صابر عرب وزير الثقافة الأسبق: مصر صدّرت الثقافة والوعي للعرب.. والبشر أعظم ممتلكاتها - بوابة الشروق
الإثنين 8 يوليه 2024 10:52 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صابر عرب وزير الثقافة الأسبق: مصر صدّرت الثقافة والوعي للعرب.. والبشر أعظم ممتلكاتها

تصوير: هبة الخولي
تصوير: هبة الخولي
حوار: مي فهمي - تصوير: هبة الخولي
نشر في: الجمعة 5 يوليه 2024 - 7:22 م | آخر تحديث: الجمعة 5 يوليه 2024 - 7:40 م

- لو أتيحت لى الفرصة سأمنح جائزة النيل لزكى طليمات فى المسرح، وحسن أفندى توفيق العدل فى التأليف والكتابة ومحمود مختار فى الفن التشكيلى
- يجب تجديد الخطاب الدينى ودور المسجد من الممكن أن يكون من أعظم الأدوار التى تعجز وزارتا الثقافة والتعليم أن تقوما بها
- أتمنى أن يكون خطيب المسجد قارئا لما كتبه ابن رشد، وابن عربى ونجيب محفوظ وآخرون فى مجالات مختلفة
- عندما كنت أتولى وزارة الثقافة قدمت مقترحا لإنشاء لجنة مركزية للثقافة لكنها لم تكتمل لعدم استمرار الوزارات لفترة طويلة
- دار الكتب والوثائق تحتوى على 3 نسخ من كل كتاب نشر فى مصر منذ عصر الطباعة وهى الذاكرة الحية لمصر لكنها تحتاج للدعم المادى والكوادر المؤهلة لتطويرها
- ما يحدث فى فلسطين «جنون» وفضح بروباجندا الأمم المتحدة التى تمثل وجهة نظر أمريكا فقط.. والتاريخ لم يشهد حربا غير متكافئة مثلما يحدث حاليا فى غزة
- يجب تسويق القضية الفلسطينية فى العالم كقضية سياسية وليست دينية حتى ينتبه لها العالم المؤثر

حصل الدكتور محمد صابر عرب على جائزة النيل لعام 2024 فى مجال العلوم الاجتماعية، وهو يعتبر من أبرز الأسماء التى لها إسهامات كبرى ومكانة ثقافية بارزة، وهو أيضا من أهم الشخصيات الأكاديمية المتميزة على مدار سنوات طويلة، وارتبط اسمه دائما بممارسة العمل الثقافى، ولديه الكثير من الإنجازات الأدبية مهمة على صعيد التاريخ المصرى والعربى الحديث.

وتولى الدكتور محمد صابر عرب مناصب رسمية مهمة فكان وزيرا للثقافة فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى، كما تولى مسئولية دار الكتب والوثائق القومية المصرية، وهو واحد من أبرز أعلام الفكر والثقافة فى مصر..

- فى البداية أكد اعتزازه بحصوله على جائزة النيل لعام 2024 فى العلوم الاجتماعية، قائلا: «هذه الجائزة تقدر قيمتها بأنها تمنح من الدولة المصرية، وليست من جهة خاصة أو جهات إقليمية وأنا وقد سبق وحصلت على جائزة الدولة التقديرية فى عام ٢٠١٢، وجائزة الشارقة الثقافية عام ٢٠١٧، لكن هذا العام حصولى على جائزة النيل هو الأكبر والأهم، والتى تعبر عن أداء مهمتى بشكل جيد فى سواء فى عملى الثقافى بالإضافة إلى العمل العام، فهذه الجائزة تعبر عن أهمية كبيرة جدا على رحلة عمل ومسيرة على مدار خمسين عاما من العمل الأكاديمى والثقافى، من رئيس دار الوثائق القومية، ثم الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، ثم الهيئة العامة للكتاب، وحتى الآن لم أتوقف عن الكتابة ولم أتوقف عن التأليف أو التدريس، حتى عندما كنت فى منصب وزيرا لم أترك مهنة التدريس الجامعى لأنها الوظيفة الأساسية الأكاديمية التى أعتز بها وأمتن لها».

< ما أهمية جوائز الدولة خاصة لدى العاملين فى المجال الثقافى وهل فى رأيك ينتظر المثقف التكريم أو الحصول على الجوائز؟
ـــ من الممكن أن يكون المثقف ينتظر الحصول على جائزة من بلاده، ولكن ليس بالضرورة، فكل الذين حصلوا على جوائز كانوا يتمنون بالطبع التقدير، ولكن ليست هذه هى القضية الأساسية، فعلى سبيل المثال نجيب محفوظ الذى يعتبر واحدا من أعظم الشخصيات الثقافية فى مصر حصل عليها فى عمر متقدم من حياته، وأعتقد أنه كان لا يكتب أو يبدع للحصول على جائزة، ولا يوجد مبدع فى أى مجال سواء فى الفنون أو العلوم الاجتماعية أو فى الثقافة بشكل عام يعمل لانتظار الجائزة فقط، فهو يبدع لأنه يستمتع بالإبداع، لكن عندما يأتى التقدير والجوائز من الدولة فهذا يعتبر نوعا من الشكر، وبالطبع يجعله سعيدا أكثر وتحفز المبدع على العمل، وتحفز الآخرين أيضا على مزيد من العمل والجهد والإبداع، فمن كل الجوانب هذه الجوائز بالطبع ذات أهمية.

< ما رأيك فى المناخ الثقافى فى مصر حالياً؟
ـــ يوجد زخم ثقافى فى الحياة المصرية دون شك، ويمكن ملاحظة ذلك بشكل واضح فى كتابة الرواية، فحاليا يوجد كتابات كثيرة جدا فى الرواية، بعضها واعدة ومبشرة خاصة فى جيل الشباب، وبعضها فى طريق الإبداع وبعض الكتابات محاولة تجريبية أشخاص لديهم طموح فى أن يمتهنوا العمل فى الكتابة، ورغم إتاحة وسائل النشر لهم إلا أن إنتاجهم متواضع، وبالطبع يوجد جيل كبير من المبدعين فى الكتابة، فمن خلال رؤية سريعة نرى نماذج من الكبار، نماذج من الوسط، ونماذج من المجتهدين، فالمناخ الثقافى لا يكتمل سوى بمنظومة متنوعة، من مسرح وسينما وكتابة وفن تشكيلى وكل شق من العمل الثقافى، لكنها تحتاج إلى ترتيب ودعم بشكل أكبر، فعلى سبيل المثال يجب الاهتمام بالمسرح منذ الطفولة فى المدرسة والجامعة وعودة مسرح الشركات، كما يجب الاهتمام والالتفات إلى قصور الثقافة والمسارح بداخلها، كما أننا فى إعادة النظر فى الكوادر التى تعمل فى قصور الثقافة، قديما عندما ظهرت فى أوائل الستينيات كان يتم تعيين أوائل الجامعات من خريجى الفنون والآداب الانجليزى فيها، لكن الآن أصبحت منهكة بموظفين دون خلفية ثقافية، دون إتاحة فرصة للمبدعين والشباب فى مجال الفنون، لذلك أصبح قصر الثقافة يبتعد عن غرضه الأساسى فى العمل الثقافى فى المجالات المختلفة فى القراءة، والحوارات، والمناقشات، وإقامة المسابقات للأطفال والشباب.

< وما الذى ينقصنا فى العمل الثقافى حاليا؟
ـــ ينقصنا أن نؤمن بأهمية وجدوى الثقافة وأن نعيد دمجها فى المناهج والبرامج التعليمية بجميع مراحلها، فيجب أن يكون فى كل مدرسة مدرب للموسيقى، ومعلم فن تشكيلى، ومدرب للمسرح والرياضية البدنية، فهذه الأنشطة تضاهى فى أهميتها أنشطة تعلم الكيمياء والفيزياء والتجارب العلمية، فيجب أن تكون كل فروع الثقافة جزءا رئيسيا من البرنامج التعليمى من الطفولة وحتى الجامعة، الطفل الذى ينشأ على الحوار وينشأ وهو محب للثقافة ومتعلم للفنون والآداب يكون شخصا مختلفا، يكون شخصا مكتملا، محبا ومنتميا وسويا فى حياته، وقادرا على الاختيار، ولا تكتمل آدمية الشاب إلا إذا مارس هوايات وأنشطه ثقافية مع حياته المهنية، وهذا يحتاج إلى تضامن وزارات التعليم والثقافة والأوقاف أيضا، فلابد أن يتم تطويع الخطاب الدينى، وتدريب القائمين على الخطاب، فالخطاب الدينى ليس فقط تحذيرا من النار والترغيب فى الجنة فهو على عاتقه مهام أخرى مثل أن يبث فى الشباب روح الطموح، والرغبة فى القراءة، والوعى والمعرفة، ويحفز من قدراته على التعامل مع الآخر، واحترام المرأة والقيم الاجتماعية فى المجتمع المصرى، فكثير من المشاكل التى حدثت فى حياتنا فى السنوات الأخيرة جاءت من أخطاء كثيرة أبرزها أنه داهمنا الجهل من بلاد أخرى، فدور المسجد من الممكن أن يكون من أعظم الأدوار التى تعجز الثقافة والتعليم أن يقوما بها، لأن الناس تنصت بشدة للخطاب الدينى، لذلك يجب أن يكون منفتحا على الحياة، فأتمنى أن يكون خطيب المسجد قارئا لما كتبه ابن رشد، وابن عربى، ونجيب محفوظ وآخرون فى مجالات مختلفة، فالخطيب ليس فقط من يعتلى المنبر ويتحدث من ورقة أو يلقى خطبة محفوظة ـ فهذا لا يؤهل خطيبا، لأن هذه الوظيفة مقدسة، ولذلك يجب أن يكون المؤهل لها شخصا ذا طبيعة خاصة، فالثقافة هى نمط الحياة، لذلك فالتطور الذى يجب أن يحدث فى مصر ليست مسئولية الحكومة فقط، لكنه مسئولية المجتمع كله، وكل الوزارات المعنية والنقابات.

< لماذا لم نشهد تعاونا بين الوزارات من قبل للنهوض بالثقافة المجتمعية ووضع خطة محددة؟
ـــ أنا بالفعل قدمت اقتراحا مشابها عندما كنت أتولى وزارة الثقافة فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى، وكان هذا المقترح هو إنشاء لجنة مركزية للثقافة، ممثلة فى وزارة الثقافة، والإعلام، والأوقاف والتربية والتعليم، وكان وقتها نائب رئيس الوزراء دكتور حسن عيسى وكان أيضا نائبا لهذه اللجنة، وبالفعل اجتمعنا عدة مرات فى وزارة التعليم العالى من أجل هذا العمل، وكان أبرز المشاكل التى كنا نناقشها هو إيجاد حل لتسهيل الأمور على المنتجين لأجانب، لتسهيل التصوير فى مصر من خلال عمل شباك موحد لإنهاء جميع الإجراءات، يستطيع من خلاله المنتج الانتهاء من كل الأوراق والمعاملات المالية من كل الوزارات المعنية فى زيارة واحدة ولكن هذا المشروع لم يكتمل لأن وقتها كانت المشكلة تكمن فى عدم استمرار الوزارات لفترات طويلة،

< كانت لديك بصمة واضحة فى دار الكتب والوثائق عندما كنت تتولى رئاستها فى أوائل الألفية، لكنها حالياً تشهد حالة من التراجع فلماذا لم تستمر حالة النهوض؟
ـــ فى البداية يجب الإشارة لأهمية دار الكتب والوثائق فهى الذاكرة الحية العملية الثقافية والفكرية لمصر، تحتوى بداخلها على 3 نسخ من كل كتاب نشر فى مصر منذ عصر الطباعة إلى الآن، وسبب تراجعها ببساطة، هو أنها تحتاج لدعم مالى، ودعم وكفاءات بشرية مؤهلة، عندما كنت أتولى رئاستها، كنت أحرص على سفر الكوادر الشبابية فى دورات حول الترميم والفهرسة فى فرنسا وإيطاليا وهذا توقف حاليا يحدث دون دعم مالى بذلك، بالإضافة إلى احتياج الدار للتحديث والتأهيل بالتكنولوجيا المتطورة.

< دكتور محمد صابر عرب واحد من أهم المؤرخين، ولديك إنجازات تأليفية مهمة على صعيد التاريخ المصرى الحديث والتاريخ العربى.. برأيك كيف يمكن وصف أو رصد الواقع الحالى لمصر من عدة زوايا؟
ـــ الواقع أو الحاضر لا يكتب حاليا، أو فى الوقت نفسه، لكن أساتذة العلوم السياسة هم من يكتبون عن الواقع أو بشكل أدق يرصدونه، لكن التاريخ يكتب بعدما تتوارى كل الأحداث، وتهدأ التداعيات الناجمة عن الحدث نفسه، وتذهب الأسباب المسببة للأحداث، ويكتب التاريخ من المؤرخين وفقا لمعلومات ووفقا للوثائق، لكن إذا أردنا أن نرصد الواقع فيمكن أن نضع نصب أعيننا مقارنة بسيطة وهى فى عام ١٩٥٢ كان عدد سكان مصر ١٨ مليونا، فعندما تشاهدين الأفلام القديمة أو المسلسلات فى أوائل الستينيات مع بداية ظهور التلفزيون كان الشكل الاجتماعى مختلفا، هادئا، جميلا، شكل المدرسة مختلفا، شكل البشر مختلفا، وعند مقارنته بالواقع الذى نعيشه حاليا مع تخطينا المائة مليون نسمة، سيظهر الاختلاف، فالازدحام أحد الأسباب لما نعيشه حاليا فهل يستطيع المنزل الذى يستوعب 7 أفراد أن يستوعب 25 فرداً؟ الإجابة بالطبع لا وهذا هو الحال مع مصر، كما أن التنمية والتعليم لم تواكب هذه الزيادة السكانية.
ويجب الإشارة أن مصر خلال القرون الماضية لم تكتسب أهميتها فى أنها دولة غنية أو ذات اقتصاد جبار، لكن أعظم ما تملكه هو البشر فهم خلال تاريخها كله الذين صنعوا مكانتها وأهميتها فى العالم كله، حتى فى التاريخ المعاصر فى أوائل القرن العشرين، كانت الدراما المصرية والكاتب المصرى والشاعر والمبدع المصرى والأوبرا المصرية ذات تأثير جبار، كنا قدوة ونموذجا لكل المنطقة المحيطة فالبشر هم الذين يصنعون المستقبل وليست الارض وحدها، فمصر دولة صنعت وجدانا، وصدرت الثقافة والوعى، فكان الكتاب المصرى فى أى مكان يقرأ، فى أى مكان فى العالم كان الفن المصرى هو المؤثر كان للمعلم المصرى بصمة واضحة ومختلفة.

< إذا أتيحت الفرصة أن تمنح جائزة النيل لأشخاص مبدعين مصريين راحلين.. من يكونون؟
ــــ سؤال فى غاية الصعوبة، فمصر مر بها أجيال من المبدعين ذوى ثقل، منهم أجيال مغمورة لم يسمع عنهم أحد، فى الأدب والفكر والثقافة، سواء فى الجيل السابق لطه حسين، أو الجيل اللاحق لطه حسين، حقا يوجد بصمات مهمة، فمثلا زكى طليمات فى المسرح، وفى التأليف والكتابة كان يوجد كاتب اسمه حسن أفندى توفيق العدل، كان له مجموعة كتب بارعة لم يسمع عنها أحد، توصلنا لها وقمنا بنشرها أثناء فترة رئاستى لدار الوثائق، ومحمود مختار فى الفن التشكيلى، وأيضا فى مجال الصحافة هناك أجيال يستحقون هذه الجوائز.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك