لقاء مجدى يعقوب والفرنسى آلان ديلوش وضع البذرة الأولى لمنظمة سلسلة الأمل البريطانية
حديث الدكتور ألدو كاستانيدا عن «الطب السياحى» وراء قبول يعقوب السريع لاقتراح ديلوش
الأميرة ديانا احتاجت إلى 30 دقيقة فقط للاقتناع بدور سلسلة الأمل ودعمها
أميرة القلوب تبرعت بساعة يد ووقعت على مفارش مائدة لبيعها فى مزاد خيرى لصالح «مركز مجدى يعقوب»
دكتور يعقوب يقابل دكتور زيفاجو فى غرفة الكشف ويجرى له عملية جراحية فورا
عمر الشريف: الممثل الناجح يحتاج إلى الحظ والجراح الناجح يحتاج إلى المهارة
مجدى يعقوب: الممثل المحترف يستغل قدراته التمثيلية بنفس المهارة التى أجرى بها العمليات
منذ بدء حلم مجدى يعقوب بدراسة وممارسة الطب وجراحة القلب بالتحديد، كان الرجل يرى فى نفسه «مواطنا عالميا»، عليه أن يقدم علمه لخدمة المرضى والطب فى أى مكان من العالم. ولما سارت الأمور كما يأمل وربما أفضل مما يأمل ونجح فى تحويل مستشفى هارفيلد الريفى الصغير إلى أحد أهم مراكز جراحة القلب فى العالم ويأتى إليه المرضى من كل مكان، تعزز لديه اليقين بأن العلاج حق للجميع، خاصة بعد أن اعتمد فى عمليات زراعة القلب التى كان يجريها على شبكة عابرة للحدود للحصول على الأعضاء من متبرعين من مختلف الدول. فالمريض يمكن أن يكون من فرنسا والمتبرع من هولندا والعملية تجرى فى بريطانيا، وفريق العمل معه يضم جنسيات أخرى.
فى الوقت نفسه كان مستشفى هارفيلد وبالتحديد قسم جراحة القلب يواجه صعوبات مالية نتيجة زيادة أعداد المرضى الساعين إلى زراعة قلب فى المستشفى، خاصة بعد أن نجح يعقوب وفريقه فى زيادة نسب نجاح العملية من 40% عام 1980 إلى 90% فى 1984 وزيادة العمر المتوقع للمريض بعد العملية إلى 5 سنوات أخرى، فى الوقت الذى كان الدعم الذى قدمته الحكومة للمستشفى قد نفد تقريبا.
ورغم نجاح فريق يعقوب فى خفض تكلفة عملية زراعة القلب من 20 ألف جنيه إسترلينى عام 1980 إلى 6 آلاف جنيه عام 1984، اشتدت الأزمة الاقتصادية فى المستشفى، مما دفع مجدى يعقوب والمستشفى إلى البحث عن مصادر تمويل جديدة وخصوصا عبر حملات جمع التبرعات، إلى جانب إقناع الحكومة بمواصلة تقديم الدعم للعمليات وهو ما حدث بالفعل فى السنوات التالية.
فقد كان مجدى يعقوب يؤمن بأهمية دور المجتمع المدنى والتبرعات فى دعم الخدمة الطبية للمحتاجين، ليس فى بريطانيا فقط وإنما على مستوى العالم. كما كان يعقوب يأمل فى نشر المعرفة الطبية المتقدمة التى حققها فى هارفيلد بين أكبر عدد ممكن من الجراحين فى العالم حتى يمكن علاج أكبر عدد ممكن من المرضى دون الحاجة إلى القدوم إلى بريطانيا.
وفى ظهيرة أحد الأيام الأولى لصيف 1995 كان يعقوب فى مستشفى برومبتون الملكى بوسط لندن، عندما حضر أستاذ الجراحة الفرنسى آلان ديلوش وكان شخصية متحمسة ومفعمة بالحيوية، وحقق شهرته العالمية ليس كجراح متميز فقط ولكن كناشط فى مجال العمل الإنسانى.
ساهم الجراح الفرنسى فى إنشاء ثلاث منظمات طبية إنسانية مهمة وهى أطباء بلا حدود وأطباء العالم وسلسلة الأمل، التى تقدم خدمات التدريب للأطباء فى الدول النامية وترسل كبار الأطباء من الدول المتقدمة لتقديم الرعاية الصحية للأطفال فى أشد دول العالم فقرا.
جاء ديلوش إلى مستشفى برومبتون الملكى لإلقاء محاضرة عن منظمة سلسلة الأمل. وأثناء إلقائه المحاضرة فى المستشفى الذى كان يعقوب يعمل فيه كرئيس لقسم جراحة إلى جانب عمله فى هارفيلد، اتصل يعقوب بابنته ليزا وطلب منها الحضور فورا إلى المستشفى وقال لها «يجب أن تأتى فورا لهذه المحاضرة، إنها عن الطب الإنسانى. تعالى لتقابلى وتتحدثى إلى دولتشى. أظن أن هذا هو مسارك المناسب».
فى ذلك الوقت كانت ليزا قد أمضت عاما كمحررة لمجلة طلابية فى جامعة بريستول وتقدمت للحصول على درجة الماجستير فى التنمية المستدامة. كانت مهتمة بمساعدة الناس فى الدول النامية، وتعمل فى مشروع تعليمى يضم أطفالا فى بريطانيا وإثيوبيا، لكنها كانت مترددة فى الحضور إلى المحاضرة وقالت «أنا مشغولة للغاية»، لكنها فى النهاية رضخت لإلحاح أبيها وذهبت إلى المستشفى، وهو القرار الذى غير حياتها تماما، وفتح مسار جديد آخر فى حياة الدكتور مجدى يعقوب.
وتتذكر ليزا يعقوب هذا اللقاء وتقول «البرفيسور الفرنسى كان مقنعا للغاية.. تحدث عن منظمة سلسلة الأمل وعن الأطفال الفقراء الذين يموتون بأمراض قلب قابلة للعلاج فى مختلف أنحاء العالم، وأنهم لم يكونوا ليموتوا إذا عمل الناس فى الغرب المتقدم معا كسلسلة لمساعدتهم. وأضاف ديلوش «نحن نمتلك التكنولوجيا ولدينا الخبرة والمال لكن الأغلبية من شعوب العالم لا تستطيع الحصول على خدمات جراحة القلب وهذه «جريمة». وقد أثار بحديثه كل الحاضرين فى الغرفة.
بعد ذلك دعا يعقوب ضيفه الفرنسى لتناول العشاء فى مطعم لبنانى، ومعهما ليزا. وحول المائدة واصل ديلوش حديثه عن منظمة سلسلة الأمل ثم التفت إلىَّ يعقوب وطلب منه إنشاء فرع للمنظمة فى بريطانيا وقال: «نريد منك القيام بذلك. نريد أن تصبح هذه المنظمة عالمية».
وكان رد يعقوب حاسما «موافق موافق»، ثم أضاف «ليزا ستساعدنا فى ذلك». وشعرت ليزا بالمفاجأة، لكنها بسرعة تقبلت الفكرة. وتقول «كنت متحمسة لما يقوله وانخرط تماما فى المناقشة واقتنعت برغبتى فى المساعدة».
ولم يكن حماس مجدى يعقوب لفكرة إنشاء فرع لمنظمة سلسلة الأمل فى بريطانيا كبداية لتحويلها إلى منظمة عالمية، نابعا من فراغ، ولكن لأنه وجدها ترجمة لرغبته فى علاج أكبر عدد ممكن من مرضى القلب فى العالم وبخاصة فى الدول الفقيرة. وقبل سنوات من هذا اللقاء اعتاد يعقوب السفر إلى مختلف دول العالم لإجراء عمليات جراحية دقيقة لمرضى القلب. وكانت أول رحلة له فى هذا السياق فى السبعينيات إلى جاميكا فى أمريكا الجنوبية عندما اتصل به الدكتور ميشيل وو مينج، الذى عمل معه قبل ذلك بسنوات وطلب منه الحضور إلى جاميكا لمساعدتهم فى إجراء عدد من العمليات الجراحية الدقيقة، فوافق على الفور.
وكان يعقوب يقوم بهذه الرحلات برفقة فريق طبى كامل يضم أطباءً وأفراد تمريض من مستشفيات عديدة. وسافر يعقوب إلى جاميكا عدة مرات لإجراء عمليات جراحية. وتقلصت زيارته لجاميكا بعد ذلك بسبب احتجاجات النشطاء اليساريين فى البلاد على جراحة القلب باعتبارها «علاج الأغنياء» وتكررت الاحتجاجات العنيفة فى جامعة كينجستون التى كان يجرى يعقوب عملياته بها.
وتكرر السيناريو نفسه بين يعقوب والدكتور بانتبيس سوكرونبانت الذى عمل معه فى وقت سابق فى مستشفى صدر لندن. ودعا سوكورنبانت يعقوب لزيارة تايلاند وإجراء عدد من العمليات فيها. وسافر بالفعل يعقوب إلى تايلاند مكث فيها بعض الوقت أجرى خلاله العديد من العمليات الجراحية ودرب عددا من الجراحين المحليين.
ورغم أن يعقوب اعتاد على العمل الإنسانى، لكن تصوره الحقيقى لهذا النشاط تشكَّل بصورة أساسية من خلال مناقشاته مع الدكتور ألدو كاستانيدا الجواتيمالى الأصل رئيس قسم الجراحة فى مستشفى بوسطن للأطفال بالولايات المتحدة، والذى صك مصطلح «الجراحة السياحية» أو «الطب السياحى»؛ حيث قال إن «الأطباء يسافرون عبر دول العالم مثل السياح يجرون عدة عمليات فى الدولة التى يزورونها ثم يهنأون أنفسهم ويغادرون، ولكن بعد ذلك يموت مئات المرضى فى الدولة لأنهم لم يجدوا من يعالجهم وهذا أمر سيئ بالفعل. نحتاج إلى إقامة منظومة علاج مستدامة ومنظمة بشكل جيد وتوافر التدريب المناسب للأطباء المحليين». وأشار الطبيب الجواتيمالى إلى منظمة سلسلة الأمل الفرنسية باعتبارها «نموذجا واعدا» لتوفير خدمة طبية إنسانية للمحتاجين فى الدول الفقيرة. وبالطبع كان لهذا الحديث تأثيره الإيجابى على موقف مجدى يعقوب من عرض ديلوش إنشاء فرع للمنظمة فى بريطانيا فيما بعد.
ولم يمر وقت طويل حتى بدأت ليزا يعقوب العمل مع كلوديا فون بلاتين المتطوعة فى منظمة سلسلة الأمل، لتسجيل المنظمة فى بريطانيا على أساس أنها تعمل فى مجال علاج الأطفال المصابين بأمراض فى القلب فى الدول الفقيرة، إلى جانب المساعدة فى تدريب أطباء القلب فى تلك الدول.
وانتقلت فون بلاتين من باريس إلى لندن للمساعدة فى تأسيس فرع المنظمة هناك. وقبل سفرها نصحها البروفيسور ديلوش بالاتصال فورا بالدكتور مجدى يعقوب وطلب مساعدته.
وتقول بلاتين عن هذه الفترة «رغم أننى كنت مجرد سيدة فرنسية صغيرة لا تملك شيئا تقريبا، فعندما اتصلت بالبروفيسور، كما يطلقون على الدكتور مجدى يعقوب، كان ودودا للغاية ومتحمسا لتقديم أى مساعدة ممكنة لنجاح المشروع، وقال إن لديه علاقات واسعة وسيضعها فى خدمتنا. كان يفتح لنا جميع الأبواب، فقد كنا نحتاج إلى أطباء وممرضين وإلى أسر مضيفة لاستضافة الأطفال القادمين للعلاج من الدول النامية، وإلى فهم التشريعات والقوانين البريطانية، خاصة وأن قوانين حماية الأطفال فى بريطانيا أشد صرامة من فرنسا. والحقيقة أنه ساعدنى تماما على الشعور بالثقة فى نفسى فى هذه التجربة الجديدة».
وفى نوفمبر 1995 وبعد 6 أشهر من طرح ديلوش لفكرته، عالجت منظمة سلسلة الأمل البريطانية أول طفل وكان مغربيا اسمه إسماعيل وعمره 10 سنوات. ورغم أن فرع المنظمة فى فرنسا ساعد فى هذه الحالة، فإن مجدى يعقوب وكل أفراد الفريق الطبى تطوعوا بعلاج الطفل مجانا فى مستشفى هارفيلد.
وتقول بلاتين إن الأمور كانت تتحرك كسلسلة كل حلقة تسلم للحلقة التالية. وبعد ذلك قدمت المنظمة العلاج لطفل ثانٍ، وبدأت الصحافة البريطانية تتحدث عنها.
وتضيف «عندما استقبلت أول طفل قررت الجمعية علاجه فى مطار هيثرو بلندن كنت منفعلة للغاية. وما زلت أتذكر كل تفاصيل تلك الأيام، عندما استقبلت ثم عندما ودعته عائدا إلى بلاده بعد نجاح الجراحة. كنا نرى فكرتنا تنجح ليس فقط فى فرنسا وإنما فى بريطانيا أيضا. ورغم أننا استفدنا فى البداية من الخبرة الفرنسية، كان شعورى أننا استوعبنا التجربة بسرعة وأصبحنا مستقلين ووضعنا قواعدنا الخاصة».
وفى السنوات التالية جذبت سلسلة الأمل البريطانية مئات المتطوعين وعالجت آلاف الأطفال فى أمريكا الجنوبية وأفريقيا والشرق الأوسط، وجمعت تبرعات بملايين الجنيهات الإسترلينية وأنشأت مراكز لعلاج أمراض القلب فى دول لم يكن علاج القلب متاحا فيها. وكان يعقوب حريصا على تطبيق أعلى المعايير فى كل ما تقوم به المنظمة. ويقول يعقوب «نحتاج إلى تدريب الناس وإنشاء مراكز مستدامة لعلاج القلب فى تلك الدول، حتى تظل هذه الخدمة موجودة حتى بعد رحيلنا عنها».
وفى عام 1997 اختار مجلس أمناء المنظمة المحامى البارز هيو جونسون رئيسا لها، بعد انضمامه إلى المنظمة منذ بداياتها الأولى. وكانت اجتماعات المجلس تعقد فى غرفة مجلس إدارة مستشفى هارفيلد ويحضرها الأطباء الأعضاء وهم يرتدون زى العمليات الجراحية وأحيانا يتناولون الطعام أثناء الاجتماع، وكان أمرا غير معتاد تماما بالنسبة لجونسون الذى كان يعمل فى شركة كبيرة للخدمات القانونية.
ويقول إن البيئة فى سلسلة الأمل كانت مختلفة تماما، بالنسبة لشخص أمضى 30 عاما من حياته المهنية فى شركة محامين محترفين يحصلون على مبالغ مالية كبيرة مقابل اتخاذ قرارات قانونية صحيحة يوما بعد يوم. «الآن أجد نفسى محاطا بتنوع معقد من خبراء الطب وخبراء فى الطفولة وفرق الدعم الأسرى وخبراء فى جمع التبرعات والذين كانوا جميعا مثل المحامين يؤدون عملهم بكل التزام ولكن دون أى مقابل مادى».
وفى هذا الوقت انضم إلى المنظمة متطوع بارز جديد، شكل انضمامه إضافة كبيرة لها. وتقول بلاتين إنه فى السابعة صباحا من أحد أيام 1995 تلقت اتصالا هاتفيا من مجدى يعقوب وطلب منها الحضور إلى المستشفى خلال نصف ساعة مع الاستعداد لتقديم عرض عن المنظمة لشخصية مهمة.
وتضيف «فوجئت بالاتصال نظرا لوقته المبكر ولطلب تقديم عرض عن المنظمة خلال هذه الفترة القصير.. وقدت سيارتى إلى المستشفى. وعندما دخلت إلى المكتب وجدت سيدة ذات وجه مألوف تجلس مع البروفيسور، تنتظر العرض الذى سأقدمه. كانت الأميرة ديانا». كما كان الدكتور حسنات خان موجودا فى المكتب والتهم السندوتشات التى تم إعدادها للزيارة الملكية ثم ترك المكتب.
وتواصل بلاتين حديثها «بدأت تقديم العرض القصير، وكان الاجتماع عاديا، وبعد ذلك رأينا الأطفال المرضى وكانت الأميرة كما هى دائما طبيعية لكنها تركت أثرا قويا فى كل من قابلها. وانتهت الزيارة الملكية التى استمرت حوالى ساعة».
وغادرت الأميرة المبنى برفقة خان الذى قال فيما بعد إن «اللقاء كان جيدا، لكن كلوديا فون بلاتين قالت للبروفيسور إن الأميرة جميلة للغاية لكن عليها تغيير سائقها الذى كان يرافقها فى المكتب لأنه شخص وقح كان يركز على التهام السندوتشات دون حتى أن يقدمها لى عندما دخلت عليهما» لأنها كانت تعتقد أن الدكتور خان هو سائق الأميرة وليس صديقها وصاحب فكرة زيارتها لمستشفى هارفيلد للتعرف على منظمة سلسلة الأمل.
كانت الزيارة بداية علاقة قصيرة لكنها مثمرة بين ديانا والمنظمة والتى انتهت بوفاتها عام 1997.
وتتذكر بلاتين أن ديانا قالت لهم إنها «أحبت مشروع سلسلة الأمل لأن المستشفيات مكان للعطف والإنسانية». وأصبحت ديانا منخرطة بشدة فى المنظمة وكانت تتردد على مستشفى هارفيلد بصورة متكررة وهى تقود سيارتها بنفسها وتزور المرضى فى قسم الأطفال. كما دعت كلوديا وليزا لزيارتها فى قصر كينجستون لحضور محاضرة عن المؤسسة الخيرية ولقاء الأطفال المرضى وتوجيه الشكر للأسر المستضيفة لهم.
وفى عام 1996 كانت الأميرة ديانا ضيف الشرف فى حفل لجمع التبرعات لسلسلة الأمل. وفى الحفل أدار الكاتب والسياسى البريطانى الشهير جيفرى أرتشر مزادا على مجموعة مقتنيات تبرع بها الحضور لصالح المركز.
وقدمت أميرة القلوب ساعة تحمل الحروف الأولى من اسمها وبيعت بحوالى 11 ألف جنيه إسترلينى. وكانت الأميرة فى حالة مزاجية جيدة للغاية ووقعت على عدد من مفارش المائدة، وباعها أرتشر فى المزاد بأعلى سعر. وقال الكاتب البريطانى إن توقيع المفارش وعرضها للبيع كانت فكرة الأميرة. وحقق العشاء حصيلة بلغت 250 ألف جنيه إسترلينى، كما حظى بتغطية إعلامية واسعة فى بريطانيا.
وبمرور الوقت أصبحت منظمة سلسلة الأمل فى بريطانيا محل تركيز كبير من جانب مجدى، وقرر توسيع نشاطها لإقامة مراكز لجراحة القلب فى الدول الفقيرة ومنها مركز مجدى يعقوب للقلب فى أسوان. كما توسعت فى تدريب الأطقم الطبية المحلية العاملة فى تلك المراكز بحيث يمكنهم تقديم العلاج لمرضى القلب فى دولهم دون الاعتماد على منظمة سلسلة الأمل.
وفى منتصف التسعينيات وجد مجدى يعقوب شخصية شهيرة جديدة لمساعدته فى جمع التبرعات لصالح مستشفى هارفيلد وسلسلة الأمل، وهى الممثل العالمى عمر الشريف، الذى ظهر فى صور العشاء الخيرى الذى نظمه مستشفى هارفيلد فى متجر هارودز الشهير بحضور الأميرة ديانا فى مارس 1996. وعندما تلقى عمر الدعوة لحضور العشاء كان فى القاهرة، فسافر على الفور إلى لندن لحضوره، لأنه كان مستعدا لعمل أى شىء لدعم مناسبة ينظمها يعقوب أو منظمته الخيرية.
وقال الشريف لمحرر مجلة هالو البريطانية إن هذا العشاء كان مثيرا جدا بالنسبة له شخصيا، وربما لم تكن حياته لتستمر لولا وجود مجدى يعقوب وزملائه فى مستشفى هارفيلد.
ويضيف «عندما نشأت فى مصر لم يكن هناك جراحة القلب، وكنا نقول عن أى شخص يعانى من مرض فى القلب (دا عنده القلب) فى إشارة إلى فقدان الأمل فى شفائه. ومنذ ذلك الوقت كم من الأرواح تم إنقاذها بفضل تطور جراحة القلب».
وعن لقائه الأول بيعقوب قال عمر إنه كان فى باريس عام 1993 وتعرض لأزمة صحية وقال له الأطباء إنه يحتاج إلى تدخل جراحى لتوسيع الشريان التاجى، فسافر من باريس إلى لندن التى وصلها فى المساء، «وانطلقت من مطار هيثرو إلى مستشفى هارفيلد ليفحصنى يعقوب ويقول بكل هدوء إن لديه عدة ساعات خالية ويمكنه إجراء العملية الجراحية له خلالها إذا أردت، فقلت له إننى واصل للتو من المطار ولست مستعدا لدخول غرفة العمليات الآن، لكنه لم يترك لى فرصة للخوف ولا التردد وأجرى لى العملية على الفور وهو أمر جيد جدا».
وفى عام 1999 نشرت صحيفة إندبندنت البريطانية موضوعا تحت عنوان «كيف التقينا» عن العلاقة بين عمر الشريف ومجدى يعقوب. وفى هذا الموضوع قال يعقوب إنه كان معجبا منذ البداية بالممثل عمر الشريف وبخاصة دور دكتور جيفاجو الذى أداه فى الفيلم الذى حمل نفس الاسم «وعندما التقيت به وجدته يتمتع بنفس الكاريزما والجاذبية التى يظهر بها على الشاشة. والحقيقة أن أمرا غريبا أن تجد تطابقا بينك وبين شخص ما تلتقى به لأول مرة وهو ما حدث مع عمر. فقد كنا نستطيع أن نتحدث عن أى شىء ونفكر بنفس الطريقة عن موضوعات معينة عندما نجد وقتا للدردشة».
أما عمر الشريف فأشاد بتركيز يعقوب على عمله ويقول «الممثل الناجح يحتاج إلى الحظ، لكن الطبيب الناجح يحتاج إلى المهارة»، ليرد يعقوب بقوله إن عمر متواضع «لأنك إذا نظرت إلى ما هو أبعد من الجاذبية ستجد أن أى ممثل محترف يستخدم قدراته التمثيلية بنفس المهارة التى أعمل بها فى غرفة العمليات».
اقرأ أيضا:
الجراح المتمرد.. كتاب يحكي أسطورة مجدي يعقوب (1)
الجراح المتمرد.. كتاب يحكي أسطورة مجدي يعقوب (2): ثورة في هارفيلد