هجرة الأطباء صداع فى رأس المستشفيات الحكومية - بوابة الشروق
الإثنين 23 سبتمبر 2024 2:26 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هجرة الأطباء صداع فى رأس المستشفيات الحكومية

أسماء سرور
نشر في: الأربعاء 6 مارس 2019 - 12:10 ص | آخر تحديث: الأربعاء 6 مارس 2019 - 12:10 ص

رئيس الوزراء طالب بوقف هجرة الأطباء لمواجهة العجز.. والصحة تلجأ إلى المتقاعدين.. وبرلمانية: نعانى من نقص 33%
طبيب: فوجئت بفصلى وغير نادم على ترك العمل الحكومى.. وزميله بالسعودية: «المرتب فى مصر ميأكلش عيش»
منى مينا: نزوح أطباء مصر إلى الخارج يهدد بأزمة.. والحل فى تحسين أجورهم وتوفير الإمكانيات اللازمة


لا يفكر طبيب الأطفال نصر هيكل فى العودة إلى مصر بعد قضائه 7 سنوات فى إحدى الدول العربية بالخليج، فهو الآن يتقاضى راتبا مجزيا وينعم بأمان مهنى لم يحظ به خلال فترة عمله بمستشفى البدرشين حينما كان لا يتجاوز راتبه الشهرى 1500 جنيه.
وعلى مدى السنوات السبع الماضية، سارت الأمور على ما يرام فى علاقة هيكل بالمستشفى التابع له من حيث وضعية الإجازات، لكنه فوجئ فى الأشهر الأخيرة برفض مديرية الصحة فى الجيزة برفض تجديد الإجازة هذا العام قبل تسديد مصاريف التأمينات الخاصة به، فى وضع مخالف للسنوات السابقة التى لم يكن يشترط فيها تسديد التأمينات، وذلك فى ظل حاجة العمل إليه، والاستراتيجية التى تتبعها وزارة الصحة أخيرا لإعادة الطيور المهاجرة لسد العجز الشديد فى القطاعات الطبية.
يقول هيكل لـ«الشروق»: «الوضع الحالى لا يشجع على الإطلاق على العودة للعمل فى مصر، سواء من حيث ضعف الرواتب، أو الأمان أثناء العمل، مما يجعل الطبيب يعمل فى العيادات والمراكز الخاصة بعدد نوبتجيات تصل إلى 72 ساعة لتلبية احتياجات أسرته».
هيكل غير نادم على ترك العمل الحكومى، بعدما حصل على شهاد طبيب حر من الحكومة تمنحه الحرية فى العمل فى أى جهة خاصة، مشيرا إلى أن التعسف مع الأطباء فى أزمة العودة إلى مستشفياتهم الأصلية سيجعلهم مصممين على موقفهم ويشجع الكثيرين على الاستقالة خلال الفترة المقبلة من أجل الظفر بوظفية مستقرة.
وتعالت فى الفترة الأخيرة الأصوات الحكومية والبرلمانية المطالبة بوقف تجديد الإجازات للأطباء العاملين بالخارج لعلاج مشكلة نقص الأطباء بمستشفيات الدولة؛ حيث صرح رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، فى أكتوبر الماضى، بأن مشكلة نقص الأطباء بمستشفيات الدولة لا يحلها إلا وقف تجديد الإجازات للأطباء العاملين بالخارج، وتبعه تقدم النائبة شادية ثابت، عضوة لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، بمقترح قانون ينص على حظر الأطباء من السفر إلى الخارج إلا بعد قضاء 10 سنوات فى المستشفيات الحكومية للأطباء.
ومجددا، اقترح رئيس لجنة الشئون الصحية بالبرلمان محمد العمارى، إلزام الأطباء بعدم السفر للخارج، إلا بعد مرور فترة زمنية عقب تعيينهم، تكون خمس سنوات على الأقل، كتكليف بالعمل بمستشفيات الوزارة، على أن يكون من حقه السفر عقب انتهاء فترة التكليف من منطلق الواجب الوطنى تجاه البلاد.
كما تقدمت عضوة مجلس النواب أنيسة حسونة بطلب إحاطة للدكتور على عبدالعال، رئيس المجلس، موجها لكل من رئيس مجلس الوزراء، والدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، بشأن نقص الأطباء بالمستشفيات، خاصة فى الصعيد، ما يسبب أزمات للمواطنين، ويجبرهم على السفر مسافات كبيرة للحصول على رعاية صحية جيدة.
ولفتت إلى أن هناك شكوى مستمرة من محافظات الصعيد بنقص الأطباء بها، ومعاناة المواطنين من ذلك، بجانب عدم وجود أطباء لبعض الجراحات والأمراض، وغلق الوحدات الصحية بهذه المحافظات.
وأضافت أنه توجد إحصائيات تشير إلى أن مصر تعانى من نقص فى الأطباء بنسبة 33%، وفى التمريض بنسبة 43%، كما أن هناك أزمة فى سوء التوزيع فى أماكن النقص.
وأوضحت أن تدهور الخدمات فى مستشفيات الدولة يرجع بشكل مباشر إلى العجز فى الأطباء وطاقم التمريض، بما يسبب تدهور المنظومة بشكل كبير، وهو ما تسبب فيه بشكل كبير انخفاض مرتبات الأطباء؛ حيث إن مرتب الطبيب المقيم فى مصر يبلغ نحو 100 دولار شهريا، ومرتب الإخصائى 150 دولارا والاستشارى 200 دولار تقريبا، بينما يستطيع أى طبيب مصرى أن يسافر إلى الخارج وبعد حصوله على شهادة معادلة أو زمالة أو لغة ويعمل مقابل مرتب يتراوح بين 3000 و10000 دولار شهريا، أى 100 ضعف مرتبه فى مصر.
ووفقا لتقرير حديث للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ضمن كتيب «مصر فى أرقام» لعام 2018، فإن عدد الأطباء بالقطاع الحكومى، يتضمن 103 آلاف و337 طبيبا بشريا، بينما المسجلون فى النقابة 233 ألف طبيب، وإذا تم استبعاد المتوفين ومن هجروا المهنة، فإن عدد الأطباء فى الخارج 100 ألف طبيب على أقل تقدير، وفقا لما قاله د.أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء.
التصريحات الحكومية والبرلمانية أثارت اعتراضات كبيرة فى الأوساط الطبية؛ حيث أكد عدد من الأطباء العاملين بالخارج أنهم لن يتركوا عقود عمل برواتب جيدة ويعودوا للعمل براتب هزيل فى مستشفيات ينقصها أبسط الإمكانيات وإذا اضطرهم الأمر سيلجئوا إلى الاستقالة والبقاء بالخارج.
ويقول طبيب أمراض عصبية مقيم فى السعودية، رفض ذكر اسمه، قال إنه يعيش فى المملكة منذ 10 سنوات رغم المعاناة فى السفر وقسوة الغربة، لكنه يرفض العودة إلى المستشفى الحكومى التابع له بسبب الوضع الصعب فى القطاع الصحى فى مصر.
ويشرح الطبيب أسباب هجرة الأطباء: «لا توجد إمكانيات ولا تقدير ولا مقابل مادى، والطبيب معرض للاعتداء فى أى وقت بسبب عدم وجود تأمين للمستشفيات».
الطبيب لم يجد صعوبة فى تجديد إجازته السنوية حتى الآن، لكنه لا يمانع فى الاستقالة حال التعسف معه عند تجديد الإجازة.
واستطرد: «المرتب فى مصر ميأكلش عيش مش يعيش أسرة كاملة، ده غير إن كل حاجة كنا بنطلب من العيان يشتريها من بره، الموضوع مش رواتب بس بالنسبة لى على الأقل، لكن مفيش نظام زى هنا فى السعودية».
ووصف طبيب نساء وولادة فى الأقصر، يعمل بالخارج منذ 11 سنة، التوجه بوقف إجازات الأطباء بالقرار الظالم، مضيفا: «الحكومة تعطينا أقل رواتب فى العالم وتحرمنا من فرصة عمل واكتساب خبرة فى الخارج».
من جانبها، قالت عضوة مجلس نقابة الأطباء منى مينا، إن رفض الموافقة على إجازات الأطباء للعمل بالخارج لا علاقة له باحتياج العمل، لأن الطبيب الساعى للسفر لتحسين دخله لن يغير خططه بناء على رفض الحكومة طلب الإجازة، فمن السهل أن يتقدم باستقالته أو ينقطع عن العمل وينتظر الفصل.
وحذرت مينا من تداعيات هذا القرار حيث إنه سيزيد العجز بشدة لأن جهة العمل الحكومية ستفقد الطبيب للأبد وليس لفترة محدودة يحل فيها مشاكله المالية، مشيرة إلى أنه إذا كانت هناك رغبة حقيقية فى حل مشاكل عجز الأطباء الشديد والمتزايد، فكان من الضرورى أن تهتم وزارة الصحة بتحسين أجورهم أولا وتحسين معاملتهم، أو حل مشاكل الدراسات العليا والتدريب، أو توفير مستلزمات العلاج لتقليل المشكلات والاعتداءات التى يتعرض لها الأطباء يوميا، أو حتى حل مشاكل سكن الأطباء، مع السماح بإجازات العمل فى الخارج لفترة محدودة.
وأوضحت أنه وفقا لسجلات النقابة فإن إجمالى عدد الأطباء فى سن العمل بالقطاعين الحكومى والخاص 212 ألفا و835 طبيبا، بمعدل 2.1 طبيب لكل ألف مواطن، أما عدد الأطباء بالمعاشات 54012 طبيبا، وإذا قدرنا أن منهم على الأقل 20 ألف طبيب ما زالوا يمارسون العمل فى القطاع الخاص بعد انتهاء الالتزام بالعمل الحكومى، يصبح الأطباء المؤهلون القادرون على العمل فى مصر 232 ألفا و835 طبيبا، بمعدل 2.3 طبيب لكل ألف مواطن.
وأشارت إلى أن منظمة الصحة العالمية ترصد أن 45% من الدول نسبة الأطباء بها أقل من طبيب لكل ألف مواطن، وتتجه أغلب الأبحاث لاعتماد طبيبين لكل ألف مواطن كنسبة مقبولة، لذلك يتضح أن عدد الأطباء المتخرجين من كليات الطب حاليا يوفر 2.3 طبيب لكل ألف مواطن وهى نسبة كافية جدا، ولا يوجد أى احتياج لزيادة عدد كليات الطب ولا لزيادة عدد الخريجين.
وأشارت مينا إلى أن مجلس نقابة الأطباء لا يملك إحصاءات دقيقة لعدد الأطباء على رأس العمل بالقطاع الحكومى، لكن الملاحظات العامة تشير إلى أن أكثر من نصف الأطباء، البالغ عددهم نحو 230 ألفا، نزحوا للخارج، بسبب صعوبة العمل فى مصر.
وقللت من فائدة إنشاء كليات طب خاصة، مؤكدة أن ما يزيد الأوضاع سوء أن هذه الكليات المزمع إنشاؤها لا تملك إمكانيات التدريب العملى والإكلينيكى الضرورية، وعلى رأسها المستشفى الجامعى الذى يعتبر العمود الفقرى لكلية الطب، وبذلك يتضح أننا نتجه لتخريج أعداد غفيرة من الخريجين بدون تدريب، لندخل بالمنظومة الصحية فى منحدر غير مسبوق من فوضى الممارسة الطبية.
من جهته، قال مصدر مسئول: إن وزيرة الصحة د. هالة زايد لم تصدر أى قرارات أو منشورات بشأن إلغاء إجازات الأطباء للسفر بالخارج، على خلفية تصريحات الدكتور مصطفى مدبولى للنواب بالشرقية بشأن أزمة نقص الأطباء، مشيرا إلى أن الأمر خاص بمجلس الوزراء وليس بوزيرة الصحة التى تعى جيدا أسباب أزمة الأطباء فى مصر.
جدير بالذكر أن رئيس قطاع الرعاية الأساسية بوزارة الصحة سعاد عبدالمجيد أعلنت قبل أيام عن خطة لتشغيل الوحدات الصحية المغلقة فى مختلف المحافظات، لعدم وجود أطباء، وتضمنت الخطة التعاقد مع 700 طبيب، بينهم أطباء بلغوا سن المعاش والتقاعد، على أن يتم منح الطبيب المتعاقد مرتب قيمته 6500 جنيه فى الشهر، كما أن هناك مبلغا إضافيا ما بين ألف إلى ألفين جنيه يحصل عليه الطبيب إذا عمل على تحسين مؤشرات تنظيم الأسرة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك