لجأ لـ«خدعة الجن» وصداقة ضابط أوقعته.. كيف سقط سفاح الجيزة في فخ الاعتراف؟

آخر تحديث: الثلاثاء 29 أغسطس 2023 - 1:53 م بتوقيت القاهرة

إيمان عبد العاطي

4 جرائم قتل ارتُكبت دون ترك أية خيوط تكشفها، لتظل في الخفاء 5 سنوات، حتى كُشف سر قذافي فراج، المُلقب بـ"سفاح الجيزة"، عام 2020، قبل أن يُسدل الستار على قضاياه بصدور 4 أحكام بإعدامه، لم تُنفذ حتى الآن.

تحول قذافي مجددا بين ليلة وضحاها من سجين يجلس بين 4 حوائط منتظرا القصاص العادل، إلى حديث الساعة بعد عرض أولى حلقات مسلسل "سفاح الجيزة"، المستوحى من قصته الحقيقية، ليتساءل البعض، كيف اعترف محام تمتع بالذكاء الخارق وخفة الظل والقدرة على المراوغة والتلاعب، بكل هذه الجرائم، مسلما نفسه لـ"طبلية عشماوي" بعد تزوير ونصب وقتل وخداع استمر 5 سنوات دون كشفه.

إقدام قذافي، على سرقة مشغولات ذهبية ملك والد زوجته الصيدلانية، كانت "القشة التي قصمت ظهر البعير"، حيث وضعته الجريمة في السجن ليكون على موعد مع ضابط شرطة لُقب وسط زملائه بـ"أستاذ جرائم النفس"، لقدرته على فك طلاسم الجرائم المعقدة، دون كلل أو ملل وإقناع الجناة بالاعتراف بجرائمهم، وتقابل الاثنان داخل أروقة قسم شرطة الهرم، لدى وصول قذافي لعمل تحريات أجهزة الأمن بالجيزة حول تورطه في اختفاء زوجته فاطمة زكريا وصديقه المهندس رضا محمد من عدمه.

في الوقت نفسه، كان اللواء عاصم أبو الخير نائب مدير مباحث الجيزة، آنذاك، متواجدا بمساكن عثمان بمدينة السادس من أكتوبر، لترأسه فريق البحث الجنائي المكلف بكشف ملابسات قتل سوداني الجنسية، وإذ طرق هاتفه مكالمة من اللواء محمود السبيلي ـرحمه الله ـ مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، حينها، يطلب منه التوجه إلى قسم الهرم لعمل تحريات المباحث المطلوبة، وتوجه بالفعل إلى القسم، وعقد اجتماعًا مغلقًا مع الرائد أحمد عصام رئيس مباحث الهرم والعقيد محمد الصغير مفتش المباحث حينها للاطلاع على الأوراق.

وبحسه الأمني أخبر "أبو الخير"، فريق التحريات أن قذافي وراء اختفاء زوجته وصديقه، لاتباعه نفس أسلوب الجريمة والاختفاء في الواقعتين وإرسال رسالة من هاتفهما المحمول لذويهما، فضلا عن شرائه منزل في منطقة المطرية دون امتلاكه أموال، لكن لا يوجد دليل قاطع على ذلك؛ ما دفعه إلى إجراء مكالمة هاتفية مع محام زوجته الصيدلانية -ابنة صاحب المشغولات الذهبية التي حُبس قذافي بسبب سرقتها بالإسكندرية- يطلب منه الحصول على الأوراق المعثور عليها داخل مكتب قذافي أملا في مساعدتهم في كشف جرائم الـ5 سنوات، وسرعان ما وافق المحامي على طلب "أبو الخير"، ليسافر الرائد محمد سعودي معاون مباحث القسم، آنذاك، إلى الإسكندرية، وأحضر حقيبة بداخلها بطاقات شخصية عدة مزورة تحمل صورة المتهم وأوراق تخص ضحاياه، ليقرر "أبو الخير" مقابلة قذافي للبدء في قضية هزت الرأي العام.

في بادئ الأمر أبى قذافي الاعتراف بجرائمه مدعيًا أنه كان يحمل البطاقة الشخصية الخاصة بالمهندس رضا وقت القبض عليه لكونه صديقه، وجرى تحرير محضر باسمه لعدم وجود بطاقة بحوزته، ولدى مواجهته بالأوراق المزورة حاول المراوغة بافتعال حركات غريبة وكلمات غير مفهومة، زاعمًا أنه مصاب بـ"مس"، ويحتاج لراقي شرعي، لكن نائب مدير المباحث كان على دراية بحيلته الماكرة وأحضر راقي شرعي بالفعل، ليجد قذافي نفسه قد وقع في خانة اليك فطلب مغادرة الراقي.

دار حديث بين أبو الخير وقذافي عن الأمور الدينية، وحينها أخبره بأن أولى زوجاته كانت ابنة الشيخ الذي حفظه القرآن الكريم، لكنها لم تكن تتمتع بالجمال الذي كان يتمناه، ليقيم علاقات غير شرعية مع غيرها، حتى وصل به الأمر لإقامة علاقات داخل مسكنه وقت صلاة الجمعة.

10 أيام متواصلة، مكث اللواء عاصم أبو الخير داخل وحدة المباحث، لتصبح العلاقة بينه وقذافي أشبه بالصديقين يقيمان الصلاة سويا، ويطلب له الطعام والشراب من الخارج، حتى فتح له قلبه وأخبره عن جرائمه وكيف ارتكبها واحدة تلو الأخرى.

عاد قذافي للمراوغة مجددًا خلال التحقيقات أمام وكيل النيابة العامة، وعند اعترافه بالجريمة الأولى وهي قتل صديقه المهندس رضا، قال إن سبب القتل هو مشاجرة قتله على إثرها دون قصد، إلا أنه فوجئ بحضور "أبو الخير" ووقتها تراجع عن المرواغة وأخبر وكيل النيابة بأن حقيقة القتل هي خلافات مالية في مشروع تجاري بينهما.

لم تتوقف مرواغات قذافي خلال التحقيقات، وعند الاعتراف بمكان الجثث حاول تضليل النيابة والمباحث، حيث أخبرهم في البداية أن جثة "رضا" وزوجته "فاطمة"، مدفونين داخل غرفة واحدة. لكن قبل البدء في الحفر لاستخراج الجثتين، تحدث معه أبو الخير قائلا: "ده أنت مُتدين يا قذافي مش حرام راجل وست يتدفنوا في غرفة واحدة"، ليخبرهم حينها عن المكان الحقيقي لجثة كل منهما.

ومن ثم اعترف قذافي بجريمته الثالثة وهي قتل نادين السيد، شقيقة إحدى زوجاته التي كانت تربطهما علاقة غير شرعية، وهددته بفضح أمرهما، ليتخلص منها كما فعل مع من قبلها، وأثناء التحقيقات قال قذافي لأبو الخير إنه اعتقد أن المباحث ستستخدم والدته كوسيلة للضغط عليه من أجل الاعتراف بجرائمه، لكن حدث عكس ما في مخيلته، فطلب هو مقابلتها ليخبرها بندمه عما ارتكبه من جرائم، وحينها طلبت منه والدته الاعتراف قائلة له: "افتح قلبك لربنا يا ابني.. خلاص اللي حصل حصل بس قابل ربك وأنت نضيف".

والأمر لم يستغرق سوى 5 دقائق، ليعترف قذافي، بآخر جرائمه، فقد انتظره أبو الخير داخل مكتبه حتى عاد من مقر النيابة العامة، بعدما أدلى باعترافاته عن جريمته الثالثة، ليستكمل معه التحقيقات وهذا ما رفضه " قذافي"، ليحدثه الضابط الدؤوب الباحث عن الحقيقة بطريقة محترفة، كأنه يطلب منه مساعدته في التخلص من سيدة هددت صديقه بفضح علاقتهما المحرمة أمام زوجته الصيدلانية، وهذا ما نال إعجاب "سفاح الجيزة"، مخبرا إياه: "عجبتني الدخلة على فكرة.. اللي بتتكلم عنها دي ياسمين وقتلتها لما حملت وهددتني إنها هتقول لمراتي عن علاقتنا".

وأضاف قذافي: "قتلتها ودفنتها تحت الشباك.. احفروا متر واحد بس لأنها كانت قصيرة"، لتتوجه قوة أمنية إلى المكان وتستخرج الجثة الرابعة في مسلسل جرائم قذافي فراج، التي انتهت بصدور 4 أحكام بالإعدام.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved