الذهب يتخطى مستوي 2700 دولار للأونصة، هل هناك المزيد من المكاسب في المستقبل؟
آخر تحديث: الأحد 1 ديسمبر 2024 - 2:32 م بتوقيت القاهرة
استطاع الذهب أن يتجاوز مستوي 2700 دولار للأونصة لأول مرة في تاريخه يوم الجمعه (18 أكتوبر) مواصلا مسيرته الصعودية التي عززتها التوقعات بمزيد من تخفيف السياسة النقدية العالمية والطلب المتزايد علي الملاذ الآمن في ظل حالة عدم اليقين المرتبطة بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة والصراعات المتفاقمة فى منطقة الشرق الأوسط.
يعتقد الخبراء أن هناك مزيج من العوامل التي غذت ارتفعت بورصة الذهب مباشر خلال هذا العام، لقد عززت البيانات الاقتصادية من المملكة المتحدة وأوروبا التوقعات بخفض أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم مما عزز جاذبية الذهب، حيث أن انخفاض أسعار الفائدة العالمية يقلل من التكلفة البديلة للاحتفاظ بهذا المعدن الثمين غير العائد وقد يحافظ على استمرار الارتفاع.
ومن جهة أخري، أدى مقتل زعيم المكتب السياسي لحماس "يحيى السنوار" إلى زيادة التوقعات بتصعيد الصراع في الشرق الأوسط مع مخاوف من إمكانية جر إيران في الحرب، في الوقت نفسه، تستمر حالة عدم اليقين حول الرئيس الأمريكي القادم خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، وقد يكون هذا سببًا آخر لاستمرار جاذبية الملاذ الآمن في النمو.
التيسير النقدي والمخاطر الجيوسياسية تقدم الدعم
يرجع ارتفاع الذهب إلى حد كبير إلى التيسير النقدي العدواني من جانب البنوك المركزية التي خفضت أسعار الفائدة لمكافحة تباطؤ النمو العالمي، وتفضل بيئة أسعار الفائدة المنخفضة الذهب حيث يصبح أكثر جاذبية مقارنة بالأصول التي تحمل فائدة.
وقد خفض البنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك انجلترا وغيرهما بالفعل أسعار الفائدة عدة مرات هذا العام، مع توقع المزيد من التخفيضات.
ومؤخرًا أعلن البنك المركزي الأوروبي عن خفض سعر الفائدة بنحو 25 نقطة أساس للمرة الثالثة خلال هذا العام، ومن المرجح أن يقوم بخفض آخر في اجتماع ديسمبر، وتشير التوقعات إلى خفض بنك انجلترا والبنك الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة في اجتماع شهر نوفمبر المقبل، ومن المقرر أن يعقد بنك كندا اجتماعه المقبل لتحديد أسعار الفائدة في 23 أكتوبر وسط توقعات تشير بخفض صناع السياسات لسعر الفائدة القياسي بمقدار 50 نقطة أساس.
كما أدت التوترات الجيوسياسية وخاصة الصراعات في الشرق الأوسط إلى تغذية الطلب على الذهب كأصل ملاذ آمن، بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم اليقين المحيط بالانتخابات الرئاسية الأمريكية المتنازع عليها عن كثب يعزز من جاذبية الذهب وسط توقعات بتقلب السوق.
ضعف الدولار الأمريكي يعزز الذهب
هناك عامل آخر يعزز أسعار الذهب وهو التراجع الأخير للدولار الأمريكي الذي يوفر رياحًا مواتية إضافية للذهب، يجعل ضعف الدولار الأمريكي الذهب (الذي يتم تسعيره بالدولار) أكثر جاذبية بأسعار معقولة لحاملي العملات الأخرى مما يحفز زيادة الطلب.
ومع ذلك، وعلى الرغم من انخفاض الدولار الأمريكي، لم يعد المشاركون في السوق يتوقعون خفضًا كبيرًا آخر لأسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي في نوفمبر، وقد أدى هذا التوقع المعتدل بشأن خفض أسعار الفائدة إلى ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية ومن ثم ارتفاع الدولار الأمريكي في نطاق محدود.
نموذج جديد لعائدات الذهب على المدى الطويل
في حين أن وضع الذهب كملاذ آمن معروف جيدًا، إلا أن مساهمته في عوائد المحفظة كان من الصعب قياسها، تتحدى دراسة حديثة أجراها مجلس الذهب العالمي النماذج التقليدية التي قللت من قيمة الذهب باستخدام افتراضات عفا عليها الزمن مثل التركيز على عصر معيار الذهب وتجاهل الطلب غير المالي.
قدرت النماذج السابقة عوائد الذهب في الأمد البعيد بنسبة 0% إلى 1% استنادًا إلى دوره كمخزن للقيمة مرتبط بالتضخم (مؤشر أسعار المستهلك)، ومع ذلك، تظهر دراسة مجلس الذهب العالمي أن عوائد الذهب في الأمد البعيد مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي متجاوزة التضخم على مدى السنوات الخمسين الماضية.
وقد قدم مجلس الذهب العالمي نموذج عوائد الذهب المتوقعة في الأمد البعيد (GLTER) والذي يشمل العوامل المالية والاقتصادية، ويجد النموذج أن عوائد الذهب مدفوعة بشكل أساسي بنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي، مع بعض التأثير من نمو المحفظة (الأسهم والسندات).
يتوقع مجلس الذهب العالمي أن يتجاوز متوسط العائد السنوي للذهب على مدى السنوات الخمس عشرة المقبلة 5% وهو أعلى من 2.4% المتوقعة من النماذج المرتبطة بالتضخم، وإن كان أقل من المتوسط التاريخي بسبب تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي المتوقع، ومن المتوقع أن تنخفض العائدات في جميع فئات الأصول وليس الذهب فقط.
ما المتوقع لأسعار الذهب؟
تعد اخبار الذهب أحد أقوى السلع أداءً في عام 2024 حيث ارتفع بأكثر من 30% هذا العام، وكان هذا الارتفاع مدعومًا بالتفاؤل بشأن تخفيضات أسعار الفائدة العالمية، وعلى مدار العامين الماضيين، حقق الذهب ارتفاع متواصلًا مسجلاً أرقامًا قياسية جديدة.
قال الاستراتيجيون في بنك أوف أميركا (BAC) مؤخرًا أنهم يحافظون على سعر مستهدف يبلغ 3000 دولار للأوقية في عام 2025 بسبب عوامل مؤثرة متعددة منها: تزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسي مثل تصاعد الوضع في الشرق الأوسط والتي أدت إلى توجه المتداولون نحو السلع الآمنة مما دفع أسعار الذهب إلى تجاوز مستوى 2700 دولار في أعلى مستوى لها على الإطلاق.
كما سلط الاستراتيجيون الضوء على أن الذهب هو آخر أصول الملاذ الآمن والتي دفعت البنوك المركزية إلى زيادة احتياطياتهم، وأكدوا أن خطط الضرائب والإنفاق لكل من هاريس وترامب من المرجح أن تزيد من عجز الولايات المتحدة وديونها، مما يزيد من جاذبية الذهب في السنوات القادمة.