- اختيار أبطال الكتاب واحد من أصعب العقبات التي تسببت في تأخير ظهوره
- كنت أريد أن أفعلها بطريقتي الخاصة أن أفتح مجال خاص لأسلوبي وطريقتي المبتكرة في التعبير عن رؤيتي
- لدينا مشهد موسيقي متعدد الألوان
الراب ذلك النوع الغنائي الفني الذي سطع في سماء الساحة الغنائية منذ سنوات، وأخذ في السطوع أكثر وأكثر وأخذ صانعوا الراب ومغنيه في السطوع هم أيضا حتي أصبحوا نجوما في سماء الغناء المصري، بل والعربي وأصبح لهم شعبية جماهيرية كبيرة بين المستمعين، ورغم الهجوم والانتقادات الذي يتعرض له الراب وصانعيه، ولكنه أصبح ظاهرة على أرض الواقع، ويجب دراستها لأنها تحمل في طياتها رسائل عديدة.
وهذا ما فعله الكاتب سيد عبد الحميد في كتابه الأحدث "فن الشارع.. حكايات عن كتابة الراب والموسيقى"، الذي يعد دراسة بحثية تأريخية لفن الراب منذ صعوده في الموجة الأولى، وحتى وقتنا الراهن، وحاورته "الشروق" لتعرف على كواليس كتابته للكتاب، ولماذا الراب خصيصا، وعن رؤيته للمشهد الغنائي في مصر بشكل عام.
- لماذا الراب خصيصا؟
- لاختيار الموضوع شقين، أحدهما يتعلق بالصدفة والآخر يتعلق بالقدرة. في 2021 كنت اكتب بشكل حر في أحد المواقع العربية الشهيرة والكتاب بدأ من مقال على هذا الموقع في يناير/ 2021 ومع انتشار المقال كتبت في أكثر من موقع عن المشهد المصري مما دفع أصدقائي المقربين لاقتراح إعادة نشر المكتوب في كتاب لحفظ الحقوق الأدبية ولأهمية الموضوع، ترددت لأنني كنت -ومازلت- أعمل على رواية وكنت أفضل نشرها بعد روايتي الأولى، فيما بعد جاء القرار النهائي ببداية هذه الرحلة التي أهدم فيها كل قديم كتبته وإعادة خلق سردية أدبية لنجوم مشهدنا الموسيقي المصري المعاصر.
- كيف اخترت أبطال الكتاب، ولماذا هم تحديدا؟
- اختيار أبطال الكتاب واحد من أصعب العقبات التي تسببت في تأخير ظهوره. كنت أسعى للتعامل بحيادية طيلة الوقت مع كل نجوم هذا المشهد الذي عرفت عنه الكثير في رحلة البحث، وسعيت لاختيار شخصيات تمثل موضوعاتهم قيمة بالنسبة لي، ومع الأخذ في الاعتبار معايير الجودة والانتشار والتأثير لكل شخصية مذكورة، لذلك تعرض محتوى هذا الكتاب لمقصلة الحذف الشخصية الخاصة بي ككاتب صحفي على مدار رحلة الكتابة. البعض يذكر شخصيات أكثر أهمية من وجهة نظرهم أو يُشير إلى تعددية المشهد، ولكني فضلت الكتابة عن ما أعرفه / أفضله، وما يمثل لي شخصيًا شيئًا ما.
- حدثنا عن كواليس الكتاب ورحلة كتابته..
- للكتاب قصص عديدة، ولكني أفضل الحديث عن دعم أصدقائي المقربين لي لمدة 3 سنوات كاملة. لم أطلع أحد على موضوع الكتاب إلا أقرب الناس لي، وخلال رحلة الكتابة تعثرت صحيًا لعدة مرات ولم يتركني أصدقائي، وتعثرت في الكتابة لأسباب مختلفة أبرزها ضعف المصادر الخاصة بالمصطلحات الدارجة أو لعجزي عن إيجاد طريقة مناسبة لسرد هذا الكتاب، وبالرغم من لحظات اليأس الشديدة لا بد أن أذكر أن هذا الكتاب صدر لأن أصدقائي يؤمنون بي ودعموني وأنقذوني من الكآبة ومن وحشة الافكار السلبية.
- لماذا اخترت أن تمزج بين الطريقة البحثية والإبداعية في كتابة الكتاب ؟
- لأنني كنت أعرف قيمة هذا السبق، كنت أريد أن أفعلها بطريقتي الخاصة، أن أفتح مجال خاص لأسلوبي وطريقتي المبتكرة في التعبير عن رؤيتي. إذا اقتصر الكتاب على البحث الأكاديمي البحت فأنه سيفتقر لعنصر المتعة، وإذا ضم عنصر التخييل الأدبي فقط فأنه سيفتقر للمصداقية. أردت كتابة كتاب يقرأه الجميع دون الشعور بافتقاد عنصر ووجود الآخر لذا كان الجزء الأطول في رحلة الإنتاج مخصص للبحث عن الطريقة التي سأكتب بها كتابي الذي أعبر فيه عن أفكاري ورؤيتي.
- من خلال الكتاب كيف ترى المشهد الغنائي في مصر، ودور الراب فيه؟
- لدينا مشهد موسيقي متعدد الألوان لنجوم البوب فيه استمرارية وقدرة على المواكبة، ولدينا ألوان تتطور باستمرار استنادًا إلى ألوان موسيقية حديثة أو تنويعات مختلفة في موضوعات الكتابة. الراب في مصر ثورة اعتمدت على جهود فردية بالكامل، ولمن ذكرتهم الدور الأبرز في إحداث طفرة فنية على صعيد الموسيقى والكتابة معًا من خلال إنتاج موسيقى مصرية حديثة في أنواع مختلفة مثل التَراب / الدريل أو من حيث الموضوعات التي تتطرق للذاتية والفرادنية كما يحدث في الراب. وجود الراب ساهم في ربط المشهد المصري مع المشهد العالمي المتجدد بشكل مستمر في كل دول العالم، بالإضافة لقدرة الموضوعات المطروحة على خلق حلقات وصل بين القديم والحديث فيما يتعلق بالموسيقى المصرية.
- من خلال بحثك وكتابتك كيف ترى مستقبل الراب؟
- في مصر لدينا مشهد راسخ مر بعقبات صعبة ولكنه استمر، بالطبع مر هذا المشهد بفترات ركود أو خمول وعدم تجديد ولكن هذه الفترات تحدث في كل الألوان الفنية. أعتقد أن للراب قدرة على الاستمرار في وجه الموجات الاستهلاكية التي تدفع نجوم حاليين للذهاب بعيدًا عن فترات الإنتاج الذهبية التي مروا بها لصالح الرواج غير المعقول أو الانتشار التجاري الاستهلاكي.
-ما هو أكثر فصل في الكتاب تشعر أنه الأقرب لك، وكنت مستمتع وأنت تكتبه؟
- كل الفصول كانت ممتعة، تجربة الكتابة عن شيء يمثل لك قيمة تعطي مساحة من الراحة والنشوة غير معقولة في كل مرة تبدأ أو تنتهي فيها من الكتابة، فصل مروان موسى كان في غاية التكثيف، أما أبيوسف فهو فصل التفاصيل الصغيرة، بينما ويجز هو الفصل الأكثر سهولة لتوفر منتج بصري / سمعي متاح بسهولة، كل الفصول حملت في كتابتها المتعة والألم الذي ينتج عن عملية الكتابة والتعديل.
- من أفضل مغني راب من وجهة نظرك منذ بداية الموجة الأولى وحتى الآن، ومن هو الأكثر تأثيرا؟
- الأفضل أو الأكثر تأثيرًا أمر نسبي، لن استطيع منحك إجابة وافية أو أقرب للحقيقة لأن الحسم لا يمكن أن يكون إلا مجرد وجهة نظر! في الكتاب اخترت رموز لكل شخص منهم تأثيره ودوره الريادي، قد أكون ظلمت البعض أو بالغت، قد يكون رأيي ظالمًا لأن الموجات لم تنتهي، لذا فإن النماذج المذكورة في رأيي أنا على الأقل هما الأبرز، وباختلاف الموجات هم الأكثر تأثيرًا وبدرجات مختلفة متقاربة.
- كيف ترى نظرة الناس للراب بشكل عام؟
- الراب فن غير متجاوز للأجيال، هو عنفوان شبابي متجدد، وكل فنان بداخل حركات الفن المتجدد هذه يسعى للتعبير عن نفسه والنهضة برؤئ ومحتوى الآخرين، كل هذا ممتزج بالنزعة الفردية لتحقق المشروع الذاتي والاعتماد على مصادر الهام متعددة وشديدة الخصوصية. قد لا يتوافق الراب مع أجيال سابقة له من المؤديين أو المستمعين وهذا قد ما يتسبب في خفوت أي موجة بعد الوصول لذروتها ولكن مما لا شك فيه أن الراب لم يخلق ليكون فن عام أو موضوع يستمع إليه الجميع من أجل المتعة أو الترفيه، الراب أقرب ليكون صرخة ضد المجتمع لذا فإن رواجه أو انتشاره طيلة الوقت أمر ظاهري ومرحلي واختلاف الناس على وجوده أو جودته أمر عادي لاختلاف الأذواق.
- هل من الممكن أن يكون لك مشاريع قادمة حول الراب والموسيقى، على سبيل المثال المشهد الغنائي النسائي؟
-أعمل بالفعل على ملف الراب النسائي منذ الانتهاء من كتابي وحتى وقتنا الحالي ومن المفترض ظهور أول نتائج هذا البحث المستمر خلال بضع شهور، وهناك العديد من المشاريع الأخرى الأدبية والبحثية قد تصدر في مطلع العام القادم.