نساء من عصر التابعين (7).. زينب بنت علي بن أبي طالب.. هل هي صاحبة المسجد الشهير بالقاهرة؟ - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:35 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نساء من عصر التابعين (7).. زينب بنت علي بن أبي طالب.. هل هي صاحبة المسجد الشهير بالقاهرة؟

منال الوراقي
نشر في: الإثنين 1 أبريل 2024 - 4:34 م | آخر تحديث: الإثنين 1 أبريل 2024 - 4:35 م

تعد سير الصالحات تربية عملية للنفوس، وغَرْس للفضائل، وتدريب على التجمل بالآداب الإنسانية في ميادين الخُلُق والرضا وطاعة الله؛ ذلك لأن التربية بالاقتداء من خير الأساليب التربوية؛ لصقل الطباع، وتهذيب المشاعر، والسير قدما على طريق التقوى والاستقامة.

وفي عصر التابعين برزت قصص عشرات النساء في حياة نبي الأمة، ممن كان لهن أثر عظيم في عصرهن والعصور التي تلته، أفرد لهن المؤلف والمترجم السوري أحمد خليل جمعة، كتاب "نساء في عصر التابعين" الصادر عن دار نشر ابن كثير، ليركز على دورهن وما جرى لهن من أحداث ترتبط بالدعوة الإسلامية وبالرسول.

زينب بنت علي

هي وليدة مباركة استقبلتها مدينة رسول الله في العام الخامس من الهجرة النبوية، وفي بيت كريم الآباء والأجداد كان مولدها، فجدها: رسول الله محمد ﷺ، وخير خلق الله على الإطلاق، وجدتها صديقة المؤمنات الأولى، وأول النساء - في عهد النبوة - إسلاماً خديجة بنت خويلد، أم المؤمنين، وسيدة نساء العالمين في زمانها، وهي ممن كمل من النساء، كانت عاقلة جليلة دينة مصونة كريمة من أهل الجنة.

وأمها فاطمة الزهراء، بنت رسول الله، سيدة نساء العالمين في زمانها، وأحب بنات النبي إليه، وأشبههن به في خلق وفي خُلق، كانت صابرة دينة خيرة صينة قانعة شاكرة الله.

وأبوها سيدنا علي بن أبي طالب عليه سحائب الرضوان، فارس النبي الكريم وابن عمه، وأول من آمن به من الصبيان، أمير المؤمنين، وأبو السبطين، وأول هاشمي ولد بين هاشميين، وأول خليفة من بني هاشم، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد العلماء الربانيين، والشجعان المشهورين، والزهاد المذكورين.

وجدتها لأبيها فاطمة بنت أسد الهاشمية، كانت من المهاجرات الأول، وهي أول هاشمية ولدت هاشمياً ك، وعندما توفيت ألبسها رسول الله قميصه لتكسى من حلل الجنة - رضي الله عنها - .

وأخواها الشقيقان هما الحسن بن علي وهو الإمام السيد ريحانة رسول الله وسبطه، وسيد شباب أهل الجنة، وشبيه جده رسول الله، وشقيقها الحسين، هو الإمام الشريف الكامل، سبط رسول الله، وريحانته من الدنيا ومحبوبه.

وتلك الوليدة التي ولدت في البيت النبوي هي زينب بنت علي بن أبي طالب الهاشمية، سبط رسول الله.

النشأة العملية الذكية:

في ساحة البيت الشريف، تدرجت زينب بنت علي محوطة برعاية جدها سيدنا رسول الله وعطفه وحبه، وعلى يدي الزهراء - رضي الله عنها - صنعت، وتلقت عنها أمور الحياة، وهي لا تزال غصة صغيرة، وفي مرحلة الطفولة الأولى توفي جدها رسول الله ثم والدتها الزهراء - رضي الله عنها -، فوجدت أباها أمير البيان، وعالم الصحابة وفقيههم، فتلقت عنه علماً جماً جعلها إحدى فرائد الدهر أدباً ومعرفة.

وذكر ابن عساكر أن زينب بنت على قد حدثت عن أمها فاطمة بنت رسول الله ، وأسماء بنت عميس، ومولى للنبي اسمه طهمان أو ذكوان، وروى عنها محمد بن عمرو، وعطاء بن السائب، وابنة أخيها فاطمة بنت الحسين بن علي.

ومن روايتها ما أخرجه ابن عساكر بسنده عنها أن النبي ﷺ قال: إن الصدقة لا تحل محمد ولا لآل محمد، وإن مولى القوم منهم.

مع ابن ذي الجناحين:

كان سيدنا علي قد أوقف بناته على أبناء أخيه جعفر بن أبي طالب، وها هي زينب ابنته تبلغ مبلغ الزواج، ويتقدم لخطبتها شباب من بني هاشم ومن قريش، غير أن سيدنا علياً قد اختار لها ابن أخيه عبد الله بن جعفر، السيد العالم، أبو جعفر القرشي الهاشمي الحبشي المولد، المدني الدار، الجواد بن الجواد ذي الجناحين، وقطب الجود والسخاء والكرم، وهو آخر من رأى النبي الله وصَحِبَه من بني هاشم.

وعبد الله هو الذي دعا له النبي الكريم بالبركة فقال: "اللهم بارك له في تجارته".

وولدت له بنتاً واحدة اسمها: أم كلثوم، وكانت زينب تسر أشدَّ السرور عندما ترى مروعة زوجها، وجوده وبذله، فهو من أهل بيت النبوة أهل الجود والكرم والبذل والعطاء.

قيل: إن أعرابياً قصد مروان بن الحكم فقال: ما عندنا شيء، فعليك بعبد الله بن جعفر، فأتى الأعرابي عبد الله فأنشأ يقول: أبو جعفر من أهل بيت نبوة.. صلاتهم للمسلمين طهور.. أبا جعفر إن الحجيج ترحلوا.. وليس لرحلي فاعلمن بعير.. أبا جعفر من الأمير بماله.. وأنت على ما في يديك أمير.. أبا جعفر يا بن الشهيد الذي له.. جناحان في أعلى الجنان يطير.. أبا جعفر ما مثلك اليوم أرتجي.. فلا تتركني بالفلاة أسير.

فقال : يا أعرابي سار النقل، فعليك بالراحلة بما عليها، وإياك أن تخدع عن السيف، فإني أخذته بألف دينار.

زينب بطلة المواقف:

عرفت زينب بأنها امرأة جزلة الرأي حازمة، ذات عقل راجح، وبلاغة نادرة بين النساء، وكانت ثابتة الجنان، رفيعة القدر، خطيبة، فصيحة، وكانت مع أخيها الحسين بن علي في كربلاء، وكذلك بعض أولادها.

وفي أرض كربلاء، اقتربت من خيمة أخيها الحسين فسمعته يرتجز: يا دهر أف لك من خليل.. كم لك بالإشراقي والأصيل.. من صاحب أو طالب قتيل.. والدهر لا يقع بالبديل.. وإنما الأمر إلى الجليل.. وكل حي سالك السبيل

وأعاد هذا الرجز مرتين أو ثلاثاً، فلم تملك زينت نفسها حتى وثبت تجر ثوبها حتى انتهت إلى الحسين، وتوقعت حدثاً جليلاً فنادت: واتكلاه، عندئذ أوصاها قائلاً: يا أخية، إني أقسم عليك ألا تشفي علي جيباً، ولا تخمشي على وجهاً، ولا تدعي علي بالويل والثبور إن أنا هلكت.

واستشهد الحسين، ونفذت وصيته، ولما قدم بها على يزيد بن معاوية مع أهلها كانت بطلة الموقف، إذ تكلمت فأحسنت وأوجزت، ووصفتها أختها فاطمة بنت علي يومذاك فقالت: كانت أختي زينت أكبر مني وأعقل.

وتروي المصادر أن محاورة طويلة جرت بين زينب ويزيد بن معاوية تدل على فطنتها وبلاغتها وقوة حجتها، وانتهت هذه المحاورة بأن استحيا يزيد منها وسكت، وأحسن مثواها ومن كان معها وردهم إلى المدينة رداً جميلاً.

وقال للنعمان بن بشير الأنصاري: أهل يا نعمان بن بشير جهزهم بما يصلحهم، وابعث معهم رجلاً من الشام أميناً صالحاً، وابعث معه خيلا وأعوانا فيسير بهم إلى المدينة.

ثم أمر بالنسوة أن ينزلن في داره على حدة معهن أخوهن علي بن الحسين في الدار التي هو فيها، فخرجن حتى دخلن دار يزيد، فلم يبق من آل معاوية بن أبي سفيان امرأة إلا استقبلتهن تبكي وتنوح على الحسين، وعلى من قتل معه وخاصة أولاد زينب بنت علي، فقد كان ابناها: عون الأكبر ومحمد قد استشهدا مع الحسين، وكذلك بقية الشهداء من آل جعفر ومن بني عبد المطلب.

ثم إن يزيد بن معاوية كساهم جميعاً، وأوصى بهم ذلك الرسول فكان يسايرهم بالليل الشامي، وكان بهم مستوصياً فخرج بهم، فيكونون أمامه حيث لا يفوتون طرفه، فإذا نزلوا تنحى عنهم، وتفرق هو وأصحابه حولهم كهيئة الحرس لهم، وينزل منهم بحيث إذا أراد إنسان منهم وضوءاً أو قضاء حاجة لم يحتشم، فلم يزل ينازلهم في الطريق هكذا، ويسألهم عن حوائجهم ويلطفهم ويبر بهم حتى دخلوا المدينة المنورة.

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان:

على الرغم من المصيبة ومن الحزن الذي كان يخيم على الركب العائد إلى المدينة المنورة، لم تنس زينب بنت علي أن تحسن لمن أحسن إليها، وتجود - كعادتها - بما تستطيع، ولعل جودها وجود أختها فاطمة في هذا الموقف الحزين من أروع أخبار الجود في عالم النساء.

فقد أورد الطبري وابن الأثير أن فاطمة بنت علي قالت: قلت لأختي زينب: يا أخية، لقد أحسن هذا الرجل الشامي إلينا في صحبتنا، فهل لك أن تصله؟. فقالت: والله ما معنا شيء نصله به إلا حلينا. قالت لها: فتعطيه حلينا. وأخذت كل واحدة منهما سوارها ودملجها، فبعثنا بذلك واعتذرنا إليه، ثم قالتا له: هذا جزاؤك بصحبتك إيانا بالحسن من الفعل. فقال: لو كان الذي صنعت إنما هو للدنيا، لكان في حليكن ما يرضيني ودونه، ولكن والله ما فعلته إلا لله عز وجل، ولقرابتكم من رسول الله.

وقد أثرت عن زينب كلمات رائعات تدل على مدى صلتها بالله عز وجل، من ذلك أنها كانت تقول: من أراد أن يكون الخلق شفعاءه إلى الله فليحمده، ألم تسمع قولهم: سمع الله لمن حمده، فخف الله لقدرته عليك، واستح منه لقربك منه.

عند مليك مقتدر:

لم تعش زينب بعد مقتل أخيها وولديها أكثر من سنة، حيث لبت نداء المليك المقتدر جل جلاله في سنة 62 هـ.

أما عن مكان وفاتها، فلم تشر المصادر إشارة يقينية إلى هذا، لكنه من الجدير بالذكر أن بعض المصادر أشارت إلى أن زينب دفنت بمصر، أو بالشام.

غير أن صاحب كتاب: "الخطط التوفيقية"، يأتي بالخبر اليقين تعليقاً على المتداول بين الناس من أن زينب بنت علي هي المدفونة في الحى المعروف الآن باسمها في القاهرة، قال: لم أر في كتب التواريخ أن السيدة زينب بنت علي جاءت إلى مصر في الحياة أو بعد الممات، وأغلب الظن، أن زينب بنت علي قد توفيت في المدينة المنورة، والله تعالى أعلم .

اقرأ أيضا: نساء من عصر التابعين (6).. عائشة بنت سعد بن أبي وقاص.. التابعية التي أدركت 6 من أزواج النبي



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك