص الدستوري بإصدار تشريع نافذ له من السلطة التشريعية، وبالتالي فإن ما يثيره الطاعن لا محل له. ويكون طعن المحكوم عليه مرفوض موضوعاً.

• حكم الجنايات والاتهامات

كانت محكمة جنايات المنصورة قضت في 6 يوليو 2022 بالاعدام شنقاً على المتهم محمد عادل قاتل الطالبة نيرة أشرف أمام جامعة المنصورة، فى القضية رقم 11409 لسنة 2022 قسم اول المنصورة والمقيدة برقم 1191 لسنه 2022 كلى جنايات المنصورة.

وكان المستشار حمادة الصاوي النائب العام أمر في 22 يونيو 2022 بإحالة المتهم محمد عادل إلى محكمة الجنايات؛ لمعاقبته فيما اتهم به من قتل الطالبة المجني عليها نيرة عمدا مع سبق الإصرار، حيث بيت النية وعقد العزم على قتلها، وتتبعها حتى ظفر بها أمام جامعة المنصورة، وباغتها بسكين طعنها به عدة طعنات، ونحرها قاصدا إزهاق روحها، وقد جاء قرار الإحالة بعد ثماني وأربعين ساعة من وقوع الحادث.

وأقامت الدليل قبل المتهم من شهادة خمسة وعشرين شاهدا منهم طلاب، وأفراد أمن الجامعة، وعمال بمحلات بمحيط الواقعة، أكدوا رؤيتهم المتهم حال ارتكابها، وفي مقدمتهم زميلات المجني عليها اللاتي كن بصحبتها حينما باغتها المتهم، وآخرون هددهم حينما حاولوا الذود عنها خلال تعديه عليها، وكذا ذوو المجني عليها، وأصدقاؤها الذين أكدوا اعتياد تعرض المتهم وتهديده لها بالإيذاء لرفضها الارتباط به بعدما تقدم لخطبتها، ومحاولته أكثر من مرة إرغامها على ذلك، مما ألجأهم إلى تحرير عدة محاضر ضده.

كما أقامت النيابة العامة الدليل قبل المتهم مما ثبت من فحص هاتفها المحمول الذي أسفر عن احتوائه على رسائل عديدة جاءتها من المتهم تضمنت تهديدات لها بالقتل ذبحا، وكذا ما ثبت من مشاهدة تسجيلات آلات المراقبة التي ضبطتها النيابة العامة بمسرح الجريمة الممتد من مكان استقلال المجني عليها الحافلة حتى أمام الجامعة، حيث ظهر بها استقلال المتهم ذات الحافلة مع المجني عليها، وتتبعه لها بعد خروجها منها، ورصد كافة ملابسات قتلها عند اقترابها من الجامعة، وإشهار السلاح في وجه من حاول الذود عنها.

كما استندت النيابة العامة في أدلتها إلى إقرار المتهم التفصيلي بارتكابه الجريمة خلال استجوابه في التحقيقات، والمحاكاة التصويرية التي أجراها في مسرح الجريمة وبين فيها كيفية ارتكابها، فضلا عما أسفر عنه تقرير الصفة التشريحية لجثمان المجني عليها من جواز حدوث الواقعة وفق التصور الذي انتهت إليه التحقيقات وفي تاريخ معاصر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved