أمجاد على أعتاب القدس (6).. فتح قيسارية قطع دابر الروم بفلسطين

آخر تحديث: الأحد 31 مارس 2024 - 9:12 ص بتوقيت القاهرة

أدهم السيد

ظلت القدس لقرون طويلة درة تاج بلدان المسلمين لتشهد ساحاتها وأكنافها المباركة ملاحم عظيمة سطرتها أيدي الأبطال بدمائهم؛ دفاعًا عن مسرى الرسول الكريم وأولى القبلتين ضد الغزاة الطامعين بدءًا من قتل الروم، ومرورًا بكسر الحملات الصليبية تباعا، وصد غزوات المغول البربرية وانتهاءً بقتال الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على أرض فلسطين المباركة.

وتسرد "الشروق"، وقائع حصار قيسارية وسقوط آخر معاقل الروم بفلسطين خاصة، وعموم بلاد الشام والواقعة، كما رواها الواقدي في كتاب فتح الشام.

* عمرو بن العاص بمواجهة فلسطين ابن هرقل

ذكر الواقدي، أن الروم في سنة 19 للهجرة حشدوا جيوشهم المهزومة ببلاد الشام في قيسارية بساحل فلسطين، وكانت مدينة شديدة التحصين.

وكان أمير جيش الروم فلسطين ابن هرقل، وكان على قيادة المسلمين عمرو بن العاص رضي الله عنه، ومعه 5000 من المسلمين.

واستهتر فلسطين ابن هرقل بقلة عدد المسلمين، ولكنه حين رأى مدى حماستهم فضل التفاوض فأرسل قسيس المدينة فحدث المسلمين، وطلب منهم أميرا يفاوض الملك فقرر عمرو رضي الله عنه الذهاب بنفسه، وخلف شرحبيل كاتب الوحي رضي الله عنه مكانه إذا غدر به الروم.

والتقى عمرو بن العاص بفلسطين في قصره فعرض عليه قول لا إله إلا الله محمد رسول الله.

ورد فلسطين أنهم موحدون من البداية، ولكنه لا يؤمن بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم فقال له عمرو كذبت.

عرض عمرو بن العاص الجزية والصلح على فلسطين فأجابه بأن أبيه هرقل القيصر عرضها على الروم فرفضوا، وكادوا يقتلونه.

فاختار كلاهما القتال والتقي الجيشان باليوم الثاني وصف فلسطين 3 صفوف من جنود الروم الـ30 ألف وصف المسلمون 5000 في صف واحد.

وخرج فارس من رماة الروم، وافتتح الحرب فصال على صفوف المسلمين يطعن برمحه ويقتل بقوسه وسهمه.

خرج للفارس الرومي غلام من أهل اليمن فانتصر عليه الرومي فقتله وقتل مسلما آخر من بعده حتى خرج له فارس من أهل ثقيف فاقتتلا حتى كسر الرومي خوذته فرجع الفارس الثقفي للمسلمين، ثم هاجم الرومي وقتله ثم صال الثقفي وقتل 5 من الروم حتى استشهد.

* توبة مدعي النبوة بشرى للمسلمين

وخرج قوديمون نسيب القيصر طالبا المبارزة فخرج له شرحبيل بن حسنة كاتب الوحي فاقتتلا وقتا حتى هطل المطر بغزارة فنزل كل منهما عن فرسه وتصارعا على الأرض، ولكن قودومين كان أضخم وله خبرة قديمة بالقتال.

تمكن قودومين من شرحبيل وكبل حركته استعدادا لقتله فقال شرحبيل الغوث يامغيث فلم يكد يتم جملته حتى انسل فارس من وسط جيش الروم ظن قودومين أنه جاء للمساعدة، ولكنه عجل للرومي فضرب عنقه.

وسأل شرحبيل الفارس الملثم عن حاله فأخبر بأنه هو طلحة الأسدي الذي ادعى النبوة وقاتل المسلمين في حروب الردة فلما هزم المرتدون هرب للشام، وتاب إلى الله، ولكنه خاف الرجوع لبلاد المسلمين فلما رأى المعركة، ورأى ما وقع مع شرحبيل من قوديمون أراد فعل شيء يكفر به عن قتاله سابقا للمسلمين، وادعائه النبوة، وأصبح طلحة فيما بعد من كبار وأشهر قادة جيوش الفتح الإسلامي.

خشي الروم من بسالة المسلمين فانسحبوا لداخل قيسارية وطلبوا الإمدادات من طرابلس، وكانت تحت حكم الروم.

* بطولات الروم المسلمين

عرف أبو عبيدة رضي الله عنه بالحرب الدائرة في قيسارية فأرسل جيشا بقيادة عبد الله بن يوقنا وكان من الروم الذين دخلوا الإسلام، وتحت إمرته نحو 3 آلاف من الروم والشاميين حديثي الإسلام.

كمن يوقنا للمدد القادم من طرابلس، وادعى لديهم بأنه لا يزال لم يدخل الإسلام فلما اطمأنوا له أطبق عليهم بجنوده وأسرهم وسيطر على مدينة صور.

وقدم مدد جديد من قبرص لنجدة فلسطين ابن هرقل فاحتال عليهم يوقنا بنفس الحيلة، ولكن ابن عمه كان يكره المسلمين فأخبر القبارصة بالحيلة فبادروه وحبسوه مع الروم المسلمين.

وصل بتلك الفترة جيش من المسلمين قوامه 2000 بقيادة يزيد بن أبي سفيان فحاصر صور وخرج الروم لقتاله، وصادف أن ابن عم قائد القبارصة كان أحب الإسلام ويخفي ذلك فحرر الروم المسلمين والذين فتحوا لجيش يزيد أبواب المدينة فاستسلم جيش القبارصة.

وسلمت سائر مدن الساحل الفلسطيني للمسلمين دون قتال ولما عرف فلسطين ابن هرقل ما وقع هرب من قيسارية والتي استسلمت للمسلمين صلحا لينقطع دابر الروم بعدها من الشام كلها.
أقرأ أيضاً:

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved