بعد دعم بالستينو ضحايا غزة.. لماذا يوجد فريق كرة قدم فلسطيني في تشيلي؟

آخر تحديث: الأربعاء 29 مايو 2024 - 2:41 م بتوقيت القاهرة

الشيماء أحمد فاروق

تصدر اسم نادي بالستينو التشيلي عناوين المنصات الرياضية بعد مباراتهم أمس نادي يونيون إسبانيول، ضمن منافسات كأس ليبرتادوريس، حيث دخل اللاعبون إلى ملعب المباراة ممسكين بأيدي أشباح الأطفال الفلسطينيين "غير المرئيين" الذين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

ونشر الحساب الرسمي للنادي فيديو يظهر اللاعبين وهم يقومون بإسقاط ستراتهم كعلامة على إدانة الوفيات غير المرئية للأطفال في غزة، وعلق الحساب: "من واجبنا أن نجعل الجميع يراهم".

هذه المواقف التي يقوم النادي بها ليست بعيدة عن أهدافه العامة، فهو نادي دائم الدعم للقضية الفلسطينية، ومنذ الحرب الأخيرة وهو يعلن ويندد بالعدوان على قطاع غزة، ففي أبريل الماضي رفع لاعبو النادي لافتة ضخمة كتب عليها بـ3 لغات، العربية والإنجليزية والإسبانية، عبارة "أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة" أثناء دخولهم أرضية الملعب قبل انطلاق المباراة مع الفريق الضيف يونيفرسيداد، وفي فبراير الماضي، أهدى النادي قميص الفريق للصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح.

لماذا يوجد في تشيلي فريق كرة قدم فلسطيني؟

يلعب نادي ديبورتيفو بالستينو، وهو فريق كرة قدم، بالزي الرسمي الذي يضم الألوان الثلاث الأبيض والأخضر والأحمر، ويضم ناديهم الرياضي الاجتماعي حوض سباحة في الهواء الطلق على شكل خريطة فلسطين ما قبل عام 1948، وهذا الفريق لا يلعب في فلسطين، أو حتى في الشرق الأوسط، بل يلعبون في دوري كرة القدم الأعلى في تشيلي، Primera División de .

تشيلي هي موطن لأكبر عدد من السكان الفلسطينيين خارج الشرق الأوسط، وقد ساعد هذا الشتات الفلسطيني، الذي يبلغ حاليًا ما يقل قليلاً عن 500 ألف شخص، في تشكيل ما يقرب من قرن من الزمان من السياسة التشيلية تجاه فلسطين، وفي قلب هذا المجتمع، لم تكن فلسطين بمثابة نقطة تجمع للمغتربين فحسب، بل كانت أيضًا أداة للتبادل الثقافي والدبلوماسية، وفقاً لـ ماري كاثرين نيومان الأستاذ في جامعة أكسفور، في تقرير لها على منصة ذا كونفيرزيشن.

وأشارت كاثرين إلى أن الموجة الأولى من المهاجرين الفلسطينيين بدأت في خمسينيات القرن التاسع عشر، عندما فر الناس من حرب القرم، وصلت موجة ثانية من اللاجئين قبل وأثناء الحرب العالمية الأولى، اعتبارًا من عام 1909، وسعت الإمبراطورية العثمانية الخدمة العسكرية الإجبارية لتشمل الشباب المسيحيين واليهود لذلك فر الكثيرون من التجنيد الإجباري، في حين فقدت الأسر التي أُجبر أبناؤها على الخدمة العسكرية معيلها وسقطت في الفقر، فاختارت مغادرة فلسطين.

وكانت الفترة الكبرى الأخيرة للهجرة من فلسطين إلى تشيلي في أعقاب نكبة عام 1948، عندما أُجبر 700 ألف فلسطيني على ترك منازلهم، وصل معظم المهاجرين إلى ميناء بوينس آيرس قبل السفر عبر الأرجنتين والدخول إلى تشيلي عبر جبال الأنديز على البغال.

مع نمو الشتات الفلسطيني في تشيلي من حيث العدد والثروة، قاموا بإنشاء سلسلة من المؤسسات المجتمعية ومنها نادي بالستينو، تأسس الفريق فعلياً عام 1916 في العاصمة التشيلية سانتياجو كفريق هواة، ولكن في عام 1952 أصبح بالستينو محترفًا، تم افتتاح الملعب الحالي للنادي، لا سيستيرنا، في عام 1988 وما زال يمثل مركزًا ثقافيًا للمجتمع الفلسطيني.

كما سعى بالستينو نحو بناء علاقات مع أجيال من السياسيين الفلسطينيين ومشجعي كرة القدم على حد سواء، ففي عام 2003 على سبيل المثال أرسل ياسر عرفات، رسالة من قطاع غزة لدعم النادي وهو يواجه الإفلاس، ومنذ عام 2010، كان الراعي الأكبر للنادي هو بنك فلسطين كجزء من جهود البنك لتعزيز علاقاته مع الشتات الفلسطيني.

واجه بالستينو مواقف قاسية وانتقادات كثيرة بسبب دعمه لفلسطين وعلاقاته مع السياسيين الفلسطينيين، ففي عام 2014، تم تغريم النادي من قبل الاتحاد التشيلي لكرة القدم بعد أن تضمنت مجموعة ملابسه للموسم الجديد خريطة لفلسطين بدلاً من أرقام الفريق، وتقدمت الجالية اليهودية في تشيلي والحكومة الإسرائيلية بشكوى ضدهم.

ومع استمرار الحرب في غزة، أصبحت مباريات كرة القدم في بالستينو موقعًا للتضامن والحداد والاحتفال المتحدي بالهوية التشيلية الفلسطينية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved