قضت محكمة استئناف الإسكندرية بتعويض أحد السكان وطفله بمبلغ مليون جنيه، لتضررهما من استخدام شركة الإسكندرية لأسمنت بورتلاند "تيتان للاسمنت" وقود الفحم بديلاً للغاز الطبيعي منذ عام 2015، بما يسبب تلوث الهواء.
وذكرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن الحكم صدر أمس الأول الإثنين، بعدما تيقنت المحكمة من ثبوت خطأ الشركة بمخالفتها معايير واشتراطات الفحم الواردة في قانون البيئة ولائحته التنفيذية، حيث تستخدم الفحم بالقرب من منطقة وادى القمر السكنية غرب الإسكندرية والتي تبعد عن وحدة حرق الفحم بمسافة 10 أمتار فقط.
صدر الحكم من الدائرة 12 تعويضات استئناف عالى الإسكندرية، في الاستئناف رقم 3545 لسنة 79 قضائية، والذي أقامته المبادرة المصرية طعنًا على الحكم الصادر في الدعوى 128 لسنة 2018.
- حكم النقض يثبت خطأ الشركة
استند الحكم إلى حجية الحكم النهائي البات الذي حصلت عليه المبادرة المصرية من محكمة النقض "بثبوت خطأ الشركة متمثلة في رئيس مجلس إدارتها، كونه لم يتخذ الاحتياطات اللازمة لعدم تسرب ملوثات الهواء أو تقليل كميتها، وعدم اتخاذ التدابير والاحتياطات لإنتاج المواد الخطرة في صورة سائلة أو صلبة، وتسببه بخطئه في إصابة المجنى عليهم (منهم الشاكيان في دعى التعويض)، نتيجة الإهمال وعدم مراعاة القوانين واللوائح".
- الإصابة بمرض مزمن نتيحة تلوث الهواء
وذكرت المبادرة أن التقرير الميداني للطب الشرعي بالإسكندرية قرر أن "الساكن وطفله يعانيان من التهابات بالرئتين وحساسية بالصدر، وهي من الأمراض المزمنة التي قد تنشأ نتيجة التعرض بصورة مستمرة لملوث هوائي، ولا يوجد أو يتعارض من أن يكون مصنع تيتان وما يبعثه من ملوثات هوائية هو المسؤول عن ما آلت إليه حالتهما".
- بداية القضية في 2015
وكانت المبادرة قد أقامت نيابة عن الموكل، هانى عبد الفتاح، ومتضررين آخرين من سكان وادى القمر، دعاوى للمطالبة بالتعويض استنادًا إلى البلاغ الذي تقدم به محامو المبادرة في عام 2015، يتهمون فيه مصنع تيتان للأسمنت بالإضرار بصحتهم جراء تلوث الهواء الذي تسببه انبعاثات المصنع الذي يبعد عن منازلهم أمتارًا قليلة، وهو ما أدى إلى إصابة الشاكين -ومنهم المستأنف وطفله- بأمراض صدرية وتنفسية.
وأثبتت النيابة العامة صحة الشكوى من خلال معاينة محل سكن الشاكين وإجراء الكشف الطبي عليهم في مستشفى الصدر بكوم الشقافة بكرموز. وقيد هذا البلاغ برقم 6645 لسنة 2016 جنح الدخيلة ضد رئيس مجلس إدارة شركة الإسكندرية لأسمنت بورتلاند، بصفته، وذلك لعدم اتخاذه الاحتياطات اللازمة لعدم تسرب ملوثات الهواء أو تقليل كمية الملوثات، وعدم اتخاذ التدابير اللازمة والاحتياطات لإنتاج المواد الخطرة في صورة سائلة أو صلبة، وتسببه بخطئه في إصابة المجني عليهم -وهم أكثر من ثلاثة أشخاص- نتيجة إهماله وعدم مراعاة القوانين واللوائح.
وأدنت المحكمة رئيس مجلس إدارة الشركة بغرامة 20 ألف جنيه عن كل من التهمتين اﻷولى والثانية و200 جنيه عن التهمة الثالثة، وصار الحكم نهائيًا وباتًا بصدور الحكم في الطعن بالنقض رقم 14888 لسنة 9 قضائية (نقض جنح).
من جانبها، قالت المبادرة إن هذا الحكم خطوةً إيجابية في تعامل القضاء المصرى مع الأضرار البيئية وكيفية التعويض عنها، خاصة أن تقارير الطب الشرعي كانت تصدر من قبل غير جازمة في إسناد سبب الإصابة إلى الأخطاء البيئية، ما يتيح الفرصة لإفلات المتسببين في تلوث البيئة، ويهدر حقوق المتضررين الحالين والأجيال القادمة.