نبيل نعوم يكتب: هرمون الذكورة

آخر تحديث: الجمعة 30 أغسطس 2024 - 6:25 م بتوقيت القاهرة

يُعد هرمون التستوستيرون من أهم الهرمونات الذكورية لدى الرجال فهو الهرمون الجنسى الرئيسى ويلعب دورا أساسيا فى نمو الأنسجة التناسلية الذكرية وأيضا مهم لصحة الرجل، فبشكل عام يساعد على نمو العظام والعضلات ونمو شعر الجسم ويمكن أن تؤدى المستويات غير الكافية منه لدى الرجال إلى اضطرابات تشمل الوهن وفقدان العظم. ويوجد هذا الهرمون أيضا لدى الإناث بقدر أقل، إذ تبلغ مستويات هذا الهرمون لدى الذكور البالغين أكبر بحوالى سبع إلى ثمانى مرات منها لدى الإناث البالغات.

والذكورة (أو الرجولة)، هى مجموعة من الصفات والسلوكيات والأدوار المرتبطة بالفتيان والرجال، وتُعتبر عمومًا بنية اجتماعية، لكن بعض الأبحاث أشارت إلى تأثر الذكورة بالعوامل البيولوجية. وتختلف معايير الرجولة أو الذكورة باختلاف الثقافات والفترات التاريخية فى المجتمعات المختلفة، ولكنها تشمل غالبا سمات الاعتداد بالنفس والشجاعة والقوة. وتعتبر الفحولة شكلًا من أشكال الذكورة المرتبطة بالقوة وتجاهل العواقب والتهرب من المسئولية، وتضخيم الاحتفال بالطاقة والدافع الجنسى. وهذا أيضا ما يطلق عليه مصطلح الذكورة المفرطة، وقد صاغ هذا المصطلح كل من دونالد موشر ومارك سيركين فى عام 1984، «إذ عرّفا الذكورة المفرطة أو «الشخصية الذكورية» عمليًا بأنها تنطوى على ثلاثة متغيرات تتعلق بالجنسانية والعدوانية الجسدية: السلوكيات الجنسية القاسية عند التعامل مع النساء. الاعتقاد بوجود طابع رجولى مرتبط بالعنف. الاعتقاد بحماسية التجارب المنطوية على الخطر». وقد تردد اسم هرمون التستوستيرون كثيرا أثناء الألعاب الأولمبية الأخيرة فى باريس بسبب التنمر والاتهام الباطل والتحيز الذكورى بعدم أنوثة الملاكمة الجزائرية المحترفة إيمان خليف (من مواليد 2 مايو 1999) والتى نالت الميدالية الذهبية فى نهاية الأمر بفوزها على اللاعبة الصينية يانج ليو. وقالت خليف بعد فوزها: «أما بالنسبة لتأهلى أم لا، سواء كنت امرأة أم لا، فقد أدليت بتصريحات إعلامية كثيرة حول هذا. أنا مؤهلة تمامًا للمشاركة فى هذه المسابقة. أنا امرأة كأى امرأة أخرى. لقد ولدت امرأة، وعشت امرأة، وتنافست كامرأة، ليس هناك شك فى ذلك. أما المنتقدون، فهم أعداء النجاح، هذا ما أسميهم. وهذا أيضًا يمنح نجاحى طعمًا خاصًا بسبب هذه الهجمات». وقد مثلت إيمان خليف الجزائر فى الألعاب الأولمبية الصيفية 2020 فى طوكيو وفازت بالميدالية الذهبية فى وزن الوسط للسيدات فى دورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2024. ولدت إيمان خليف فى بلدية عين سيدى على بولاية الأغواط و لكنها نشأت فى قرية بيبان مصباح بولاية تيارت شمال غرب الجزائر، وفى سنواتها الأولى، كان عليها أن تتنقل إلى قرية مجاورة لحضور الدورات التدريبية، وكانت تبيع الخردة المعدنية لتحمل أجرة الحافلة. فى عام 2018، شاركت خليف لأول مرة فى بطولة الاتحاد الدولى للملاكمة للسيدات حيث احتلت المركز 17 بعد إقصائها من الدور الأول. ثم مثلت الجزائر فى بطولة العالم للملاكمة للسيدات 2019‏ التى أقيمت فى روسيا، ومثلت الجزائر فى منافسة الوزن الخفيف فى الألعاب الأولمبية الصيفية 2020 فى طوكيو. فى 2022، شاركت خليف فى بطولة الاتحاد الدولى للملاكمة للسيدات. فى مارس 2023، استبعد الاتحاد الدولى للملاكمة خليف قبل فترة وجيزة من مباراة الميدالية الذهبية فى بطولة الاتحاد الدولى للملاكمة للسيدات 2023، وقالت اللجنة الأولمبية الجزائرية إن خليف ليست متحولة جنسيا، ولكنها استبعدت لأسباب صحية. أُفيد لاحقا أن الاستبعاد كان بسبب التحقق من الجنس فى الرياضة، وقياس مستويات هرمون التستوستيرون‏ فى الدم. فى 2024 سمحت اللجنة الأولمبية الدولية (IOC)لخليف بالمنافسة فى الألعاب الأولمبية الصيفية 2024 فى باريس، باستخدام قواعد مختلفة عن الاتحاد الدولى للملاكمة (IBA)، مؤكدة أنها امتثلت لجميع اللوائح الأهلية واللوائح الطبية اللازمة لهذه المنافسة، وأشارت اللجنة الأولمبية الدولية إلى أن إيمان خليف امرأة بحسب جواز سفرها، وكما هو الحال فى مسابقات الملاكمة الأولمبية السابقة، يُعتمد جنس وعمر الرياضيين على جوازات سفرهم. وأن هذه ليست «مسألة متحولة جنسيا». تعرضت الملاكمة إيمان خليف إلى التنمر والتنمر الإلكترونى طيلة مشوارها، لا سيما منذ اللحظة التى فازت فيها بالمباراة التى خاضتها مع الملاكمة الإيطالية أنجيلا كارينى. وقد أعربت منظمة الأمن العالمية لمكافحة الفساد (OMSAC) علنا عن دعمها للملاكمة الجزائرية إيمان خليف لتعرضها لاتهامات لا أساس لها تتعلق بجنسها، ووصفتها بأنها افترائية وتمييزية وبلا أساس. وفى 9 أغسطس 2024 ‏تُوجت إيمان خليف بطلة ونالت الميدالية الذهبية فى نهائى الألعاب الأولمبية الصيفية 2024 للملاكمة النسوية 66 كج. وعبرت خليف أن فوزها بالميدالية الذهبية سيكون بمثابة الرد على التنمر الذى طالها طوال الأولمبياد من شخصيات بارزة كالرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيسة وزراء إيطاليا جورجا ملونى والكاتبة جى كى رولينج الشهيرة لسلسلة هارى بوتر. وقد يكون التنمر الذى أصاب البطلة إيمان خليف يعود إلى النظرة الغربية لمقياس جمال الأنثى فى عين الرجل الشمالى، منكرا أن معايير الجمال فى العالم تختلف من بلد لبلد ومن ثقافة لثقافة، وتتغيّر أيضا مع الزمن، إضافة إلى اختلاف بعض المعايير التى كانت رائجة فى السابق، مثلا كانت أهم معايير الجمال أن يكون فم المرأة صغيرا، أمّا فى عصرنا الحالى فإن معيار الجمال هو الفم الواسع والشفتان الممتلئتان المثيرتان. أما عن الرجل الفحل القاسى الذى يعتبر المرأة متعة فراش وخادمة تعمل بأجر عطفه عليها، فيقول المثل المصرى الذى ابتدعته النساء: «لو كانت الرجولة شنبات كان الصرصار سيد الرجال».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved