تقرير أمريكي يستعرض سيناريوهات الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا

آخر تحديث: الأحد 30 يناير 2022 - 11:41 ص بتوقيت القاهرة

سارة أحمد

استعرضت شبكة "سي.إن.إن" الأمريكية، سيناريوهات بشأن الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، في وقت تتواصل فيه التحركات العسكرية حول أوكرانيا.

وقالت شبكة "سي.إن.إن" في تقرير مطول نشرته أمس الأول، إن بعض المخاوف بشأن خطر نشوب حرب شاملة، قد تراجعت قليلا، بعد المحادثات الرئيسية التي ضمت مسؤولين روس وأوكرانيين في باريس، لكن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" تقول أيضا إن حشد القوات الروسية مستمر، وأبلغ الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في مكالمة يوم الخميس الماضي أن هناك احتمالا كبيرا بأن روسيا قد تشن غزوا في فبراير المقبل، وفقا للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي إميلي هورن.

وأشار مسؤول أوكراني كبير في حديث لشبكة "سي.إن.إن"، إلى أن زيلينسكي أعاد تأكيد موقفه بأن التهديد الروسي لا يزال "خطيرا ولكنه غامض"، وليس من المؤكد أن هجوما سيحدث.

ويقول محللون إن لدى روسيا قائمة من الخيارات للهجوم في أي لحظة تختارها، ابتداءا من الضربات الجوية المفاجئة إلى الغزو البري على طول جبهة واسعة، وعلى الرغم من نقل روسيا كميات كبيرة من المعدات العسكرية إلى المناطق الحدودية لأوكرانيا، لم يكن كل الأفراد اللازمين لعملية برية جاهزين.

وأوضحت شركة جينيس، العالمية للاستخبارات الدفاعية مفتوحة المصدر: "في الوقت الحالي، تمتلك روسيا الكثير من المعدات على حدودها مع أوكرانيا".

وأضافت: "هذا يقلل من مقدار الوقت الذي يحتاجون إليه لتعبئة تلك المنطقة بمزيد من القوات إذا قرروا القتال لأن كل معداتهم الثقيلة موجودة هناك بالفعل".

وقالت الشركة إن القوات يمكن أن تنتشر في أقل من 72 ساعة، لأنها تحتاج فقط إلى إرسالها من قواعدها بالطائرة أو بالقطار عبر البلاد.

وأشارت جينيس إلى أن روسيا تعمل أيضا على نشر "تشكيل كبير جدا" في بيلاروسيا من منطقتها العسكرية الشرقية، والتي تمتد من ساحل المحيط الهادي الروسي إلى سيبيريا.

وأوضحت الشركة أن هذا التشكيل، الذي اكتشفت جينيس لأول مرة أنه يتحرك غربا في وقت مبكر من هذا الشهر، يشمل قوات، وموارد لوجستية واتصالات، فضلا عن معدات عسكرية.

وقالت روسيا إن القوة موجودة هناك للمشاركة في مناورة تدريبية مع بيلاروسيا، لكن وفقا لجينيس، فإن القوات "تنتشر بشكل أساسي في أقرب مكان للاستعداد للغزو".

وأضافت جينيس: "إذا حكمنا من خلال ما تم وضعه مسبقا على الأراضي الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، فإن روسيا ستحتاج ربما أسبوعين كحد أقصى من الحركة المكثفة لوضع كل القطع في مواقعها" إذا كانت ستشن غزوا.

بدوره، قال الصحفي المختص في الشؤون الدفاعية سام كراني إيفانز: "الشيء المهم الذي يجب إدراكه هو أن روسيا حذرة تماما من أن تقاتل بقوات على الأرض".

وأوضح إيفانز أن بإمكان روسيا بدلا من ذلك أن تختار استخدام أصولها الاستخباراتية والمراقبة والاستطلاع بعيدة المدى لاستهداف البنية التحتية الوطنية الحيوية داخل أوكرانيا، مثل القواعد العسكرية أو حتى محطات الطاقة والجسور.

وقدرت نتائج المخابرات الأمريكية في ديسمبر العام الماضي، أن روسيا يمكن أن تبدأ هجوما عسكريا في أوكرانيا "في وقت مبكر من عام 2022"، ومع ذلك، يقول المسؤولون الأوكرانيون إن أحدث المعلومات الاستخبارية العسكرية تشير إلى أن القوات الروسية ليست مستعدة بعد لغزو شامل للبلاد.

وقال مصدر مقرب من القيادة الأوكرانية، في حديث لـ"سي.إن.إن" يوم الثلاثاء الماضي، إن رؤساء الدفاع والمخابرات كانوا يحللون صور الأقمار الصناعية للقوات الروسية "من الوكالات الأمريكية والوكالات الغربية الأخرى" كل ساعة، لكنهم لم يروا بعد أن روسيا تدخل في وضع القتال، أو الاستعداد للهجوم ".

وأوضح المصدر للشبكة الأمريكية، إن المخابرات الأوكرانية تقدر أن التهديد من روسيا "خطير، لكنه ليس وشيكا"، وأنه إذا تم إصدار أي أمر روسي بالهجوم، فسيستغرق الأمر من أسبوع إلى أسبوعين حتى تكون القوات الروسية بالقرب من الحدود جاهزة.

وقال كراني إيفانز: "فيما يتعلق بالجدول الزمني، فإن ما رأيناه حتى الآن كان إشارة واضحة للغاية لنية القدرة على غزو أوكرانيا، لكن الروس يأخذون وقتهم لوضع الأجزاء النهائية في مكانها من أجل ترك مساحة للمحادثات التي قد تسمح لهم بتحقيق أهدافهم السياسية، مثل تنصيب زعيم موال للكرملين أو حتى زعيم محايد في كييف".

واعتبر كراني إيفانز، أنه إذا وصل الأمر إلى غزو، فإن روسيا يمكن أن تنقل القوات اللازمة إلى مكانها في غضون 72 ساعة. وقال كراني إيفانز: "إن القوات التي تمتلكها روسيا بالفعل في المنطقة العسكرية الجنوبية على الحدود مع أوكرانيا هي التي من المحتمل أن تخوض الجزء الأول من القتال".

وقالت الشبكة الأمريكية إنه قد تكون هناك أيضا عوامل غير جيوسياسية يجب أخذها في الاعتبار، مثل الطقس ودورة الألعاب الأولمبية الشتوية القادمة في بكين.

وتوقع بعض المحللين، أنه إذا أمر بوتين قواته بالغزو، فذلك سيأتي قبل ذوبان الجليد في الربيع.

وقال الصحفي البريطاني تيم مارشال: "أفضل وقت للقيام بذلك هو الشتاء لأنه سيكون تقدما ميكانيكيا وتحتاج الفرق الآلية إلى أرض صلبة مجمدة".

لكن كراني إيفانز قال إن الطقس لن يلعب دورا رئيسيا في أي قرار للغزو، موضحا "روسيا لديها تاريخ طويل من القتال فهي تبدأ القتال في الوقت الذي تريده، ولا يوجد مؤشر حقيقي على أنها منزعجة من الوحل"، مضيفا أن القوات الروسية لديها خبرة في العمل في هذه المنطقة.

وأضاف: "تتمتع عربات القتال المدرعة، بإمكانية تنقل جيدة جدا بشكل عام حتى على التربة الرخوة جدا"، مشيرا إلى أن أوكرانيا لديها نظام طرق جيد جدا.

بدورها، رأت نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان، أن الألعاب الأولمبية الشتوية التي تبدأ الأسبوع المقبل في الصين قد تؤثر على تفكير روسيا.

وقالت شيرمان إن بوتين يعتزم أن يكون حاضرا عندما تبدأ الألعاب، وأن الرئيس الصيني شي جين بينج "لن يكون سعيدا إذا اختار بوتين تلك اللحظة لغزو أوكرانيا".

وأضافت شيرمان أنها تشك في أن "حتى الأشخاص المحيطين ببوتين: "لا يعرفون ما سيفعله فيما يتعلق بأوكرانيا، لكن الولايات المتحدة ترى أن كل المؤشرات تدل على أنه سيستخدم القوة العسكرية، في وقت ما ربما الآن أو حتى منتصف فبراير".

وفيما يتعلق بالشكل المحتمل للغزو الروسي على أوكرانيا، قال مايكل بوسيوركي، محلل الشؤون العالمية في "سي.إن.إن"، والمتحدث السابق باسم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، إنه يعتقد أن بوتين قد يختار الغزو عبر دونباس هذا الأسبوع لأنه "يعلم أنه سينجو بفعلته".

وأضاف بوسيوركي: "لقد أعطى بوتين مئات الآلاف من جوازات السفر الروسية للمقيمين المؤيدين لروسيا في دونباس، والآن لديه ذريعة أخرى للدخول والقول إنهم بحاجة إلى الحماية".

وذكرت الشبكة الأمريكية، إن في أبسط صورة يمكن أن يتضمن الإجراء الروسي "تطبيع" قبضة البلاد على منطقة دونباس عن طريق إرسال قوات روسية لإغلاق سيطرتها على المنطقة، أو حتى لتوسيع منطقتها العازلة قليلا ضد بقية أوكرانيا.

وقال محللون آخرون إن ممرا بريا ضيقا على طول بحر آزوف، عبر مدينة ماريوبول بجنوب أوكرانيا، يمكن بلوغه بسهولة من خلال هبوط برمائي على ساحل بحر آزوف.

وأضافت الشبكة الأمريكية، أن الخيار الآخر الذي تمت مناقشته هو غزو أوسع للبلاد، لكن هذا سيكون مكلفا لروسيا من حيث أرواح الجنود الروس والعقوبات الغربية.

ووفقا لتقييم استخباراتي لوزارة الدفاع الأوكرانية اطلعت عليه شبكة "سي.إن.إن" الأسبوع الماضي، كان لدى روسيا أكثر من 106000 فرد على الأرض بالقرب من حدود أوكرانيا، فضلا عما يقرب من 21000 من أفراد القوات الجوية والبحرية.

وقال التقييم أيضا إن روسيا تدعم أكثر من 35 ألف متمرد في شرق أوكرانيا ولديها حوالي 3000 من أفرادها العسكريين المتمركزين في أراضي المتمردين. وتنفي موسكو وجود أي قوات في شرق أوكرانيا.

وقال تحليل من جينيس صدر يوم الثلاثاء الماضي، "يبدو أن القوات المسلحة الروسية دخلت أعلى مستوى من النشاط والحركة منذ بدء التعزيزات في أواخر أكتوبر (الماضي)".

ووفقا لجينيس، فإن القوة المنتشرة في بيلاروسيا من المنطقة العسكرية الشرقية لروسيا مجهزة بكتيبتين على الأقل من إسكندر- إم - إسكندر وهي عبارة عن نظام قاذفة صواريخ كروز على الطرق، بالإضافة إلى صاروخ متعدد بعيد المدى من طراز BM-27 قاذفات وعدد كبير من دبابات القتال الرئيسية.

كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، نشر 12 طائرة مقاتلة من طراز Su-35S وكتيبتين من أنظمة الدفاع الجوي S-400 وكتيبة الدفاع الجوي Pantsir-S في بيلاروسيا كجزء من التدريبات العسكرية هناك، حسبما أفاد التحليل.

وقال تحليل جينيس، إن وجود قوات في بيلاروسيا يساعد روسيا بشكل كبير "لأنه يجبر الأوكرانيين على الدفاع عن عدة مئات من الكيلومترات من الحدود"، سواء قرر الروس الغزو أم لا، كما يمكن أن يسمح للروس بتوسيع النطاق الجغرافي لراداراتهم وأنظمة الحرب الإلكترونية وتعزيز دفاعاتهم الجوية.

وأضاف التحليل أن "وحدات من المناطق العسكرية الوسطى والجنوبية والغربية تنشر على ما يبدو معدات إضافية، بما في ذلك الدبابات والمدفعية وأنظمة الاتصالات، إلى المواقع المنشأة بالقرب من الحدود الأوكرانية".

أما فيما يتعلق بالقدرة العسكرية لأوكرانيا، قالت شبكة "سي.إن.إن" الأمريكية، إن أوكرانيا تصر على أن قواتها مستعدة بشكل جيد.

وكثف الحلفاء الغربيون، بما في ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا، توفير التدريب العسكري والمعدات والإمدادات لأوكرانيا مع تصاعد التوترات مع روسيا.

كما صرح مستشار للرئيس الأوكراني زيلينسكي لشبكة "سي.إن.إن"، أن الولايات المتحدة تقدم الآن "مستوى غير مسبوق من الدعم" لأوكرانيا، على الصعيدين العسكري والدبلوماسي.

وقال سفير أوكرانيا لدى اليابان سيرجي كورسونسكي، هذا الأسبوع: "جيشنا مستعد بشكل جيد للغاية".

في غضون ذلك، حث زيلينسكي الأوكرانيين مرارا وتكرارا على التزام الهدوء وعدم الذعر.

ووفقا لكراني إيفانز، فإن القوات المسلحة الأوكرانية في وضع أفضل بكثير مما كانت عليه في عامي 2014 و2015، عندما كانت حالة استعدادها منخفضة للغاية.

وأضاف: "لقد دفعت القوات المسلحة الأوكرانية بقوة من أجل تحديثها، لقد فعلت ما في وسعها مع الصناعة المحلية لتحسين قدراتها وتقوية دفاعاتها"، متابعا: "لكن في النهاية، الكثير مما حققوه هو تكتيكي بطبيعته، والطريقة التي يقاتل بها الروس هي أعلى بكثير من ذلك المستوى".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved