التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قمع الاحتلال للأعمال الفنية بعد 7 أكتوبر؟
آخر تحديث: الإثنين 29 أبريل 2024 - 10:50 ص بتوقيت القاهرة
الشيماء أحمد فاروق
لا يقتصر التضييق والعنف والاعتداء من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين المدنيين في الضفة الغربية فقط، وإنما ينعكس على مجالات أخرى منها الفن، حيث تواجه الحياة الفنية والثقافية قمعا شديدا منذ 7 أكتوبر، وإن كان هذا القمع هو جزء من سلسلة أكبر سبقت هذا التاريخ.
وفي غضون أيام من العملية التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر وبدء الهجوم الإسرائيلي على غزة، جرى القبض على المغنية الفلسطينية الشهيرة دلال أبو منة؛ بسبب منشور لها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كتبت: "لا غالب إلا الله" وأرفقته بصورة علم فلسطين.
- انتهاكات ضد الفنانين والمثقفين
وفي تقرير يرصد الانتهاكات ضد الفنانين والمثقفين الفلسطينيين لمجلة "+972"، ذكر أنه على مدار شهرين من اعتقالها كانت تواجه عائلتها مظاهرات ترهيبية أمام المنزل.
وقالت أبو منة: "إنهم يحاولون ترهيبنا – أطفالي وزوجي وأنا، نحن نعيش فترة صعبة للغاية، تعرض زوجي أيضًا للاضطهاد في مكان عمله حتى أن بعض المتطرفين حاولوا إرسال أشخاص لشراء منزلنا في العفولة، ومن خلال اضطهادي يهدفون إلى ترهيب جميع الفلسطينيين".
وواجه الفنانون الفلسطينيون هجمات من قبل سلطات الاحتلال والإسرائيليين في شكل تحريض وتمييز وملاحقات قانونية وتهديدات جسدية.
وكثيرا ما جاء ذلك نتيجة لمجرد التعبير عن التضامن مع شعب غزة أو المعارضة السلمية للهجوم الوحشي الذي تشنه إسرائيل، وفقا لتقرير مجلة "+972".
وواجهت الممثلة الفلسطينية منى حوا، ردود فعل عنيفة بعد أسابيع قليلة من 7 أكتوبر، بعد أن أعربت عن قلقها على حسابها الخاص عبر إنستجرام بشأن الوضع في غزة، قائلة إن الأطفال في غزة قد يموتون قريبا من العطش، ومن التعليقات التي وجهت لها نتيجة لهذا المنشور: "دعوهم يطلقوا سراح الرهائن أولا".
وهاجم زملاء آخرون "حوا"، وقالت شركة الإنتاج التي أنتجت مسلسلها التلفزيوني الأخير – إلى جانب هيئة الإذاعة العامة الإسرائيلية (كان 11) حيث تم بثه – إنهم لن يعملوا معها مرة أخرى، وسُرب رقم هاتفها عبر الإنترنت وتلقت مكالمات هاتفية تهديدية لأكثر من أسبوع، وامتلأت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها بالتهديدات المصورة بالعنف: "الاغتصاب والتهديدات بالقتل ضدها ولعائلتها".
وواجهت الممثلة الفلسطينية ميسا عبد الهادي، أيضًا رد فعل عنيف وعواقب قانونية؛ بسبب التعليقات التي أدلت بها على وسائل التواصل الاجتماعي.
واعتقلت في 12 أكتوبر بعد أن وجهت لها تهمة التحريض على الإرهاب؛ لأنها شاركت في دعم غزة عبر حسابها على انستجرام.
وفي تعليق من محامي عبد الهادي محمد دحلة، قال لـ+972: "من الواضح أن الهدف هو قمع المشاهير من أجل إرسال رسالة، يتردد صداها على نطاق واسع تؤدي هذه الأنواع من الإجراءات ضد المشاهير إلى القمع وتثبيط أي شكل من أشكال الاحتجاج".
• التضييق على العروض الفنية
ونتيجة للمخاوف الكبيرة التي يواجهها المجتمع الثقافي الفلسطيني، حاول البعض تجنب التهديدات والمخاطر، من خلال إلغاء العروض الفنية نهائيا.
وقال محمود أبو عريشة مدير مسرح السرايا في يافا لـ"+972"، إن المسرح أرجأ جدول عروضه المعتاد لعدة أشهر بعد بدء الحرب، وبدلا من ذلك أجرت أنشطة غير معلنة؛ خوفًا من أن يؤدي أي ترويج عام إلى إثارة احتجاجات ضدهم.
وصرح أيمن نحاس مدير مسرح "سرد" في حيفا، لـ+972 بأن: "المسارح المخصصة للفن والثقافة الفلسطينية تعمل في بيئة محفوفة بالمخاطر، إن أي محاولة لإغلاقها أو فرض رقابة عليها يمكن أن توجه ضربة قوية لهذا المجال الهش".
وأكد علي مواسي الشاعر ورئيس تحرير مجلة فوشا الثقافية، لـ"+972"، أن استهداف الفنانين والمثقفين في الداخل والخارج خلق مناخا أصبح فيه الفنانون والمؤسسات الثقافية في حالة تأهب قصوى، ومع عدم وجود ضمانات، مما يزيد من نطاق وشدة القمع على الحرية الثقافية الفلسطينية.
ويعتبر القمع ليس جديدا من الإسرائيليين وقواتهم، حيث إن القيود التي تفرضها إسرائيل على الثقافة والفن الفلسطيني تسبق العدوان الحالي بفترة طويلة، لقد كانت سائدة عند تأسيس الاحتلال، وشهدت مد وجزر على مدار السنين الماضية، لكن حملة القمع منذ 7 أكتوبر كانت شديدة للغاية لدرجة أن الكثيرين يقولون إن أقرب نظير لها هو عصر الحكم العسكري الإسرائيلي على المواطنين الفلسطينيين، والذي استمر من عام 1948 حتى عام 1966.
وفي السنوات الأخيرة، أثرت حملة القمع بشدة على المسارح والفنانين الذين أكدوا هويتهم الفلسطينية.
ففي عام 2015، على سبيل المثال، جمد تمويل المسرح العربي البارز في حيفا من قبل وزارة الثقافة الإسرائيلية، وتمحور الجدل حول إنتاج المسرح لمسرحية "الزمن الموازي" التي تدور حول قصة الأسير الفلسطيني وليد دقة.
وخلال 2021، أيدت المحكمة العليا الإسرائيلية، حظرًا على عرض الفيلم الوثائقي "جنين، جنين"، الذي يستكشف مداهمة جيش الاحتلال الإسرائيلي عام 2002 لمخيم اللاجئين الفلسطينيين في مدينة الضفة الغربية وجرائم الحرب التي ارتكبها ضد المدنيين الفلسطينيين، وحكم على مخرج الفيلم محمد بكري بدفع تعويضات عن الفيلم بتهمة تشويه الحقيقة.