الخارجية الألمانية: الأسد ليس لديه رغبة في حل الأزمة السورية
آخر تحديث: الإثنين 30 سبتمبر 2024 - 9:23 م بتوقيت القاهرة
مسئولة بالخارجية الأمريكية: لا بديل عن قرار 22254.. وعقوبات قيصر لاتزال سارية
قال ستيفان شنيك، المبعوث الخاص إلى سوريا بوزارة الخارجية الألمانية، إن ألمانيا ترفع شعار اللات الثلاثة في القضية السورية: لا رفع للعقوبات ولا للإعمار، ولا للتطبيع، وإعادة الإعمار تعني التعاون مع النظام، وهذا مرفوض، ولهذا لجأنا إلى صندوق الإنعاش المبكر لنعمل على تحسين الوضع بدون النظام".
وأوضح شنيك، في مؤتمر التحالف السوري الديمقراطي (الذي يضم منظمات سورية في أوروبا) بالعاصمة الألمانية برلين، أن ألمانيا وضعت صندوق الإنعاش الخاص بسوريا لدعم مشاريع المعاش المبكر، وإمكانيات التوظيف، وجرى استثمار 300 مليون يورو في السنوات العشر الماضية.
لكنه قال في الوقت نفسه: "من المهم أن ننظر بجانب الإغاثة، وما الذي يمكن أن ندعم به الشعب السوري على المدى البعيد؟"، مستطردًا أن التطبيع مع الأسد بدون مقابل غير مجدي، والأطراف الفاعلة لديها نفس الأغراض، لكنه تساءل: "ما الذي يجلبه التطبيع للشعب السوري؟، لابد أن يستفيد الشعب من تطبيع العلاقات".
وأضاف شنيك: "كان هناك المحاولات لدفع النظام بطريقة إيجابية ولكن لم ينجح الأمر، في الوقت الحالي ليس هناك أي موارد مالية سواء من الشعب حتى من المكون العلوي، والنظام في أضعف حالاته، ولكنه لا يزال يحظى بالثقة بالنفس".
وتابع: "بالنسبة للدول العربية، كانت قضية الكبتاجون تشغل الحكومات العربية ولذلك سعت لتطبيع العلاقات معه، لكن المسألة أكبر من رأس النظام نفسه، وأن القضية أعمق بكثير".
وتساءل، ما الذي يبقى دون القرار الأممي 2254، قائلا: إنه "يشعر بنقص الرغبة في الحل لدى النظام، من المهم أن لا نتخلى عن القرار، بالرغم من اليأس المسيطر علينا حاليا"، مؤكدا في الوقت نفسه، أن المعارضة جاهزة للتفاوض، وجادة في الوصول إلى حل، لكن ما نفقده هو جدية النظام.
وقال إن "المشكلة ليست في الإطار المبني عليه القرار الذي أقره مجلس الأمن عن القضية السورية، ولكن في الأدوات التي سيتم تطبيقها، وعلينا أن نستعد للمفاجآت وأن نعود للإطار الأممي وبدء العملية السياسية"، لافتا إلى أن الاتحاد الأوروبي منفتح على توقيع المزيد من العقوبات على النظام.
وتابع: "قرار مجلس الأمن رقم 2254 ملزم لنا بما يشكله من إطار موجه لنا وتعاملنا مع السوريين والسوريات، وهذا القرار استوحى منه الاتحاد الأوروبي مبادئه"، لافتاِ إلى أن "السياسة الألمانية تعتمد على 6 أهدافه التي وضعها الاتحاد الأوروبي في مقدمتها الانتقال السياسي لتحقيق سلام دائم عن طريق التفاوض، وهذا مبدأ نسترشد به إلى اليوم، وهذا جزء من التزامنا، وهناك مشاكل وفاعلين في سوريا ومنها الأسد الذي غير مستعد للحوار".
وأضاف شنيك، إنه "رغم الأخطاء والانتقادات التي طالت السياسة الخارجية الألمانية، إلا أن ألمانيا لاتزال ملتزمة بسياسة الاتحاد الأوروبي في التعامل مع القضية السورية".
وتابع أن هدف ألمانيا دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، في إطار الأمم المتحدة وهيكليات كثيرة، مشيرا إلى أن ألمانيا سطرت التاريخ في محكمة كوبلنز والتي قامت بالمساءلة لأفراد النظام وليس الثأر، ونحن ندعم العديد من المنظمات من أجل الإجراءات المساءلة، وكذلك من أجل السلام الدائم، موضحاً إلى أن "هناك سعي للدعم الإنساني الضروري والسريع إضافة إلى الدعم السياسي، نعرف أن التطبيع وهم ولن يؤدي إلى شيء وقلنا ذلك للمبعوث الخاص للأمم المتحدة، ونريد أن ندعم في سوريا وتخفيف معاناتهم بقدر ما نستطيع".
من جانبها، أبدت جومانا قدور، كبيرة مستشاري الشؤون السورية، بوزارة الخارجية الأمريكية التي أبدت تفهمها للتشاؤم الذي يشعر به السوريون. لكنها قالت إنها تؤمن منذ كتابة وإصدار قرار مجلس الأمن 22254 أنها كانت لحظة فاصلة تضمنت موافقة من كل الأطراف حتى روسيا وقعت على هذا القرار الأممي، مضيفة: "حتى في العام المنصرم، وجامعة الدول العربية التي سمحت بعودة بشار الأسد، وكل هذه المفاوضات الثنائية والتفاهمات متعددة الأطراف مع النظام السوري لم تساهم في أي شيء لحل الأزمة بسوريا سواء مثل أزمة الكبتاغون أو إعادة اللاجئين السوريين".
وأضافت أن واشنطن تحاول إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، لكنها تدرك أن النزاع كان بين بشار الأسد وشعبه، والأشياء الأخرى بمثابة عوارض جانبية للصراع وستظل مستمرة، وتؤمن أنه لا بديل عن القرار الأممي.
وتابعت: "الشعب السوري وحتى من يتجاهل قرار مجلس الأمن، على الجميع أن يؤمن أنه يجب إيجاد حل، كما أن القرار الأممي نص على أهمية وقف إطلاق النار، وحقوق الإنسان، ومكافحة داعش، باعتبار أن الشعب السوري هو الضحية الأولى للتنظيم الإرهابي".
وفي الوقت نفسه، قالت إنه "لم تكن هناك أي خطوات حكومية داخل الخارجية الأمريكية للتطبيع مع النظام"، لكنها أشارت إلى أن الدول الأوروبية الثمانية ناقشت مع واشنطن فكرة الحوار مع نظام الأسد، لكن الولايات المتحدة اشترطت أنه لا يكون حل بدون مقابل".
واختتمت حديثها: "بالتالي من مسارات التطبيع المختلفة مثل بين تركيا ونظام الأسد وكذلك مع الدول العربية، لم تكن هناك أي واقعة أو مؤشر من أن الأسد سيغير من تصرفه وسلوكه، وما نراه في لبنان يشير إلى أن الأوضاع قد تتغير في أي وقت".
وقالت: "أعتقد أن أهم شيء يحاول النظام أن يتخلص منه، هي العقوبات المفروضة عليه، فقد كان النظام يعتقد بمجرد أن يجلس على طاولة المفاوضات سترفع عقوبات قيصر، لكن هذا لم يحدث لأن قانون قيصر ينص على خطوات بعينها يجب على النظام اتخاذها"، لافتة إلى أن "الكونجرس الأمريكي يناقش مسألة تمديد عقوبات قيصر والقرار سيصدر بشأنها في ديسمبر المقبل، ولكن لا تغيير فيها حتى الآن".
وتابعت: "نحن دائما ندعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة في سوريا، وأعرف وزير الخارجية في جنيف وتحدث مع المبعوث الخاص، ونتمنى أن يكون هناك حل للنزاع والمضي قدما في صنع سلام دائم في سوريا"، مختتمة حديثها: "لا أعتقد أن جهة تريد حلا أكثر من الشعب السوري، بأن يكون هناك حل وتغيير ولكن نحن متفهمين وربما قد يغير سلوكه مستقبلا".
بدورها، قالت كريستين هيلبرغ الصحفية الألمانية والخبيرة في الشأن السوري، إن الصراع بين إسرائيل وغزة والآن في لبنان، أثر بشكل كبير على الأزمة السورية، مؤكدة أن بشار الأسد وتركيا استفادا من أجل تأجيج الوضع في المنطقة، وهناك حالتان نفذتها تركيا بهجمات بالطائرات المسيرة على شمال غرب سوريا والمناطق الشرقية وهذا لم يلق الانتباه، ولفتت إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استفاد من الوضع أيضا ليس فقط لتشتيت الانتباه عن حربه في أوكرانيا، بل سعيه أيضا لدعوة حماس وفتح للحوار في موسكو للمصالحة، وتقديم نفسه على الوساطة بين النظام السوري وتركيا.
وذكرت أنه "بالنسبة للقوى الإيرانية الموجودة في غرب سوريا، هي مستفيدة أيضا، وإذا كسب دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر المقبل قد يسحب القوات الأمريكية من سوريا، مثلما فعل في فترة رئاسته الأولى".
وأضافت: "هناك محاولات ربما لتحويل إدلب السورية إلى وضع يشبه غزة من خلال دفع الناس للعيش في المخيمات"، مضيفة أن النظام السوري مستقر في الداخل رغم الرفض الاجتماعي له مثل ما حدث في السويداء، ومدن الساحل.، مشيرة إلى أنه "من ناحية السياسة الخارجية للنظام السوري فهو مرهون لإيران وروسيا ومضطر بتقييد بيع الكبتاغون وهو يعيش على بيع المخدر، لكن سوريا الأسد ستواصل في زعزعة الاستقرار في المنطقة".
كما أكدت أن "سياسة الحكومية الألمانية هي التي أعطت فرصة لصعود اليمين المتطرف، وعززت دعوات الترحيل، وأن المستشار الألماني أولاف شولتس تحدث بنفسه للترحيل.
بدورها، قالت كاترين لانغينسيبن عضوة البرلمان الأوروبي (التحالف 90/الخضر)، نائبة رئيس لجنة العمل والشؤون الاجتماعية ببروكسل، إن "البرلمان الأوروبي يقف ضد التطبيع مع الأسد، سواء الأحزاب المحافظة وغيرها"، مشيرة إلى البرلمان الأوروبي الجديد يحتاج إلى جبهة معارضة واضحة سورية ليتم طرحها على المفوض الأوروبي الجديد.
وأضافت أنه لابد أن يكون سياسة أوروبية واضحة للشرق الأوسط ليس فقط من إسرائيل وفلسطين ولكن سوريا ولبنان ومصر، وموقفنا في الاتحاد الأوروبي واضح جدا، ولكن موقف المفوض الأوروبي السابق جوزيف بوريل كان سيئا.
وأشارت إلى محاكمات كوبلنز التي جرت لأفراد بالنظام وأهمية أن يكون هناك عدالة وقانونية في ألمانيا لمرتكبي جرائم الحرب في سوريا، لكن ذلك لن يزيح الأسد عن منصبه، ولهذا على الجميع جمع كافة الأدلة للمحاسبة والمساءلة.
وأضافت أن المسؤولين عن عملية الترحيل التي تسعى الحكومة الألمانية لإبرامها لا يعرفون تحديدا جدوى تلك العملية، مشددة على محاسبة المجرمين ومرتكبي الجرائم في ألمانيا هنا في المحاكم الألماني ولا يمكن إعادته إلى نظام لن يحاسبه، وأن حل مشكلة الأمن في ألمانيا تعني المحاسبة في ألمانيا وليس خارجها، وطالبت القوى السياسية السورية بالوحدة، موجهة حديثها لهم: "من المهم جدا أن لا يكون فقط توحيد الصف باتجاه الخارج بينما النزاع في الداخل مستمر، مثل الحوار الأكراد وكذلك حراك السويداء".
وأشارت إلى أن المعارضة الإيرانية موجودة بصفة مستمرة هناك في بروكسل، ويجب على المعارضة السورية أن تفعل نفس الاستراتيجية.
وقالت إن "مع تفوق حزب البديل من أجل ألمانيا هناك خطر من إقدامه على التطبيع مع نظام الأسد على غرار ما حدث في إيطاليا، ولهذا هناك حاجة لتعاون القوى اليسارية والليبرالية وحتى المحافظة للاتحاد معا والتعاون بدعم من القوى السورية المعارضة لوقف ذلك الكابوس".
وأضافت: "بشار الأسد سيء وزوجته أسماء هي أسوأ ويجب محاسبتها على نهبها لأموال السوريين".
ولفتت إلى أن من ينتخب اليمين المتطرف يجب أن يتحمل قرارات متطرفة يتخذونها.
بدوره، قال حسان الأسود من التحالف السوري الديمقراطي، ومدير الرابطة السورية لحقوق الإنسان، إن "التحالف استطاع خلال عام أن يفتح مجالات للحوار واسعة مع أطياف عديدة للمعارضة السورية، والمؤتمر الذي ينظمه اليوم جزءا من تلك الحوارات".
وأضاف: "من الصعب توحيد جميع المعارضة لكن يمكن توحيد الأهداف، وهذا ما نعمل عليه من خلال كتحالف من خلال تشكيل جبهة مع الأطياف السورية المختلفة، وهذه الجبهة التي لا تزال في بدايتها، وسيكون خلال العام المقبل خطة استراتيجية بهذا الخصوص، ودراسة حول الحل في سوريا".
جاء ذلك في مؤتمر نظمته مجموعة منظمات سورية في أوروبا، بالعاصمة الألمانية برلين على مدار يومين 27 و28 سبتمبر، بحضور مسؤولين وسياسيين ألمان وغربيين، بالإضافة إلى عشرات السياسيين ومنظمات المجتمع المدني السوري من المغتربين في أوروبا، ومن الداخل السوري.
وتضم العاصمة الألمانية برلين الجالية السورية الأكبر في أوروبا بعد أن نزوح مئات الآلاف من السوريات والسوريين الفارين من هول الحرب التي شنّها النظام وبقيّة الأطراف عليهم.