ماذا يعني خروج إيطاليا من مبادرة الحزام والطريق الصينية بالنسبة للولايات المتحدة؟

آخر تحديث: الثلاثاء 30 يناير 2024 - 2:49 م بتوقيت القاهرة

واشنطن-د ب أ

في نهاية العام الماضي، أعلنت إيطاليا رسميا أنها سوف تنهي مشاركتها في مبادرة الحزام والطريق الصينية، لتصبح بذلك الدولة الأولى التي تنسحب من المشروع منذ نشأته قبل أكثر من عقد مضى.

ويرى خوان بي فيلازميل، وهو زميل تحرير بمعهد الدراسات المشتركة بين الكليات، ونيكولو كوميني الباحث في الشئون السياسية في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية، أن هذه الخطوة دفعت الكثيرين للخوف من أن يكون خروج إيطاليا مشابها لحالات خروج أخرى شهيرة من تكتلات تجارية في جميع أنحاء القارة والعالم، على غرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

كان الرئيس الصيني شي جين بينج والحكومة الصينية قد أطلقا في عام 2013 مبادرة الحزام والطريق، وهى مشروع استثماري عالمي في البنية التحتية يهدف إلى ربط اقتصادات دول أخرى باقتصاد الصين.

وضخ الحزب الشيوعي الصيني،من خلال المبادرة، استثمارات في 147دولة حول العالم، وركز على دول نامية غير غربية في قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. وكنتيجة لذلك، جاءت مشاركة إيطاليا في المبادرة كصدمة للغرب.

وتأسست هذه المشاركة من خلال مذكرة تفاهم تم التوقيع عليها بين شي جين بينج ورئيس الوزراء الإيطالي السابق جوزيبي كونتي خلال زيارة شي للبلاد في عام 2019، وكان كونتي يتطلع للتأثير على وضع الصين الاقتصادي المهيمن بينما يجلب مستثمرين إلى إيطاليا حيث كانت هناك حاجة ماسة إليهم.

غير أن هذه الخطوة قد أثارت قلق الكثير من حلفاء إيطاليا، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي كانت فيه إيطاليا متبرعا كبيرا في برامجه التمويلية العديدة، والولايات المتحدة التي رأت في العلاقة الصينية الإيطالية النامية سببا لتآكل محتمل لعلاقتها مع روما.

ولكن بعد خمس سنوات لاحقة، لايزال لدى إيطاليا توقعات لم تتحقق. وزادت صادرات الصين إلى إيطاليا بما قيمته 17 مليار يورو، بينما ارتفعت الصادرات الإيطالية إلى الصين بمقدار أربعة مليارات يورو فقط.

وقال فيلازميل وكوميني إنه رغم تطوير البنية التحتية برعاية العملاق الآسيوي، سرعان ما أصبح واضحا أن إيطاليا لا تحظى بمعاملة عادلة. ومع الوضع في الاعتبار سمعة إيطاليا كواحدة من الدول الأكثر استدانة في الاتحاد الأوروبي، أدى عجز تجاري متزايد مع الصين إلى تغيير تفكير واضعي السياسات.

وأضاف المحللان أن الأضرار الاقتصادية لم تكن هي السبب الوحيد وراء قيام إيطاليا بالانسحاب من مبادرة الحزام والطريق، حيث إن أوروبا بدأت تبتعد عن التجارة الصينية، وبدأت المفوضية الأوروبية تحقيقا في صادرات السيارات الكهربائية الصينية في سبتمبر الماضي.

وتحت ضغط الحقائق الاقتصادية للشراكة التجارية، بدأت رئيسة الوزراء جورجا ميلوني في إعادة إيطاليا إلى الغرب، ليس فقط من خلال الانسحاب من الاتفاقية، ولكن إيضا من خلال إعادة التأكيد على التزام إيطاليا تجاه منظمة حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وكانت الأهداف الأساسية لميلوني هي دعم جهود أوكرانيا وتحسين علاقات إيطاليا عبر الأطلسي. ومن وجهة نظر ميلوني، عرقل وجود علاقات أقوى مع الصين تحقيق هذا الهدف، وبصفة خاصة عندما لم تحقق مكاسب اقتصادية كافية لتبرير الشراكة.

وكنتيجة لإعادة توجيه إيطاليا، اقتربت أكثر من الغرب، ما دفع الولايات المتحدة إلى أن تطلق مبادرات تركز على التجارة مع شركائها الإقليميين، الأمر الذي من شأنه يبشر بنمو واعد لكل الأطراف المشاركة في هذه المبادرات.

وتابع المحللان أنه مع وضع هذا في الاعتبار، يتعين على الولايات المتحدة أن تواصل مد يدها إلى إيطاليا، ليس فقط لأنه لا يجب عليها أن تعتبر حليفا أوروبيا مطلا على البحر الأبيض المتوسط أمرا مسلما به، ولكن لأن هذه الخطوة تسلط أيضا ضوءا على قيادتها.

وبعد سنوات من انتهاج حياد واضح تجاه التوترات بين الولايات المتحدة والصين، يمنح انسحاب إيطاليا من مبادرة الحزام والطريق الولايات المتحدة فرصة لإثبات أن علاقات أوثق مع واشنطن تعود بفائدة أكبر من الاقتراب من منافسها الجيوسياسي الأكثر شراسة.

وعلاوة على ذلك، يتعين على الولايات المتحدة أن تشير على نحو حازم للآخرين في المنطقة إلى أن الأمن والرفاهية الاقتصادية التي توفرهما لا مثيل لهما.

وأضاف فيلاز ميل وكوميني أنه يمكن عندئذ استخدام إيطاليا كدراسة حالة، ترمز إلى السخط الإقليمي. ويمكن أيضا النظر إلى تصرفات إيطاليا على أنها فرصة للولايات المتحدة بطرق أخرى.
وبسبب موقعها المسيطر في البحر الأبيض المتوسط، تظل إيطاليا حليفا أساسيا للولايات المتحدة حيث توفر وصولا لا نظير له إلى الطرق البحرية المهمة. وبناء على ذلك، كلما كانت العلاقة أقوى بين الدولتين، كلما كان ذلك أفضل.

واختتم المحللان تقريرهما بالقول إن واشنطن وشركاءها الإقليميين يجدون أنفسهم الآن في اللحظة المثالية لاعادة تنشيط علاقاتهم الاستراتيجية مع روما حيثما تقتضي الضرورة ذلك.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved