رضوى عاشور بعيون الكتّاب والمثقفين: أيقونة أدبية مؤثرة صاحبة مشروع أدبي لأنسنة التاريخ
آخر تحديث: السبت 30 نوفمبر 2024 - 7:20 ص بتوقيت القاهرة
تركت الكاتبة الراحلة رضوى عاشور وراءها إرثًا أدبيًا لا يُنسى، حيث استطاعت من خلال رواياتها أن تلامس أعماق القلوب وتطرح قضايا إنسانية عميقة. وشهدت أعمالها إعجابًا واسعًا من مختلف الأجيال، من الكتاب والمثقفين الذين اعتبروها مصدر إلهام وتوجيه.
في هذا السياق، يعبّر عدد من الكتاب والمثقفين عن تقديرهم الرفيع لرضوى عاشور، مؤكدين أن تأثيرها على الأدب العربي وعلى الحركات الثقافية في مصر والعالم العربي لا يزال مستمرًا، وأن رواياتها تشكل جزءًا أساسيًا من الوعي الأدبي والثقافي في المنطقة.
نورا ناجى: ليست مجرد كاتبة بل مثل أعلى
قالت الكاتبة نورا ناجى إن إضافة فصل عن رضوى عاشور فى كتاب «الكاتبات والوحدة» الصادر عن دار الشروق أثار تساؤلات لدى البعض، خاصة وأن رضوى كانت كاتبة ولديها أسرة وعائلة وليس لها علاقة بالوحدة، موضحة: مع قراءة «أثقل من رضوى» ولقائها مباشرة، شعرت أن رضوى عاشور عانت نوعا خاصا من الوحدة، حيث كانت تحمل همّ العالم بأسره، وهو شعور يمكن فهمه تمامًا.
وأضافت الكاتبة أن رضوى كتبت فى «أثقل من رضوى» عن عزلتها أثناء الكتابة، وعن إحساسها بأنها تختفى خلف حائط يفصلها عن أسرتها، وعن مريد وتميم. ورأت أن هذا الجزء من الكتاب كان مؤثرًا للغاية بالنسبة لها، لأنه يعكس فكرة الكتاب نفسه؛ كيف أن الكتابة تُجبر الكاتبة على الانعزال عن محيطها، حتى عن أقرب الناس إليها.
وأشارت إلى أن الكثيرين تساءلوا لاحقًا عن سبب وجود رضوى عاشور فى الكتاب، لكنهم أدركوا مع مرور الوقت أهميتها كإضافة كبيرة. وقالت إن وجودها فى الكتاب كان بالنسبة لها فرصة للكتابة عن كاتبتى المفضلة، التى تركت أثرًا عميقًا فى حياتها وفى مفهوم الكتابة ذاته.
وواصلت: «بالنسبة لى، رضوى عاشور ليست مجرد كاتبة، بل هى مثل أعلى، أيقونة أعتبرها الكاتبة الأعظم على الإطلاق، لأنها تكتب روايات حرة لا تخضع لأى أيديولوجية، وتتناول أفكارًا جريئة تعبّر عن المعاناة الإنسانية، دائمًا منحازة للضعيف والمظلوم. أعتقد أن هذا الانحياز انعكس على أسلوبى الكتابى أيضًا.
هند جعفر: تركت تأثيرًا كبيرًا خاصة على الكاتبات
كشفت الكاتبة هند جعفر أن العمل الأقرب إلى قلبها من بين أعمال رضوى عاشور هو رواية «الطنطورية»، ليس فقط بسبب جودتها، فهناك أعمال أخرى لرضوى قد تفوقها جودة، ولكن لحجم الجهد المبذول فيها. وأشارت إلى أن رضوى، ككاتبة مصرية، حاولت ارتداء ثوب شخصية فلسطينية، وهو أمر مرهق على مستويات عدة، لكنها نجحت فى أداء هذا الدور بجدارة. وأضافت أن رضوى تركت العنان لكل ما يعنيه تمثل شخصية ذات ثقافة مختلفة، سواء من خلال اللهجة المتقنة أو الذكريات والشهادات الموثقة. وأكدت أنه لو أُزيل اسم رضوى عاشور من الرواية، لظن القارئ أنها من تأليف كاتب فلسطينى، وهو ما يعد نجاحًا كبيرًا.
واختتمت حديثها بالإشارة إلى أن رضوى تركت تأثيرًا كبيرًا، خاصة على الكاتبات. وأوضحت أن كثيرًا من كاتبات جيلها فتنوا بنموذج رضوى عاشور. وأكدت أن روايتها «ثلاثية غرناطة» كانت تحظى بشعبية كبيرة فى جيلها، وكانت موضوعًا للمناقشة فى المنتديات الثقافية فى منتصف الألفية. وأضافت أن الجملة الختامية للرواية «لا وحشة فى قبر مريمة» كانت تثير إعجابهم بشدة.
هبة عبدالعليم: يوميات الغضب.. مشروع اكتمل بفضلها
فيما قالت الكاتبة هبة عبدالعليم، إنه فى أحد أيام أكتوبر 2011، التقيت رضوى عاشور فى ميدان التحرير، كانت معنا، تطالب بما نطالب به، التففنا حولها لنتعرف إليها، وبروح معلمة وأم وقفت وأفردت لكل منا وقتًا، كانت تسأل عنا وعما ندرس وعما نعمل، حينها عرضت عليها فكرة المشروع الذى كان يتكون فى عقلى فى تلك الأيام. مشروع كتاب يجمع شهادات لثوار من كل محافظة من محافظات مصر، انتبهت لما أقول لثوانٍ قليلة ثم قالت لى «ده مشروع مهم. أحب أن أتابع عملك عليه لحين الانتهاء منه».
واصلت: بدأنا العمل معًا فى جلسات أسبوعية لا يقطعها إلا مرضها أو فترة تعافيها بعد إجراء إحدى العمليات الجراحية إثر مرضها الأخير، بطبيعة الحال كانت كل لقاءاتنا تتم فى بيتها. حتى انتهيت من الكتاب وراجعته وكتبت مقدمته، كان كتاب «يوميات الغضب» هو فكرتى التى لم أكن أعتقد أنها ستكتمل إلا بعد أن قابلتها وعملت معها، وبدعم كامل منها.
أحمد المرسى: أنسنة التاريخ.. بصمتها على الرواية العربية
أكد الكاتب أحمد المرسى أن أعمال رضوى عاشور كان لها تأثير كبير على الدوام، مضيفا: أعتبرها أستاذة كبيرة، من بين هؤلاء الأساتذة الذين تعلمت منهم ولم أقابلهم، بل هى أهم صوت نسائى مصرى فى فن الرواية بالقرن العشرين، أعتقد أنها تركت بصمتها على جيلى كله.
أضاف: كتبت رضوى الرواية عن معاناة البشر، وأنا أعتقد أنه مدخل يمكن أن يزيد وعى الإنسان بقضية ما أفضل من مدخل الأدب، وهى قد استخدمت ذلك بروعة شديدة، ولا أعتقد على سبيل المثال أن هناك من كتب عن سقوط الأندلس مثل رضوى عاشور، رغم أن الكثير تصدوا للكتابة عن هذا الحدث التاريخى.
هبة خميس: امرأة قوية وكاتبة تعرف مشروعها الأدبى جيدًا
قالت الكاتبة هبة خميس: «شخصية رضوى عاشور أثرت فىّ بعمق، فهى امرأة قوية وكاتبة تعرف مشروعها الأدبى جيدًا. قرأت لها منذ سن صغيرة، وكانت أول مرة أتعرف فيها إلى سقوط الأندلس من خلال رواياتها، وأرى أنها لعبت دورًا محوريًا فى تشكيل وعى جيل كامل، وأنا جزء من هذا الجيل.
أردفت بعدها: ما يميز رضوى عاشور أنها ما زالت مقروءة ومؤثرة حتى الآن، خاصة بين الجيل الأصغر. أعتقد أنه من المهم لهذا الجيل، الذى يشهد أحداثًا مثل حرب غزة، أن يقرأ أعمالها لأنها تُظهر كيف أن التاريخ يكرر نفسه.
سيد عبد الحميد: إرث رضوى عاشور بصمة خالدة في الأدب العربي
أكد الكاتب سيد عبد الحميد أن رضوى عاشور أثرت في أسلوبه الكتابي بتلاحمها مع الواقع الاجتماعي، مما دفعه للحرص على أن تكون كتاباته قريبة من الواقع. وأضاف أنه تعرف على أعمالها من خلال أصدقائه، وبدأ بقراءة "الطنطورية" أثناء فترة الإبادة الجماعية، حيث أدهشته بقدرتها على دمج الروائي المتخيل بالوقائع التاريخية، مما ألهمه تناول قضايا الحرب وتاريخها في كتاباته.
وأشار إلى أن "الطنطورية" كانت أول أعمالها التي قرأها، وأثرت فيه بقدرتها على تمرير حكايات حقيقية في إطار متخيل يمزج السحر الأدبي بمأساة الواقع. كما أشاد بانطلاق رضوى من نقطة صفرية في كتاباتها، وتركها لشخصياتها التعبير عن نفسها بعيدًا عن صوت الكاتبة، بالإضافة إلى قدرتها على الكتابة عن أمكنة وأزمنة لم تعشها، لكنها منحتها أصواتًا نابضة بالحياة.
رحمة ضياء: "رضوى عاشور.. إلهام يتجاوز العمر وأدب يخاطب الجميع"
أكدت الكاتبة رحمة ضياء أن تجربة رضوى عاشور الأدبية كانت ملهمة ومؤثرة بشكل كبير في مسيرتها الشخصية، خاصة أن رضوى بدأت مشوارها الأدبي في سن الأربعين، وهو ما منحها شعورًا بالطمأنينة والتفاؤل، حيث كانت تشعر أحيانًا أنها تأخرت في العمل على مشاريع أدبية كبيرة".
وأضافت ضياء أن مع مرور الوقت، تزداد شعبية رضوى عاشور، مشيرة إلى أن رواية الطنطورية تعد من أكثر أعمالها تأثيرًا عليها. وقالت: "أحببت كيف استطاعت رضوى أن تمزج بين تجربتها الذاتية والقضايا الكبرى، سواء كانت سياسية أو اجتماعية، بطريقة ملهمة".
ميرنا المهدي: "مدرسة رضوى عاشور.. السرد الصادق يعبر الأزمنة والقضايا الكبرى
وقالت الكاتبة ميرنا المهدي إن الكتابة علمتها الجرأة في تناول بيئات لم تعش فيها، والقدرة على السفر عبر الأزمنة والمجتمعات التي لم تكن جزءًا منها، دون خوف من التعبير عن شخصيات وقصص ليست قريبة من واقعها.
وأشارت إلى أن أولى خطواتها في هذا المسار بدأت عند دراستها لتاريخ الأندلس في الجامعة، حين قرأت ثلاثية "غرناطة" للكاتبة الراحلة رضوى عاشور. وأضافت: "نشأت علاقة حب كبيرة بيني وبين كتابات رضوى عاشور؛ فهي تملك قدرة فريدة على الانسياب كالماء في السرد".
وكشفت المهدي أن روايتها القادمة ستتضمن إهداء خاصًا إلى رضوى عاشور تقديرًا للدروس التي تعلمتها من أعمالها، والتي تركت أثرًا بالغًا في كتاباتها وشخصيتها الأدبية.