في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. ما الأخطار التي تهدد الصحفيين في المنفى؟ - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 3:01 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. ما الأخطار التي تهدد الصحفيين في المنفى؟

بي بي سي
نشر في: الخميس 2 مايو 2024 - 8:07 ص | آخر تحديث: الخميس 2 مايو 2024 - 8:07 ص

ازدادت أعداد صحفيي بي بي سي العاملين من المنفى بنحو الضِعف، وصولاً إلى 310 صحفيين، منذ عام 2020.
هذا الرقم، الذي يُكشف عنه للمرة الأولى مع مجيء اليوم العالمي لحرية الصحافة، يعكس حملات قمعية في روسيا، أفغانستان وإثيوبيا.
وفي بلدان أخرى، مثل إيران، يعيش الصحفيون في الخارج منذ أكثر من عقد من الزمن.
ويواجه كثيرون من هؤلاء الصحفيين في المنفى أحكاما بالسجن في بلادهم، وتهديدات بالقتل، ومضايقات، سواء في الواقع الحقيقي أو الافتراضي.

وتقول مديرة الخدمة العالمية في بي بي سي ليليان لاندور: "الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها مواصلة القيام بمهامهم الصحفية هي مغادرتهم لبلادهم قسراً".

وتضيف لاندور: "الزيادة التي نرصدها في أعداد الصحفيين العاملين من المنفى هي مؤشر مثير للقلق الشديد على حرية الصحافة".

في أغسطس 2021، عندما استولت حركة طالبان على السلطة في أفغانستان، سحبت بي بي سي معظم فريقها إلى خارج البلاد، فلم يعُد مسموحا للإناث في هذا الفريق أن يعملوا داخل أفغانستان، أما الذكور فقد واجهوا تهديدات.
وفي ميانمار وإثيوبيا أيضاً يواجه الصحفيون ضغوطا متزايدة تركتهم غير قادرين على مزاولة مهامهم الصحفية بحُريّة.
وفي ذلك، يقول مراسل بي بي الخدمة الفارسية، جيار غول، إنه "يمشي متلفتاً"، وعندما يدخل غرفة فإنه يبحث عن مَخرج سريّ.
ويضيف غول: "لديّ كاميرات أمنية في منزلي، وقد نُصحت بأن أغيّر مدرسة ابنتي".
ولم يعُد جيار إلى إيران منذ عام 2007، وعندما توفّيت والدته لم يتمكن من حضور جنازتها، ولكنه تسلّل عبر الحدود لزيارة قبرها.
ومنذ وفاة زوجته متأثرة بداء السرطان قبل أربع سنوات، أصبح جيار أكثر حِرصا من ذي قبل.
ويفسّر ذلك بالقول: "إذا وقع لي شيء، ماذا سيكون مصير ابنتي؟ هذا شيء أضعه دائما في حسباني".
ويضيف جيار: "النظام الإيراني بات أكثر جرأة، وهو في عُزلته لم يعد يحفل بالطريقة التي ينظر إليه بها المجتمع الدولي".

تقول جودي غينسبرغ من لجنة حماية الصحفيين، إن أعداد هؤلاء الذين قدّمت إليهم اللجنة دعماً ماليا وقانونيا في المنفى على مدى السنوات الثلاث الماضية زادت بنسبة 225 في المئة.
وتضيف جودي: "أوشكنا على تسجيل رقم قياسيّ لأعداد الصحفيين السُجناء، وقد بلغت أعداد القتلى من الصحفيين رقماً لم يُسجّل منذ 2015".
وتتابع جودي قائلة: "تتزايد الرغبة لدى أنظمة مثل روسيا وإيران والسعودية في إحكام السيطرة على الكلام داخل وخارج البلاد".
ومنذ أقدمت روسيا على اجتياح أوكرانيا، غادرت نينا نازاروفا -صحفية بي بي سي في الخدمة الروسية- بلادها.
ولدى إقلاع الطائرة التي تقلّها من موسكو، نظرتْ نينا في عين زوجها -وهو صحفي كذلك- وأدركت أنه كان يبكي.
تتذكر نينا: "شعرت بأنني مشلولة"، كان ذلك في الرابع من مارس 2022، وهو اليوم نفسه الذي جرى فيه تفعيل قانون رقابي جديد.

وتضيف: "إنني أسمّي الحرب باسمها: الحرب. ومن أجل ذلك يمكن بسهولة أن يُزَجّ بي في السجن".
وحزم الزوجان أمتعتهما ومعهما ابنهما البالغ من العمر 16 شهرا، وقاما بحجز أرخص تذكرة سفر استطاعا تأمينها للخروج من روسيا باتجاه تركيا، حيث قضت الأسرة الصغيرة نحو أسبوع قبل أن تتجه إلى دبي، ومنها إلى الجبل الأسود ثم إلى ريغا عاصمة لاتفيا – حيث افتتحت بي بي سي مكتباً لفريقها الروسي العامل من المنفى.
وفي أبريل المنصرم، جرى تصنيف مراسل بي بي سي في الخدمة الروسية إيليا بارابانوف "عميلا أجنبيا"، ليواجه اتهامات بـ"نشر معلومات زائفة" ومعارضة الحرب. وينكر إيليا وكذلك بي بي سي تلك التُهم ويعملون على تفنيدها في المحكمة.
ويمكن للتهديدات أن تظلّ تلاحق الصحفيين حتى بعد أن يغادروا بلادهم بوقت طويل.
وفي مارس، تعرّض مذيع لدى محطة إيران إنترناشيونال المستقلة للطعن في ساقه أمام مَسكنه في العاصمة البريطانية لندن.
وفي وقت لاحق، حذّرت شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية من أخطار متزايدة تتهدّد فريق "بي بي سي – فارسي" المقيم بالمملكة المتحدة.

وفي عام 2022، استطاع أحدهم اقتحام سيارة رنا رحيم بور مذيعة "بي بي سي -فارسي"، واشتبهت بقيامه بزرع جهاز تنصّت داخلها. وبالفعل تمّ تسجيل محادثة جرتْ بينها وبين والدتها، وقد نُشرت هذه المحادثة عبر منصة تابعة للحكومة الإيرانية، وقد تمّ عمَل مونتاج للمكالمة بحيث تبدو مؤيدة للنظام.
وعمدت شبكات منافسة إلى استخدام المكالمة لتشويه سُمعة المذيعة، ما دفع رنا إلى الابتعاد فترة عن العمل الصحفي.
تقول رنا: "النظام يأخذ بأسباب التقدم في تطوير تكتيكاته؛ ما حدث معي ليس إلا مثالا واحدا من بين أمثلة وطُرق عديدة يحاولون عبرها نزْع الثقة عنّا، وتخويفنا، وصولاً إلى إسكاتنا في نهاية المطاف".
وقد وضعت هذه الطُرق فريق خدمة بي بي سي الفارسية في دائرة من القلق.
وتقول فرناز قاضی‌ زاده، وهي مذيعة أخرى بالخدمة الفارسية لبي بي سي: "في كل مرة أتصل بأمي في إيران، أعرف أن هناك مَن يتنصّت على المكالمة، وهذا شيء مرعب في ظل العِلم بمقدرتهم على أن يجدوا طريقة لتدميرك".
ولم تعُد فرناز إلى إيران منذ 21 عاما، ومؤخراً اكتشفت أنها وتسعة آخرين من زملائها قد تلقوا حُكما غيابياً بالسجن لمدة عام.
وفي وقت سابق، وجّهت وزارة الخارجية الإيرانية اتهاما لفريق بي بي سي فارسي بالتحريض على العنف والكراهية وانتهاك حقوق الإنسان.
وكانت فرناز رفقة زوجها وابنهما الذي كان يبلغ حينها ستة أشهر، قد غادروا جميعا إيران بعد أن حُبس الزوج 25 يوما عقابا له على كتابة تدوينة عبر الإنترنت.
وفي إيران، كانت أجهزة الأمن تستدعي والدها بشكل منتظم، حيث وجهوا له تهديدات، وحثوه على أن يطلب من ابنته العودة، وقالوا إنهم يعرفون أين يذهب أحفاده إلى المدرسة.
وفي عام 2022، عانى شقيق فرناز من مرض خطير، وكافح والداها المسنين لرعايته، ثم بعد ستة أسابيع لفظ الأخ المريض أنفاسه. ولم تكد تمرّ ستة أشهر أخرى حتى توفي الوالد.
تقول فرناز: "هذا شيء لم أستطع التعافي منه بشكل نهائي. لقد أردت أن أكون هناك من أجل عائلتي، من أجل أمي، ولكنني لم أستطع".


الثمن الباهظ لنقل حقيقة ما يجري في إيران


وتقرن شازيا هيا، الصحفية في خدمة بشتو في بي بي سي، المنفى بالذنب.
وأُخرجتْ شازيا من أفغانستان بمفردها إلى المملكة المتحدة في عام 2022، بعد أن سيطرت طالبان على الحكم في البلاد. وتركت شازيا والديها وأخاها في كابول.
تتذكر شازيا: "في إحدى الليالي، عندما كانت الساعة تناهز الثانية بعد منتصف الليل، غادرتُ بيتنا، ولم أتمكن من احتضان أخي الصغير، وأنا نادمة على ذلك".
وتقول شازيا: "أنا حرّة هنا، لكنهم هناك فيما يشبه السجن".
ثم هناك المضايقات اللانهائية عبر الإنترنت.
وهنا نعود إلى فرناز التي تقول إنها "لم تعُد حتى تهتم لشأن تلك الرسائل، التي تنطوي في الغالب على تهديدات بالقتل، وأحيانا ما تضُمّ تهديدات باعتداءات جنسية".
يقول أحد صحفيي الخدمة العالمية، الذي تحدث دون الكشف عن هويته خوفًا من إثارة غضب القادة في وطنه، إن الخوف الأكبر الذي يشعر به هو وزملاؤه هو أن يصبحوا عديمي الجنسية إذا رفضت حكومته تجديد جواز سفره.
ما يجده العديد من هؤلاء الصحفيين أكثر إحباطًا من التهديدات هو الاضطرار إلى كتابة تقارير عن بلدانهم من بعيد.
وفي أفغانستان، وكذلك إيران، إذا تحدّث الناس العاديون إلى بي بي سي فإنهم يواجهون تهديدات مماثلة لتلك التي يواجهها الصحفيون أنفسهم.
وتشير نينا نازاروفا -الصحفية بالخدمة الروسية في البي بي سي- إلى خشيتها من أن يؤدي بها الجلوس الدائم إلى المكتب إلى نسيان أهم مهاراتها الصحفية المتمثلة في إقناع الناس بالحديث إليها عن أشياء لا يمكن أن يخبروا بها أحدا غيرها.
وتختتم فرناز بالقول إن العيش والعمل في المنفى يعادل نصف حياة.
وتوضح بالقول: "لا يمكنك أن تحيا حياتك بشكل كامل؛ فمجرد إحساسي بأنني أحمل الجنسية البريطانية الآن، وبأنني أعيش في هذا البلد ليس كافيا.. فكما أننا في المنفى، فنحن لا نزال هناك أيضا".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك